|
ساقان أُنثويتان .. والرأي العام
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4320 - 2013 / 12 / 29 - 14:59
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
ساقان أُنثويتان .. والرأي العام على المدخل الرئيسي لمدينتي التي كبرت معها وكبرت معي ، هناك يافطة اعلانية دعائية كبيرة جدا ، يصطدم بها بصر الداخل الى المدينة ، وهي عبارة عن صورة كبيرة جدا لامرأة أو فتاة من فتيات الاعلانات ، وهي ترتدي " روب" للنوم ، يُغطي جسمها ...لكن يُبقي ساقاها مكشوفتان ، وتحتها كلمات بخط عريض وكبير باسم الشركة التي تصنع هذا النوع من الارواب ( جمع روب )!! وهي دعاية ذات رسالة مُباشرة ، وتُحاول أن تصور الواقع كما هو ، دعاية لروب نسائي ترتديه امرأة ، دونما تسليع ظاهر لجسد المرأة . ما علينا ، يتضح بأن للساق الأُنثوية مكانا خاصا في قلوب ، عقول وضمائر العرب والمُسلمين ، ويتضح أكثر بأن ساقين "عاريتين " قد تجلبان الدمار والخراب على سكان مدينة كاملة ، صغيرها وكبيرها ، أناثها وذكورها ، اذا لم يقم أحد بستر "هذه العورة ". لكن ، مجرد ساقين عاريتين ، على يافطة اعلان ، ليس فيهما الكثير مما يلفت الانتباه ، فقد تواجدتا هناك في لوحة الدعاية فترة طويلة ، ومرت عليهما اعين الجميع ، دون أن "يُثيرا " حفيظة أو غريزة أحد .. وهذه اللامبالاة تجاه الساقين ، هي التي اثارت " الحمية " عند البعض ، بحيث قرروا بأن هاتين الساقين منكر تجب ازالته باليد .. قام "نفر " أو " ثلة " من" الشُرفاء " " الغيورين والحريصين " على "الاخلاق "العامة بتلطيخ الساقين بلون أسود ، وهكذا تم "درء المفاسد " وتم الدفاع عن "اخلاقنا ، عاداتنا و...و.." . تباينت ردود افعال الجمهور على هذا الفعل البُطولي ، فالغالبية والتي تربط الشرف والاخلاق بجسد المرأة ، ، بينما تربط الغريزة الجنسية غير القابلة للتحكم بالذكر ، لذا وحفاظا على الذكر الشبق الذي لا يستطيع التحكم بغريزته ، يجب على المُجتمع أن يُحافظ على حيز عام نظيف من المُثيرات الحسية والمعنوية والتي ، لا سمح الله ، قد تؤدي الى أن يفقد الذكر تمالكه لنفسه فيقوم باقتحام جسد أول أنثى تُصادفه ، قامت هذه المجموعة بالتعبير عن تأييدها لهذه الخطوة الشجاعة. ونظافة الحيز العام تعني فيما تعنيه ، نظافته من الاناث وصورهن !! وهذا ما علق به ذكر شبق :" ناقص بس يحطووو صور لوحده لابسه اواعي سباحه ويحطوها على اول البلد...اشتغفر الله العظيم بس.." فصورة انثى بملابس السباحة هي قمة الاغراء ، بينما نفس الشخص وعندما يذهب الى البحر في اقرب مدينة يهودية ، يتعامل مع الصبايا اللاتي يسبحن بلباس السباحة بشكل عفوي وعادي ، ولا "يغض " بصره حتى ، ولا يشعر بشبق جنسي طارئ حل به لمجرد رؤيته فتاة بلباس السباحة .. لكن التبرير "للفرق " بيننا وبينهم ، عندنا وعندهم ، هو نفسه ويتكرر في كل أماكن تواجدنا وحياتنا :" بلدنا بلد مسلمه ولا يحق تعليق لافتات يوجد فيها العري" .. او :" يعني هاي اعﻻ-;-نات ببلد مسلمه ومحترمه بعرضو نسوان متبرجات لع مش هاظ الصح في اشياء غير للعرض وطرق غير" . فالسبب هو بأن بلدنا بلد محافظ ،وما شابه ذلك ، لذا فلا مكان لعرض دعاية تُروج لسلعة نسائية ، وتكون فيها العارضة امرأة مكشوفة الساقين . لكن ورغم أن دعاة " القيم والاخلاق " هم غالبية المعلقين ، الا أن مجموعة لا بأس بها ، بدأت بالتعبير عن رأيها بجرأة ، وبدأت بطرحه في شبكات التواصل ، بعد أن كانت تحتفظ برأيها لنفسها أو للأصدقاء في الدوائر المُغلقة ، فهذا مُعقب يقول : " شو قصه البلد الملتزم اسلاميا الي بتطنطنوا عليها اصحوا الله يرضا عليكم ..(.اسم المدينة ).. التسعينات غير ..(اسم المدينة )... اليوم". بينما أخر "يبق " الحصوة قائلا :" قمة التخلف وقمة الفساد في ( اسم المدينة )يوجد المتدين ويوجد العلماني والملحد هذا العمل غير اخلاقي ولكل منا حرية تعبير عن راي ". فتشويه اللافتات الاعلانية من وجهة نظر هذا المُعقب هي تخلف ، بل ويقرر بأن أعتبار سكان المدينة بمثابة قطيع متشابه ، فهذا خطأ فادح .. الخطوات الاولى نحو احترام التعددية وحرية التعبير .
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحالة الثورية والمد الثوري ..
-
في الدفاع عن بعض السلفية ..
-
هل المسيحية قومية أم دين ..؟؟
-
فيروز ونصرالله.. وماذا في ذلك ؟؟
-
مخاطر -مهنة - الابداع ..
-
-اصوات - مثلية -تخرج - من الخزانة ..
-
محمود -الشوعي - وأراؤه
-
جنس ودواجن...!!
-
تخصصات نادرة ...
-
بين النقد والشتيمة ..
-
لا لقتل اسرائيل .. نعم لإنقاذ فلسطين
-
قطاع غزة والجنة ...!!
-
أحاديث في غرفة العناية المُكثفة ..
-
شيطنة أم مواجهة ؟؟!! تعليق على مقال الاستاذ خالد الحروب
-
هاجس الكتابة بين النرجسية والعلاج الذاتي
-
جدلية العلاقة بين الشكل والمضمون
-
هل حقا هذا موقع للحوار ؟؟
-
العملاق هوى .. مانديلا يفارق الحياة
-
لنا .. ولكم .
-
لوركا وعُرس الدم السوري ...!!
المزيد.....
-
شاهد.. أرجنتينية بالغة من العمر 60 عاما تتوج ملكة جمال بوينس
...
-
إلغاء حكم يدين هارفي واينستين في قضايا اغتصاب
-
تشييع جنازة امرأة وطفلة عمرها 10 سنوات في جنوب لبنان بعد مقت
...
-
محكمة في نيويورك تسقط حكما يدين المنتج السينمائي هارفي واينس
...
-
محكمة أميركية تلغي حكما يدين -المنتج المتحرش- في قضايا اغتصا
...
-
بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر
...
-
هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي
...
-
“لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع
...
-
شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
-
“800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم
...
المزيد.....
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
-
الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم
...
/ سلمى وجيران
-
المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست
...
/ ألينا ساجد
-
اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019
/ طيبة علي
-
الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1]
/ إلهام مانع
المزيد.....
|