أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة حارَة 43














المزيد.....

سيرَة حارَة 43


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4697 - 2015 / 1 / 22 - 16:16
المحور: الادب والفن
    


1
قديماً، حينما كانت البيوت غير بيوت والناس غير ناس، كانت السيارات أيضاً مختلفة. جدّي لأمي، كان من أوائل من امتلكوا عربة خاصة، وكانت هذه من موديل " فورد أبو دعسة "....!
جدّي، كان معروفاً بالمرَح والطيبة علاوة على الشهامة والكرم. وبما أن جيرانه كانوا بأكثرهم آله رشية، فقد اعتاد أن يجعلهم هدفاً لمقالبه. في إحدى المرات، طلبت منه والدتي أن يقبل بركوب زميلتها معها في الطريق للمدرسة الابتدائية. هذه كانت ابنة جروس أله رشي، وكان شخصاً قبيح الشكل وضئيل الجسم، فاشترط جدي عليها أن تنادي والدها بلقبه " العنزة " حينما تمر السيارة بمجلسه قدام دكان السمانة الذي يملكه. وهذا ما حصل، فلحق جروس بالسيارة وهو يشتم ابنته ويتوعدها وسط قهقهة الناس....!
ذات مرة، صادف جدي جاره شوقي آله رشي وكان هذا عائداً من القنيطرة التي يخدم فيها بسلاح الدرك. في طريقهما إلى الحارة بالسيارة، سأل الرجل جدّي عن أحوال الحارة والأهل، فتصنع الحزن وقال له: " كل شيء على ما يرام، لولا قصة وفاة علي بطه "
" ابن عمي علي ماااات..؟! "، هتف الرجل مصدوماً ثم ما لبث أن أجهش بالبكاء. وطوال الطريق كانا يستذكران سيرة كبير عشيرة الآله رشية هذا، الراحل. ما أن وصل الرجل إلى مدخل الزقاق وترجل من السيارة، حتى ميّز بين الواقفين هناك شخصَ " المرحوم " علي بطه وهو بكامل قيافته ومهابته، فحاول اللحاق بجدّي وهو يشتمه ويلعنه بأعلى صوت..

2
" الشيخ عيد "، كان في ما مضى من زمن حارتنا هو مؤذن " مسجد ملا قاسم "، الكائن في مدخل طلعة الكيكية. وعلى الرغم من صفته هذه، الدينية، فإنه كان صاحب مزاج؛ يقارع الكاس والطاس ويحتفي بالخلان والندماء..!
أحياناً، كان شيخنا ينتقل مباشرةً من سطح منزل القبضاي " عدنان بوبو "، الحافل بالندامى، إلى منارة المسجد لكي يؤذن لصلاة الفجر بصوته الجميل، المثقل قليلاً بتأثير الخمرة..!
من ناحية أخرى، كان الشيخ عيد دليلاً للصوص حارتنا خلال سطوهم على بيوت الناس في ريف الشام. إذ ما أن يعود من مهمة القراءة فوق رأس أحد موتى تلك المنطقة، حتى يهرع إلى هذا أو ذاك من أصدقائه اللصوص لكي يخبرهم بما رآه عن حالة أهل الميت. في إحدى المرات، قام أحد اللصوص بتبليغ جماعته عن امكانية سرقة بيت وجيه من بلدة ريفية. وحينما لم يصدق رفاقه الأمرَ، فإنه راح يحلف لهم بأن معلوماته مستقاة من مؤذن المسجد شخصياً: " ياو، وهل يمكن ان يكذب شخص مؤمن وورع، مثل الشيخ عيد؟ "

3
" ريسور "؛ الملقب بأبو رياح، كان من آل إيزولي؛ ومن أشهر شخصيات زمنه في منطقة " آدم ". أذكره رجلاً في مُنتصف الخمسين، غايةً في الظرف والمَرَح، مُهندَماً دوماً وفق الموضة الأكثر حَداثة. إنّ لونَ سحنته وشعره، يُفسّرُ ولا شك لغزَ كنيَته؛ التي تعني بالكردية " ذو اللحية الحمراء ".
عندما آبَ العمّ من رحلة الحج، قدِمَ صديقه ريسور لتهنئته بالسلامة والتوبة على حدّ سواء. وإذ بدأ الحاجُ يَعظ الصديقَ في عِبَر الدنيا الزائلة، وأهميّة أن يتوب إلى الله فيكوّن عائلة طيّبة؛ فإنّ هذا الأخير ما لبث أن هز رأسه وأجابَ: " معك حق، يا حاج. ويعلم الله أني تفكّرتُ ملياً بالأمر "
" هه، خير إن شاء الله..؟ "، تساءل العمّ مُغتبطاً بسرعة اقتناع الآخر. فما كانَ من الصديق، العاصي، إلا إجابته بهدوء ورزانة: " اسمَعني، يا أخي. سأتزوّجُ وأتوبُ من ثمّ؛ تماماً كما فعلتَ أنتَ. ولكن، أريدكَ أن تعدَني بتحقيق هذا الرّجاء "
" وما هوَ طلبكَ، أيها الأخ العزيز.. ؟ "، سأله عمّنا باهتمام. فقال صديقه بالنبرَة نفسها: " إذا متّ أنا أولاً، فإنكَ ستتزوّج امرأتي. وإذا متّ أنتَ قبلي، فإني أتزوّج امرأتكَ "
" قُمْ من قدّامي، أيّها العديم الناموس..! "، صاحَ الحاج بغضب فيما كانت ضحكة صديقه المَرحة، الماجنة، تتردّدُ في أجواء المنزل.

4
في مختتم السبعينات، كنتُ في اللاذقية أقضي خدمة العلم. ذاتَ يومٍ، شتويّ، عدتُ إلى الشام في اجازة. فعلمتُ إذاك بمقتل أبو غازي " محمد علي " ، وكان من أشهر قبضايات الحارة.
على الرغم من موت أبو غازي وهوَ في مقتبل العمر، فإنّ سيرته كان يجري تداولها كما الأسطورة. والده، " أحمد ظاظا "، كان من الشيوعيين المعروفين في الحيّ. إلا أنّ ثلاثة من أولاده ( بما فيهم محمد علي )، حصلوا على شهرتهم بطريقة مختلفة ولا شك.
ذات ليلة وفي صالة المقمرة، حصل إشكالٌ بين أبو غازي وأحد اللاعبين. ثمّ تطورَ الأمرُ إلى مشادة، حينما تدخل أبو زيوار، المشرف على الصالة. هذا الأخير، هو ابن " مستو عكاش "؛ الذي كان قاطع طريق في زمنه قبلَ أن يلتحق بثوار الغوطة. من ناحيته، كان أبو زيوار رجلاً سيء السمعة في الحارة. وإذاً، جازتْ له أخلاقه أن يدبّرَ كميناً غادراً لمن تحداه في ليلة المقمرة تلك. وعلى الأغلب، فقد أخضِعَ أبو غازي للمراقبة مباشرةً قبلَ الحادثة الدموية: كان عائداً من بساتين الحارة، يهمّ باجتياز الشارع العام عند موقف الجوزة ( ابن العميد )، عندما صرخَ أحدهم باسمه مع شتيمةٍ بيّنة. التفتَ أبو غازي إلى جهة الصوت، ليفاجأ بمرأى شخصين يكمنان له في سيارة سوزوكي. ويقال، أنّ المغدورَ اندفعَ نحوَ السيارة حالما ميّزَ شخصَ غريمه. على الأثر، انطلقت رشقة رصاص من بندقية كلاشينكوف. جسَدُ قبضاي الحارة، المُمزق بطلقات الغدر، بقيَ مُمداً على طرف الشارع لعدة ساعات تحت وابل من الأمطار الغزيرة..



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرَة حارَة 42
- سيرَة حارَة 41
- سيرَة حارَة 40
- سيرَة حارَة 39
- سيرَة حارَة 38
- سيرَة حارَة 37
- سيرَة حارَة 36
- سيرَة حارَة 35
- سيرَة حارَة 34
- سيرَة حارَة 33
- سيرَة حارَة 32
- سيرَة حارَة 31
- سيرَة حارَة 30
- مريم فخر الدين وسحر السينما الكلاسيكية 2
- مريم فخر الدين وسحر السينما الكلاسيكية
- سيرَة حارَة 29
- سيرَة حارَة 28
- سيرَة حارَة 27
- سيرَة حارَة 26
- نساء و أدباء


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة حارَة 43