أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فارس حميد أمانة - هل تحمل وطنك في قلبك أنى حللت ؟














المزيد.....

هل تحمل وطنك في قلبك أنى حللت ؟


فارس حميد أمانة

الحوار المتمدن-العدد: 4364 - 2014 / 2 / 13 - 11:46
المحور: كتابات ساخرة
    


وطني هو هويتي .. أحمله في قلبي وضميري أنى رحلت وأنى حللت .. وطني هو كرامتي أحفظها دائما فهو أنا ..

عام 1986 وعندما كنت في طريقي الى سجن أبو غريب سيء الصيت قادما من كركوك لزيارة قريب لي مسجون هناك ومحكوم بالاعدام جلس بجانبي شاب صغير لا يتجاوز عمره ستة عشر ربيعا .. تجاذبت معه أطراف الحديث فعرفت من لغته العربية الضعيفة انه ولد في قرية بعيدة من قرى مدينة السليمانية شمال العراق من أب عربي من الرمادي وأم كردية من تلك القرية .. شاكسته قليلا بأنه عربي ومن المعيب أن يتعثر لسانه باللغة العربية .. فأجابني بأنه كردي ولاضير في ضغف لغته العربية .. قلت مشاكسا أكثر ان أباه عربي .. فأجابني ان الأرض التي ربته أرض كردية لذا فهو كردي .. أعترف ان جوابه أفحمني .. وأحسب انني تعلمت منه حينها الكثير رغم فارق العمر بيننا ..

تذكرت كل ذلك حين عرضت شاشات التلفاز أحداث مترو لندن قبل سنوات ثم نشر لاحقا ان الفاعل بريطاني ولد في لندن من أصل باكستاني .. تسائلت في نفسي لماذا لم يحافظ هذا الشاب على وطنه الثاني الذي ولد وترعرع فيه ؟ .. لماذا لم يحترم الأرض التي ربته وصانت انسانيته كهذا الكردي الذي قابلته عام 1986 ؟ ولماذا كان هذا الشاب باكستانيا متطرفا ولم يكن بريطانيا معتدلا في أرض آوته وشب وترعرع وتعلم فيها ؟ لماذا عض اليد التي أطعمته بدلا من جميل العرفان ؟ بدا الأمر لي معقدا جدا ..

هناك نقطة أخرى وددت التطرق اليها في هذا المقال .. هل نمثل بلدنا أحسن تمثيل عندما نسافر خارجا ؟ هل نكون مثالا رائعا وقدوة رائعة لكل من نلتقي بهم خارجا لنرفع اسم البلد عاليا ولنحفظ له هيبته وكرامته ؟

عام 1982 وعندما كنت في مدينة ميونخ بالمانيا في مهمة تدريبية فنية حصلت على سمة الدخول للنمسا لمدة اسبوع .. ركبت القطار الذي تحرك عند الصباح الباكر تاركا خلفه مدينة ميونخ الرائعة ليخترق الأودية والغابات قاصدين مدينة انزبرووك النمساوية .. توقف القطار عند الحدود بين المانيا والنمسا ليصعد شرطي الى القاطرة وينظر للركاب نظرة خاطفة ويهم بالنزول .. الا انه توقف عند الباب عندما لمحني أو بالأحرى عندما لمح لون بشرتي الأغمق من ألوان وجوه البقية ورجع مرة أخرى ثم توجه لي مباشرة وهو يقول بالألمانية : " أوراقك من فضلك ياسيدي " رددت عليه وأنا أمد يدي بجواز السفر : " أتحدث الانكليزية يا سيدي " وعنما قلب في الجواز اعتدل في وقفته وقال بالانكليزية وبكلمات رصينة : " سيدي .. باسم حكومة النمسا أود أن أعلمك بان بقاءك على الأراضي النمساوية بعد تاريخ السابع والعشرين من هذا الشهر يعتبر غير قانوني ..اعلمني ان فهمت ذلك ؟ " .. فأجبت وبنبرة رصينة جدا : " فهمت ذلك سيدي .. وسألتزم به " .. سلمني جواز سفري ونزل من العربة ..

أحسب ان الشرطي حينها مثل بلده تلك الدقيقة أحسن تمثيل ولم يحدثني كشرطي بل حدثني وكأنه النمسا كلها .. كان نمساويا جدا فكان لابد من أن أكون في اجابتي له عراقيا جدا ..

خريف عام 2007 وصلت في مهمة تدريبية رسمية مع ستة عشر مهندسا الى سيئول عاصمة كوريا الجنوبية بعد ساعات طيران طويلة عبر مطار دبي الدولي .. رغم التعب الشديد اغتسلت ثم أبدلت ملابسي بأخرى ونزلت لأقف بباب الفندق متأملا تلك الشوارع النظيفة الراقية ومتأملا موظفي المكاتب والشركات وهم يغادرون المباني نهاية الدوام الرسمي عند الخامسة عصرا لابسين ملابسهم الرسمية الأنيقة .. لمحت أحد زملائي المهندسين واقفا أيضا لكن بملابس النوم وهو يضع منشفة حمام على رقبته ومرتديا صندلا بدلا من الحذاء .. حسبت حينها انه سيكون مثالا سيئا لعراقي يقف هكذا في الحي التجاري الراقي وسط سيئول .. فطلبت منه بتهذيب ورفق الرجوع الى غرفته وابدال ملابسه بالملابس الرسمية .. امتعض الشاب مني بشدة وامتنع عن الرجوع .. عندها وضعت القناع الرسمي على وجهي وأمرته بلهجة حازمة قائلا له : " أمنعك من الاساءة للعراق وبدون ضرورة .. ارجع وأبدل ملابسك فورا .. والا .. " فرجع صاغرا لكن ممتعضا .. رأيت لاحقا انه لا بد من الاعتذار له مع تبرير تصرفي .. ففعلت ..
احملوا وطنكم في قلوبكم أينما رحلتم ..



#فارس_حميد_أمانة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنتن الأمل .. فلا تستسلمن
- تراتيل الروح .. وتراتيل الجسد
- أفروديت
- احسان عبد القدوس .. وأدب الخروج - الجزء الثالث
- المفتاح
- علاقات خطرة
- حنين
- احسان عبد القدوس .. وأدب الخروج - الجزء الثاني
- احسان عبد القدوس .. وأدب الخروج - الجزء الأول
- محمد الماغوط .. وهاجس الخوف والضياع
- تفجيرات اليوم .. عجز لحكومة بغداد .. أم ماذا ؟
- زوربا اليوناني .. ونيكوس كازانتزاكيس .. وملحمة الروح والجسد
- تاراس بولبا .. قراءة ثانية
- نساء فقدن أسمائهن
- مشاهدات من المانيا - الجزء التاسع
- عذاب آل كشموش .. شخصية لن تتكرر
- قوة الرجل .. وضعف المرأة .. وزوربا اليوناني
- مشاهدات من بلاد النكت .. والزحمة .. والشطارة - الجزء الرابع
- مشاهدات من بلاد النكت .. والزحمة .. والشطارة - الجزء الثالث
- مشاهدات من بلاد النكت .. والزحمة .. والشطارة - الجزء الثاني


المزيد.....




- -انطفى ضي الحروف-.. رحل بدر بن عبدالمحسن
- فنانون ينعون الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- قبل فيلم -كشف القناع عن سبيسي-.. النجم الأميركي ينفي أي اعتد ...
- بعد ضجة واسعة على خلفية واقعة -الطلاق 11 مرة-.. عالم أزهري ي ...
- الفيلم الكويتي -شهر زي العسل- يتصدر مشاهدات 41 دولة
- الفنانة شيرين عبد الوهاب تنهار باكية خلال حفل بالكويت (فيديو ...
- تفاعل كبير مع آخر تغريدة نشرها الشاعر السعودي الراحل الأمير ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 158 مترجمة على قناة الفجر الجزائري ...
- وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبدالمحسن عن عمر يناهز 75 عاماً ب ...
- “أفلام تحبس الأنفاس” الرعب والاكشن مع تردد قناة أم بي سي 2 m ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فارس حميد أمانة - هل تحمل وطنك في قلبك أنى حللت ؟