أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - من حصاد زيارتي إلى العراق الشهر الماضي 12-2014 1- حمود الخياط














المزيد.....

من حصاد زيارتي إلى العراق الشهر الماضي 12-2014 1- حمود الخياط


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 4686 - 2015 / 1 / 9 - 15:35
المحور: الادب والفن
    


حصاد زيارتي إلى العراق الشهر الفائت 12-2014

حمود الخياط وسوق التجار والحروب

سوق الديوانية المسقوف يمكن أمي ألقت سرتي فيه رغم أنها أكدت ان سري ألقته في مدرسة كي أحب الكتاب والعلم. لكني بت أشك. فأول من أفكر فيه والطائرة تهبط في أرض تكويني هو سوق الديوانية المسقوف. وحمود صديقي الجميل الخياط من قصص شبابي في هذا السوف حيث ترعرت منذ الطفولة جواره وفيه وهذه حكايتي بأختصار شديد مع حمود وهو رواية وحده:
لا أحد يستطيع الفصل والجواب على سؤال أعتبره انا سؤال المحبة: لم تنجذب لشخص دون الجميع ويصير صديقك حميم وحنون ويشتاق لك منذ لحظة التعارف وحتى نهاية العمر وهذا حالي مع حمود الخياط الذي لم يغادر هذا السوق رغم أضطراب العراق وفوضاه ودماره،
أنشغلت عنه في زيارتي في العام الماضي2013، لكن عزمت على رؤيته وترتيب شيء ما معه. لم يمت وإلا لسمعت. إذن فهو في السوق يخيط رغم تجاوزه السادسة والستين. انا واثق من ذلك. ولما كانت أيامي محدودة في المدينة وصديقي دكتور أحمد نعمة المختص بالجملة العصبية ولي معه قصة سأرويها لاحقا في هذا الباب، يغبش ويدق باب بيت أهلي في الحي العصري ليأخذني معه إلى مستشفى الديوانية ليجري لي فحوصات أصر عليها، رغم أني قلت له لا احتاجها، حتى صار الأمر يومي. فقلت له:
- احمد لازم أشوف حمود!.
فسألني وهو يصغرني كثيرا:
- منو حمود؟
قلت له:
- ستراه!.
كنا في الظهيرة والشمس التي أحبها صافية تغور في روحي التي أكمدتها أيام المنفى الرمادية. كنا في طريقنا من صوب الشامية إلى سوق التجار. لم أجب على سؤال ثانٍ سألني عن حمود، بل قلت له كإب:
- اصبر!.
وأنغمرت في قصتي معه. كنت طالب إعدادية عندما لمع أسم حمود الخياط، كخياط تقدمي أريحي مخلص يخيط أكمل البنطرونات الحديثة، لكن مشكلته أن قطعة القماش تموت في دكانه سنة أو أكثر ياله يلحقها السره. ذهبت إليه وتعارفنا. ثمة نظرة معينه تتبعها ضحكة عين اعتقد انها مفتاح المحبة. تبادلنا المفتاح. وسلمته قطعة القماش ليخيط لي بنطال جارلس.فانا كنت أبن المودة المتمرد على كل شيء كان ذلك عام 1971. وضع قطعتي بين كدس من قطع القماش. وعندما وصفت لأصدقائي المشهد قالوا:
- أنت والسنة زين إذا لحقك السره.
بحثت عن تفصيلاته، وقررت. في ليلة حملت قنينة عرق مسيح ليلاً حيث يبقى ساهرا كي يكمل زخم العمل. عانقني كان فتياً جميلا حنوناً قلت له:
- جاي أسكر وياك! وتخيط بنطروني تره ما عندي غير أثنين بنطرونات بكل صيف ألبسهن حتى تشوفني اللي أحبه!.
كاد يسقط أرضا من الضحك. وعمرنا الليلة.. وأية ليلة صرنا أصدقاء واحباب. كنا والسبعينيات تتقدم وتأتي بالحملة على القوى الديمقراطية نشرب وحدنا ليلا في الدكان وسط سوق التجار ونّقلب مصيرنا. ونتوقع ان نعتقل ونموت في الزنزانة تعذيبا وتنكيلا. لم نكن ندري ما سيصير بنا أو كيف نتصرف فأنا تزوجت وكنا نسكن نفس المنطقة في (الجلبية )الديوانية نتزوار ونعتقد بأن لحظة موتنا دانية ولا بد. لكننا لم نكف عن سكرنا الليلي وشوقنا لبعض لكن تحولت الجلسات إلى بيوتنا فالأمر خطير والحرب مع إيران مشتعلة. وتلخبطت الأمور بشكل درامي متسارع، دعوني لخدمة الأحتياط وساقوني لجبهة الحرب مع إيران كان ذلك عامم 1982 أذار. وهربت من معارك شرق البصرة والتحقت بالثوار في الجبل في الشهر الثامن من نفس العام وعدت بعد ستة اشهر مختفياً لعشرة أشهر وهذا مصور في رواياتي، لكن غير المصور هو عودتي كجندي في جبهة الحرب عام 1983 وأشتراكي في معارك مجنون كلها. وخلال هذا المعترك انقطعنا عن بعضٍ. لكن في عمق ليلة موحشة من ليالي الحرب وانا في طريقي للإلتحاق إلى وحدتي العسكري بسيارة عسكرية تنطلق من الدير نحو عمق الجبهة أنتبهت رغم الظلام إلى كتلة أحسستها قريبة جدا إلى روحي. أقتربت منه لاصقته أستمعت إلى أنفاسه التي وجدت صدى لها في نفسي لكن ترددت حتى بان الفجر وإذا بحمود الخياط جواري. ضربته بعنف فالتفت نحوي وصرخ باكياً:
- سلام.. سلام.. سلام.. خرب ربك.. سلام
لم أتمالك نفسي نحبت وعانقته. كنا وكأننا في غبش سيارة إيفا عسكرية تنقل الجنود نحو حتفهم نود الذوبان وتخليد اللحظة لحظة العناق. فماذا أحكي لك يا صديقي الطبيب الجميل أحمد نعمة ماذا؟ وهل يقدر الكلام على الإحاطة بالمشاعر.
علمت في غبش العربة العسكرية المهتزة بأنه في وحدة مشاة على الخطوط الأمامية ووحدتنا المدفعية تسندهم في المعارك. رغم شجن ذاك الغبش ومأساة وتراجيديا وضعنا البشري. همس لي:
- سلومي مو تقصفنا!.
كان عناقنا عنيفاً لحظة نزولي من العربة العسكرية. كان ذلك في خريف 1984. شممنا بعضٍ وكنا نعتقد حقا بأننا سوف لن نرى إحدانا الآخر أبداً.
بعدها هربت أنا ورفيقة عمري ملتحقين في الثوار في الجبل. والقصة معروفة لا داعي للتكرار. تشردنا وعدنا بعد الإحتلال فلقيته حيا في أول زيارة 2004 زارني في بيتي وأستنشقتهُ.. أكرر أستنشقتهُ.. هكذا أحب أحبابي وهم مثلي.. على مستوى الحس أدرك ذلك لكنهم قد لا يملكون الشجاعة كي يعلنوا عمق مشاعرهم ادري ادري بمجتمعي
فماذا أحكي أو أشرح لك يا صديقي أحمد ماذا؟
كنا نقترب من السوق. دخلنا سوق تجار الديوانية. تيهت مدخل القصيرية التي يعمل بها حمود. دلوني بعد سؤال وجدته عانقته. صورنا أحمد وهو لا يعرف عمق ما يربطنا. وكم فرحت بهذي اللحظات.. كم؟. وتواعدنا على السكر في محله الجديدة العام القادم 2015 لو بقينا أحياء




#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمناسبة صدور -حياة ثقيلة- في القاهرة الأدهم 2015 سلام إبراهي ...
- في مديح المهبل
- لا تموت من وقت
- عددت مساوئي وهي خير من يعرفها
- صائد العصافير
- الواقع كوحدة حية والنص الروائي
- شوقٌ مستحيل
- ليش.. ليش.. ليش؟!
- حصار وتبعثر
- ملف عن الفنان التشكيلي العراقي العالمي بشير مهدي
- عراقي.. وطني كابوس لا صحوة منه
- عالم بلا كراهية
- التيار الديمقراطي العراقي في الدنمارك - عيب والله عيب -
- مريم الأوكرانية
- «في باطن الجحيم» للروائي العراقي سلام إبراهيم تُترجم إلى الإ ...
- من سلام إبراهيم للعراق في لحظته الراهنة
- سلام إبراهيم: فى حواره مع الأهرام العربي: الأحزاب الدينية «ت ...
- لعنة الفقر
- تنغمس.. وتنساها
- حكمة قلب


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - من حصاد زيارتي إلى العراق الشهر الماضي 12-2014 1- حمود الخياط