أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عمار ديوب - العلمانية والديموقراطية والمساواة الفعلية















المزيد.....


العلمانية والديموقراطية والمساواة الفعلية


عمار ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 1302 - 2005 / 8 / 30 - 10:24
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


بداية لا بد من شكر مواقع الحوار المتمدن والقائمين عليها* والمثقفين ، ياسين الحاج صالح وسلامة كيله، الذين بدأا هذا النقاش الجاد ، من أجل طرح القضايا الفكرية والسياسية بطريقة فيها الكثير من الجدية ، تشكل الحاضنة الأساسية لأي فكر جاد وناقد أو حركة سياسية هادفة ، وأقصد العلاقة بين العلمانية والديمقراطية ، حيث تستعيد هذه القضايا الفاعلية الفكرية النقدية من أجل إعادة بناء مشروع النهوض العربي ونهوض الأمم التي تتداخل مع الأمة العربية وتعيش على أرضها التاريخية 0

إن هذا المشروع النهضوي العربي قد أخذ مسارات متعددة في مختلف البلدان العربية ، ولكنه وصل فيها إلى إخفاقات تطال بناه الأساسية ، وتختلط فيها المفاهيم والسياسات بشكل كبير كجزء من الإخفاق ، ولكن لا يمكن موازاة الإخفاق الأخير "الاستعمار الأمريكي ، الأصولية الدينية ،ارتباط الأنظمة مع المشروع الأمريكي الإسرائيلي " مع الإخفاقات السابقة ، فلا شك أن هناك ماءً كثيراً قد سال ، وتطورات كثيرة قد حصلت وهذا يقتضي إعادة ضبط الأفكار التي طرحها عصر النهضة، وما أتى بعده ، شريطة استكمال هذه البدايات ، لا العودة إليها ، وكأن كل ما تقدم عنها ، ليس إلا أخطاء في أخطاء ، لأن هذا النمط من التفكير يستبطن تجاهلاً للتاريخ ، ولحركة البشر ، ولصيرورة التأزم التبعي في البلدان المتخلفة وأسباب ذلك التأزم ؟

يعد النقاش الدائر نقاشاً هاماً ، حول علاقة العلمانية بالديمقراطية ، وهل تشترط إحداهما الأخرى أم أن العلمانية شيء والديمقراطية شيء أخر ، وأيهما تسبق الأخرى ، وهل يمكن وجودهما معاً أم بأزمنة مختلفة ، وهل يمكن للدين السياسي الذي يمايز بين الناس على أساس معتقدهم الديني ، ويعتبر التمايز من البدا هات ، أن يكون ديموقراطياً ، ثم ألا يتنافى ذلك مع مفهوم المواطنة 0

من الضروري أن نؤكد أن هذا النقاش الشغوف بقضايا المستقبل العربي يدور في زمن تسيطر عليه الامبرياليات العولمية والشركات متعدية الجنسيات بشكل واضح على العالم ، وعلى العالم العربي بشكل خاص وتعاضد إسرائيل هذه العولمية على بلادنا بشكل بنيوي ، ويشنان معركة متعددة الأوجه ، وواحدة منها ، معركة الأصولية الدينية ضد العلمانية والدموقراطية " لاحظ فنزويلا " لتصير الديمقراطية ، ديمقراطية أصولية " لاحظ العراق " وهذا ما يتلاقى مع الأصولية الإسلامية ليشكلوا مشروعاً ضد الحداثة بما هي فعل البشر عبر صراعاتهم التي تتصير تطوراً تاريخياً يهدف إلى المساواة الفعلية بين بني البشر ، وذلك على أنقاض النظام الرأسمالي العالمي ، هذا هو الإطار العام للنقاش 0

أما الإطار الخاص السوري فهو جزء من الإطار العام وله عدة مستويات ، المستوى الاقتصادي ، السياسي ، الإيديولوجي ، يتحدد المستوى السياسي منه ، ببقاء النظام مستأثراً بالسلطة السياسية ، ورافضاً لأي انفتاح على المجتمع من جهة ، وهامشية المعارضة الديمقراطية وسطوة المعارضة الإسلامية على أرضية الإرث الديني والتقليد الاجتماعي وهزيمة المشروع القومي للبرجوازية المتوسطة ، وشعور المعارضة الديمقراطية بالضعف نحوها وضرورة المساومة معها ، وبالتالي ضرورة اعتبارها معارضة كاملة الشرعية ككل المعارضات ، وبدون اشتراطات تذكر ، من جهة أخرى0
بمعنى أخر إن أزمة التطور في سوريا هي أزمة السلطة البرجوازية المتوسطة من جهة وأزمة المعارضة من جهة أخرى وبدون أن نتجاهل أن السلطة المأزومة هي السبب المباشر لأزمة المعارضة والمجتمع بشكل عام 0
هذا الإطار الخاص أفترض من بعض المثقفين والحركات السياسية الديمقراطية، إيجاد طريقة لخروج سوريا من أزمتها، فحددوا الأزمة بالاستبداد، والحل بالديمقراطية متجاهلين المستويات الأخرى من الأزمة ؟ ولكن هل الأزمة في سوريا تتحدد فقط بالاستبداد وبأنه يفتقد لأصول التفاوض والمساواة والاعتراف بالأخر وليس لديه إلا الحل الأمني وسيطرة الحزب الواحد ؟
وهل هذه المفاهيم السياسية هي الضرورية فقط في المجتمع السوري والعربي كذلك حتى تخرج سوريا من أزمتها ، فإذا كان الأمر كذلك فهل انتهاء الهيمنة السورية على لبنان أنهى المشكلات بها ، وهل الخلاص من صدام حسين ونظامه الاستبدادي فعلاً أنهى الأزمة وادخل البلاد في الديمقراطية وبداية حل المشكلات وانتقلنا عندها إلى الديمقراطية والعلمانية كحالة موضوعية لا تحتاج إلى الدعوات الإيديولوجية للعلمانيين والماركسيين والديمقراطيين العلمانيين والقوميين العلمانيين 0

لا شك أن الاستبداد، والحل الأمني شكلا السبب الأساسي للازمة العامة في سوريا وديمومتها ولتغييب العلمانية وبروز الأصولية، ولكن الاستبداد كذلك يعد نتيجة تاريخية ويجب التفكير بمعنى انه نتيجة ، ولا أرده هنا لا إلى الدين ولا إلى التاريخ القديم كما يفعل البعض في تفسير أزمة الاستبداد ،حيث يصير الحاضر جزء من الماضي ، وليس الحاضر هوهو سبب الأزمات التي تعتمل بداخله ، و أتفق هنا مع التحليلات الماركسية الكثيرة** في هذا الأمر حيث يرتد الاستبداد في عمقه البنيوي إلى الشروط الدولية للامبريالية في سيطرتها على العالم المتخلف ، بما يؤمن إعادة إنتاج تخلفه المزمن ، عبر برجوازيات تابعة تتعارض صيرورتها مع التطور الفعلي ، وتسير في تطور مشوه ، حيث يتم فيه ، تغييب ثورته الصناعية والديمقراطية ، فيعاد إنتاج الوعي الديني والعشائري والمناطقي والقومي الشوفيني وعياً سياسياً في أسوأ أشكاله كرد فعل ضد تغييب تلك الثورات وكذلك ضد الاستعمار الخارجي ؟
فبالتالي غياب العلمانية الناجزة وحضور الناقصة مرتبط بأزمة التطور غير الطبيعي وسيطرة البرجوازيات التابعة ، وتغييب الثورة الصناعية والديمقراطية المترافقتان مع بعضهما في العصر الحديث ؟

الأزمة في سوريا ليست لها وضع متفرد وإن كان لها صيرورة متميزة عن غيره من البلدان العربية ، ففيها كما في غيرها ذات المشكلات لأنها في صيرورتها ، نتاج ، التطور غير الطبيعي الذي هو أوضاع امبريالية في الأطراف ، وهذا يفترض المقارنة بين الاستبداد الخاص بالنظام السوري والموجود في النظام المغربي مثلاً لاختلاف التجربتين من حيث طبيعة الطبقة المسيطرة أو التوجه الاقتصادي ،أو طبيعة الثقافة التاريخية والدينية ، وإظهار التمايزات ، وهل هناك متشابهات أو مختلفات ، وذلك لمعرفة احتياجات مجتمعاتنا للعلمانية بما هي فصل الدين عن الدولة وبما هي نظام ديمقراطي تتمثل فيه جميع قطاعات المجتمع ، والمقصود بالأمر هنا، هو أن نظام الليبرالية التقليدية " المغرب " أو نظام البرجوازية المتوسطة " الاستبداد السوري " لم يتبنى الديمقراطية ذات التوجه العلماني أو الديمقراطية ذات التوجه العلماني ، فبقيّ تطورنا مشوهاً ، لافتقاده لصيرورة تطوره المستقلة ولغياب الثورة الصناعية رغم وجود تمايزات جزئية بين الدول لا تكاد ترى، وبالتالي لا ترتبط العلمانية أو الديمقراطية في مجتمعات التخليف ، مع حرية السوق أو مع الليبرالية ،أو مع نظم الاستبداد ، بقدر ما يكون وجودها منقوصاً ومشوهاً وقابلاً للتفجر باتجاه مشروع ذو طابع أهلي متمثل في الصراع الطائفي أوالديني أو املناطقي أو القومي الشوفيني 0

العلمانية المرادة والواقعية هي تكميل المشروع الذي انطلق مع عصر النهضة باتجاه فصل الدين عن الدولة والسياسة وإلحاقه بالمجتمع ، وبالتقاليد وبالثقافة الموروثة ، وجعله أمراً خاصاً بالأفراد ، بما يؤمن لهم توازنهم النفسي والمعنوي والعقلي والاجتماعي ، وعلاقة متميزة وخاصة مع معتقداتهم الدينية ، وبالتالي لا بد من تكملة تشكيل الدولة كإطار عام ، ينتمي إليه جميع الأفراد ، بشكل متساوٍ ، وبما يضمن لهم فعلياً حق المواطنة والمساواة أمام القانون والمساواة الفعلية في الاقتصاد والاجتماع وفي كل مناحي الحياة ، وهنا نؤكد أن مسألة حقوق الإنسان مسألة لا تكتمل العلمانية بدون التطرق إليها شريطة نزع حق الملكية - وليس إقرار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية - منها لأنها تحول حقوق الإنسان إلى دمية *** ، عديمة القيمة حيث يشرعن لأصحاب رؤوس الأموال وبشكل قانوني الحفاظ عليها - الملكية المهولة - بقوة الأمن والجيش وكل الأدوات السياسية للطبقة المسيطرة ، وبالتالي العلمانية المرادة هي جزء من مجموعة أهداف سياسية " الديمقراطية ، حقوق الإنسان ، حقوق المرأة، المساواة الفعلية"
وهي مطلب واقعي كي يكون ممكناً مواجهة ، ليس التفكير السياسي الديني فقط بل وتحديث الوعي التقليدي وانتصار مشروع الحداثة العربية، وبالتالي كي يكون ممكناً مواجهة النظام الامبريالي العولمي وأصوليته المعلنة أمريكياً وأصولية أطرافه التابعة 0
فالأزمة في سوريا أزمة مركبة ومتعددة المستويات، وحل أو طريق الحل يفترض برنامجاً ديمقراطياً علمانياً بالضرورة وقادراً فعلاً على مواجهة تلك الأزمات ؟

فلماذا يعارض العلمانيون تشكيل الحزب الديني السياسي ؟
إن معارضة تشكيل الحزب السياسي الديني ، لها أسباب عديدة ، أهمها : تفتيت المجتمع على أساس التمايزات الدينية ، مصادرة كل مفاهيم الحداثة ، ادعاء احتكار الطائفة ،وبالتالي يؤكد ذاته ، ورؤيته العامة ، ومشروعه السياسي ، وميثاق شرفه الخاص بما ينسجم مع الشريعة ،محتكراً إياها ، فهي بالنسبة إليه المصدر والمرجع والعقيدة التي منها ينطلق، ليقدم ذلك المشروع، وتلك الرؤية وبالتالي يدعى التمثيل للطائفة، والتكلم باسمها " حالة اجتماعية وليس حزب سياسي " رغم أنه حزب سياسي- أو كما يحلو للمتأسلمين القول أنهم جماعة سياسية - خاص بفئة من طائفة ، فالمشكلة أيضاَ هي في ادعائه التمثيل الديني أي الإلهي ، وهو ما يفتح الباب واسعاً للتمثيل الديني من كل الطوائف لان هذا التمثيل يستنفر كل التشكيلات ما قبل المدنية أي الأهلية ، لتعبر عن ذاتها ، "لاحظ مرةً أخرى العراق "؟
وهكذا نكون بالضبط أمام منطق الإستصال والقتل ، لأنه منطق الإلهيات والمطلقات والمقدسات 0

وباعتبار الشريعة الإسلامية ذات أصل إلهي كما يدعي المؤمنين بها ، فهي مختلفة عن الفكر البشري والفلسفات والإيديولوجيات الأرضية ، وبالتالي كل مخالفة للموحى به وفق تأويل أهل الحل والعقد ، هو خروج عن الموحى به ، وباعتبار الحزب الديني ، حزب خاص بفئة من طائفة ، ومؤمنة بفكرها ، يصير فكرها هو الموحى به ، وهذا يفترض التمسك بالديني المقدس في مقابل الأرضي الدنس ،فيصير للأول الحياة وللثاني الموت ، والموت في سبيل موت الثاني هي الحياة من جديد في أروقة الجنة الإلهية حيث تحصل على كل ما تشتهي ويطيب لك، وما كنت محروماً منه في الأرض الدنسة ، وباعتبار الأمر كذلك يصير المجتمع كله كافر ، طالما لايسيروفق الموحى لهم الأرضيين - لاحظ السوق الرائجة للتكفير في أرجاء الوطن العربي ، وقتل فرج فوده وتهجير بعد محاولة تفريق للمفكر نصر حامد أبو زيد ، ومئات القصص اليومية عن مسائل التكفير ورسائل التهديد وغيرها - وبالتالي يغيّب الحزب السياسي الديني أن مقولاته الدينية ، هي مقولات وجدت في فترة تاريخية محددة ، حيث للزعماء دوراً أساسياً ، وعلى الجميع الطاعة ، وهذا أمر طبيعي في تلك الفترات التاريخية ، وبالتالي هو دين يفتقد للاعتراف بالأخر ، أو المجتمع أو الشعب ، بل هو يقدم رسالته للآخر أو للمجتمع أو للشعب وعليه الأخذ بها ، وإن لم يأخذ بها ، ستتم عملية محاربته وكل هذا أمر طبيعي في زمنه ، وبالتالي قوة الدين الأرضية متعلقة بالذين ينطّقون الدين " فالقرآن حمال أوجه " ويمكن القول إن كل دين حمال أوجه ، وقوته تاريخياً أتت من الرسول ، الزعيم ، الخليفة، الجماعة الدينية ، والمشكلة أن المتأسلمين ، باستثناء بعضهم وهم قلة من المثقفين ، ينقطعون فعلاً عن الحداثة والواقع والمستجدات الداخلية والعالمية ، ويلتحقون عبر الذهن المفارق بالدين القديم ، فيصير كل شيء موظف لصالح القديم ، فالماضي الأصل ، والحاضر الفرع ، وعلى الحاضر اتباع نهج الماضي ، وبالتالي مشروعهم السياسي " الإسلام هو الحل " مرتبط بكون القرآن هو الدستور، فإن تمت مراعاة الشروط الجديدة والحاضر باعتباره يحظى على بعض الوجود ، فهي مراعاة نتيجة الضعف والتقية ، وإن تم فعلاً التجاوز لبعض الإشكاليات من قبل بعض المثقفين ، تبقى الرؤية والمشروع مرتبطان بالعقيدة بما هي مطلق ومقدس وواجب إتباعه وتنفيذ مشروعه ؟

وبالتالي لا يمكن - ولست من العالمين بالغيب - لذوي التفكير الديني السياسي الثقة بمنظومات التفكير الحديثة أو السياسية الحديثة ، بل هم يعتمدون في فهمها على عقيدتهم عبر تأويلها من قبلهم ، في عملية إخضاعها للمنظومة الفكرية الدينية الأصولية ، والتي لا تتعارض مع التفكير الديني والعادات والتقاليد ، بقدر ما يحاولون تأصيلها سياسياً ، وهو ما يشعرهم بالانتصار في اللحظة الراهنة ، وبالنظر للفراغ الذي أحدثه النظام في إطار العلمانية والديمقراطية ، وهو ما يجعلهم قادرين على تغيير وجهات نظرهم وتبني بعض الأفكار الديمقراطية العمومية وبما ينسجم مع الشريعة حيث أن هذه الأفكار تعتمد على فتوى شرعية ، تمكننا من القول إن ما يعطى بفتوى شرعية دينية قد يؤخذ بفتوى شرعية دينية مضادة ، والتغيير الشرعي - نسبة للفتوى الشرعية - هو ما دفع المعارضة الديمقراطية إلى اعتبار إحدى قضاياها الأساسية المساومة معهم ، لإحداث التغيير الديمقراطي وعقد مؤتمر وطني ، وإنشاء الجمعية الدستورية واعتبارهم شركاء كاملي الأهلية لبناء العقد الاجتماعي الجديد ؟
بالإضافة لعوامل أخرى تخص البنية المعرفية المشوهة للمعارضة الديمقراطية بما يخص العلمانية والديمقراطية ومشروع الحداثة ذاته ، ولن نناقش هنا ،ما هي الأفكار التي ستقدم بخصوص الدستور ودور الشريعة فيه ، ودور شرائع بقية الأقليات الدينية الإسلامية منها "علويين واسماعيليين ودروز وغيرهم والأقليات المسيحية " ومسألة الأحوال الشخصية والتعليم والاقتصاد وغيرها 0

الشعور بالانتصار المشار إليه ، وتقديم الذات "الإخوان المسلمين " للسورين على أنهم حالة اجتماعية وليسوا حزباً سياسياً هو ما يلغم ويصادر على الديمقراطية والعلمانية ، بان تصير ديمقراطية طائفية في أحسن الأحوال " العراق ، لبنان "إن لم نقل ديمقراطية أفراد ****،هذا إن لم تلغى لصالح فرض الشريعة ليس على التابعين لها فقط ، بل على كل البشر ذوي الطوائف الأخرى وعلى كل العلمانيين وغير المتدينين ، ويمكن التسأول هنا ما هو مصير الديمقراطية و العلمانية في ظل نظام لديه ميل لتطبيق الشريعة 0
هذا الشعور بالانتصار مرةً أخرى ، في اللحظة الراهنة هو شعور الهزيمة بالذات - نتاج هزيمة حزيران 1967 هزيل بالمقارنة معه - وهو ملازم للتأزم الشامل الذي أوصلتنا إليه الأنظمة العربية ، ولا يمكن وصف المجتمعات العربية الآن إلا بأنها في أضعف حالات تطورها حيث انعدام السياسية الحديثة ، والشعور بالهزيمة، وانعدام المواجهة العلمانية مع الاستعمار ، وباعتبار الوضع كذلك لا يمكن لذوي التفكير العلماني المساومة في مسألة العلمانية كضرورة واقعية والمتلازمة مع الديمقراطية وكذلك المساواة الفعلية ، لأن المساومة مع هذه الأوضاع هي تأبيد تأزمات الواقع ، وتجميده في تأزما ته وتغييب أي حل علماني ممكن 0
وهو ما يفترض بالعلمانيين الدفاع عن حاجات المجتمع في البحث عن حلول لأزماته المتعددة ، وتأصيل التفكير العلماني والعلمي ، وتحديث الوعي الاجتماعي والثقة بدور الإنسان والعقل والشعب في بناء كل مؤسسات الدولة بما فيها الدستور ، واشتراط تلازم الديمقراطية بالعلمانية ، وبالتالي لا يمكن للقوى السياسية الممثلة للمجتمع أن تكون قوى غير حداثية ، إن أرادت تطوير هذا المجتمع ، حيث أن الاعتراف بقوى الأمر الواقع هو اعتراف بحقها باحتكار التراث من جهة باعتبارها تمثله كما تعتقد، واحتكار الطائفة من جهة أخرى، ومصادرة على القوى العلمانية والديمقراطية ، اللذين لا يأخذون بما تأخذ به تلك القوى ، عندها في ظل التأزم الشامل سنكون أمام وضعية لا نحسد عليها ابدآ ، خاصةً وان بلادنا فيها طوائف دينية متعددة وهذا يعني أنها ستفرز ممثليها السياسيين حكماً وكنتيجة للتأزم السابق المشار إليه ، وعندها ستتحول قضية السياسية والدولة والمجتمع إلى قضية طوائف عليها التوافق ، وشرط التوافق ، ألا يتم تجاوز الطوائف أو فسيفسائية المجتمع السوري ، وبالتالي سيكون كل تجاوز- القوى العلمانية والديمقراطية والماركسية والقومية - لا يلغي التوافق الطائفي بالضرورة ، وإن وجد ، لا يعدو كونه ضمن المسموح به والمسيطر عليه ، أي هو في إطار الهامشية والتبعية وتزيين الديكور الديمقراطي 0

وبالنظر للإشكاليات المشار إليها في موضوعة إسلام السياسي ، نعود لمناقشة ضعف الحركة الديمقراطية وضرورة تجاوز هامشيتها ، نطرح هنا بعض الأسئلة عليها، هل ضعفها يقتضي توافقها على برنامج سياسي مشترك ، يلغي الاختلافات والصراعات والاشتراطات بخصوص المستقبل المنشود ، وهل يمكن عقد التوافقات مع قوى التـأزم ، والتي لا تختلف مع الواقع القائم إلا في مسألة الاستبداد الحالي ، وإذا كان الأمر كذلك ،فأي مشروع ستقدمه بخصوص تطوير المجتمع ، وإن لم يكن لديها هذا المشروع، فهل ستعمل لصالح النظام الديمقراطي العلماني ،و إن لم يكن علماني ، وكان ديمقراطي ، فأي ديمقراطي سيكون؟ ثم أن ما هو الحجم الفعلي لهذه المعارضة بين أفراد المجتمع ؟

ومن هنا لا يمكن تأسيس الديمقراطية بما طريقة لإدارة شؤون المجتمع وفق الصراع الاجتماعي والطبقي الذي يجري بين الطبقات الاجتماعية وعلى كل المستويات إلا بالترافق مع العلمانية التي تعني فصلاً للدين عن الدولة والسياسية ، وإلحاقه بالمجتمع ، وضمان حرية الأفراد بالأخذ به ، وتنزيهه عن مشكلات السياسة ، ففي الربط المشار إليه يصبح ممكناً تجاوز عقلية الزعيم وأهل الحل والعقد ، والصفوة المختارة ، والفرقة الناجية ، ومبدأ الشورى ، وكذلك العلمانية الناقصة ، واستعادة مشروع النهضة ، باتجاه اعتبار الشعب مصدر السلطات وفصلها عن بعضها ، واكتساب الأفراد صفة الموطنة وطرح المساواة الفعلية لا القانونية 0

وبالتالي التصارع أو الاختلاف الواقعي ممكن جداً وهو قائم فعلاً ، ولا تخوضه وتدعي إليه القوى الماركسية ، بل إن العلمانية كحالة موضوعية تفعل ذلك في الاقتصاد ، التعليم، الصناعة ، الطب ، وفي القوانين الوضعية الدائمة الجدة ، وهي هي طرائق لفصل الدين عن الدولة والسياسة والدستور والقوانين ، ولكنها تبق قابلةً للتراجع والنكوص ، وهو ما نلاحظه في موقف الأنظمة العربية من الفكر الأصولي والمسلكيات والأحزاب الأصولية وغيرها 0


تميز الماركسيين والعلمانيين هو في طرحهم مشروعاً متكاملاً ، يحقق الأساس المتين لاستمرار هذه العلمنة أو بالأصح لاستكمالها وتطويرها ، بما يؤدي إلى تطوير المجتمع بكليته كمجتمع ديمقراطي علماني ، تتحقق فيه المساواة الفعلية ، الحلم الذي طالما راود الإنسان منذ أن صار إنساناً ، وبقيّ غير ممكن التحقق عبر التاريخ ، وصار ممكناً في الزمن الجديد ، زمن تشكل الحداثة العلمانية بعد تخطي النظام الرأسمالي ؟

فهل نعي شروط الحداثة - الديمقراطية والعلمانية والمساواة الفعلية - ونتجاوز التأبد المزمن في إعادة التخلف ؟
هذا ما يجعل النقاش ضرورياً في مسائل الحداثة، وهذا ما يجعل هذه المواقع الإلكترونية ذات أهمية في إعادة استنهاض مشروع الحداثة وتحويله واقعاً تاريخياً 00

*موقع الحوار المتمدن ، موقع الرأي ، موقع المواطن ، موقع منتدى الأتاسي 0 **انظر مهدي عامل ، أزمة الحضارة العربية أم أزمة البرجوازيات العربية،الفارابي،1987
*** انظر كتاب كارل ماركس المسألة اليهودية، الحوار المتمدن0
**** انظر مقالة كميل داغر ، لبنان :أزمة وطن وأزمة يسار ، الحوار المتمدن ، العدد 1285






#عمار_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاربة أولية لافكار برهان غليون بخصوص الليبرالية والديموقراط ...
- هل من خيار لموريتانيا
- ديموقراطية عبد الله هوشة أم ليبراليته
- توصيات المؤتمر التاريخي
- المعارضة الديموقراطية بين الاخوان ورفعت الاسد
- اليمين واليسار يمينين
- الطبقة العاملة بين الوعي الطبقي والوعي الطائفي
- العلاقات السورية اللبنانية واشكالية اليسار
- الماركسية والانتخابات التسعينية
- الديموقراطيات المتعددة والهيمنة الأمريكية
- الحرية الحرية ما أجملك أيتها الكلمة
- الحاجة الى الحوار الماركسي
- من أجل حوار متمدن مستمر
- ليبرالية قيادات الحزب الشيوعي أم اشتراكيتها
- هل دبلوم التأهيل التربوي دبلوم التأهيل التربوي
- الماركسية وآفاق المقاومة العراقية
- إشكالية الحوار الكردي العربي
- ديموقراطية أم ديموقراطية المهمات الديموقراطية


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عمار ديوب - العلمانية والديموقراطية والمساواة الفعلية