أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - أنتظار المنقذ التاريخي شكية الصورة أو شكية الإمكان















المزيد.....

أنتظار المنقذ التاريخي شكية الصورة أو شكية الإمكان


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 19 - 10:22
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


صورة المنقذ الذي يأتي في أخر الزمن فكرة قديمة قدم الإنسانية فهي لا بدعة دينية ولا نظرة فلسفية أبدا , بل إنها أحدى نتائج حلم آدم الأرضي عندما فشل في التكيف مع الواقع الجديد وعدم قدرته على العودة لسالف المكان والزمان , فصار يحلم بالعودة بواسطة المنقذ الذي يأت عندما لا يجد طريقا مهيأ ومعبدا للعودة للجنة وأنه يستند بذلك لقاعدة إيمانية أن البقاء كما في العهد إلى أجل وبالتالي فهو محكوم والرب بهذا العقد الأساسي .
عقد الزمن الذي لا بد أن يكون في وقت ما أو ينتظر أن يتحقق في مدى زمني مسمى وموثق وهو أخر الزمان, وحيث أن التاريخ الحقيقي له بدأ من أول حركة أبتدأ بها على الكرة الأرضية فمن المحتم يكون أخر الزمن وليس أخر لحظة منه هي الفترة التي تسبق وترافق العودة للجنة حينما يختفي الزمن الأرضي ويبدأ تاريخ جديد لذا أمن الجميع أن موعد الإنقاذ هو أخر الزمان .
البعض من النظريات أثبتت فشلها بالتوقيت وربطها بأحداث ما معتمدا على قراءة أما نصية خاصة أو لتنظيرات تستمد روحها من نص وبالتالي فمسألة الربط هذه أضعفت كثيرا من كونية الحدث كما أضعفت الإيمان بالفكرة أساسا , فلجأت للتورية والتمويه والتأويل كما حدث فبي تاريخ قريب لنا التاريخ الإسلامي والمسيحي التوراتي ,لكن تبقى الحياة مستمرة تعتمد على الفعل وردة الفعل وتنساق لناموس طبيعي وسنة تأريخية تتحكم بمجريات الفعل الإنساني دون تعليق الأمر على ظاهرة المنقذ وخاصة إذا تجردنا من حشر العقيدة في كل تفصيل مادي أو علمي .
لله تعالى يطلب من الإنسان العمل والكدح والتعالي عن حيوانيته الطبيعية من خلال الإيمان برسالته الأولى وهي إعمار الأرض وإخراج زينتها ولو فعل كما أمره الله لم يعد للحلم هذا مكان في تفكيره لأن الله سيفتح بركات كل شيء كما في العهد الأول , فوق هذا أن الله كذلك ومن جانب الإلتزام الثاني كتب على نفسه الرحمة في أن يخلقهم لأجلها والرحمة ليست شرطا أن تكون العودة للجنة ولكن تهيئة أسبابها للعودة الفردية بموجب قاعدة العمل والإخلاص والخيرية في التعاطي الوجودي ,أما فكرة الأنتقال الجماعي كما يصورها الإنسان الديني بظهور المنقذ مع التشدد بالأسباب والعلات تبقى صورة شكية لا يمكن للعقل السليم قبولها خاصة أنها مشروطة بظهور الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس .
قد يعلل المتدين أن باب العفة مفتوح والمغفرة من صفات الله الأزلية ومن أفعاله المعتادة ولكن هذا لا يناقض أن فكرة الرحيل الفردي ستكون الفيصل في العودة للجنة والنار خاصة بعدما ترفع الأقلام وتجف الصحف عندها لا عذر لمعتذر ويبقى فيصل الحساب الشديد هو معيار الأنتقال فتنتهي أسطورة الرحيل الجماعي للجنة .
إذا الفكرة مع الإيمان بالنصوص الدينية أو إبعادها عن رسم الصورة لا تتعدى حلم قديم توافقت عليه البشرية بعدما وجدت في جذور الفطرة روحية الإيمان الأولى المعلقة بالسماء من حيث لا تعلم وتوقها المضطرد للحاق بالرب فوق على أمل تحقيق الصورة المثالية المطلقة للحياة السرمدية الأبدية التي تعط الإنسان حدود تمتع لا يمكن أن يجد مثيلا لها في الأرض أو يتصور أن ذلك من الممكنات .
وبدأ يبني على هذا الحلم فكرة وإشارة كل أمالها من خلال توثيق الحلم وإدراجه في النص الذي وافق الظاهر الإنساني في البناء دون أن يوافقها في القصد , الفكرة القرآنية الخاصة بالمنقذ لا تتناول شخصية محددة بل تتناول حالة تتوقف عندها تغيرات في الملامح السلوكية للمجتمع عندما يرث الأرض العباد الصالحون وهي نتيجة متوقعة من الصراع بين الخير والشر وبالتالي الفكرة لا تتكلم عن منقذ بل تتكلم عن حتمية تاريخية بانتصار منهج الله وطريقته في الحياة عندما يكون للعنصر الإيجابي الوجود القائد المتفرد بالحق وسلطانه ,عندها سيصبح عالم الفضيلة والمثالية ممكن فتنزل إرادة الله في فتح بركات كل شيء ويصبح الوجود الحالي من سنخ الوجود الأخروي ويكون الأنتقال أيضا فرديا بالمرحلة الأولى وجماعيا عندما تتحقق كلمة الرب الأولى وتنتهي مفاعيل علة الخلق الأبدية .
إن من أسباب شيوع الظاهرة وتفاقهما في الفكر الديني لها أسباب تاريخية وعقائدية من خلال ربط الظاهرة بالمظاهر التي يمكن أن تكون عوارض واقعية تنشأ في ظل نظام كوني لا يمكنه نكرانها ولا يمكن القبول بها على أنها معجز تاريخي مثل الزلازل والنار التي تخرج من المشرق والصيحة في السماء وغيرها من الأحدث التي جعلت مواقيت ومواعيد للظهور , الهدف من إشاعة الفكرة أساسا هو جعل الإنسان مترقب حائر يخضع في تقدير وتدبير الحوادث لعقلية تسعى للسيطرة والتوجيه من خلال فرز المجتمع إلى مؤمن بالفكرة وبالتالي منحه صفة الإيمان بالله وفكرة أخرى لا يتم وصفها كذلك وهنا يسهل على الفئة المتسلطة أن تعبأ أنصارها بسلسلة من التحليلات والتخريجات التي تقود إلى السلبية من حركة الزمن وعادة الواقع والتشبث بالرأي التأويلي دون الوعي بأصلية النص وقدرته على أن يعبر الفكرة الموهومة .
نجد أن الفكرة تنمو في البيئة التي تصاب بالإحباط وبعدم القدرة على الوعي بالوعي ومن ثم الوعي بالوجود وهنا يصبح نشر الفكرة تبرير للعجز ونخاذل عن نصرة النفس التي هي أساس طبيعي وتمهيدي لطلب النصرة من الله حسب النص الديني الإسلامي , بالطريقة هذا على المؤمن الإسلامي أن يربط الانتظار بواقعه مما يحده من العمل الحر والخروج عن قدسية البناء النصي لأنه لا يعلم بالتحديد أولا في أي لحظة الخروج وقد يكون في زمنها وبالتالي سيواجه بفضيحة سطرها مخترع ومروج الفكرة.
أو أن المنقذ والذي هو حسب الزعم حاضر غائب سيتدخل بشكل فردي للانتقام ممن حاول الخروج على الرأي التأويلي ويناصر داع الانتظار وبكلا الحالين يتحول الدين من ممارسة عقلية تحرر العقل من سطوة الواقع المادي الجسدي إلى إدخاله في سجن أكثر ضيقا وأقل حرية ليوافي أصل الفكرة التي من المحبذ بل المأمور بها شرعا أن تكون من أركان الدين الأساسية .
هذا الرأي لا يعني أبدا أن ننفي فكرة المنقذ وضرورتها الواقعية على الإنسان ولكن نفترق في القراءة على مخارج الفكرة وتصورها عقليا عن المتاح من تفسير وتأويل , نعم يحتاج الإنسان للحظة محاسبة مفصلية ويحتاج أيضا لرقيب يترقب سلوكه وكأنه حاضر غائب طالما أنه مأمور بالحساب في الدنيا قبل الأخرة (حاسب نفسك قبل أن تحاسب) .
لكن هذا لا يعني تعطيل مدركات الإنسان بالزمن والتوقف في كل صغيرة وكبيرة لمقارنتها بالإرث النصي ومحاولة إقحام التفسيرات العقيدية الضيقة بدل الوسيلة العلمية والعملية التي يجري التأكيد عليها في نصوص أكثر من واقع فكرة المنذر( النصوص الدينية التي تحرر الإنسان من الانتظار تبدا من ( وقل أعملوا ...) و(كل نفس بما كسبت رهين ) وأنتهاء ب(لا يؤاخذكم الله باللغو في إيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت أيمانكم ) .
المبدأ في القرآن الكريم العمل الإيجابي سواء كان على المستوى الفردي أو على الإطار الجماعي وبالتالي من يتحسس هذا التناقض أو ينفيه عليه أن يعود للمقارنة القصدية في المباني التي تحتوي المشابهة أو التناقض المزعوم , إن الكتاب المحكم آياته لا يمكن أن يكون بمحل لوجود التناقض والتضارب ويحمل الفكرة ونقيضها وحتى على المستوى الحسابي المنطقي ترديد الشيء بأكبر عدد مكن في نصوص كثيرة وبمناسبات عديدة يعطيه زخما أقوى للمنافسة في الحضور ويمنحه جدارة التقدم على نص أو نصين غير حاسمين بالدلالة الظاهرة والخفية .
في الوقت الذي يشدد الإسلام على العمل والتدبر والتفكر والتعقل لا يمكنه أيضا التحايل على هذه الفكرة بنص أخر يمنع العمل الإيجابي ويحرر الإنسان من الأسر الروحي لتأويلات بشرية من نصوص تحمل ظاهرا تأويلات عدة وأتجاهات متنوعة لا يمكن الحكم بأحقية أي قصد إلا من خلاله إحاطة النص بموضعيته الذاتية المقترن بمعيار الميزان الذي نزل من القرآن وهو الوحيد الذي يمكن به فك الإشكالية والتفريق بين شكية النص وشكية الإمكان



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسان وعالم يعيش واقع مخيف
- على وقع ما جرى في فرنسا
- الحروف التي حللها الرب
- عن الثقافة والمثقفين وأزمة الهوية
- رواية الغريب _ الجزء الرابع , ح1
- رواية الغريب _ الجزء الرابع , ح2
- رواية الغريب _ الجزء الثالث , ح2
- رواية الغريب _ الجزء الثاني , ح2
- رواية الغريب _ الجزء الثالث, ح1
- رواية الغريب _ الجزء الأول , ح3
- رواية الغريب _ الجزء الثاني , ح1
- صلاة في باحة المخمر
- رواية الغريب _ الجزء الأول , ح1
- رواية الغريب _ الجزء الأول , ح2
- بعض آيات من كتاب الغضب
- هم وأنا ..... وهم
- هل يستحق الأمر أن نتفكر بالموت أم نحرص على أحترام الحياة
- البحث الممل _ قصة قصيرة
- ملامح عصر الأزمة
- حديث خاص بصوت عال


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - أنتظار المنقذ التاريخي شكية الصورة أو شكية الإمكان