أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد القبانجي - کيف نفهم الشيطان؟















المزيد.....

کيف نفهم الشيطان؟


أحمد القبانجي

الحوار المتمدن-العدد: 4405 - 2014 / 3 / 26 - 10:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قالوا وقلنا:...........

يقول القرآن: (ان الشيطان كان للرحمن عصيا)-مريم 44-
ويقول ايضا؛(فسجدوا الا ابليس كان من الجن ففسق عن امر ربه..)-الكهف 50-

اقول: مسألة الشيطان طالما شغلت بال المفكرين والمفسرين وأثارت العديد من التساؤلات حول حقيقته وكيفية اغوائه للناس وكيف سمح له الله بذلك وغير ذلك, وبالنسبة للمفهوم القراني عن الشيطان-كما ورد في الكثير من الايات- انه مصدر جميع الشرور التي تصيب الانسان من مرض واغواء ومنكر وكفر وشرك وسلوكيات لا أخلاقية وحتى النسيان وحب المال والثروة وامثال ذلك,وان اصله كان من الجن الصالحين وقد صار من الملائكة لكثرة عبادته,فلما خلق الله ادم وأمر الملائكة بالسجود امتنع من السجود فطرد من ساحة الرحمة الالهية فحقد على آدم وذريته وانشغل باغواء الناس واضلالهم... الخ.
ونود هنا طرح بعض الملاحظات:

1-نرى أن القران,بهذا المفهوم الذي طرحه عن الشيطان وبهذه الصلاحيات الواسعة في مجال الشر,اراد تقديم جواب عن سؤال مهم طالما تردد في اذهان البشر عن مصدر الشر في العالم,وبما ان الشر موجود في العالم,اذآ لابد له من صانع ,ولكن لا يمكن ان يكون الله هو الصانع للشر لانه اله خير ورحيم ويحب عباده, فلابد له من مصدر اخر.. اتباع مذهب تعدد الالهة في اليونان والروم القديمة وكذلك في الهند ذهبوا الى وجود مصادر اوآلهة متعددة للخير والشر,اما الثنوية كالمجوس والزرادشتيين فذهبوا الى وجود الهين اثنين:اله خير واله شر للتخلص من المشكلة, اما القران,الذي نادى بالتوحيد ونبذ الشرك بكل اشكاله وان الله الواحد الاحد بيده كل شئ وخالق كل شئ في هذا العالم,فقد وجد نفسه امام هذه المشكلة,فان قال ان الشر من الله فربما يخل ذلك بصورته عند المؤمنين وبصفات الرحمة واللطف والمحبة الالهية لعباده,وان قال بوجود مصدر اخر له غير الله فذلك يخل بمبدأ التوحيد,فكان الحل الامثل هو اختراع كائن اخر مخلوق لله ولكنه صار فيما بعد عاصيا لله ومصدر الشرور في حياة البشر حتى يمكن تعليق مظاهر الشر على شماعته وتنزيه الله عنها.وهذه الفكرة كانت موجودة عند العرب في الجاهلية وفي المسيحية وجرى التأكيد عليها في القران.

2-رغم ان هذه الرؤية للشيطان يسهل فهمها وقبولها عند عامة الناس ممن لا يتعمقون في المسائل الدينية,الا انها تواجه الكثير من الاشكالات,منها: لماذا أذن الله للشيطان باغواء البشر؟ ولماذا أطال عمره الى يوم القيامة واعطاه القوة وسلطه على الانسان؟ الا يعتبر الله شريكا له في الغواية,لان الثابت في علم الجريمة ان من يعين شخصا ولو بصورة غير مباشرة على ارتكاب جريمة فهو شريك له ؟ولماذا لم يعاقبه الله على معصيته بل تركه يسرح ويمرح ويتلاعب بمصائر البشر؟ ثم الا تكفي مغريات الدنيا والنفس الامارة والجهل والمصالح الشخصية باضلال الانسان حتى يضيف الله لها الشيطان ليغوي العباد؟ وهل العقل الذي يتولد في مراحل متأخرة قادر على صد كل هؤلاء الاعداء الذين استوطنوا في نفس الانسان بحيث يصعب التخلص منهم وبخاصة اذا اضيف لهم ضغط العرف والمجتمع والتربية والمزاج والغرائز؟ واذا كان كيد الشيطان ضعيفا كما يقول القران (ان كيد الشيطان كان ضعيفا) فلماذا نجد اكثر الناس يعرضون عن دعوة الانبياء ويتبعون الشيطان كما يصرح القران بذلك في اكثر من اية؟ ثم ان الامر بالسجود كان موجها للملائكة(واذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم)والشيطان كان من الجن باعتراف القران,اي ان الامر بالسجود لا يشمله,فكيف يستحق المؤاخذة والعقاب؟ وكيف دخل الجنة ووسوس لآدم وقد اخرجه الله منها بعد عصيانه؟ اضف الى كل ذلك ان الكثير من الامور التي ينسبها القران للشيطان ثبت أنها من سبب آخر كالمرض الناتج عن فيروسات او بكتيريا والقران يقول انه من الشيطان كقول ايوب(رب اني مسني الشيطان بنصب وعذاب),او انها من الامور الطبيعية والمفيدة للانسان غالبا كالنسيان والقران يقول(وماانسانيه الا الشيطان),او انها بدافع الغريزة والكبت كالانحرافات الجنسية وو..الخ.

3-العرفاء يرون ان كل ماورد في القران من قصة آدم وحواء والشجرة الممنوعة وسجود الملائكة لادم وعصيان ابليس ليس سوى مسرحية وتمثيل يراد منه تصوير المعقول بالمحسوس لتقريب الصورة لاذهان العرب البسطاء كما أقر بذلك السيد الطباطبائي في تفسير الميزان ج1 ذيل الايات(واذ قال ربك للملائكة...),والحقيقة ان الشيطان من صنع الانسان والمجتمع وهو الانا في كل واحد منا في مقابل الذات الحقيقية في الانسان وهي الوجدان والذي يعبر عنه القرآن بآدم في هذه المسرحية, وهذه الانا او النفس القشرية تتشكل في اواخر السنة الاولى من عمر الطفل كما يقول علماء النفس وذلك من خلال وضع اسم له من قبل الوالدين وتلقينهم له بانك انت فلان وهذه ماما وهذا بابا فيدرك الطفل تدريجيا بأن له وجودا مستقلا عن محيطه بهذا الاسم,وتتوالى اسماء الاشياء في ذهنه لتشكل مايعرف فيما بعد بالانا عند الطفل,كما هو الحال في قشرة البيضة التي تتكون في عنق الرحم بعد تكون النطفة والصفار في رحم الدجاجة وذلك للحفاظ على هذه النطفة من التلف بعد خروجها,ولكن في الانسان يتم صناعة القشرة او هذه الانا بعد الولادة, فالنفس البشرية تتشكل من لب وقشرة, فاللب يتمثل في البدن وغرائزة وحاجاته وهو من صنع الله,والقشرة هي هذه الانا الذهنية الاعتبارية ,اي ليس لها وجود حقيقي في الواقع المادي والخارجي كما في الوجودات الاعتبارية والذهنية الاخرى كاللغة والقوانين والحكومة والدين وامثال ذلك من الموجودات الذهنية التي يخلقها البشر لتمشية امورهم في هذه الحياة, فالله يخلق الوجود المادي الخارجي وهو العالم الحقيقي,والانسان يصنع الوجود الذهني له او بعبارة اخرى ان الله يصنع الوجود والانسان يصنع الماهيات كما تقول الوجودية, فالحكومة مثلا لها وجود في ذهن الانسان فقط اما في الخارج فيوجد اشخاص وافراد فقط.كما ان الغابة موجودة في الذهن فقط اما في الخارج فهي اشجار متقاربة ,ولهذا يعيش كل فرد عالمه الخاص به من علاقات ولغة ودين وعرف وماالى ذلك وان كان جميع افراد البشر يشتركون في العالم المادي الخارجي..
وعلى هذا الاساس فالانا من خلق المجتمع الذي غرسها في ذهن الطفل كما غرس المعارف الاعتبارية الاخرى وليست من خلق الله,ولهذا تطيع المجتمع والعرف ودين المجتمع ولا تطيع الله,كما يقول العارف الكبير الميرداماد(استاذ صدر المتألهين) بأن الشيطان لو كان من خلق الله لما استطاع عصيانه,فهذه القشرة الذهنية تنفع الطفل في كسب الاستقلال من محيطه ولكن بعد سنوات وبعد ان ينضج العقل والوجدان في الانسان ويريد الخلاص من هذه القشرة الانانية يبدا الصراع بين هذه الانا وبين الذات الحقيقية للانسان وهي مانطلق عليه بالوجدان او الروح الالهية حسب القرآن(ونفخت فيه من روحي),فهذه الانا القشرية وللحفاظ على وجودها تطلب من الانسان دائما ان يسير وفق مصالحة الشخصية ومنافعه الذاتية حتى لو كانت على حساب القيم الاخلاقية والمثل الانسانية وكما اشارت اليه الاية الاولى(ان الشيطان كان للرحمن عصيا), والانسان في هذا الصراع الداخلي بالخيار بين اتباع الانا او الوجدان,فقد تتضخم الانا فيه وتشتد فيما لو امدها بالغذاء الذي هو عبارة عن الافعال والسلوكيات الذميمة فتستطيع التغلب على الوجدان,وقد يحدث العكس فيما لو سلك الانسان في حياته طريق الخير والصلاح وقام بتغذية وجدانه بالاعمال الصالحة فتكون الغلبة للوجدان على الانا ويكون الانسان حينئذ وجدانيا ومن اهل الخير.وبهذا المعنى للشيطان لا ترد جميع الاشكالات الواردة في الفقرة الثانية.
وسوف نتحدث اكثر عن خطوات الشيطان واساليبه في الحلقة القادمة لأن المجال لا يسع هذه التفاصيل في هذه الحلقة............ وشكرا لكم.



#أحمد_القبانجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف نفهم العقلانية؟
- كيف نفهم الوحي؟
- كيف نفهم العقل؟
- كيف نفهم الحب؟
- كيف نفهم موسى وفرعون؟
- كيف نفهم الموت؟
- كيف نعرف الحياة؟
- كيف نفهم الانسان؟
- كيف نفهم العالم؟
- لماذا نقد الدين؟
- من ثمارهم تعرفونهم !!
- هل الخلل في النظرية ام في التطبيق
- هل الله يريد لنا حكومة دينية ام مدنية؟
- عندما يتحول الدين الى ايديولوجيا
- روعة الاقتصاد الاسلامي
- وهم الحق
- الاخلاق في السياسة
- القانون الجعفري وحقوق الانسان
- كيف نفهم الدين؟
- الولادة الثانية


المزيد.....




- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...
- سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- نزلها الآن بنقرة واحدة من الريموت “تردد قناة طيور الجنة 2024 ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- كاتب يهودي: المجتمع اليهودي بأمريكا منقسم بسبب حرب الإبادة ا ...
- بايدن: ايران تريد تدمير إسرائيل ولن نسمح بمحو الدولة اليهودي ...
- أستراليا: الشرطة تعتبر عملية طعن أسقف الكنيسة الأشورية -عملا ...
- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- المتطرف -بن غفير- يعد خطة لتغيير الوضع القائم بالمسجد الأقصى ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد القبانجي - کيف نفهم الشيطان؟