أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نضال الربضي - -ثُلاثيو القوائم- – حينما يخدم الخيال العلمي الواقع















المزيد.....

-ثُلاثيو القوائم- – حينما يخدم الخيال العلمي الواقع


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4334 - 2014 / 1 / 14 - 10:22
المحور: المجتمع المدني
    



قدمت ُ في مقال ٍ سابق مدخلا ً إلى أدب الخيال العلمي حيث اخترت ُ حينها رواية جون كريستوفر John Christopher الثلاثية Tripods أو "ثُلاثيو القوائم" نموذجا ً، و يمكنكم العودة للمقال باستخدام هذا الرابط:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=394046

و رأيت وقتها أن جون كريستوفر قد قدم فنا ً جديدا ً نسبيا ً بأسلوب قريب من الواقع ليأخذنا إلى عصر ٍ يستعبدنا فيه جنس ٌ من المخلوقات الفضائية بواسطة قبعات رأس إلكترونية صغيرة يتم تثبيتها على المساحة العُليا من الجمجمة تلتصق باللحم و تتداخل معه و ترسل الإشارات للدماغ بالولاء و الطاعة لهؤلاء الغرباء.

ثم أسقطت ُ في نهاية المقال مفهوم قبعات الرأس الظاهري على استعباد الأيدولوجيا للبشر مُستدعيا ً الروائي الكبير الأستاذ إحسان عبد القدوس حتى يقول لنا جميعا ً أننا ما زلنا عبيدا ً لمبادئنا على اختلافها و أن حريتنا ربما هي فقط أن نُستعبد للغايات التي نأنس إليها و نسعى لتحقيقها.

أود ُّ اليوم أن أزور ثلاثي القوائم مرة ً أخرى، لأركز على الفصل الأخير من الجزء الثالث و الأخير من الرواية "بُحيرة النار" The Pool Of Fire. في هذه الجزء ينجح البشر في أسر ِ أحد الغُزاة و دراسته، و يتعلمون نقاط ضعف عدوهم ثم يضعون خطة ً للدخول إلى مُدنهم الثلاثة و القضاء عليهم بتسميم مياه شربهم بالكحول، و هي المادة الوحيدة التي لا يستطيع الغزاة أن يرصدوها في الطبيعة لكنها تصيبهم بالشلل مما يتيح للثوار أن يدمروا المدينة بفتح الأجواء للهواء النقي و خروج "هواء" الغزاة المُصطنع إلى الخارج فيختنقون.

في الفصل الأخير و بعد تدمير الغزاة بإحلال الهواء النقي مكان هوائهم الصناعي الخانق يتحرر البشر أخيرا ً، و يأتي دور العمل الجاد لإعادة البناء و إحلال النظام مكان الفوضى و وضع التراتبيات القيادية و آليات التنفيذ و المراقبة و التقييم، فلا بد من هرمية تنظيمية في هذا الوضع الحرج، و لا بد من "مؤتمر" للبشر.

في فصل ِ "مؤتمر البشر" The conference of men يتكلم الحكيم جوليوس عما وصل إليه البشر من حرية، و يتنازل بكل حكمة و طواعية عن دوره القيادي طالبا ً من جميع الأمم الحاضرة أن تنتخب مجلسا ً جديدا ً بقيادة ٍ جديدة، فيبدأ الفرنسيون ليتصدروا المعارضة و يتهموا جوليوس أنه ما أتى بهم إلى هذا الموقع الجغرافي بالذات إلا لأنه مركز المقاومة و بدل أن يستدلوا من هذا على قوة الاتحاد و الأساس الذي يجب ألا ينساه البشر حين يتخذون قرارهم، يُشير باتهام ٍ واضح أن الاختيار هو بمثابة تذكير خبيث بدور جوليوس و ضغط ٌ مباشر عليهم لإعادة انتخابه، و ترتفع الأصوات المؤيدة و المعارضة إلى أن يقرر الأمريكيون أنهم قادرون على إدارة قارتهم باستقلال ٍ عن الآخرين، و ينسحب الصينيون و يقرر الألمان تذكير الجميع بقوة سلاحهم الجوي الحديث الناشئ و ينفض المؤتمر بعودة الحال إلى ما كان عليه قبل مجئ الغزاة الفضائين، بينما جوليوس جالس ٌ حانيا ً رأسه واضعا ً إياه بين يديه الاثنتين ينظر في الأرض، مُستشعرا ً الهزيمة لأول مرة، مُدركا ً ضياع كل شئ.

في ختام الفصل يقرر أبطال الرواية: ويل، فريتز، بينبول، أن المعركة الآن هي معركة السلام، معركة جذب الأطراف المتباعدة المتنافرة لتلتقي، معركة السفارات و التفاهمات و بناء التحالفات، معركة تقريب العقول و توحيد البشر، و هي معركة يخوضها البشر مع أنفسهم ضد أنفسهم من أجل أنفسهم بواسطة أنفسهم.

لا أرى جون كريستوفر إلا يصف واقعا ً أكثر منه خيالا ً، فلقد خضنا حربين عالميتين اثنتين، ذهب فيهما ملاين ٌ من البشر، و بنينا بعدهما دولا ً حديثة، و شكلنا عُصبة الأمم المتحدة و مجلس الأمن، و اتخذنا القرارات و أنشأنا اللجان ووضعنا أنظمة التصويت و آليات العمل، لكننا بعد كل هذا ما زلنا في المربع ما قبل الصفر:

- نفشل في تحديد الأخطار قبل وقوعها.

- و حين نحددها نعجز عن اتخاذ قرار ٍ حاسم لمنعها.

- لا نتفق على تعريف العدالة مع أننا نعرفها جيدا ً.

- نحدد حقوق الإنسان بمواثيق دولية لكي نطبقها في الدول الغنية و المتقدمة تكنولوجيا ً و التي تطبقها باختيار شعوبها.

- لكننا نحاول فرضها بالقوة على الدول المتخلفة و الفقيرة كأنها شرائع مُطلقة بينما الناس في تلك الدول مشغولة برغيف عيشها و فقرها و مرضها و تنظر إلى عجرفتنا بتعجب من هذا الترف الفكري الذي يتجاهل عُريها و حاجتها للغذاء و الكرامة بينما يقدم لها فرامانات في المستويات الأخلاقية.

- و يزداد التناقض حينما تتعارض مواثيق حقوق الإنسان مع ممارسات الدول الكبرى الداعمة للسياسات الصهيونية في قتل الأرض و الإنسان الفلسطيني و في دعم ديكتاتوريات العالم بأجمعه ضد الشعوب الفقيرة، فتفقد تلك المواثيق مصداقيتها بانعدام مصداقية حامليها.

- و تنتشر مليشيات إسلامية مسلحة في أماكن النزاع في العالم تغذيهم بالسر أجهزة مخابرات الدول الكبرى بينما تحاربهم أجهزة أخرى لنفس تلك الدول، في مسرحية بائسة مكشوفة، تلعب على أوتار الخوف و الحاجة السياسية إلى استدامته دون القضاء عليه.

- و يتم تقتيل الأقليات المسيحية و الكردية و تهجيرهم و خطفهم على مرأى و مسمع من العالم دون أن يتحرك أحد.

- و ترمي الدول الكبرى محاصيل القمح في البحر و تشجع الاقتصاد الحر و العولمة لكي يبلع المول الدكانة الصغيرة و الماكدونالدز المطعم الشعبي الصغير و يزداد الغني غنى ً و الفقير فقرا ً باسم الانفتاح و تحويل العالم إلى قرية صغيرة.


ما زلنا مُستعبدين، ما زالت الأدلجات تتنازعنا، يُمسك رجل الدين بطرف ٍ من أطراف الثوب، بينما تمسك الاستهلاكية المادية بطرف ثاني، و يمسك رجال الأعمال و شركاتهم بطرف ٍ ثالث، و تنفخ ريح الحياة في الثوب حتى يبدو من تحته عُرينا واضحا ً لا يغطيه شئ، دليلا ً على أن غريزة البقاء هي الوحيدة التي ما زالت غير مشوهة ٍ فينا بينما عقولنا التي نمت نحو الوعي لم تخدمنا إلا في جعلنا أكثر عبودية ً من ذي قبل، و لا عزاء للبشر!



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرسالة إلى الدكتور حسن محسن رمضان
- دراما المشاعر – اللاوعي و ندوب نفسية
- ما هي المسيحية – تأمل صباحي قصير
- قراءة في بواعث الفعل عند السلفين التكفيرين
- -ثُلاثيو القوائم- – نظرة إلى أدب الخيال العلمي الأول
- من سفر التطوير الديني - إصلاح الكنيسة – الطلاق
- هل المسلمون طيبون؟ هل المسيحيون أطيب؟
- عن الله و الشيطان – وصف ُالمشهد
- من سفر التطور – أين ذهب الشعر؟
- من سفر الله - في مشكلة التسليم – إن شاء الله و ألف ألف مبروك
- الفصح الميلادي – تأمل
- عشتار – 1- الله و الشيطان، مُلحق إغنائي
- انخماد الوهج – مسيحيو الشرق بين عدم اكتراث الأكثرية المعتدلة ...
- أبون دبشمايو ، نثقدش شماخ – إلى قلب الله
- عن يوسف النجار – في زمن الميلاد
- اليونسيف، الميلاد و العطاء – أنت أيضا ً تستطيع!
- أشعياء النبي - في التحضير النفسي للميلاد – صبي ٌّ صغير ٌ يسو ...
- تسعة أيام قبل الميلاد – المسيحيون، ما زلنا هنا!
- مُصالَحة ُ الإيمان مع العقل – الممكن الضروري.
- قيمة الإنجيل الحقيقية – لماذا المسيحية كخيار؟


المزيد.....




- إجلاء قسري لمئات المهاجرين الأفارقة من مخيمات في العاصمة الت ...
- إجلاء مئات المهاجرين المتحدّرين من جنوب الصحراء من مخيمات في ...
- إجلاء قسري لمئات المهاجرين المتحدّرين من جنوب الصحراء من مخي ...
- وقفة أمام مقر الأمم المتحدة في بيروت
- نائب مصري يحذر من خطورة الضغوط الشديدة على بلاده لإدخال النا ...
- الأمم المتحدة: فرار ألف لاجئ من مخيم إثيوبي لفقدان الأمن
- إجلاء مئات المهاجرين الصحراويين قسرا من مخيمات في العاصمة ال ...
- منظمة حقوقية: 4 صحفيات فلسطينيات معتقلات بينهن أم مرضعة
- السفير الروسي ومبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا المستقيل يبحثان ...
- قرابة 1000 لاجئ سوداني يفرون من مخيم للأمم المتحدة في إثيوبي ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نضال الربضي - -ثُلاثيو القوائم- – حينما يخدم الخيال العلمي الواقع