أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيومي خليل - حِكَايَةُ مُتْعَبْ مَع َالسَّيدَة ميم














المزيد.....

حِكَايَةُ مُتْعَبْ مَع َالسَّيدَة ميم


سيومي خليل

الحوار المتمدن-العدد: 4705 - 2015 / 1 / 31 - 18:33
المحور: الادب والفن
    


الكاتب : سيومي خليل
القصة القصيرة
حِكَايَةُ مُتْعَبْ مَع َالسَّيدَة ميم
--------------------------------------------
يَنظرُ مُتْعَبْ إلى صُورته في المرآة ، لا يرى وَجهه ، يَبْدو الحَائط وَراءه بلونه الأَبيض ، وتَبدو بعض المَلابس المُعلقة عليه ، يَرفع يده اليُسرى ، فَلا يَراها على المرآة ، يُزيل المرآة عن الحائط، ويُوجهها جِهة خاصرته، لا يَراها أيضا ، يُحرك المرآة على كُل جَسده ، تَبدو كل الأَشياء المُحيطة به ، ولا يظهر من جَسده شيء .

يُفكر متعب قَليلا ،ويَتذكر أنْ ليس عليه أَن يُفكر، يُبعد كل تلك التَّفسيرات الآثمة التي كَانت سَتأتيه ، يُعيد المرآة ،ويَنسى أَنه ترك كامل جسده فيها .

يُغادر متعب البيت ، يُصادف على درابزين العمارة التي يَسكنها جَاره متعب الآخر :
صباح الخير ..
لا يَرد عليه الجار ،فَيَحني متعب رأَسه ،ويُتم طَريقه كأنه سَمع ردا جَميلا من جاره .

أًَمام باب العمارة يمُر مُتعب على متعبين آخرين .
السَّلام عليكم ...
لا يرد أَحدٌ منهم ، يَتوقف متعب هذه المرة ، يَلتفت إليهم ، فَينتبه إلى أَنَّ شيئا مَا يميزهم ، يُحاول معرفته ،فَيتذكر أَن عليه أنَ لاَ يَعرف شَيئا ، يَحني رأَسه ، ويَخطو خطوات سريعة ليَبْتعد عنهم ،وعَن الشيء المُميز الذي كَان يُحاول البَحث عَنه فيهم .

يخطو مُتعب وهو يعد إلى ما لاَنهاية ؛ واحد ، إثنان ، ثلاثة ، أَربعة ...، أو يَسرد قصة لنفسه عَن بَطل كان يحلم أن يَكُونه ، أو يَصف مشاهد حَميمية مع إْحدى المتعبات ،وفي أصْفى حَالاته النَّفسية يُكرر داعَاءَه الأَثير ؛ اللهم اجعل أفئدة من الناس تهوى إلي .

في الطَّريق يصْطدم متعب بكل شيء إِلا بالقُلوب ، يصطدم بِمتعبين آخرين ، يَعتذر منهم ، ولا يَعتذرون منه ، يَصطدم بالبنايات ، فَيرفع يده مُعتذرا مِنْهَا ، وتبقى هي كما كانت دائما ،وهو يَصطدم بسيدة بَدينة ، فَكر أن يسأَلها هل هي السيدم ميم ، فَتذكر أن عليه أنْ لاَ يسأل .

عَرف مُتعب السَّيدة ميم مُنذ كان يَافعا ، تَعرف عليها عنذ أول سُؤال طرحه ، ولَم يُعجب أحدَا من الحَاضرين ، كَان اجتماعا حَول شيء مَا ، فلا بد للاجْتماع أَن يكون حول شيءٍ ما ، وكان الاجتماع في مَكان ما ، يُمكن أَن يَكون شقة ضيقة ، أو رُكن مقهى ، لَكنه لاَ يَتذكر شَيئا ، حَاول أن يَتذكر المكان ، فَتذكر أَنَّ عليه أَن لا يتذكر شيئا .

بعد أَن تَعرف متعب على السيدة ميم ، نَفر منها أول الأَمر ، فلم تَكُن مِن الَلواتي يثرن أحدا ، كَان يَتحاشاها ما أَمكنه ذَلك ، لكن إِصرار كُل الحاضرين ، وإِن اختلفوا في أُمور كثيرة ،أنَّ السيدة ميم مُريحة ، جَعله يشك في إلتزامه بِقَوانين الجماعة ، كَانوا يُحَدِثُونَهُ عن مغامراتهم مع السيدة ميم بلذة شَبقية لمِ يعرفها يومَا ، كُل واحد منهم كان يَصف التَّضاريس الخَفية لِبَدنها السَّمين ، لقَد إستنتج ،حِين كَان الاسْتِنتاج مَسموحا به ، أَنَّ السيدة ميم مُعادل للدفء ، هي شَط آمن للهَائمين الجدد، والذين يَمشُون على أسياخ حَامية من أثر نَار السؤال .

السَّيدة ميم شِفاؤك ...
هَكَذا قَال له الكثيرون .

بَعد معرفته لسَّيدة ميم تَعلم أنَّها مرادفة للرَّاحة ، فَحِين يَحتاج إلى لحَظة صَفاء لا يكدرها سُؤال وجودي ، أو قَلق ، أو مُحاولة للبحث في شيء ما ، كَان يَكْفيه أن يُركب هاتفها ،ويَدعوها للحُضور إِلى غُرفته ، أو إلى مَكتبْ عمله ، أو الى رُكن المَقهى الذي يُدْمن عليه ، أو حَتى في الشَّوارع التي يَتَنقل بينها ... كان يَكفيه أَن يَقُول لها أَحتاج إلى دفئك ، كَي تَحضر سَريعا ، ودُون تَردد ،وأَول ما تَفعله وهي تَراه هو أَنْ تُزيل عنها كل مَلابسها ، ليْظهر جَسدٌ مُترهل بالكامل، وتَبدأ بَعد ذلك في القيام بتدليك شَامل لِجَسد ، وروح ، ونَفس متعب .

عُرف عَن متعب مُلازمته السَّيْدة ميم ، كَما عرف عن آخرين مُلاَزمتهم لِنفس السيدة ميم ، دُون أن تَكون بينهم بَغضاء، أَو قِلة مِن حَسد ، بل يَحدث غَالبا أن تَحضر السيدة ميم مَعهم فِي نَفْس الوقت ، ونفس المكان ، وتُمارس إغْرَاءها بِشكل جَماعي ، وتَتناول مَعهم رَشفات من سَجائر حشيش رخيص ، أو تَكتفي وإياهم بمُشَاهدة مباراة البارصا والريال ، والتَّأسف عَلى ضَياع هدف مُحقق لميسي ،وحين يُغادرون تُغارد معهم السيدة ميم ، تغادر مع كُل واحد منهم .

قبل أَن يَكتشف مُتعب أَن صُورته لم تعد تظهر على مرآة شُقته ، أَو على زُجاج مَحَلات الشَّوارع التي يَمر منها ،كان يَشعر أنَّه غير منظور ، فَمع وُجود السَّيدة ميم دائما بجنبه ،كَان يتقلص حجمه ، ولا يَرى الآخرون إلا جَسد السيدة ميم ،كَأنه كان يدخل فيها ، وتَحْجُبه إِحدى طَيات جسدها البدين والمترهل ،كان شُعوره بالإِهْمَال قَوي جدا ، لدرجة أَنه فَكر يَوما ما أنْ يُصارحها برغبته في الإبتعاد عنها ، لكن عقله كَان قَد تخرب بالفعل ، وكُل محاولة للسؤال والبحث حِينها كَانت ستَبدو حُمقا ، فَأجوبة غير *معرفتش ، وما سوقيش ، وماشي أنا ، وما عندي حتى شي علاقة بهاد الأمر...* كانت ستبدو سَخيفة لِرجل أدمَنَ سَيدة تخفيه .



#سيومي_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذِكْرَى
- أحَدُ الرّفَقَاء
- من السيسي إلى مُرسي ،تَغيير إتجاه البَوصلة .
- كذب الحُكومة مُستَمِر
- مَشروع ُ خُفَاش ٍ في الفصل
- بَيْنَ الذَّاكرة وعَمليات الإدراك العقلية
- دفَاعا عن أوزين
- منطقة للكتابة
- خطَل ُ الفُقَهاَء
- بين الإِسْتصقَاء والإستصْحاءِ
- عن الأخلاقِ والكَونِية
- صنَاعَةُ الخوف الثَقيلة
- التَّجربة الدِيمُقراطية في تَونس وحزب العَدالة والتَّنمية
- ابن ُ رشد حَزين ٌ
- فئران بالألوان
- آلو ...معكم غزة .
- سرقة موصوفة وقضايا الحرب والحب.
- الملائكة تبعث رسائل SMS
- صمتنا المريب أو حول الجرف الصامد
- محمد أبو خضير ومؤتمر شبيبة لشكر


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيومي خليل - حِكَايَةُ مُتْعَبْ مَع َالسَّيدَة ميم