أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فوزي الاتروشي - لاحياة لثقافة اللون الواحد














المزيد.....

لاحياة لثقافة اللون الواحد


فوزي الاتروشي

الحوار المتمدن-العدد: 3995 - 2013 / 2 / 6 - 23:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لاحياة لثقافة اللون الواحد

فوزي الاتروشي
وكيل وزارة الثقافة

الثقافة ذات اللون الواحد كئيبة ومظلمة ومصابة بالعقم. لذلك كلما تلونت, اصبحت وارفة الغصون ويانعة الثمر تكون قد قدست الانسان والوطن وجعلتهما في قلب الحضارة. والثقافة غير الحوارية تكون منطوية على ذاتها ومتنافرة مع الاخرين ومعادية لكل دخيل او وافد جديد, لان الحوار اساس التلاقح وميلاد البشائر المكتنزة بالامل والعمل والانجاز والتفاؤل .
والثقافة التي تصر ان تبقى محلية بدعوى الحفاظ على التراث وتقديسه تظل عصية على الفهم فلا تحل ضيفا على احد ولا تستضيف احدا, بذلك تحكم على نفسها وعلى التراث بالاعدام, لان اي موروث ثقافي اذا لم يتطور وينسجم مع المتغيرات لا يحرك ساكنا ويتلاشى تدريجيا من الذاكرة الجمعية, لذلك وحدها الثقافة ذات البعد الانساني هي التي تترك الوانها وتاثيرها وتفاعلاتهاعلى الحضارة .
وكل ثقافة تتحدث بلغة واحدة وتخضع لسياق ايدولوجي واحد او لظلال قومية او طائفة او دين واحد او جهة ومنطقة بحد ذاتها ,تكون قد اجهزت على نفسها واصبحت اثرا بعد عين وذهبت ادراج الرياح .
هذه هي الخلاصة التي اكدت عليها الادلة والبراهين التاريخية على مر الزمن, لذلك نجد حضارات اثمرت وانجزت وانفتحت وتلاقحت وتوسعت, واخرى انكمشت وانطوت واندثرت من ذاكرة العالم .
علينا ان نتحرك في العراق الجديد بهذا المنظور الاستراتيجي الذي يعم بالخير علينا جميعا. فلا ثقافة غالبة واخرى مغلوبة او واحدة سائدة واخرى مقهورة ولا انصهار للغة في لغة اخرى, فالصحيح هو التناغم والتآلف والتناسق لبلورة ثقافة وطنية عراقية بكل الالوان في اجواء الحرية القصوى واقصى حد من حق التعبير الفني والادبي والفكري.
ومن هذا المنطلق اقدمنا ضمن مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية لعام 2013 على اقامة فعاليات ثقافية للمكون السرياني وللديانة الايزيدية وللكورد والتركمان لكي ينتعش كل مكون بثقافته وينعش مجمل الثقافة الوطنية .
ان المسيرة الخضراء لدول القارة الاوربية بعد الحرب العالمية الثانية حين اقسمت الى الابد على عدم الرجوع الى الماضي ومنع الفاشية والنازية واية صيغة دكتاتورية, وحين وقعت على لائحة حقوق الانسان وعلى حزمة كبيرة من المواثيق الدولية التي تستهدف حفظ وتحصين كرامة الانسان, نقول ان هذه الدول حين اقدمت على هذه القفزة النوعية الجبارة هيأت الاجواء لتبلغ حضارة القرن العشرين اقصى المديات علميا وفكريا واجتماعيا واقتصاديا. فقد فتحت الباب على مصراعيه للفكر الانساني بكل اللغات وكل السياقات وكل التوجهات وحررت الفكر من اية حدود او سدود او اشتراطات وجعلت العقل اساس المعرفة, وقد برهنت العقود الاخيرة ان هذه الدول تقرأ المستقبل بدقة, فالثورة المعلوماتية الحديثة جعلت الحصار على الفكر امرا مستحيلا. ومن جانب اخر فان هذه الدول جمعت الاصالة والمعاصرة معا واستفادت من التراث وعدلته بما يفيد ويغني ويثري حاضر البشرية .
وقبل مدة حضرنا بأسم وزارة الثقافة الى ورشة عمل هامة جدا في دولة قطر حول (تحديات بناء القدرات في مجال حفظ التراث غير المادي ) التي كانت باشراف اليونسكو وبحضور وفود اغلب وزارات الثقافة العربية .
وقد بدا واضحا لنا كم العالم الاوربي والدول المتحضرة متقدمة في هذا المجال والانجازات التي حققها لصون التراث كموروث بشري وفي نفس الوقت التقدم الى الامام من خلال فهم واستيعاب متطور لمفهوم التراث. بعكس دولنا التي تلجأ غالبا الى تقديس التراث مما يؤدي الى تكلسه وغيابه عن وعي العالم. ان الواجب يحتم علينا ان نندمج ونتلاقح ونتحاور وناخذ من الماضي المحطات المضيئة لدمجها بالحاضر, وفي نفس الوقت يتحتم ايضا ان تكون نوافذنا مفتوحة على كل الثقافات الوطنية والعالمية لنبقى في قلب العالم ,والا فأن العالم المتغير سيتجاوزنا حتما.
بغداد7/2/2013



#فوزي_الاتروشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار جميل..ولكن اي حوار
- مشعل التمو
- الرئيس العراقي ملاذ آمن للعراقيين
- الغاء المادة الثامنة من الدستور السوري...سراب
- المسؤول العراقي وبدائية التفكير والتصرف
- بعيداً عن زخرفة الكلام ... ماذا نريد للصحافة الكوردية
- العراق المخزون في ذاكرة الشعراء ... سيبقى حياً
- اليونان والعراق ... صداقة تستحق التنمية
- لا للورود الاصطناعية والحب الاصطناعي
- من اليونان لوجه بغداد ... تحية حب وتضامن
- الثقافة العراقية ومسافة الالف ميل ...
- اعلان حب لأربيل
- وقلبي معك يا صافيناز كاظم....
- نوروز يوم دموي لأكراد سوريا
- يا رب أحفظنا من الزاهدين في العمل .. والطامعين في المال والك ...
- حلبجة عنوان قضية ... ورمز مأساة شعب
- دمك ايها المطران الشهيد ضريبة الحرية
- حضارة دون نساء .. محض سراب
- الشاعر جكر خوين : سجل للشعر الكردي المقاوم
- رحل نقيب الصحفيين ... ولم تصله ورودي


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فوزي الاتروشي - لاحياة لثقافة اللون الواحد