أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - وحده حرفي يمنحني ألقَ البقاءِ














المزيد.....

وحده حرفي يمنحني ألقَ البقاءِ


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1269 - 2005 / 7 / 28 - 10:42
المحور: الادب والفن
    


وحده حرفي يمنحني ألقَ البقاءِ!
عزيزي الدكتور موريس رشكو

تحيّة من قطبِ الشمال

جاءني منك سلاماً رقيقاً معبّقاً بنكهة الماضي الجميل، رفعنا كأسكَ في سهرة عامرة بالفرح، تحدّثنا عنك بفرحٍ مفهرسِ بالنّجاح المأمول، نقل السلام أخوكَ الصديق جوزيف رشكو، هذا المغترب المعفّر بالحنين إلى دنيا الشرق والأهل والأصدقاء، بسمة دافئة لا تفارق محيّاه! .. أطفال من لون زهور المالكية، يحومون بمرحٍ كبير حول أمِّهم، سيدة من لون المطر المثقل بالوفاء! ناديا، اسم مشتق على ما يبدو من نداوة الربيع، من خصوبة الشرق البديع، سهرنا سهرة ولا أحلى، رقصت كثيراً يا صديقي، أحياناً كنتُ أشعر أنني خرجتُ عن الأعراف والتقاليد، أشعر بلذة غريبة عندما أخلخلُ بعض التقاليد التي أثقلت كاهلي سنيناً طوالاً، غالباً ما أجد نفسي خارج بعض العادات والتقاليد، لا تعجبني الرّصانة الخشبية التي كنّا نتشبّث بها ونحن نعرّض كرافيتاتنا في حفلاتنا أيام زمان، لماذا كل هذه الوجاهات القشوريّة وجسدنا يموج شوقاً إلى وهج التجلّي، بهجة الرقص، لها نكهة متعانقة مع حفيفِ الليل البليل، أشبه ما تكون قصيدة غارقة في بتلات الزهور!

تحدّثنا عن الراحل الرائع بولس سوس، الذي كان يضرب فيه المثل لروعة رقصه، زوربا ديريك، فكنتُ أقول لعزيزنا أبي جوني، يبدو أنني منافس إلى حدِّ ما لبولس سوس، أندهش جدّاً كيف لا يرقص الإنسان عند الظهيرة، عند المساء، وقبل أن يعانق بهجة العشق على أنغام رعشة الليل! لا أنسى أبداً عرضاً من الرّقص قدّمته كبرييلة كوتارا ، راقصة الفلامنكو الأولى في اسكندنافيا، حضرت لها أكثر من عرض من عروضها الفلامنكوية الرائعة! وعدتها أن أكتب عن إيقاعات رقصها يوماً ما نصّاً شعريّاً وأترجمه إلى السويدية كي تتمكّن من قراءته، ضحكتْ ثم عانقتني عناقاً عذباً مثل بخور الشموع، فشعرتُ أن جزءاً فسيحاً من تخشُّبات الزمن الآفل قد تطاير من حول أجنحتي، سألتني، ما الذي أعجبكَ في رقصي ؟
شموخكَ، إيقاعات قدميكِ، روحكِ الهائجة مثل شمس الشرق، لململة فستانكِ بطريقة منعشة وهو يموج مع نغمة الروح، إيقاع الرقص والغناء، .... ...
فجأة طلبت منّي أن أعزف لها بعض الأغاني الإيقاعية على العود، قلتُ لها إيقاعكُ يناسبه جمبشي وليس عودي، أمسكت جمبشي، وبدأت أعزف لها بعض الأغاني، كانت تسمع برهافة عالية، عزفت: آشوري، سرياني، ماردلّي وكردي! وحالما عزفت لها أغنية: والله كوفند نارابا، وهاله كني لي لي، اغنيتان تصبّان في عوالم الغجر في دنيا الشرق! قاطعتني وقالت هاتين الأغنيتين تناسبان إيقاع رقصي، تناسبان إيقاع الفلامنكو، إندهشت، متسائلاً هل من المعقول أن تكون لغة الغجر الموسيقية لغة عالمية من حيث رعشةِ الإيقاع؟ وقلت لها هل تعلمي أن هكذا إيقاع دارج أكثر في عوالم غجر الشرق، فقالت ممتاز، إنه قريبٌ من لوننا نحن غجر الغرب، ثم سألتني هل أنتَ غجري أيضاً؟ ضحكتُ وقلت لها عندي خلفية غجرية (محترمة)! قاصداً قويّة! فقالت لم أفهم قصدكَ، فقلت ترعرعت مع عوالم الغجر ولديَّ من طبائهم وثقافتهم وأغانيهم الشيء الكثير، فقالت تشبه غجرياً فعلاً، ضحكتُ، هامساً لنفسي، أشكر الله أن والدي، الشلويّ الكبير ليس متاخماً لعوالم هذا الحوار، وإلا كان كوبّاله سيأخذ نصيبه من مساحات عبور الغجر خطوطَ الحمرِ، لم أقاوم عذوبة العبورِ، نكهة الفرح تلألأت في دنيا المكان، فجأة خطر على بالي ان أعلِّمها دبكة باكيّة! قدَّمت لها الحركات الأساسية ثم وضعت شريطاً من الكاسيت كي تراقب حركات الدبكة المرافقة للإيقاع، ضحكت فقالت، لحظة، أمسكت بيدي وبدأت ترقص باكية أفضل منّي، فقلت لها أنتَ أروع غجرية صادفتها في حياتي، جاءت أمّها، غمزتني، وهمست في أذني، أياكَ أن تتورّط مع إبنتي، ستقطع قوشكَ في إيقاعات الرقص، سوف لن (تطيلع معها راساً)! ضحكتُ بطريقة غجرية مقهقهاً بأعلى صوتي، تساءلتُ كيف خطر على بال أمّها هذا السؤال؟ عزفت لها ما طلبته وما يناسب إيقاعها الرقصي، ثم عرضتْ عليَّ أن أرافقها مع فرقتها كي أقدّم لها عزفاً بمفردي لمدة ستة دقائق في حفلة تقيمها في مركز الفلامنكو الذي تشرف عليه أمّها، فقبلت عرضها، قالت أمها إياكَ أن ترضى أقل من ألف كرون في تقديم العزف والغناءِ، ضحكتُ في عبّي، أمُّ غريبة الأطوار، قالت كبرييلة كم تريد حقّ العزف؟ فقلت لها باقة وردٍ، عندما قدمت فقرتي، إندهش الغجر الاسبان، تساءلوا ما هذا اللون من الغناء؟ لونٌ من شهقة الشرق، على إيقاعِ الحصاد! باقة من الورد تناثر فوق وجنة الوردِ، حالما ناقشتني عن قيمة العزف، قلت لها أخذتُ حقّي، فقالت ممن ؟ فقلت من بهجة الحضور، من روعة رقصكِ ، من الورود التي نثرتها فوق محياكِ، عناقٌ من لون الحنين إلى كرومِ المالكية قبل أن تأكلها نعاجِ الغجر! عجباً أراني محاصراً ببهجة الغجر ونعاجِ الغجر، الشعر صديقة ليلي، حالة فرحٍ من لون البهاء، ماذا كان سيحلُّ بحالي لو لم أكُن صديق الشِّعر؟ صديق العشق، صديق الرقصِ، صديق الحرف، صديق موريس رشكو وكلّ الأحبّة الذين خبَّأتهم بين تواشيح غربتي! غربة مكتنزة بأبهى ألوانِ الدفءِ!
وحده حرفي يمنحني ألقَ البقاءِ!



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ندوة ثقافية حول سيكولوجيا الأدب: الماهيّة والواقع ـ 5 ـ
- ندوة ثقافية حول سيكولوجيا الأدب: الماهيّة والواقع ـ 4 ـ
- ندوة ثقافية حول سيكولوجيا الأدب: الماهيّة والواقع ـ 3 ـ
- ندوة ثقافية حول سيكولوجيا الأدب: الماهيّة والواقع ـ 2 ـ
- حوار مع صبري يوسف، أجرته د. سعاد جبر
- تاهَ النَّسيمُ بعيداً عن حريقِ المدائن
- الكتابةُ شهقةُ عشقٍ مندلقة من خيوطِ الشَّمس
- صعودٌ مخيفٌ في رحابِ الانحطاط
- تهتُ عابراً أعماقَ البراري
- ضبابٌ كثيفُ الرُّعونة
- شهقةُ الوداعِ الأخيرة
- فجأةً يتوارى وهجُ الإخضرار
- فوقَ خمائلِ الحنان
- أينَ المفرّ من دهاليزِ الرَّحيلِ؟
- صديقةُ البحر
- طيشٌ على امتدادِ الصَّحارى
- عظامٌ مكسوَّة بأشواكٍ زرقاء
- عيونٌ تلهجُ خلفَ السَّراب
- ترشرشُ بركاتَها عبرَ زخَّاتِ المطر
- ندى الحياة


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - وحده حرفي يمنحني ألقَ البقاءِ