منهج التأزيم وسياسة الإلهاء.

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)

الحوار المتمدن-العدد: 4434 - 2014 / 4 / 25 - 15:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

منهج التأزيم وسياسة الإلهاء.

يعيش العراقيون وعلى أختلاف النظم السياسية المتعاقبة في ظل سياسية ثابتة تقوم على مبدأ تتالي الأزمات ليخرج المواطن من واحدة ليلقى الثانية بانتظاره على الأبواب دون أن يستطيع ولو التمتع قليلا بفرصة بسيطة لالتقاط الأنفاس , الهدف الأساسي من هذه الظاهرة ترجع إلى إشغال الناس عن متابعة التقصير والانحراف المتعمد الناتج عن غباء متأصل ومستمر في عقليات القيادة ,التي لا تستطيع ولا تمتلك الجرأة والشجاعة أن تعترف بفشلها وتتحمل مسئولياتها الأخلاقية إنها سياسة الإلهاء التي تتخذ شكل أزمات وطنية وأحيانا اجتماعية وفي مرات كثيرة تصل لعظم المواطن حين تتصل بمصدر معيشته أو مفردات حياته وأخرها أزمة المياه التي أشعلها المتفاهمون على تشتيت الأنظار عن الأزمة الخانقة التي تكاد تعصف بالعراق وأهله.
إن الهروب والقفز عن مواجهة الاستحقاقات وإيجاد الحلول المناسبة واحدة من نتائج التفرد والديكتاتورية والعقلية الاستبدادية التي تجعل ما يمسها وينتقص منها عنوانا مساويا لعنوان اكبر وأعظم هو عنوان مصالح الشعب , والعيب الأساسي يعود في شق منه للنظام والشق الأخر لتراخي الشعوب في المحاسبة والمتابعة لأن السلطات نجحت وإلى حد بعيد في تغييب الأصوات الوطنية وأشاعة ثقافة الاستسلام والرعب والترهيب التي مكنت ولسنوات طويلة وأجيال ولدت ونشأت عليها فأصبح التفكير الجماعي منحصر بكيفية الحفاظ على الوجود الذاتي وليس المحافظ على المصلحة العامة وثوابتها , هنا أيضا نجح الحاكم المتسلط بهذه السياسة من تحويل شكل الصراع بينه وبين الشعب إلى توهم مجموعة من الصراعات تبدأ من الصراع الشخصي والذاتي وانتهاء بتوهم صراع خارجي يأكل الأخضر واليابس.
إن غياب رؤية وإستراتيجية سياسية تقودها أحزاب وكتل وطنية معارضة صادقة وجادة وحاملة لمشروع وطني فاعل من أسباب استمرار الأزمات المتلاحقة بل أن هذه السياسة أساسا منصبة كي تولد الفوضى الفكرية والسياسية التي تمنع الناس من الرؤيا بعين موحدة وحقيقية لأصل الأزمة , إن العمل الفردي وإيثار المصالح الفئوية والأنانية من قبل الكتل والأحزاب السياسية المعارضة وغياب العمل المشترك من خلال جبهة وطنية تشجع الحاكم الفرد والمستبد أن يوغل في هذا المنهج ويعمق حالة الخلاف والانقسام والتشرذم وبالتالي فإن المسئولية التاريخية الأكبر تتحملها النخب والفاعليات السياسية بسكوتها الدائم وأحيانا بجبنها عن المواجهة مكتفية بالنضال الكلامي والتنظير الذي لا يغني ولا يشبع , إن العراق اليوم في خيار أظن انه لم يلتف حقيقية لضرورياته ولم يكن مهيأ اصلا لخوض هذا الغمار مما سيتيح للطغمة الحاكمة هذه أو القادمة في إغراقنا بالكثير من الأزمات وسيصبح العراقي مجرد خزان للأزمات التي تقض مضجعه وتشتت أفكاره وتليه عن مطلبه الوجودي الأصلي وهو العيش بكرامة.

#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل