أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - هامش على أحاديث وسيرة (نبى) العرب (3)















المزيد.....


هامش على أحاديث وسيرة (نبى) العرب (3)


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4605 - 2014 / 10 / 16 - 19:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هامش عل
بدأ محمد (نبى العرب) دعوته فى سرية تامة مثل أى تنظيم سياسى يعمل أعضاؤه (تحت الأرض) وفق تعبير (العمل السرى) ولأنّ السرية لن تدوم ، ولابد من العمل العلنى فى يوم من الأيام ، خصوصًا بعد انضمام عمر بن الخطاب الذى قال (قبل مبايعته لمحمد) أنه ((لن يسلم حتى يسلم حماره)) وأنه امتشق سيفه قاصدًا قتل (محمد) لأنه (صبأ وفرّق أمر قريش) فلما قال له البعض أنّ أخته وزوجها دخلا فى دين محمد فذهب إليهما وسمع بعض القرآن فتغير موقفه ، على النحو الذى جاء فى كتب السيرة ومنها سيرة ابن هشام- ج1- ص318، 325)
مع بداية العمل العلنى ، بدأ أهالى قريش ينتقدون (محمد) ودعوته وقالوا عليه مجنون وساحر وشاعر، ولما اشتد النقد والأذى إذا به يُحذرهم قائلا ((أتسمعون يا معشر قريش . أما والذى نفسى بيده ، لقد جئتكم بالذبح)) (د. حسن حنفى- من النقل إلى العقل- مجلد 3- ج3- هيئة الكتاب المصرية- عام 2014 ص236) مع ملاحظة أنّ د. حنفى ذكر عدة مراجع تراثية. ومع ملاحظة أن د. حنفى مُـدافع كبير عن الإسلام.
أعتتقد أنّ حديث (جئتكم بالذبح) الموجّه لأبناء عشيرته من قريش ، فيه المفتاح لفهم ما حدث بعد ذلك ، فإذا كان الذبح مصير المُختلفين معه من قريش، فهل يكون مصير الشعوب (الأجنبية) التى تمّ غزوها واحتلال أراضيها أقل (من الذبح) ؟ خاصة وأنه (محمد) فضـّـل قريش على العرب وفضّـل العرب على سائر الشعوب ، وأكثر من ذلك (وفق آلية الاصطفاء) قال ((إنّ الله عز وجلّ اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من بنى إسماعيل كنانة ، واصطفى من بنى كنانة قريش ، واصطفى من قريش بنى هاشم ، واصطفانى من بنى هاشم)) (المصدر السابق- ص53، 199) وذلك (الاصطفاء) عبّر عنه محمد فى حديث ينضح بالعنصرية العرقية قال فيه ((لا تكون العرب كفؤا لقريش ، والموالى لا يكونون كفؤا للعرب)) (شمس الدين السرخسى فى المبسوط – دار المعرفة- بيروت- عام 86- ص22) أى أنها عنصرية مُـتدرجة ، تبدأ بقريش (ضد العرب) وتنتهى بالأجانب الذين أطلق عليهم (موالى) لصالح العرب . وأكثر من ذلك – كما أفتى بعض الفقهاء ((بقتل من سبّ العرب)) وروى الطبرانى أنّ ((حب قريش إيمان وبغضهم كفر)) وكان أهالى قريش يرونَ أنّ (محمد) لم يأت بجديد ، خاصة أنّ عمه أبى طالب ((كان يأمر أولاده بترك الظلم والبغى ويحثهم على مكارم الأخلاق وينهاهم عن دنيئات الأمور. ورفض فى آخر عمره عبادة الأصنام ووحد الله. وتؤثر عنه سُنن جاء القرآن بأكثرها وجاءتْ السنة بها منها الوفاء بالنذر والمنع من نكاح المحارم وقطع يد السارق والنهى عن قتل الموؤودة وتحريم الخمر والزنا)) (السيرة الحلبية- على برهان الدين الحلبى الشافعى- دار احياء التراث العربى - بيروت- لبنان- بدون سنة نشر- ص4) ورغم ذلك فإنّ الأحاديث الصحيحة الثابتة فى البخارى وغيره ((قد أثبتتْ لأبى طالب الوفاة على الكفر.. لأنه رفض النطق بشهادة لا إله إلا الله. ولما قال محمد ((لأستغفرنّ لك)) نزل قرآن يقول ((ما كان للنبى والذين آمنوا أنْ يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى)) وأيضًا نزل قرآن فى أبى طالب موجهـًا لمحمد ((إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء)) ولكن هل معنى ذلك أنْ يدخل أبو طالب (الذى كفل محمد) جهنم ويكتوى بنارها ؟ هنا تتدخل الميتافبزيقا لتحل المشكلة ، إذْ جاء فى صحيح البخارى وصحيح مسلم عن العباس أنه قال لمحمد : أنّ أبا طالب كان يحوطك وينصرك ويغضب لك فهل ينفعه ذلك ؟ قال نعم وجدته فى غمرات النار فأخرجته إلى ضحضاح وهو مارق من الماء على وجه الأرض)) وفى رواية أخرى ((لولا أنا لكان فى الدرك الأسفل من النار)) (السيرة الحلبية- ص84، 85) وهكذا بفضل عجائب الميتافيزيقا فإنّ (محمد) رأى (جهنم) قبل (يوم القيامة) أما الموقف من أمه كما جاء فى صحيح مسلم عن أبى هريرة قال محمد ((استأذنتُ ربى أنْ أستغفر لأمى فلم يأذن لى واستأنته أنْ أزور قبرها فأذن لى)) الأم التى أنجبتْ صاحب الدعوة يرفض الرب الاستغفار لها. بل إنّ زيارة قبرها تتطلب تصريح من الرب. ولكن هل تلك الأم التى أنجبتْ (النبى) ستذهب إلى جهنم وتكتوى بنارها ؟ اجتهد كاتب السيرة الحلبية وتخيل السيناريو التالى فكتب ((فقد تكون أمه مع كونها متحنفة محبوسة فى البرزخ عن الجنة لأمور أخر غير الكفر اقتضت أنْ لا يؤذن له فى الاستغفار لها إلى أنْ أذن الله فيه بعد ذلك. وأما ما ذكره بعض المُفسرين من أنّ ((قوله تعالى إنا رسلناك بالحق بشيرًا ونذيرًا ولا تسأل عن أصحاب الجحيم نزلتْ فى الأبويْن (والد محمد ووالدته) فذلك باطل لا أصل له. بل نزلْ فى اليهود والنصارى)) (72، 73) إذن فإنّ المُـفسرين اختلفوا حول الموقف من والد محمد ووالدته : هل سيدخلان الجنة أم النار؟!
والمُلاحظ على الأحاديث أنّ أغلبها يأخذ صيغة أفضل تفضيل ، وهى صيغة لصيقة بكارثة (التعميم) مثال ذلك الحديث المنسوب لمحمد ((فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)) فتحليل هذا الحديث (بغض النظر عن اسم قائله) يؤدى إلى أنّ عائشة أفضل النساء وأنّ الثريد أفضل الطعام ، فى حين أنّ العقل الحر يرفض هذا التعميم ، خاصة وأنّ عائشة وقفتْ مع المُعارضين لحكم عثمان وحرّضتهم على قتله. وقالت ((اقتلو نعثلا فقد كفر)) ونعثل هذا نصرانى كان يعيش فى المدينة ويُشبه شكله شكل عثمان ، فأطلقتْ عائشة هذا الاسم على عثمان زراية به وازدراءً له. وكان محمد بن أبى بكر (شقيق عائشة زوجة محمد) من بين الذين هاجموا بيت عثمان ، فكان لكلامها تأثير على المُعارضين لعثمان . وإذن فإنّ هذه (الحميراء) التى روى البعض حديثــًا عن (النبى) زوجها طلب من (المسلمين) فيه أنْ يأخذوا نصف دينهم عنها ، فإذا بها تفتى بتكفير عثمان وتـُهدر دمه. وبالفعل تمّتْ الجريمة بقتل عثمان. وعلى الرغم من تحريضها على قتل عثمان ، فإنها بمجرد أنْ علمتْ أنّ على بن أبى طالب بويع بالخلافة ، انزعجتْ جدًا وقالت (فى تراجع واضح) أنّ عثمان قــُـتل ظلمًا ووفق نص كلامها الذى ذكره كثيرون قالت ((قــُتل والله عثمان مظلومًا)) وأكثر من ذلك أنها أضافت ((والله لأطلبنّ دمه)) فلما قال البعض لها : أنكِ أول من كفــّره وحرّض على قتله، قالت ((إنهم استتابوه ثم قتلوه . وقد قلتُ وقالوا ، وقولى الأخير خير من قولى الأول)) ثم عادتْ إلى مكة (وقد كانت خارجها) ووقفتْ تخطب فى الناس فقالت لهم ((... إنّ الغوغاء من أهل الأمصار وأهل المياه (تقصد الباحثين عن الماء فى الصحراء) وعبيد أهل المدينة اجتمعوا على هذا الرجل المقتول ظلمًا.. ولما لم يجدوا حجة ولا عذرًا بادروا بالعدوان فسفكوا الدم الحرام واستحلوا البلد الحرام والشهر الحرام وأخذوا المال الحرام))
وفى (معركة الجمل) الشهيرة التى دارتْ بين على ومعاوية من أجل الخلافة ، انضمتْ عائشة (ومعها طلحة والزبير) إلى جيش معاوية ضد على (مع ملاحظة أنّ طلحة والزبير من بين العشرة الذين رشحهم محمد لدخول الجنة. ومع ملاحظة أنّ جيش الفريقيْن "من المسلمين " الكــُـمّــل" المُوحدين أى أنّ مسلمين يقتلون مسلمين مثلهم) وفى تلك المعركة أمر على بن أبى طالب شابًا من أهل الكوفة أنْ يقف بين الجيشيْن المتحاربيْن رافعًا القرآن ((داعيًا إلى ما فيه)) فكان مصير هذا الشاب القتل على اختلاف فى الرواية. فالبعض ذكر أنهم ((رشقوه بالنبل فقتلوه، والبعض ذكر أنهم قطعوا يمينه فأخذ المصحف بشماله فقطعوها فأخذ المصحف بأسنانه أو بين منكبيه حتى قــُـتل)) وفى رواية أخرى أنّ معاويه هو الذى أمر برفع المصاحف عندما شعر أنّ جيشه على وشك الهزيمة. وفى تلك المعركة مات كثيرون من (المسلمين الموحدين) على أيدى (مسلمين موحدين) مثلهم . ووصل الأمر لدرجة أنْ وقف (شاعر) من جيش عائشة وقال ((نحن بنو ضبة أعداء على/ ذاك الذى يُعرف قديمًا بالوصى/ وفارس الخيل على عهد النبى/ ما أنا عن فضل على بالعمىّ / لكننى أنعى ابن عفان التقى/ إنّ الولى طالب ثأر الولى)) (أحمد أمين- فجر الإسلام- مكتبة الأسرة- عام 96- ص423) وكان من بين القتلى طلحة والزبير اللذين استجابا لرغبة عائشة فى الانتقام من على ، وذكر الشهرستانى ((أما الزبير فقتله ابن جرموز بقوس وهو فى النار لقول النبى (( بشـّر قاتل ابن صفية بالنار)) وأما طلحة فرماه مروان بن عبد الحكم بسهم فخر ميتـًا. وأما عائشة فكانت محمولة على ما فعلتْ)) ووصل كرم أخلاق على أنه هو الذى أنقذ عائشه وأركبها هودجها ، رغم موقفها العدائى منه. وقال واصل بن عطاء أنه لا تجوز شهادة على وطلحة والزبير لأنهم (من المتلاعنين) أما (فرقة الأزارقة) فحكموا بتكفير عثمان وطلحة والزبير وعائشة وعبد الله بن عباس وسائر المسلمين وتخليدهم جميعا فى النار. أما (فرقة الجارودية) فقد اكتفى أصحابها بتكفير عائشة والزير وطلحة ((بإقدامهم على قتال على)) (الملل والنحل- هيئة قصور الثقافة- عام 2014- ص68، 210، 316) وكان تكفير على بسبب أنه وافق على تحكيم القرآن ، والسبب فى نشأة الخوارج.
ولعلّ السؤال الذى لابد وأنْ يتبادر إلى العقل الحر هو: لماذا انضمتْ عائشة لجيش معاوية ولم تنضم لجيش على ؟ يعود السبب إلى الموقف الذى تعرّضتْ له عائشة عندما تأخـّر الهودج الذى كانت تركبه عن باقى القافلة أثناء العودة بعد (غزوة بنى المصطلق) واتهمها البعض بالخطيئة مع صفوان بن المعطل . عرض محمد الأمر على صحابته فأجمع كثيرون ببراءتها ، ولما أخذ رأى على بن أبى طالب قال ((يا رسول الله. إنّ النساء لكثير، وإنك لقادر على أنْ تستخلف . وسل الجارية فإنها ستصدقك))أى أنّ (على) نصح (محمد) بطلاق عائشة فى قوله ((النساء كثيرات)) ومنذ ذلك اليوم وعائشة تكن كراهية شديدة ضد على ، رغم أنّ غيره أيّــد التهمة بما فيهم حسان بن ثابت (شاعر النبى) و(مسطح بن أثاثه بن عباد) وهو قريب أبى بكر، وحمنه بنت جحش (ابنة عم النبى وأخت زوجته زينب) وتلك الواقعة هى المشهورة ب (حديث الإفك أو محنة الإفك) فكيف تكون عائشة (أفضل النساء) كما جاء فى الحديث؟ وهى لم تتخلص من نرجسيتها وتضخم ذاتها ، ولم تغفر لعلى موقفه (بغض النظر عن صواب رأيه من عدمه)
وكيف تكون (أفضل النساء) وقد ظلتْ الغيرة تأكل قلبها من زوجة محمد الأولى وأم بناته (السيدة خديجة) وبدأتْ تلك الغيرة بعد زواج عائشة من محمد مباشرة ولعدة سنوات ، ووفقــًا لما كتبته د. عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطىء) التى أرّختْ لحياة عائشة فى كتابها (زوجات النبى) فكتبتْ ((وأشد ما كان يغيظ عائشة أنّ خديجة بقيتْ تـُشاركها عواطف زوجها (رغم وفاة خديجة) فما تستطيع عائشة أنْ تشتفى منها بدعابة قاسية أو تباهيها بشبابها الغض وتفاخرها بأنها زفتْ إلى الرسول بكرًا لم تعرف قط رجلا غيره (إشارة إلى أنّ خديجة سبق لها الزواج قبل زواجها من محمد) وحاولتْ عائشة أنْ تتجاهل هذه الضرة التى ماتت فذهبتْ محاولتها عبثــًا ذلك أنّ طيف خديجة بقى ماثلا أبدًا أمام عينىْ زوجها واسمها الحبيب على لسانه. وزاد من قسوة الموقف أنّ الشهور مضت والسنون وعائشة لا تـُنجب لزوجها ولدًا على حين ولدتْ له البنات ((تلك العجوز من قريش)) كما كانت تصفها.. وعندما كانت ترى بنات محمد من ضرتها خديجة كانت تحس كأن حواجز منيعة تقوم بينها وبينهنّ بل تحس أنّ كل واحدة منهنّ هى (خديجة) بلحمها ودمها ، فتثير فيها أبدًا شعورًا مرًا بالعقم وتـُـذكرها فى كل آنٍ بما كـُـتب عليها من حرمان)) فكيف تكون عائشة (أفضل النساء) كما قال محمد؟ وهى مثلها مثل أى إنسان فيه الكثير من عوامل الضعف ، بجانب عوامل القوة.
ثم جاءتْ بعد ضرتها القديمة (خديجة) ضرة جديدة (حفصة بنت عمر بن الخطاب) فغضبتْ عائشة غضبًا شديدًا إذْ كانت قد أقنعت نفسها أنّ زوجها لن يتزوج عليها فهى الصغيرة (دخل عليها وعمرها 9سنوات باعتراف عائشة فى حديث لها) وهى الجميلة وهى البكر. وغاظها أكثر أنْ يتزوج محمد عليها ، ولم يتزوج على خديجة حتى ماتتْ وعمرها 65سنة. وجاءتْ بعد حفصة زوجات أخريات حتى امتلأت بهنّ البيوت التسعة. وهنّ (زينب بنت جحش) الشابة الجميلة. و(أم سلمه بنت أبى أميه زاد الركب) الحسناء الأبية و(جويره بنت الحارث) التى تأخذ العين بملاحتها و(صفيه بنت حيى) سليلة اليهود الناعمة الساحرة و(أم حبيبه) بنت إبى سفيان زعيم مكة وقائد جيشها ، بخلاف ماريه المصرية (ملك يمين) وريحانه بنت عمرو حسناء بنى قريظة (ملك يمين أيضًا) لذلك فإنّ عائشة تجرّعتْ ((مرارة الضرائر)) فحاولتْ بكل أنوثتها وصباها أنْ تـُلزمهنّ موضعًا لا يتجاوزنه. وكانت ((تــُردّد دائمًا أمامهنّ أنها الوحيدة التى تزوجها بكرًا)) وعندما حاول محمد التمهيد لعائشة بزواجه من (زينب بنت جحش) قائلا لها أنّ الوحى هو الذى أجبره على هذا الزواج، ردّتْ عليه بغضب ((إنى أرى ربك يُسارع فى هواك)) وكتبتْ د. عائشة عبد الرحمن أنّ هناك رواية أخرى فى كلامها (تحرّجتْ من ذكرها) جاءتْ فى (السمط الثمين ص82) وعلى كل حال فإنّ جملة ((إنى أرى ربك يُسارع فى هواك)) العفوية السريعة تجعل من عائشة شخصية درامية تصلح لعمل إبداعى (روائى/ سينمائى الخ) كما أنها (عائشة وجملتها) تحتاج لمحلل نفسى على مستوى سيجموند فرويد ليُحلل شخصيتها : فهل تلك الجملة تعبير عن شكوكها فى مسألة (الوحى) ؟ أم أنها ترجمة للمعنى الباطنى أنّ الرب مُـتفرغ لنزوات نبيه ورغباته الجنسية ؟ واشباع تلك الرغبات بزواج كل من تستهويها نفسه ؟ أم أنّ (محمد) و(الرب) شخصًا واحدًا ؟
أما الموقف الدرامى الثانى فهو عندما علمتْ عاشة أنّ ماريه حامل . كانت عائشة فى البداية لا تهتم بماريه (باستثناء الغيرة من جمالها ونظافتها التى تعوّدتْ عليها فى مصر وفنون التجميل وأصناف الطعام المصرية الخ) كانت عائشة تتغاضى عن كل ذلك وتكتفى بأنْ تـُردّد لنفسها أنّ ماريه (مجرد أمة- أى عبدة وأنها ملك يمين وليستْ زوجة مثل غيرها من الزوجات العربيات) ولكن بمجرد أنْ حملتْ ماريه حتى اشتعلتْ غيرة عائشة وتعاظم غيظها ، فبدأتْ تكيد لها والرسول يحاول أنْ يحميها من (كيد الحبيبة المُـدلــّهة) لكن حدث تطور (درامى/ واقعى) لم يستطع محمد معه فعل أى شىء إيجابى ، إذْ جاءتْ ماريه – ذات يوم – تلتمس لقاءه فى شأن لها ، فاختلى بها ((فى سكن حفصة التى كانت تزور والدها. فلما عادتْ وجدتْ الستر مسدلا. نظرتْ فرأتْ ماريه)) اقتحمتْ المكان وقالتْ بحنق ((على فراشى يا رسول الله)) وانصرفتْ مقهورة باكية. ولم تهدأ إلاّ بعد أنْ وعدها محمد بتحريم ماريه على نفسه وطلب منها أنْ تكتم الخبر فلا تنقله لأى من زوجاته وخاصة عائشة. لكن حفصة لم تستطع أنْ تكتم السر عن عائشة فكأنما أشعلتْ فيها النار. وانتشر الخبر بين زوجات محمد فتعاطفنَ مع عائشة غيظــًا من ماريه التى حملتْ من محمد دونهنّ . وعن تلك الواقعة تناولتها سورة التحريم ، فبعد أنْ حرّم محمد على نفسه ماريه نزل قرآن يقول ((يا أيها النبى لمَ تـُحرّم ما أحل الله لك تبتغى مرضات أزواجك والله غفور رحيم)) (التحريم/1) وجاء فى تفسير الجلاليْن ((يا أيها النبى لمَ تـُحرّم.. الخ من أمتك (عبدتك) ماريه القبطية لما واقعها فى بيت حفصة وكانت غائبة فجاءتْ وشقّ عليها كون ذلك فى بيتها وعلى فراشها.. الخ)) (شركة الشمرلى للطبع والنشر بالقاهرة- فى تفسير سورة التحريم) والمغزى من تلك الواقعة أنّ عائشة لم تستر زوجها وحرّضتْ (الضرائر) عليه ، فكيف تكون (أفضل النساء) كما قال محمد ؟
ثم جاء الموقف الدرامى الثالث الذى تعرّضت له عائشة بعد ولادة ماريه. إذْ عندما جاءتْ أم رافع القابلة (نقول عليها فى مصر الدايه) إلى محمد وأخبرته بأنّ مريم وضعتْ بسلام وأنجبتْ ولدًا ((حمل وليده بين يديه متأثرًا من الفرح وسماه إبراهيم)) وبعد أيام (أو أسابيع فى بعض الروايات) حمله بين ذراعيه وتوجّه إلى عائشة ((ودعاها فى تلطف وبشر، لترى ما فى الصغير من ملامح أبيه ، فأحسّتْ عائشة كأنّ سهمًا نفذ إلى قلبها ، وكادتْ تبكى مما ترى وتسمع ولكنها تحاملتْ على نفسها وقالت له فى غيظ ((ما أرى بينك وبينه شبهًا)) وفى رواية أخرى قالت ((أتظن أنه منكَ يا رسول الله؟)) فأدرك محمد مدى معاناتها فانصرف بولده وهو يرثى لها. وما قالته عائشة (سواء الجملة الأولى أو الثانية) يجعلها شخصية درامية بكل جدارة ، وتحتاج لمحلل نفسى على مستوى سيجموند فرويد أو (إريك فروم) ليُحلل شخصيتها وجملتها بالغة الخطورة والدلالات : فهى (وبأسلوب غير مباشر كما فى الإبداع الرفيع) عندما قالت لزوجها ((ما أرى بينك وبنيه شبهًا)) فالمعنى أنّ الطفل ليس من صلبه. وهى هنا إنما تطعن فى شرفه وفى شرف ماريه. وبسبب موقف عائشة هذا انتشرتْ شائعة ((سوء أرجف بها مرجفون من أهل المدينة ، واتهموا ماريه بالإفك والبهتان . واتهموا (العبد مابور) الذى جاء معها من مصر فى هدية المقوقس . وكان يأوى إليها لخدمتها ويأتيها بالحطب والماء. فقال ناس لا يتقون الله : عِلج يدخل على عِلجة)) أى كافر يدخل على كافرة (العِلج : الواحد من كفار العجم ، أى البهائم والجمع علوج)) (مختار الصحاح- المطبعة الأميرية بمصر- عام 1911- ص 440، 474) ومما يؤكد أنْ (النبى) تأثر بكلام عائشة وتشكيكه فى نفسه وأنّ الطفل ليس من صلبه أمر(فى تطور درامى للواقعة) على بن أبى طالب أنْ يذهب ويقتل (مابور- وفى رواية أخرى اسمه هابو) ووفق نص كلمات محمد قال لعلى ((اذهب فاضرب عنقه)) فلما ذهب على وجد (العبد) يبترد فى بئر ماء. فقال له على : اخرج . فلما خرج عاريًا فإذا هو (مجبوب) والمجوب لغة (المخصى بالكامل) ((فكفّ على عنه وذهب للنبى وقال له يا رسول الله إنه مجبوب)) (رواه ثابت البنانى عن أنس وأخرجه مسلم فى صحيحه وأخرجه ابن عبد البر) أى أنه لولا المصادفة أنّ (مابور أو هابو) كان يستحم عاريًا فرأى على جسده ونظر وتأكد أنه (مجبوب) أى لا يصلح لمعاشرة النساء ، لولا تلك المصادفة كان على سيُطيح برأس مابور تنفيذا لأمر محمد ((اذهب فاضرب عنقه)) ومعنى ذلك أنّ (محمد) والعرب فى ذاك الزمان لم يعرفوا آلية القضاء والتحقيق مع المتهم قبل صدور الحكم ، كما كان فى الحضارة المصرية. ولكنْ شاء قانون المصادفة انقاذ الشاب (مابور) ولو أنّ على أطاح برأسه فبسبب الجملة التى قالتها عائشة. فهل الغيرة تصل لحد اتهام زوجها (النبى) فى شرفه وشرف ماريه؟ ورغم ذلك قال محمد عنها أنها ((أفضل النساء)) وأكثر من ذلك ((خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء)) أما الجزء الآخر من الحديث (الثريد أفضل الطعام) فهو دليل على التعميم مثله مثل (أفضل النساء) ودليل على أنّ العرب (ومحمد منهم) لم يعرفوا شتى أنواع الطعام فى الحضارات الأخرى ، ولو أنه ذاق (الملوخية بالأرانب) وغيرها مما كان شعبنا يستطعمه ، لتغيّر رأيه وتمنى أنْ يتناول تلك الأطعمة. والخلاصة أنّ من بين خصائص الأحاديث المنسوبة لمحمد (نبى العرب) التعميم واستخدام الصيغة العربية الشهيرة (أفضل تفضيل) وأنّ التعميم لصيق بآفة (المطلق) الذى هو العدو والنقيض للنسبية.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحاديث (نبى) العرب محمد (2)
- قراءة فى أحاديث (نبى) العرب محمد (1)
- مغزى تعدد أسماء الآلهة
- الجسد بين الإنسان والوطن إبداعيًا
- العلاقة بين الواقعى والغرائبى فى (ماكينة الأحلام)
- حنان الشيخ وروايتها البديعة مسك الغزال
- ذيح الابن فى تراث الشعوب القديمة
- الأدب الإسرائيلى ومجابهة الصهيونية
- الخيال والواقع فى الأسطورة الأوزيرية
- القومية العربية والقومية المصرية : نقيضان
- الهجرة والعودة للوطن الأم
- الوحدة العربية والوحدة الأوروبية : مفارقات
- الجوائز الدولية والأغراض السياسية
- اعتذار وتوضيح
- الوسطية الدينية : وهم أم حقيقة
- المعامل الأمريكية لتفريخ الإرهابيين
- أينشتاين عضو فخرى بنقابة السباكين
- عندما يكون الصحافى مجرد بوق للنظام
- الناصرية ومتوالية الكوارث
- لماذا كان الصراع بين (حور) و(ست) ؟


المزيد.....




- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - هامش على أحاديث وسيرة (نبى) العرب (3)