|
هل بقى العراق كدولة كي يقاوم؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4530 - 2014 / 8 / 1 - 19:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الدولة بعمقها المعلوم و مؤسساتها الضرورية و ما تحمل من البنى الفوقية والتحتية و البعد التاريخي، لها التاثير المباشر على البنية و الامكانية و المقومات الاساسية للثبات و مقاومة الصعوبات و التحديات الداخلية و الخارجية . كم من دولة قاومت اصعب الظروف و كم منها رضخت لنسمة سياسية او اقتصادية خفيفة و تغيرت احوالها، و التغييرات التي حصلت لها كانت بناءا على كينونتها و مقوماتها و عمقها و وجودها كدولة حقيقية رصينة على ارض الواقع و ليس كنظام و مجموعة من التركيبات و شعب هش التكوين و البنية . و لا يمكن قياس قوة الدولة بقدرتها العسكرية فقط و انما بوجود عمق و مؤسسات و نظام رصين بقيادة و تاريخ معلوم . بعد طول حكم الدكتاتورية و حروبه الكارثية لم يُبقي على العراق كدولة على الرغم من هيبته في المنطقة نتيجة تخوف دول المنطقة الضعيفة من تهور قيادته بوجود جيش جرار بقيادة حمقاء. فقد العراق كل عمقه و اسمه التاريخي و امكانياته نتيجة المغامرات الجنونية لقيادته البعثية، و لم يبق له عمقا دوليا و مكانة و كيان يمكن ان يُسمى دولة و ليس نظام، هذا قبل سقوط الدكتاتورية، اما بعد مجيء امريكا و سقوط بغداد و ما حصل من تدمير و ما تهاوى هذا البلد من كافة الجوانب و فقد به الاسم و التاريخ و القوة المعنوية و كل ما يمت بمقومات الدولة فوقيا و تحتيا ، اي ظاهريا و باطنيا وعمقا . و بعد السقوط و ما شهده العراق من غمسه في عمق الوحل، بدلا من اعادة ما فقده خلال خمس و ثلاثين عاما من حكم الدكتاتوريا، علق اكثر و انغمر في بحر من الظلمات، مما انزله في الحضيض و لم يتبقى ما لديه من الحد الادنى من الامل لعودته كدولة و ان تكون لها اسمها و هيبتها و قدرتها الدولية الحقيقية . وبعدما اصبح العراق لعبة بيد من يستغله لمصلحته من الجيران و الاقليم و الدول العظمى ، اندثر اسمه و جسمه اشلاءا لا يمكن ان يتامل اي منا ان يرى دولة العراق ثانية، و التدخلات الفاضحة في شؤونه من قبل كل من هب و دب، ايقنتنا على ان العراق انتهى كدولة . بعد الصراعات العرقية و المذهبية و ما طفح من الخلافات التي كانت موجودة في بنيته اصلا و كانت مغطاة بالقوة و الارهاب دون قناعة ذاتية، فبعد سقوط الدكتاتورية نفض الغبار عنها و دفع بالتشت و ابتعاد المكونات عن البعض كليا . بعد مجيء داعش و ما فعلته زادت من الطين بلة و لم يبق حتى الامل الضعيف الذي كان المتفائلون يتاملون الخير من حكم الزمن و امكانية عودة المياه الى مجاريها في يوم ما، الا ان العمق الخلافي الذي وصل اليه مكونات العراق لا يمكن ان نتصور ولادة العراق كدولة ثانية مهما طال الزمن . و عليه يمكن ان يفكر الجميع في الحلول البديلة لدولة موحدة صاحبة العمق المطلوب و القدرة الذاتية . اي نظام تقتنع به كافة المكونات قناعة كاملة و دون اي توجه و فكر طوباوي اوخيالي نابع من الايديولوجيا التي سيطرت عليه طوال العقود الماضية و على حساب راحة الشعب و مستقبله، مما اوصل البلد لهذه الحال التي لا تُرضي اي فرد . طوال تاريخ العراق منذ انبثاقه، لم تكن مصلحة الشعب و قناعاته من الاولويات التي كانت من المفروض الاعتماد عليها سواء من قبل من حدد حدوده بداية او بعد مجيء الحكومات منذ الملكية او الجمهوريات و بعد الانقلابات الدموية ايضا . اما الان لو فكر المتنفذون في مصالح الشعب كاولوية و اي نظام تختاره المكونات التي تختلف من حيث الاهداف و الامنيات، فانه يمكن ان يبني الركيزة االاولى للاعتماد على العقلية و الفكر المطلوب لضمان مصلحة الشعب كاول الاولويات و مستقبل المكونات كافة و ليس المركز فقط كهدف سامي، و ليست الدولة الا وسيلة لخدمة الشعب و ضمان مستقبله و تامين الخدمات العامة له، و به يمكن السير نحو الافق الصحيح . فالعراق اليوم فقد جميع مقوماته كدولة و عليه بقي نظاما غير متماسكا، و هذا ما جعله ان يحتاج لعملية قيصرية عاجلة و لا يمكن ان ان يُعالج بادوية و مسكنات، او لا تفيده ترقيعات لعضو هنا و جهاز هناك لاي مكون من مكوناته .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
متى و كيف تنتهي داعش ؟
-
ايٌا كان رئيس الوزراء العراقي، ما الحل ؟
-
داعش تكمل مهام الفتوحات الاسلامية
-
مجلس الامن يحظر شراء النفط من الاسلاميين فقط ؟؟
-
لا تلقوا كوردستان في دهاليز القدر
-
عادات الجزيرة العربية و افعال داعش
-
انتفض هذا المكون ام احتلته داعش ؟
-
السياسة ليست فن القتل
-
البنية الشعبية لتقبٌل داعش
-
تُستاصل داعش بانتفاضة مَن في بيئتها
-
هل ولٌى زمن الحرابي السياسة في العراق ؟
-
الفرصة الذهبية امام السلطات العراقية الجديدة
-
هل خفت حدة طوفان داعش ؟
-
ان لم ترض بكله سوف تنحني لجله
-
القوى العالمية و الموقف المخجل مما يحصل للمسيحيين !!
-
هل يتحمل الكورد صعوبات مابعد الاستقلال
-
شردوا حمامة السلام من عشها
-
من حقي ان ارشح لرئاسة الجمهورية و لكن؟
-
موقف مصر من استفتاء اقليم كوردستان
-
ندوة حوارية حول الوضع الراهن في العراق
المزيد.....
-
من أثينا إلى بيروت.. عمال خرجوا في مسيرات في عيدهم فصدحت حنا
...
-
بيربوك: توسيع الاتحاد الأوروبي قبل 20 عاما جلب فوائد مهمة لل
...
-
نتنياهو: سندخل رفح إن تمسكت حماس بمطلبها
-
القاهرة وباريس تدعوان إلى التوصل لاتفاق
-
-حاقد ومعاد للسامية-.. رئيس الوزراء الإسرائيلي يهاجم الرئيس
...
-
بالفيديو.. رصد وتدمير منظومتين من صواريخ -هيمارس- الأمريكية
...
-
مسيرة حاشدة بلندن في يوم العمال
-
محكمة العدل الدولية ترد دعوى نيكاراغوا
-
خردة الناتو تعرض في حديقة النصر بموسكو
-
رحيل الناشر والمترجم السعودي يوسف الصمعان
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|