أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رزكار نوري شاويس - سنة أولى ابتدائي














المزيد.....

سنة أولى ابتدائي


رزكار نوري شاويس
كاتب

(Rizgar Nuri Shawais)


الحوار المتمدن-العدد: 4454 - 2014 / 5 / 15 - 03:46
المحور: الادب والفن
    


مع كل عام دراسي جديد يتذكر جدته و العصافير الكثيرة التي كانت تعشش بين اغصان و اوراق شجرة التوت العملاقة التي كانت تتوسط باحة البيت القديم .. وكانت جدته برغم حنانها
العظيم ، وحبه الكبير لها ؛ تستفزه ..! لا ، فهي في الواقع ما كانت تتناول المسألة بهذه النية ، لكنه كان يستفز عندما كانت توقظه من نومه اللذيذ كل صباح ، منبهة اياه بان كل العصافير سبقته بالاستيقاظ المبكر و الذهاب الى مدارسها .. حكاية العصافير هذه التي تغادر اوكارها قبل طلوع الشمس للذهاب الى مدارسها هي التي كانت تستفزه ، فالمقارنة كانت تشعره بحرج
شديد يحاول اخفاؤه بسحب بطانيته فوق رأسه و يدمدم من تحتها ساخطا بان العصافير مخلوقات نزعجة و سخيفة و انها تقوم بكل ما يخطر على بالها من دون حياء او خجل ..
و تفاقم الصراع بينه و بين العصافير و اتخذ منحى خطيرا ..! فابتاع ذات يوم ( نبلة ) من الصنف الممتاز و ملآ جعبته المدرسية بكمية محترمة من الحصى المناسب لاصطيادها ، وطلب بكل وقار من الجدة ان تستعد لاعداد و ليمةعشاء فاخرة له و لها فقط من العصافير التي سيصطادها .. لكنها نصحته بتناول البيض ثم عددت له منافع هذا الغذاء ، و جاهد كثيرا ان يشرح لها ان العصافير بما انها تبيض فان في تناول لحمها و سحق عظامها فوائد اكثر بكثير من تناول البيض .. لكنها اكدت بحزم ان ان فكرته غير مقبولة لان في طياتها نوايااجرامية ..
تمسك بفكرته و اصرت هي على موقفها ، فتحول النقاش جدلا بيزنطيا و انتهى السجال بمصادرة ( النبلة ) و كامل ذخيرتها ..
لكن نزع السلاح القسري هذا لم يحبطه ، فالتجأ الى اساليب السياسة السوداء !!
فمع خروجه الالزامي صباح اليوم التالي الى المدرسة ( و وفق خطة فكر فيها طوال الليل) مر على النجار على ناصية الزقاق الذي بقع فيه بيتهم وقال له ..( ان جدته ترغب في قطع شجرة التوت و انها تطلب منه ان ينجز ذلك فورا ...)
و بالطبع فان حفل استقباله بعد عودته من المدرسة كان فاترا ـ فالنجار على طرف الزقاق لم يرحب بعودة ( الاستاذ الصغير ) كعادته ، بل كان يحدق فيه و الشرر يتطاير من عينيه ومن شدة انفعاله هوى بمطرقته على ابهامه ، الامر الذي حث الاستاذ الصغير على اكمال المسافة الى البيت جريا ، ليواجه هناك ايضا بنظرات الجدة المليئة بالتقريع و التانيب و التي حركت فيه اشياء كثيرة غير مريحة .. فهي لم تقبله كما تفعل عند عودته دائما و لم تسأله عن الجديد الذي تعلمه في ذلك اليوم الذي انقلب عصيبا ..
كان محبطا فخططه باءت بالفشل ..فهاهو قد فقد لطف جدته و شجرة التوت لاتزال قائمة بثبات و العصافير تزقزق بين اغصانه بمرح وسعادة .. تسخر منه برعونة و استهتار.
و استمرت قطيعة جدته له ساعات طوال ترمقه فيها بين فترة و اخرى بنظرات خارقة للفولاذ ، كان متأكدا من انه اوجعها و فقد مصدااقيته و حظوته لديها .. فكان لابد من المناورة لأصلاح الجسور المنهارة بينهما .. فبدأ يدور حولها كهر يحاول اغواء صاحبه ، واستمر يدور و يدور حولها الى ان لمح شبح ابتسامة على وجهها السمح ، فارتمى في حضنها بعيون مغرورقة بالدمع..
مسدت راسه بلطف و قالت و في نبرات صوتها كل حنان الدنيا :
- ان الله لا يحب الكذابين ولا الكسالى و لن يدخلهم الجنة ..
سالها و هو يداعب خدها المتغضن باطراف انامله :
- لماذا ؟
- لانهم ينتقلبون اشرارا
- و ماذا يفعل الاشرار يا جدتي ؟
- انهم يقطعون الاشجار و يقتلون العصافير و يخربون اعشاشها و يشردونها و اشياء بشعة من هذا القبيل..
فأضاف على قولها :
- و لا يرغبون في الذهاب الى المدرسة ؟؟
- بكل تأكيد .
و سألها :
- هل انا شرير يا جدتي ؟
ضمته اليها بحنان بالغ و قبلته ثم قالت و هي تدغدغه بنعومة :
- لا .. لانك مع ذهابك للمدرسة ستتعلم اكثرمع مرور الايام ، وستفهم كل هذه الامور ..
هز راسه موافقا وان كان لم يفهم تماما ماكانت تعنيه بانه سيتعلم وسيفهم اكثر مع مرور الايام ...
صباح اليوم التالي ، سبق العصافير ..! و من دون ان توقضه الجدة خرج من فراشه و حاول تحضير شاي الصباح .. الخسائر كانت طفيفة ، فقط قدحان من اقداح الشاي و امتلاء و عاء السكر بالماء .. لكنه كان بمنتهى السعادة و الرضا من نشاطه و فعالياته الصباحية .

حمل حقيبته المدرسية بهمة ليبدأ مسيرة يوم جديد الى المدرسة ، و باغت النجار على ناصية الزقاق ..! صبح عليه بحماس ثوري ، فارتبك النجار المسكين و هوى بمطرقته ثانية على ابهامه المصاب .
عند عودته من المدرسة لمح النجار واقفا قبالة محله ، لوح للاستاذ الصغير من بعيد هاشا ياشا ، مرحبا بعودته ( المظفرة ) .. ومنحه فطعة حلوى ثم سأله وهو يهز ابهامه امام عينيه :
- متى ستصبح طبيبا يا حضرة ، لتعالج اصبعي المحطم هذا ؟
- غدا يا عم ، غدا..



#رزكار_نوري_شاويس (هاشتاغ)       Rizgar_Nuri_Shawais#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيء عن العدل .. و الروح الرياضة
- ما (الجدوى ) من الكتابة ؟.. و لماذا نكتب ؟!
- (ليلى قاسم ) *
- القوى العظمى و مسؤوليتها ازاء الجرائم التي ارتكبت بحق الكورد
- المتوقع و غير المتوقع في فوضى عالم القرن 21
- مراجعة لموعظة قديمة ..
- أقراد جبل المقطم ..!
- شيء عن ( الحق و الباطل ) ..
- شيء عن الجسور ..!
- كلمات على اوراق مبعثرة
- في ذكرى جرائم الانفال البعثية .. الكورد و سياسات الحكومات ال ...
- شيء عن المفسدين و الفساد
- شيء عن الفساد و المفسدين ..
- ذات إنتخاب من الأنتخابات ..!
- شيء عن الحب
- شيء عن مأساة الكورد الفيليين
- المرحلة و جهد النضال الكوردستاني
- شعب الله المصلوب ..!!
- أزمات ( العطش ) قادمة ..!
- حق الحياة ..


المزيد.....




- “مش هتقدر تغمض عينيك” .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 1445 ...
- قناة أطفال مضمونة.. تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 202 ...
- تضارب الروايات حول إعادة فتح معبر كرم أبو سالم أمام دخول الش ...
- فرح الأولاد وثبتها.. تردد قناة توم وجيري 2024 أفضل أفلام الك ...
- “استقبلها الان” تردد قناة الفجر الجزائرية لمتابعة مسلسل قيام ...
- مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت ...
- المؤسس عثمان 159 مترجمة.. قيامة عثمان الحلقة 159 الموسم الخا ...
- آل الشيخ يكشف عن اتفاقية بين -موسم الرياض- واتحاد -UFC- للفن ...
- -طقوس شيطانية وسحر وتعري- في مسابقة -يوروفيجن- تثير غضب المت ...
- الحرب على غزة تلقي بظلالها على انطلاق مسابقة يوروفجين للأغني ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رزكار نوري شاويس - سنة أولى ابتدائي