أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عطا درغام - الأرمن المصريون والسياسة المصرية-5















المزيد.....

الأرمن المصريون والسياسة المصرية-5


عطا درغام

الحوار المتمدن-العدد: 4638 - 2014 / 11 / 19 - 09:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رأت لجنة الوفد المركزية أن من المصلحة عدم اتساع هذا الحزن والعمل علي مداواة هذا الجرح بالحسني . وقد أوكلت هذه المهمة إلي إبراهيم بك الهلباوي المحامي والدكتور محجوب بك ثابت والأستاذ توفيق دوس باشا. واشترك معهم لفيف من رجال الحزب الوطني ومشايخ ومحامون وأطباء. وبذا ، تشكل فريق الوفد المصري للتفاوض مع الأرمن.
التقي الوفد المصري مع الاتحاد القومي الأرمني بصفته المسئول الرسمي عن قضية أحداث الثورة لإنهاء سوء التفاهم بسرعة. رد الاتحاد:" ليس لدي الشعب الأرمني أية دوافع للحقد والكراهية تجاه الشعب المصري، بل إن وجود الأرمن في مصر بصفتهم ضيوفا لا يعطيهم حق التدخل في القضية المصرية والاهتمام بالشئون السياسية والداخلية للبلاد. ومن الأجدر أن يبكي الأرمن أولا علي أحوالهم ومأساتهم، وعليهم أن ينشغلوا بانتشال وطنهم من الدمار الذي لحق به علي أيدي الأتراك وليس الاندماج في السياسة المصرية واختلاق أو حتي إشعال قضية أرمنية- مصرية".
وتبادل الجانبان المصري والأرمني المقابلات لاستئصال سوء التفاهم من جذوره. وقد أراد الوفد المصري الوصول بالمفاوضات إلي نتيجة وسطية استرضائية توفيقية مؤداها أن بعض الأرمن قد اشتركوا فعلا مع الإنجليز في إطلاق النار. ولكن المصريين أخطأوا خطأ فادحا بتعميم مشاعر الغضب علي جميع الأرمن".
وبناء علي افتراض الوفد المصري قبول الاتحاد الأرمني لهذه النتيجة ، فقد طالب بالآتي :
أولا : إعادة جميع الأرمن المحتمين بالمخيم البريطاني بمصر الجديدة إلي ديارهم ومحالهم.
ثانيا : التقاط الصور التذكارية التي تجمع بين الجانبين وإرسالها إلي جميع الصحف وكالات الأنباء العالمية لتكذيب الاحتلال الذي اتهم المصريين بالعنصرية وحمي كراهية الأجانب.
ثالثا: انضمام الأرمن إلي صفوف المصريين لمطالبة بجلاء الإنجليز عن مصر
رابعا : المطالبة مع المصريين بإسناد مهمة حفظ الأمن والنظام إلي الشرطة المصرية بمشاركة قوة من الشرطة الدولية يوافق عليها الشعب المصري. وفي المقابل ، يضمن الأعيان المصريون امن أرواح الأرمن وممتلكاتهم بوضع أبنائهم رهائن في أيدي الأرمن.
أوقعت هذه المطالب الاتحاد القومي الأرمني في مأزق جد حرج بين المصريين الذين يعيشون بين ظهرانييهم وسلطات الاحتلال التي نجحت في تطويق أعناق الأرمن ب"جميل " أحالهم أسري له. بيد أن الاتحاد القومي قد انهي حيرته برفض المطالب السابقة والاشتراك في الدعاية ضد الإنجليز الذين يعيشون تحت حمايتهم
وهكذا ، فشلت جميع الجهود المصرية الساعية إلي إعادة أرمن المخيم الأرمني بمصر الجديدة إلي ديارهم خاصة وأنه قد مرت فترة وجيزة جدا علي الأحداث العنيفة ضدهم التي ولدت فيهم خوفا سيكوباتيا ومشاعر مرتابة بعمق إزاء المصرين . وقرر الاتحاد القومي بان مسئولية إبقاء أو إنهاء المخيم في أيدي السلطات البريطانية .
وبحلول مايو 1919 ، عندما لاحت في الأفق إشارات استتباب السلام وإيقاف الإضرابات والمظاهرات، افتتح بعض الأرمن – خارج المخيم- متاجرهم تدريجيا ، وخف الفزع بينهم نسبيا ، ولكن أسبابه لم تجتث من نفوسهم تماما.
وبدأ الاتحاد القومي الأرمني منذ 7 مايو في مفاوضة السلطات العسكرية البريطانية لإعادة أرمن المخيم إلي منازلهم.
وفي 12 مايو ، غادر المخيم "250) أرمني إلي ديارهم ، وحل محلهم "204" كانوا محتمين بكنيسة الأرمن الأرثوذكس. وبذا ، صار تعداد المخيم "3676" نسمة من الجنسين ومختلف الأعمار. وفي 20 مايو أصدرت السلطات البريطانية أوامرها إلي إدارة المخيم لإخلائه. وفعلا ، بدأ اللاجئون منذ اليوم التالي مباشرة في العودة إلي بيوتهم بواقع من "100-150" نسمة يوميا حتي بلغ تعداد المخيم "1867 " نسمة في أول يولية 1919 .
وخلال أكتوبر 1919 ، سرحت السلطات البريطانية والاتحاد الأرمني القادرين علي العمل من سكان المخيم بعد منحهم ما يساعدهم علي ابتداء الطريق من جديد . أما غير القادرين ، وجلهم من الأطفال اليتامى العجزة والمسنين ، فقد وضعوا من جديد تحت رعاية المطرانية والاتحاد الخيري الأرمني الأم.
هذا ، وقد عوضت الحكومة المصرية الأرمن عما لحق بهم من خسائر خلال أحداث الثورة ، حيث أرسلت وزارة المالية إلي الاتحاد القومي الدفعة الأولي من التعويضات عبارة عن "30"ألف جنيها لتوزيعها علي المتضررين. وعلقت الأهرام بقولها :" وهذا المبلغ هو الجزء القليل مما قدر لهم في التعويض. ولربما استغرق ما قدر للأرمن وحدهم خمسي المال الذي عينته الحكومة". وهو ما يعكس حجم الأضرار التي أصابت الأرمن.
وهكذا ، انفض مخيم الأرمن اللاجئين بمصر الجديدة بعد أن حقق أغراضه البريطانية . بعد أن تصيدت بريطانيا ما حدث للأرمن وسممتها بالفتنة الطائفية وقدمتها علي مؤتمر الصلح بباريس ضد الوفد المصري.
وتمخضت أحداث أبريل 1919 وآثارها عن تدشين مناخ مرتاب قلق بين الأرمن والمصريين عبر عنه المطران كوشاجيان في تقريره قائلا:" .. ولكن مهما فعلنا فإن هذه الحوادث قد أثرت تأثيرا كبيرا علي وضع الأرمن وسمعتهم... وأحدثت انشقاقا غير مرغوب فيه بيننا وبين أصدقائنا المصريين منذ عصور طويلة ". كما زادت هذه الأحداث من التقارب الأرمني نحو الاحتلال ورغبتهم في بقائه:" وليس لدينا شك في أن الحكمة بن تنقص المصريين في انتظار تنميتهم الحقيقية ورفاهيتهم علي أيدي الحماية البريطانية العادلة".
ومن المفارقات ، أن أحداث العنف ضد الأرمن في ثورة 1919 لم تؤد إلي هجرة جماعية أرمنية ارتدادية إلي أوطانهم أو أية بلاد أخري، بل علي النقيض، شهدت الفترات التالية مباشرة للثورة نزوح موجات أرمنية إلي مصر من قيليقية .
ولئن أحدثت وقائع ثورة 1919 تقاربا أرمنيا بريطانيا ، إلا أنها في ذات الوقت من زاوية أخري ، قد أوضحت لأرمن مصر ضرورة التقارب مع المصريين ن وهو ما بدا جليا في اشتراكهم ، ضمن قطاعات الشعب المصري في استقبال زعيم الأمة سعد زغلول عند عودته إلي مصر يوم 5 أبريل 1921 . فقد زار وفد أرمني برئاسة المطران توركوم كوشاجيان منزل الزعيم وأعرب له عن شكر الجالية الأرمنية " لحسن الضيافة التي يقابلون بها في مصر المباركة التي يرجو لها العظمة والتقدم". ورد الزعيم شاكرا الجالية الأرمنية علي ما أظهرته من العواطف.
وذهب سعد زغلول علي رأس وفد من الوطنيين إلي كنيسة الأرمن الأرثوذكس لتطييب خواطرهم من جراء حوادث أبريل 1919 وتقديم العزاء الرسمي في قتلاهم، ثم كرر سعد الزيارة إلي المطرانية في 9 أبريل 1922 و29 سبتمبر 1923 لامتصاص الخوف من نفوس الأرمن.
ورغم جهود سعد لتهدئة خواطر الأرمن وتظاهر الأخيرين بالتفاعل مع المصريين إلا أن نفوسهم ظلت ملبدة بغيوم الارتياب والتوجس. كما ظلت هناك بعض العناصر داخل المجتمع المصري التي سعت إلي تصوير الأرمن في مظهر المعادين لقضية البلاد واستقرارها. ولعل هذا يتأكد بوضوح عندما اتهمت هذه العناصر الأرمن بمحاولة اغتيال زعيم الأمة.



#عطا_درغام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرمن المصريون والسياسة المصرية-4
- الأرمن المصريون والسياسة المصرية -3
- الأرمن المصريون والسياسة المصرية -2
- الأرمن المصريون والسياسة المصرية
- الصراع الحزبي الأرمني في مصر-2
- الصراع الحزبي الأرمني في مصر-1
- الأرمن المصريون وأرمينية السوفيتية-3
- الأرمن المصريون وأرمينية السوفيتية-2
- الأرمن المصريون وأرمينية السوفيتية-1
- الأرمن المصريون والقضية الأرمنية-7
- الأرمن المصريون والقضية الأرمنية-6
- الأرمن المصريون والقضية الأرمنية-5
- الأرمن المصريون والقضية الأرمنية-4
- الأرمن المصريون والقضية الأرمنية-3
- الأرمن المصريون والقضية الأرمنية-2
- الأرمن المصريون والقضية الأرمنية-1
- الجمعيات الأرمنية في مصر-5
- الجمعيات الأرمنية في مصر-4
- الجمعيات الأرمنية في مصر-3
- الأرمن في مصر ( 1896- 1961 )


المزيد.....




- الانتخابات الأوروبية في مرمى نيران التدخل الأجنبي المستمر
- أمريكا كانت على علم بالمقترح الذي وافقت عليه حماس.. هل تم -ا ...
- اتحاد القبائل العربية في سيناء.. بيان الاتحاد حول رفح يثير ج ...
- لماذا تشترط واشنطن على الرياض التطبيع مع إسرائيل قبل توقيع م ...
- -الولايات المتحدة تفعل بالضبط ما تطلب من إسرائيل ألا تفعله-- ...
- بعد قرنين.. سيمفونية بيتهوفن التاسعة تعرض بصيغتها الأصلية في ...
- السفارة الروسية: قرار برلين بحظر رفع الأعلام الروسية يومي 8 ...
- قديروف: لا يوجد بديل لبوتين في روسيا
- وزير إسرائيلي يطالب باحتلال رفح والاستحواذ الكامل على محور ف ...
- مسؤول في حماس: محادثات القاهرة -فرصة أخيرة- لإسرائيل لاستعاد ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عطا درغام - الأرمن المصريون والسياسة المصرية-5