أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نضال الربضي - لما ضحكت موناليزا














المزيد.....

لما ضحكت موناليزا


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4385 - 2014 / 3 / 6 - 10:54
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


لما ضحكت موناليزا

شجعني الصديق الحبيب جريس البقاعين – و هو من أوائل من كتبوا على هذا الموقع – لحضور الأمسيات السينمائية التي يقيمها منتدى عبد الحميد شومان الثقافي مساء الثلاثاء من كل أسبوع، و لقد سهل لي الحُضور ظرفا قرب المسافة و مُناسبة التوقيت (6:30 مساء ً).

يختار المنتدى أفلاما ً ذات رسالة، تلمس النفس و تستحضر المكنون الإنساني المُشتاق إلى تأكيد نفسه، و جاء فلم هذا الأسبوع عربيا ً بعنوان "لما ضحكت موناليزا"، و هو الفلم الذي استغرق تصويره من المخرج "فادي حداد" أسبوعين، و جاء مُخالفا ً للصورة النمطية التي ننظر فيها إلى مجتمعنا، مُسلطا ً الضوء على جوانب خفية في شخصياتنا لها وجوه ظاهرة لا توحي بالصِّلة ِ بينهما.

"موناليزا" تلك الفتاة الأردنية من أصول غرب النهر"من قضا نابلس"، تعيش مع أختها الخياطة التي تُعاني رُهاب الخروج من المنزل و لم تُخطي عتبته منذ 20 عاما ً، و تتوظف عن طريق ديوان الخدمة المدني، و تنتقل لبيئة عمل بسيطة في أرشيف، مع "نايفة" الأردنية من أصول شرق النهر.

نايفة "الكِشرة" التي تتسم بحدتها في الكلام، و تطرفها في النظرة نحو الآخر، الأردنيِ من أصل غربي النهر، و العاملِ المصري موظف الكافيتيريا، هي في الحقيقة هشة جدا ً من الداخل تبحث عن الحب، و تفشل في تحقيقه و تبادله ِمع زوجها، الذي ينتهي بالزواج من أخرى "مودرن"، أنثى تُرضي رغبته في الأنوثة، أنوثة الهدوء و الرقة و الجمال، بعكس "رجولة" نايفة في عنادها و تسلطها و حدة لسانها و ثقل لهجتها.

أما "موناليزا" فهي رقيقة كوردة، لكنها صلبة جدا ً من الداخل، تتلعثم عند الحديث مع الناس بتأثير عزلتها مع أختها، و تجد نفسها تحت عيون "حمدي"، الشاب المصري، موظف الكافيتيريا ابن عائلة الصعيد الذي تغرب من أجل "لقمة العيش". حمدي صنف ٌ نادر من المغتربين، يمتلك عزة نفس و كبرياء يؤكدهما حضور عفوي كوميدي هادئ لكنه صاخب ٌ في هدوئه.

"موناليزا" مشتقاة للحياة، للناس، للحب، عطشانة كأرض ٍ لم تروها السماء ُ من قبل، و لقد أعجبني جدا ً التوظيف الذكي من المخرج لفنجان القهوة و تمثيله للحياة، فـ َ "موناليزا" لم تشرب القهوة في حياتها قط، شفتاها لم تلمسا الفنجان، و لسانها لا يعرف طعم السائل ِ الأسود الصاخب العابق بالرائحة ِ المستثيرة للحواس، تلك الرائحة التي لم تجد إلى كيان ِ "موناليزا" طريقا ً من قبل. و حين تُمسك "موناليزا" بفنجان القهوة في العمل لأول مرة، و تشم ُّ الرائحة العابقة بعنفوان البُن، ثم تقترب ُ من الفنجان بشفتيها "تتذوق" "الحياة" لأول مرة، تكتشف الطعم المميز لوجودها الذي اختبأ خلف وجهها الخالي من مساحيق التجميل، ذي اللون الواحد.

و عندما تضع ُ على شفتيها الأحمر (أو الزهري) لأول مرة، و تدهن جفنيها أيضا ً، تأخذ ُ الحياة ُ طيف الألوان ِ إليها، في القهوة، و ال Make Up و في حمدي الذي يُحبها، و يأخذها معه في عالمه، فهو أيضا ً وحيد، لكنه وحيد اغتراب ٍ في بلد ٍ آخر، و هي وحيدة مُغتربة عن الوجود في بلدها، هي "موناليزا" التي لم تضحك قط، لا تبتسم، تتلكم بكلمات مُقتضبة ترد بها على الناس، لكنها حين ينظر إليها حمدي و يقول لها "بحبك" تضحك من كل قلبها، تصعد الضحكة تباعا ً من ذلك المكنون الداخلي إلى الخارج، على دفعات، تنفرج الشفتان، و تنفرجان أكثر و تكبر المساحة، و يحضُر صوت ُ الضُحكة ِ الخافت، مُقدمَة ُ صوت، و تتشنج ُ عضلات الجسم و هو ينكمش، ثم ينفرج مع خروج ِ الصوت، و اكتمال ِ الضحكة، و ارتماء رأسها على كتف حمدي، هو الذي يُحبها، الذي جعلها تضحك.

لا أقصد أن أروي قصة الفلم، فسأتوقف هنا، و عليكم أن تُكملوه أنتم لتشاهدوا عفاف، و سهيل و رُدينة، و تُحلقوا في سماء هذه الكوميديا الاجتماعية، التي تحوي في داخلها كل عناصر الفعل التراجيدي، الحب، و الخوف، و التردد، و البراء، و الُعنصرية، و الهزيمة و الانتصار، كلها في قلب "موناليزا".

"لما ضحكت موناليزا"، ضحكت معها الدُنيا و توقف الوقت حتى يشهد أنَّه ُ الآن وُلد، و أن جريانَه بعد هذه الشهادة أصبح له معنى، أن الإنسان، كل إنسان، هو في جوهره "موناليزا"، تلك الفتاة ُ التي لا شئ يُشبهُها لكنه تُشبه ُ كل َّ شئ.

أتمنى لكم يوما ً كضُحكة ِ "موناليزا"، حقيقيا ً خلَّابا ً مليئا ً بالحياة و الحب.

معا ً نحو الحب، نحو الإنسان!



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في تحرير المرأة – انتفضي سيدتي الآن
- داعش – فرض الجزية على المسيحين في الرقة السورية
- قراءة في القداسة – بين الجذر الديني و الاستحقاق الإنساني
- في نفي النبوءة - رؤية في الجذر النفسي للنبوءة و نقد آليات ال ...
- في اللاوعي الإدراكي و تأثيره على الإنسان – الحنين، و الجنة و ...
- في نفي دونية المرأة – التكاثر الجنسي كخيار الطبيعة
- في نفي دونية المرأة – بين داروين و العلم الحديث
- بين الإله الحُلولي و الإله الشخصي.
- من سفر الإنسان – قتل الأطفال باسم الحب
- الهوس بجسد الأنثى - بين فيمين و النقاب
- قراءة في شكل الاستعباد الحديث.
- قيمة الإنجيل الحقيقية – لماذا المسيحية كخيار؟ - 2
- من سفر التطور – في النظام داخل العشوائية.
- في الحب بين الذكر و الأنثى – نبؤات ٌ تتحقق
- من سفر الإنسان – الوحدة الجمعية للبشر و كيف نغير المجتمعات.
- من سفر الإنسان – الأخلاق و الدين
- من سفر الإنسان - خاطرة قصيرة في معالجة مشاكل الحياة و صعوبات ...
- الانعتاق من النص – إملاء الحاجة
- بين داعش و النصرة و الفصائل الإسلامية المقاتلة
- -ثُلاثيو القوائم- – حينما يخدم الخيال العلمي الواقع


المزيد.....




- “لولو بتدور على جزمتها”… تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر ناي ...
- “القط هياكل الفار!!”… تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 لمشاهد ...
- السعودية.. امرأة تظهر بفيديو -ذي مضامين جنسية- والأمن العام ...
- شركة “نستلة” تتعمّد تسميم أطفال الدول الفقيرة
- عداد جرائم قتل النساء والفتيات من 13 إلى 19 نيسان/ أبريل
- “مشروع نور”.. النظام الإيراني يجدد حملات القمع الذكورية
- وناسه رجعت من تاني.. تردد قناة وناسه الجديد 2024 بجودة عالية ...
- الاحتلال يعتقل النسوية والأكاديمية الفلسطينية نادرة شلهوب كي ...
- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران
- انضموا لمريم في رحلتها لاكتشاف المتعة، شوفوا الفيديو كامل عل ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نضال الربضي - لما ضحكت موناليزا