أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - توفيق أبو شومر - موتوا لتخلدوا














المزيد.....

موتوا لتخلدوا


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 4278 - 2013 / 11 / 17 - 22:06
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


إليكم هذه اللقطة يتحدث فيها كاتبها عن الرسائل البريدية الورقية:
"إني أرى الرسائل المكتوبة قد طال عليها الزمنُ، حتى أدركها البِلى، إنها الرسائل على اختلاف الحقب والعصور، منذ ضربت بها الإبلُ أرجاءَ الفيافي، إلى أن حملتها الباخرة والطائرةُ، من أقصى مكانٍ إلى أقصى مكان، إن الرسالةَ هي هي لا تتغير،ما أشوقني إلى اختراعٍ آخر يَحُلُّ محلَّ هذه الرسائل العتيقة! لمَ لا تكونُ للإنسان مِسَرَّةٌ لاسلكية، أو نحوها، ليقومَ التخاطبُ مقامَ التكاتُبِ، فتُغني الأصواتُ عن الأسطار، ويُغني اللسانُ عن القلم ، ويُغني الأثيرٌ عن ورقٍ ومِداد؟!!"
هل تصدقون أن كاتب هذه ( الأمنية) أو النبوءةِ هو الأديبُ المصري الكبير محمود تيمور المولود 1894، في كتابه ( أبو الهول يطير)، والغريب في ذلك، أنه تنبأ بالمِسَرَّةِ اللاسلكية أي [الجوال) عندما سافر لأمريكا بتاريخ 4 إبريل عام ألفٍ وتسعمائة وستة وأربعين؟!!
الأديب القصصي والمبدع محمود تيمور، هو من فئة المبدعين، على شاكلة أبي الطيب المتنبي، وأبي العلاء المعري، وأبي حيان التوحيدي، وابن سينا، وأديب الفلاسفة، وفيلسوف الأدباء، أبو حيان التوحيدي، وعبد الرحمن الكواكبي، وكل الفلاسفة والأدباء، ممن ينطبق عليهم قول عزرا باوند:
" المبدعون هم قرون استشعار الجنس البشري"
للأسف فإن مجايلي المبدعين لا يُقدِّرون مبدعيهم إلا بعد موتهم، بل إن كثيرين يُحقِّرونهم ويسخِّفون أفكارهم في حياتهم، ويستعجلون موتهم، ولا يمجدونهم إلا بعد غيابهم، وينطبق عليهم قول جمال الدين الأفغاني:
" يموتُ المبدعونَ أحياءً، ويحيونَ أمواتا"
وهم يتعرضون في حياتهم إلى التشويه والانتقاص، ويتعرضون للمهانة والضيق والهجوم.
كثيرون هؤلاء المبدعون، هاجمهم أتباعُهم، واحتقروهم وقتلوهم ، وما إن غيَّبتْهم القبورُ حتى صاروا أبطالا ورموزا، وما أكثر هؤلاء، فعذراء أورليان أو (جان دارك) قُتلت وأحرقتْ ثلات مراتٍ بتهمة الهرطقة، حتى لم يبقَ من رمادها شيئٌ في القرن الخامس عشر، ثم أعلنها أهلُها في القرن العشرين قِدِّيسةً، وتحولت بفعل الزمن من هرطيقةٍ إلى قديسة. وثار الناسُ كذلك على أحد أكبر المسرحيين (هنريك إبسن) لأنه كتب مسرحية بيت الدمية عام 1897، المسرحية التي تعالج قضية المرأة في المجتمع الرجولي، المرأة التي يريدها الرجل لعبةً يتسلى بها وقت فراغه، بدون أن يقيم لعقلها وزنا، وما أن توفي عام 1906، حتى اعتبروا المسرحية من أهم المسرحيات في العالم، واعتبروا كاتبها ثاني أكبر المسرحيين في العالم بعد شكسبير!
وكذلك فعلوا مع الفيلسوف توماس مور، مؤلف أشهر الروايات الخيالية (اليوتوبيا)، فقد نصبوه بطلا وقديسا، ولكن بعد قطع رأسه وتعليقه على أبواب المدينة بتهمة الخيانة العظمى، بأمر من الملك هنري الثامن في القرن السادس عشر!.
وهذا لا ينصرف على المبدعين والكتاب فقط، بل إنه يشمل الزعماء السياسيين أيضا، فقد كان معظم الزعماء ورؤساء الدول، وبخاصة العرب، طغاةً مستبدين قامعين أشرارا عند شعوبهم، وهم أحياءٌ يُرزقون، وما إن غيَّبتهم القبورُ، حتى تحولوا عند شعوبهم إلى أساطيرَ ورموزٍ، وكلما طال زمنُ غيابهم وموتهم رسَخَ تقديسُهم، وازدادَ الاعجابُ بهم، وهم يصبحون في النهاية كالخمور المعتَّقة، تُقاسُ جودتُهم بطول زمن موتهم!
فيا أيها المبدعون والعباقرةُ والمفكرون المضطهدون في حياتهم،ممن يعانون شظف العيش والتهميش والتسخيف والاحتقار من الأهل والعشيرة، موتوا لتُخَلَّدوا!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تهويل أسطوري لإسرائيل
- براءة ليبرمان فيها نظر
- المجاعة الديمقراطية عند العرب
- أكبر بطالة شعبية في العالم
- في هجاء الوعد المشؤوم
- دولة المتابعة والرصد
- هل بلغ التيار الإسلامي ذروته؟
- اجتنبوا مرض الغرور
- فلافل السفير الأمريكي في إسرائيل
- تكتيك جديد لمخابرات إسرائيل
- الافتخار بهجرة المبدعين العرب
- حاخام سوبر عنصري
- سقوط الهيكل الثالث في حرب أكتوبر
- الغاز والبرجوازية السياسية
- قصة الكلب والدب والسوفت وور
- بيئتكم هي مستقبلكم
- دولة الأساطير وحرب أكتوبر
- رياضة إشعال الحروب أم إشفاء القلوب؟
- خمس لقطات من تاريخنا الفلسطيني
- مقاصد أمريكا من ضرب سوريا


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - توفيق أبو شومر - موتوا لتخلدوا