أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - السياسة فى بلادنا بين سيرفانتيس وصامويل بيكيت














المزيد.....

السياسة فى بلادنا بين سيرفانتيس وصامويل بيكيت


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 4443 - 2014 / 5 / 4 - 23:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فى البدء كانت الكلمة، فى البدء كان الفكر، ولا أحسب احتمالاً للتقدم والنهضة دون أن يسبقه مشروعاً فكرياً يمهد ويقدم لهما، وهكذا كان تقدمنا فى العصر العباسى، وقبله فى الحقب الفرعونية، وبعده مع الإحياء الأول فى عهد محمد على والفترة الليبرالية ثم مع جمال عبد الناصر، لكن الصورة فى محيطنا السياسى العام حاليا تبدو منزوعة الفكر، بلاقواعد حاكمة أو إشارات ملزمة، وهنا موطن القلق.
عبر كل لحظات نهضتنا على قلتها، كان هناك دائماً مشروعاً فكرياً إضطلع به العلماء والكتاب والمفكرون ورجال الدولة، ولقد عالجنا ذلك تفصيلاً فى كتابات سابقة، ويربك مسيرتنا الثورية ألا أفق لمشروع فكرى حاكم يحدد معالم الطريق ويرسم علاماته ويحدد نظريتنا السياسية وتوجهاتنا الإجتماعية، منطلقاتنا القيمية ومنظومتنا الإجرائية لإعادة هيكلة مؤسسات الدولة وتخطيط أهدافها وآليات تقدمها ونهضتها. وكلما طالعت المشهد السياسى فى بلادنا المحروسة، هالنى جسد سياسى وإدارى مترهل تعلوه رأس صغيرة مجهدة أكبر مايميزها هو التركيز على الشكل خارج إطار الموضوع، أو الإهتمام بظاهر الأمور دون اعتبار لجوهرها، أو الخلط بين الوسائل والغايات وبين الفروع والأصول، رأس محشو بلغو الكلام وسفسطات الحديث، يفتقر لرصانة الفكر وبعد النظر وشمولية الرؤية، عقل جزئى مراوغ دأب على الاجترار والتقليد والتكرار والمماحكة، وأبتعدت به المسافات عن الإجتهاد والبصيرة والخلق والمبادرة والإبداع.
لقد تحول محيطنا السياسى العام وفضاؤنا الإعلامى المقروء والمسموع والمشاهد إلى سامر ريفى مفلس يركز على هوامش المشهد أكثر من محاولات الولوج إلى أعماق الأمور ومتطلبات المرحلة وواجب الوقت واستحقاقات الظرف العام وموجبات الثورة وطموحاتها وأهدافها، وتابع مايحيطنا من إفرازات ذلك المناخ العام بكل صوره البائسة وأبطاله "الغلابة" فى أفكارهم البدائية من نخبة سياسية تجاوزتها لغة العصر ورؤاه وطموحاته، فراحت تعمد للتسطيح والتعميم والإجترار، وبتنا فى حال ماننام عليه نصحوا على أغبى وألعن منه. من هنا تتبدى سيولة المشهد السياسى العام وخفة الحكومة فى تعثرها وتلعثمها وعدم قدرتها على إعمال مخطط محكم لمواجهة طوارئ الإرهاب وتهديدات العنف السياسى المجرم والخارج على القانون والدولة، وتردد الفعل العام وترديه، مما أوصل بلادنا أشبه ماتكون بوطن رهن الإنتظار، إنتظار مالايجئ كما فى مسرحية الكاتب الأيرلندى الشهير"صمويل بيكيت" من رواد مسرح العبث واللامعقول، وطن مرهون بانتخابات رئاسية حل استحقاقها ولم تظهر بعد مبادراتها للمستقبل، اللهم إلا أفكار بسيطة تتسم بالإصلاحية لا التقدمية، والبيروقراطية لا الثورية، والديماجوجية لا الموضوعية، وأهم مايميزها المزايدة والمكايدة واجتراح معارك جانبية كمن يحاول محاربة طواحين الهواء فى رائعة سرفانتيس "دون كوهوتى دى لامانشا الشهيرة بدون كيشوت".
تكلمنا النخبة السياسية البائسة، إلا قلة ممن رحم ربى، بأمل قريب فى التقدم والنهضة ولا نرى لذلك أثراً من إعداد واستعداد، ولا موجبات اللحظة ومستلزمات النهضة من رؤية وأفق ومبادرات وتخطيط، فلا وجدنا أحزاباً تدرس وتخطط وتعد وتقدم وتبادر وتضع أولويات وتصورات وبرامج ومشروعات، ولاقامت بذلك جامعات ومراكز بحوث وهيئات ومؤسسات ووزارات، ولاجاءت مبادرات من كتاب وعلماء ومفكرين، إنما الغلبة والحيازة لحفنة من متصدرى المشهد العام تجدهم فى الصحافة والفضائيات والاجتماعات والندوات والمؤتمرات والانتخابات، وكأنهم اختزلوا وطناً رهناً بوجودهم الطفيلى وانتهازهم الطفولى وفكرهم البدائى. أنا لاأهاجم أحداً ولا أقلل من قيمة أحد لكن إعلامنا وكثير من نخبتنا هم من ربما بغير قصد أو بسبب محدودية الرؤية وطبيعة التكوين وتراكم الفراغ السياسى يقزمون وطناً أكبر من أفكارهم وتطلعاتهم ويضعوه فى دوائر الفقر الفكرى كما تسببوا أن يكون فى دوائر العوز الإقتصادى والفقر المائى والمراهقة السياسية والثورية.
أتصور أحياناً حالنا كمن يهمون بعبور النهر قبل بلوغ الجسر، ويمكنك تصور كيف يمكن أن تكون العواقب والنتائج والتداعيات. إنها السياسة التى غالباً ماتحصر خياراتها مابين سيرفانتيس أو صمويل بيكيت، ولامنجاة إلا بمشروع فكرى للنهضة تعكف عليه جماعة تكون THINK TANK لهذه الأمة التى حتماً بفعل تراكم مخزونها الثقافى والحضارى وقدراتها البشرية المهدرة والمستبعدة، قادرة على الخروج من الأزمة ومخاطبة المستقبل.



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين السيسى وحمدين - الانتخابات الرئاسية على مائدة نصر القفاص
- الوطن يعد القهوة لزائر غريب
- السيسى وتأسيس الجمهورية الرابعة
- السياسة فى بلادنا بلا مقدمات ولانتائج
- مخاطر استمرار الببلاوى وحكومته
- رسائل -هيكل- الملغزة وغواية الأنا
- إعادة هيكلة الدولة حتم تاريخى لا رفاهية
- السيسى لا يلعب النرد مع -هارى بوتر-
- على من يكون الرهان؟
- طارق البشرى: فراغ باتساع الوطن
- دكتور حسام عيسى والجامعات الخاصة
- حكومة الفرجة فى مسرح العبث
- هل السيسى ظاهرة شعبية لسلطة ملهمة؟!
- إنى أتهم: الحكومة و-المدبلجين- وغيرهم
- التاريخ يستدعى قادته وأبطاله
- مندوب المصالح الأمريكية في الحكومة المصرية
- حتى لاتكون -المفوضية- هى وصفتنا غير السحرية - د. مصطفى حجازى ...
- الأستاذ هيكل فى لزوم مالايلزم
- وهل من الديمقراطية تفكيك مصر وتبديد دولة الحد الأوسط؟
- -خلايا الإخوان النائمة مابين التبرير والتسويغ والتحريض- : طا ...


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - السياسة فى بلادنا بين سيرفانتيس وصامويل بيكيت