أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - حين يمسي اليسار يميناً














المزيد.....

حين يمسي اليسار يميناً


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4384 - 2014 / 3 / 5 - 14:00
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


لأن الأرض دائرة بيضاوية لا خطاً مستقيماً في المطلق، لذا تكون النقطة الأبعد مسافة من أخرى هي بالضرورة الأقرب إليها من الناحية المقابلة. فرغم المسافات الشاسعة التي كانت تفصل بين قطبي الحرب الباردة العظميين خلال النصف الثاني من القرن الماضي، في الحقيقة كان لا يفصل بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في الناحية المقابلة سوى حداً بحرياً افتراضياً عبر المحيط الهادي قد لا يتعدى عرضه في أوسع نقاطه بضعة كيلومترات فقط.

لا شك أن المسافات شاسعة بين اليساريين السياسيين وخصومهم جهة اليمين، وكلما زادت الهوة بين الطرفين ازدادت العداوة اشتعالاً بالضرورة. حتى اليوم لا تزال أصداء الحروب الساخنة والباردة بين المعسكرين تدوي شرراً من حين لآخر في أكثر من مكان، مثل كوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا، أو في تنافس اقتصادي مستعر بين الصين وأمريكا، أو صراع مكتوم حالياً على مناطق النفوذ بين روسيا الاتحادية والغرب. في كل ذلك، قد لعب ولا يزال اليساريون دوراً بارزاً.

في الأصل، قد نشأ اليسار كرد فعل ’متوتر‘، وغالباً ’متطرف‘، ضد الثورة الصناعية في الغرب، وما استتبعها من سعي محموم ونهم وراء المواد الخام وفتح الأسواق العالمية وتحرير تجارة البضائع وحركة رؤوس الأموال والشركات المتعددة الجنسيات المتولدة عن هذه الصناعة العملاقة، الذي قاد بدوره تدريجياً إلى تطور ’حركة استعمارية‘ غربية غطت أغلب بلدان العالم النامي هدفها الرئيسي تأمين تدفق هذه المصالح الجديدة. اليسار قد نشأ ووقف بقوة ضد هذا المد الاستعماري الغربي، الذي رأى فيه ’استغلالاً‘ بشعاً لحقوق الشعوب الضعيفة و’نهباً‘ لثرواتها الطبيعية، من قبل ’رأسمالية‘ غربية متوحشة.

ومن المفارقة اللافتة أن الفكر اليساري- وإن لم ينشأ هناك- قد انتشر بين المجتمعات ذات الأكثريات الريفية، المعاقل التقليدية للنزعات اليمينية والمحافظة، ولم يحظى بانتشار واسع داخل البلدان حيث مستويات التمدن والتعليم والوعي بحقوق الفرد الأعلى. وكان لهذه الأرضية التقليدية المحافظة التي تفجر منها المد الثوري اليساري وأفرخ دولاً شيوعية تنتهج النظرية اليسارية المضادة للبرجوازية والرأسمالية الطبقية والإمبريالية الغربية أثراً باقياً على طبيعة اليسار نفسه، سواء من حيث الفكر أو الممارسة التطبيقية.

ففي حين قد قام اليسار في الأساس على نقض الاستغلال الطبقي وتحقيق المساواة التامة بين الأفراد وتحرير الشعوب المغلوبة، غير أنه بعد أن تمكن من الوصول إلى سدة الحكم الفعلي تحول إلى نظم سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية تفوق أضعافاً مضاعفة نظيراتها الرأسمالية في الاستبداد والقمع والظلم والبطش والتنكيل والاستغلال، سواء ضد مواطنيها أنفسهم أو ضد دولاً جارة أو نائية. اليسار، في الممارسة، حقق من ’الظلم‘ أبشعه، ولم يأتي من ’العدل‘ المنشود شيئاً يذكر.

على سبيل المثال، كان موقف اليسار من ’الدين‘ و’الملكية الخاصة‘ كاشفاً. ففي تطرف لا تفسره سوى قاعدته الريفية العريضة البدائية الغرائز، حيث تغلب بالفطرة الانفعالات الحادة المتقلبة والممارسات العنيفة على رفاهية التأمل الهادئ والتفكير والتخطيط المدروس، لم ترضى الأنظمة الشيوعية الحاكمة بأقل من القضاء على الدين كلياً واستئصال غريزة التملك الخاص من ذاكرة شعوبها، إلى الأبد.

لأنهم في الأصل- ربما بدافع مثاليتهم الريفية العاطفية- متطرفون، لهذا لم تكن المسافة بعيدة كما قد يتخيل بين اليساريين المتطرفين من الداعين إلى المساواة والعدالة المطلقة من جهة، وبين المتطرفين الدينيين أو اليمينيين أو الرأسماليين الداعين إلى الضد من ذلك من الجهة المقابلة. على هذا، قد لا أرى حداً أعرض من خط وهمي رفيع يفصل بين ’المتطرفين اليساريين‘ المنادين بالمساواة التامة بين كل البشر، وبين ’المتطرفين الدينيين‘ الداعين إلى الضد، إلى إخضاع أغلب البشر لفتاوى نخبة صغيرة من فقهاء الدين، وإسلام الجميع في النهاية في طاعة عمياء وعبودية ذليلة لإله واحد أحد. وفي الحالتين، لم يعدم المتطرفون على كلا الجانبين من الوسائل والسبل البشعة لإنفاذ إرادته المتطرفة على الطرف الآخر.

لأن العلاقة بين الأطراف المتنافسة والمتصارعة لا تسير في خط مستقيم بلا نهاية كما قد يظن المتطرفون منهم، فكلما بعدت المسافة واتسعت الهوة بين طرفين من جهة كلما زاد اقترابهما أكثر من بعضهما البعض على الجهة المقابلة- عند نقطة التقاء ’متطرفة‘.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاربة الذيب في تفنيد الدين
- مُعلق تحت الأرض
- حين تتحول المساجد إلى سجون
- ما بين العنصرية العربية والمساواة الديمقراطية
- الإسلاميون بين التقية والتمكين
- الحدود انتهاك بشع لكرامة الإنسان
- على ميزان القيمة الإنسانية
- السيسي وعنان، وبينهما الإخوان
- عن ضرورة ترويض الإسلاميين
- أنت مين قولي...
- خرافة الإسلام المدني
- هيا بنا نقضي على الإسلام
- ثورة القرضاوي، انتقامية أم إصلاحية؟
- إذا نجحت ثورة الإخوان
- وماذا يريد الإخوان من مصر؟
- في كراهية بشار الأسد
- عن الديمقراطية الإسلامية في إيران
- هل الديمقراطية ضد الدين؟
- في رياضة الإسلام السياسي
- سلميتنا أقوى من الرصاص


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - حين يمسي اليسار يميناً