أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فوزي الاتروشي - حين تقول الطبقة السياسية العراقية للثقافة والفن : بعيدا ً عني















المزيد.....

حين تقول الطبقة السياسية العراقية للثقافة والفن : بعيدا ً عني


فوزي الاتروشي

الحوار المتمدن-العدد: 4329 - 2014 / 1 / 8 - 15:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كتابات لا حصر لها وشكاوى دائمة يطلقها مثقفون عراقيون عبر المواقع الالكترونية والصحف والفضائيات واثناء مراجعاتهم لنا في الوزارة تركز حول قلة حضور الطبقة السياسية للمناسبات الثقافية والفنية وقلة اهتمامها بالمبدعين الاحياء منهم والراحلين .
وهذه الملاحظة لا توجه حصرا ً الى وزارة الثقافة باعتبارها المؤسسة الرسمية المعنية بالمنجز الثقافي والفكري والادبي والفني , وانما توجه اساسا ً الى كل الطبقة السياسية والاحزاب السياسية والهياكل الرسمية الادارية في البلد .
والغريب ان هذه الظاهرة اشتدت بروزا ً بعد التغيير في عام 2003 في حين كان المتوقع خلاف ذلك تماما ً .
ان فوز مبدع عراقي بجائزة دولية او رحيل كاتب او فنان عراقي كبير او تسهيل عودة الفنانين والادباء والمفكرين الى الوطن, او تقديم العون اللازم في حالات المرض والعوز والتقاعد, هو امر لابد ان يكون الجميع مسؤولون عنه الى جانب وزارة الثقافة لان الابداع الفكري بكل تجلياته حالة وطنية وتجذير لمكانة الوطن على المستوى العالمي, وهذا يفترض ان كل العاملين في الحقل السياسي من المقامات العليا ان تكون معنية به ومهيأة لتحمل المسؤوليات تجاه الفعل الثقافي الذي يؤسس للهوية الوطنية الشاملة وللمشتركات العراقية. وبالعكس فان التشظي والتمزق يستمر في احداث خروقات يصعب ترقيعها في نسيج الهوية العراقية اذا استمر الحذر من الفعل الثقافي الفني او التوجس من صاحبه, او ادعاء ثقافة باتجاه واحد ديني او حزبي او مناطقي او طائفي او منغلق على ذاته, او متورط في محاولة تقديم تعريف للثقافة يستند على خيار فكري واحد بنيّة اقصاء الخيارات الاخرى.
ان كل الخيارات الشمولية القومية او الدينية او الايديولوجية سقطت عبر التاريخ وبقي الخيار المدني التعددي المتحرر من الرقابة والمتمسك بحرية الابداع هو الخيار المتميز بالنجاح والذي زكّته الحياة والحضارة . وسقوط النازية والفاشية وانهيار المنظومة السوفيتية الشيوعية في العالم , وفشل الثقافة المتقوقعة داخل اطار قومي ضيق الافق ابان النظام السابق في العراق كلها ادلة لا تخطؤها العين على مانقول .
لقد ترددت كثيرا في الافصاح عن هذا المفصل الذي طالما دار بذهني لان القارئ من حقه ان يقول ان كاتب هذه السطور وزملاؤه في وزارة الثقافة يتحملون الوزر الاكبر فلمن توجه هذه الكلمات ؟ .
واعود لأقول اننا في الوزارة معنيون بلا شك ونبذل قصارى الجهد لنكون اهلاً لتقديم ثقافة مضيئة متطورة قادرة على ربط العراق بالعالم ثقافيا ً ولترجمة افكار المثقفين العراقيين الى واقع ملموس على الارض .
ولكن للموضوع صلة فالصورة لا تكتمل ان لم نركز على هم وطني شامل بالثقافة والفن يكون فيه للجميع حصة لان المبدع كما قلنا ثروة وطنية ووسام على صدر الوطن وعلم ناطق بأسم العراق وتأريخه وحضارته في المنابر العالمية .
فهو امر مثير للغرابة ان لا يحضر حفل تأبين المبدعين او حفل تكريمهم من قبل وزارة الثقافة سنويا ً في دائرة العلاقات الثقافية العامة , الا اقل القليل من المسؤولين الكبار ورؤساء الاحزاب واعضاء البرلمان , وكم مرة عانينا وتحملنا شكاوى مريرة من المثقفين اثناء تشييع جثمان مبدع الى مثواه الاخير لا تحضره الا الحلقة القريبة من الادباء والفنانين ليصبح الراحل في اليوم الثاني على ارشيف النسيان من قبل طبقة واسعة من السياسيين يفترض ان يكونوا مع وزارة الثقافة في تحمل وقع هكذا احداث .
وفي هذه الايام رحل المبدع الكبير (فؤاد سالم) وهو يستحق تشييعا ً رسميا ً من قبل الدولة العراقية وليس وزارة الثقافة وحسب , ويستحق ان يحزن له الوطن كله مثلما احتفى به الوطن كله وفرح بأغانيه والحانه وهو على قيد الحياة . وللراحل كل الحق ان يكون له راتب تقاعدي مجزي يشعر ذويه واهله بأننا اوفياء لانسان مناضل وفنان مقاوم لم يركع ولم يستسلم للنظام والدكتاتورية ولو لحظة واحدة وظل يكافح من اجل حرية العراق .
ان (فؤاد سالم) ليس ملكا ً لحزبه وهو الذي غرّد دوما ً خارج "الحزب" من اجل الوطن كله ايمانا ً منه بأن صوته وفنه والحانه ثروة وطنية وليست حزبية , فاذا كان الحزب الشيوعي العراقي هو حاضنته للعمل السياسي وخياره الفكري , فان العراق بكل تضاريسه وتنويعاته كان بيته الحميم واهله الذين غنى (فؤاد سالم) من اجلهم بدءا ً ببصرة الماء والنخيل مرورا ً ببغداد وصعودا ً الى جبال كوردستان ومدينة (حلبجة) التي تماهى الراحل مع احزان ضحاياها .
في العراق الملكي كان ملوك العراق هم الذين يحضرون الاحتفالات الفنية ومعارض التشكيل ويكرمون الفنانين والادباء ويفتخرون بكل اسم على لائحة المبدعين , وكان (نوري السعيد) الذي تسلم رئاسة الوزراء (14) مرة هو الذي يزور القبانجي في بيته والشاعر (الزهاوي) في مقهى الزهاوي في شارع الرشيد , ويحتفي بمبدعات كبيرات مثل الفنانة الرائعة (سليمة مراد) او (سليمة باشا) وفاتنة بغداد (عفيفة اسكندر) , وكانت ليالي ونهارات عامرة في ذلك الزمن بالحضور المكثف للسياسيين والوزراء في المناسبات الفنية والادبية وفي معارض التشكيل , لا سيما عند استقبال فنانين كبار من خارج العراق مثل الزيارة الشهيرة لكوكب الشرق (ام كلثوم) الى بغداد حيث كان استقبالها مثيرا ً للاعجاب حيثما حلّت وقيلت فيها قصائد ترحيبية بينها قصيدة للشاعر (الزهاوي) .
في العالم المتحضر كله تكون الثقافة هما ً للوطن كله وليس لوزارة واحدة فقط , فالوزارة مهما فعلت لن تستطيع لوحدها مجابهة كل التحديات الثقافية فلا بد ان يكون الجميع معها لخلق مجتمع مثقف يؤدي بالضرورة الى الوئام والسلام والتعايس الاجتماعي .
فهذه فرنسا وعاصمتها باريس التي تسمى – بحق – عاصمة النور همها الاكبر متجه الى وزارة الثقافة والمشهد الثقافي اكثر من كثير من الوزارات الاخرى , وحين رحل فيلسوفها (جان بول سارتر) الذي شغل فرنسا والعالم على مدى عقود بنتاجه ومعاركه الفلسفية كرائد للفلسفة الوجودية , قال احد السياسيين الفرنسيين :- (مات سارتر ... ماتت فرنسا)
وفي المانيا حيث لا توجد وزارة اتحادية للثقافة بل هيئة اتحادية لحماية الاثار والتراث , لكن توجد في كل ولاية وزارة محلية للثقافة , اي اكثر من (15) وزارة ثقافة في المقاطعات الفيدرالية وهذا ادى الى تنمية كل الثقافات المحلية بكل تنوعاتها وتفاصيلها وجمالياتها وثرائها في المدن والبلدات والقرى ضمن اطار ثقافة المانية قائمة على اقصى درجات التنوع والتعددية والحرية المطلقة . وكما في المانيا فكل الدول الاسكندنافية تتماثل في جعل الثقافة هم كل مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني وكل الطبقة السياسية الحاكمة .
وبعيدا ًعن طرح امثلة حصرية اخرى نقول ان العالم في تعامله مع الثقافة قطع شوطا ً كبيرا ً جدا ً من الرعاية والاهتمام , ونحن في العراق بحاجة الى الاستفادة القصوى من هذه التجارب وعدم ممارسة الانطواء او الانكفاء والتخندق ضمن اية شرنقة ضيقة .
ان الثقافة في العراق لكي تدشن انعطافتها الكبيرة الى المستقبل المضئ لابد ان تبقى حرة لا تلتزم الا بالانسان والوطن ولا تقبل اية اشتراطات او محددات رغبوية نزعوية وماضوية تتعامل معها بمنطق التحريم والتخوين والتكفير الذي مازال يمارسها – مع الاسف الشديد – بعض رجال الدين على منابرهم , وهنا تأتي وظيفة الحكومة والطبقة السياسية العليا لمنع هذا الخطر فهل سنجد في الايام القادمة سياسيين كبار يزورون الوزارة او يتصلون للبحث عن فعالية فنية او لشراء لوحات تشكيلية او لتكريم احد المبدعين ؟ نتمنى ذلك .

31/12/2013
المانيا/فرانكفورت



#فوزي_الاتروشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملتقى الفلم الوثائقي في كوردستان حالة إبداع مبهرة
- رحيل نيلسون مانديلا.. ولكن الى قلب البشرية
- دعوني اعيش.. صرخة تطلقها منظمة (بنت الرافدين)
- حرية ورفاهية المواطن ..اساس وجود الحكومات
- لاحياة لثقافة اللون الواحد
- الحوار جميل..ولكن اي حوار
- مشعل التمو
- الرئيس العراقي ملاذ آمن للعراقيين
- الغاء المادة الثامنة من الدستور السوري...سراب
- المسؤول العراقي وبدائية التفكير والتصرف
- بعيداً عن زخرفة الكلام ... ماذا نريد للصحافة الكوردية
- العراق المخزون في ذاكرة الشعراء ... سيبقى حياً
- اليونان والعراق ... صداقة تستحق التنمية
- لا للورود الاصطناعية والحب الاصطناعي
- من اليونان لوجه بغداد ... تحية حب وتضامن
- الثقافة العراقية ومسافة الالف ميل ...
- اعلان حب لأربيل
- وقلبي معك يا صافيناز كاظم....
- نوروز يوم دموي لأكراد سوريا
- يا رب أحفظنا من الزاهدين في العمل .. والطامعين في المال والك ...


المزيد.....




- أمام المحكمة.. ستورمي دانيلز تروي تفاصيل اللحظات قبل اللقاء ...
- سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.. هذا ما قاله ...
- زاخاروفا: الأسلحة التي يزود الغرب بها أوكرانيا انتشرت بالفعل ...
- النيابة العامة الروسية تعلن أنشطة منظمة -فريدوم هاوس- الداعي ...
- -لإرسال رسالة سياسية لتل أبيب-.. إدارة بايدن تتخذ إجراءات لت ...
- أغنية -الأب العظيم- لزعيم كوريا الشمالية تجتاح تيك توك وتحدث ...
- نتنياهو: إسرائيل لن تسمح لحماس باستعادة الحكم في قطاع غزة
- قاض فرنسي يرد شكويين رفعهما حوثيون على بن سلمان وبن زايد
- بيسكوف: الشعب الروسي هو من يختار رئيسه ولا نسمح بتدخل دول أخ ...
- أوكرانيا تعلن إحباط مخطط لاغتيال زيلينسكي أشرفت عليه روسيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فوزي الاتروشي - حين تقول الطبقة السياسية العراقية للثقافة والفن : بعيدا ً عني