الأصولية النصية والأصولية الدلالية ح1

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)

الحوار المتمدن-العدد: 4575 - 2014 / 9 / 15 - 22:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

الأصولية النصية والأصولية الدلالية

في كل النظريات الفكرية في العالم هناك منحنيات للقراءة تستكشف القصد والمرد الفكري وتعبر عن جوهر لفكرة وحقيقتها , منها من يقيم قراءته للفكر على بنائية النص والنظر له من داخل جدرانه لأن النص بذاته يعبر عن فكر الواضع وبالتالي فما فيه هو عين ما في ذهن الواضع من حدود, إنما الخروج عن بنائية النص هو خروج عن أصل الفكرة واردة منشئها, مع احتمال أن الواضع لو أراد أكثر من ذلك لصرح به دون أن يكون مختبئا خلف النوايا أو خلف ما يمكن أن يفهم خارجا عن النص , إنها لعبة التأويل ليس إلا.
المنحى الأخر يفهم الفكرة ليس من خلال النص وحده ولكن أيضا من الدلالات القريبة والبعيدة لأن النص حالة بنائية جامدة قد لا تتيح للناظم أن ينطلق متحررا خارجا لأسباب عدة يكفي للقارئ الفطن الذكي أن يلتقط الجوهر من الإشارات الدلالية ليسير بموجبها نحو الغائية من الفكرة وبالتالي تعتبر هنا البنائية النصية بنائية مرنه تقود للحركة ولا يظن أنصار هذه المدرسة أن الفكر محوم للنص بل النص هو المحكوم للفكرة.
المدرسة الأولى تأصل النص وتقدس بناءه وتعتبر حدوده هي كلية حدود الفكرة بهذا المعنى تكون هذه المدرسة هي التي تحمل معنى الأصولية النصية والتي تدافع عن قدرة اللغة في حفظ لفكرة لا العبث به خارج ما هو كائن في البنائية اللفظية, في لفكر الإسلامي الأشعريون وأصحاب المدرسة المحافظة حملوا لواء الأصولية النصية بتبريراتهم المختلفة القائمة على ذات الحجة من أن الله وهو واضع النص لو أراد أن يخبرنا بأكثر مما فيه لم يحتاج لجهد أو يستعين بالعقل البشري ليتمم وليكشف مقاصد أبعد مما أراد صياغتها في النص.
إنهم يمثلون احترام إردة الله وتقديس النص لأنه نص كامل روحا وجوهرا وبناءا بالمعطى الذي نفهمه من خلال هيكلية البناء, ثم أن النص مرتبط بظروف اخرى خارج العقل وخارج ما نحن فيه الأن فهو مرتبط زمانيا ومكانيا بالعلة وما يريد الله من هذه العلة أن توصلنا للغائية المحدودة عنده, هذا الاحترام والتقديس جعل منهم حبيسين النصية وتابعين لها دون ن يتحولوا من ضروريات الأخذ بالنص إلى الأخذ بالنص وما فيه ويبنون الفهم تبعا للأثراء الأكثري منه وعدم تقيده بالأدنى والأقلي طالما أن النص قادر أن يستجيب لذلك.
المدرسة المقابلة هي الأكثر حراكا والأكثر إنتاجية في الفكر وتنوعه وتعدده مع أنها أيضا أصولية ولكنه أصولية تنحاز للعقل أكثر ,وقد تتمادى في اعتمادها على العقل فتخرج من إطارية النص وما فيه إلى الغوص في الرمزية عندما ترى أن البناء اللفظي مجرد رموز ودلائل ظنية تنتهي باكتشاف الدليل الناظم لها وبالتالي فالتحرر من النص لا يعني التخلي عن الفكرة ولكن أتباع للرمزية فيه للوصول إلى الغائية وأستشهد في محل المثال في النص التالي {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى }طه17, المعروف أن صيغة السؤال عندم تطرح أما بمقام استفهام أو بمقام الاستنكار ولو طبقنا المفهومين على هذا النص لا يمكن أن نجد مماثلة لأحد منهم فهو ليس أستعلامي محض لأن الله عالم بما في يده ولا هو أستنكاري حقيقي لأن السياق ينفي ذلك, إذا هناك رمزية محدده من وراء النص تختزن فكرة أو أكثر وعلى القارئ للنص أن يتبعها للوصول إلى أصل الفكرة ومؤداها العقلي.

#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات