العراق المستقبل وحدة أم خيار التفكيك ج1

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)

الحوار المتمدن-العدد: 4409 - 2014 / 3 / 30 - 20:18
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

العراق المستقبل وحدة أم خيار التفكيك

لماذا لم ينجح العراقيون اليوم على تجاوز المحنة والالتقاء عند النقطة التي تستوعب الجميع دون أن يخرج أحدهم منتصرا ولا يظن أخر إنه الخاسر في هذا اللقاء الوطني ,سؤال كثيرا ما يثيره أهلنا في العراق كما يثيره محبوه في الخارج كما أنه يشكل علامة أستفهام وإثارة للحيرة والشكوك عند آخرين,بل أن البعض يستغل هذه التساؤلات ليثير موجه من التداعيات الفكرية التي تعزز من هدفه البعيد الذي يقتضي ويصل إلى نتيجة أن العراق ليس مجتمعا واحدا بل مجموعة مجتمعات لا رابط بينهما سوى الخط الجغرافي الذي يشير على الخارطة السياسية لمفهوم غير حقيقي أسمه المجتمع العراقي ولا بد من التفكيك وإعادة رسم الخطوط كي يستقر الجميع كلا في حدوده الواقعية ,إنها سايكس بيكو عراقية بامتياز في ظل عالم لا يحترم ولا يقدر المجتمعات إل بالقدر الذي تمتلكه من مصدر قوة بشري اقتصادي مالي عسكري.
الحقيقة المرة والتي لا يريد أحد أن يسلم بها أن هذه الواقعة صحيحة جدا وباطلة جدا في ذات الوقت ولا يمكن نكرانها بكلا الحالتين ,أما كونها صحيحة جدا فإنها واقعا خارجيا كل الدلائل تشير إلى أن طاهرة المجتمع العراقي الواحد ظاهرة مشكوك بوجودها والدليل أن مفرزات السلوك الجمعي تشير لهذه التناقضات بل وتفضحها علنا لذا فإن التمسك بخلافها يعني المكابرة وخداع النفس والتعلق بأهواء مريضة ,أما كونها باطلة تماما ولا وجود لها إلا في عقول ونفوس منظري حالة الفرقة والتفكيك فإن الشعب العراقي يرغم كل ما حاكه ويحاك ضده من الأعداء ما زال يأمل ويعمل ويتحسس الخطر من التفكك والتفرق وأيضا أن الكثير من الحالات الواقعية العفوية التي تخرج كسلوك فطري تلقائي شعبي بدون توجيه يشير إلى حقيقة أنما الشعب هذا شعب واحد بنسيج واحد ولكن بألوان متعددة تعطي النسيج جمالا ورونقا وما على السياسي والاجتماعي إلا المحافظة وإدامة هذا التوحد تحت مظلة وطن واحد ومواطن واحد.
الحقيقة الجميلة التي أيضا لا يمكن نكرانها أن حتى الداعين والفاعلين بأتجاه التفكك يرون أن الأمر فيه صعوبة وقد يكون أمر التفكك مجرد وهم لأن العراق هذا وإن تمدد أو تقلص جغرافيا عبر التاريخ الإنساني منذ الفجر الأول يشير إلا أن هذا الوطن هو وطن التعايش الدائم وطن لم ولن تنفرد به مجموعة ولا كيان ليكون مجتمعا نقيا وحتى في أعظم فتراته وهي الدولة العباسية وكونها عاصمة العرب والمسلمين كان العراق بلد التعدد والتلون ولم يكن ومع سطوة العرب ونفوذهم له وجه اجتماعي واحد وبرغم الصراعات العرقية والأثينية والحروب والفتن بقى العراق كمجتمع صامد يضمد الجراح ويعود ليلتقي عند نقطة واحدة أسمها حب الوطن الكبير العراق التأريخ والمستقبل , هنا تضعف همة الساعين للتفكيك ويحاولون ومن خلال عامل نفسي ضاغط مع تبدل الوسائل والأساليب أن يخترعوا مبررات تدعم توجه الانفصال والتفكك من خلال زراعة اليأس والقنوط وانعدام الأمل باللقاء والتلاقي.

#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل