أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحلام طرايرة - قل لي أيّ إله تعبد أقُل لك من أنت














المزيد.....

قل لي أيّ إله تعبد أقُل لك من أنت


أحلام طرايرة

الحوار المتمدن-العدد: 4225 - 2013 / 9 / 24 - 23:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"الله بيحطك في النار" هي جملة ليست ككل الجمل. هي أبجدية حياة صاغ عليها الكثير من الناس نهج حياتهم، في عالمٍ لا يختلف كثيرا عن تلك النار التي يخافون أن يلقي "الله" بهم فيها لسبب أو لآخر. دائما ما تفزعني فكرة هذا الإله الذي نجبر أطفالنا على عبادته. أيُّ إله هذا الذي نقنع أطفالنا به؟
إن الطفل حين يقول أنه يحب الله، يقولها لأنه تلقّن أن من لا يحب الله سيُحرق في ناره. إننا نعلم صغارنا أن الحب شيءٌ نتلقنه تلقينا كدرسِ في الجغرافيا!

هي دائرة متكررة تدور من جيل إلى جيل، بعبادة هذا الإله وحبّه قسرا على صورته هذه بكل ما فيها من قسوة ووحشية. وكم هي واضحة تداعيات هذه العلاقة "المريضة" التي تربط إنساننا بإلهه على كل تفاصيل حياته الكبيرة منها والصغيرة وعلاقاته مع محيطه من بشر وشجر وحجر. فالخوف هو المحرّك لكل فعلِ ورد فعل. حتى تلك القيم النبيلة كرضا الوالدين ومساعدة الفقراء هي عند كثيرين بداعي ردّ غضب الله والخوف من عقابه الوخيم.

لا بدّ أن نذكر أن عُبّاد هذا الله الغاضب أغلب وقته، يروّجون أيضا أنه رحيمٌ وعطوفٌ وحليمٌ وغفّار، لكن أين هذا الخطاب حتى في أقصر أحاديثهم؟ طوال سنوات حياتي ما سمعتُ أحداً يتحدث عن رحمة الله إلا واستدرك سريعاَ بتذكيرٍ أكبر وأكثر جهرا ووضوحا بأن مقابل هذه الرحمة عقاباً شديداً لكل من يسيء فهمها ويستغلّ وجودها لينجو بنزوةِ ما، قد لا تتعدى سماع أغنية!

إلا أنه لا تعميم في ذلك، فالصوفية تؤمن بإله أرحم وأرقّ وأقرب لعباده وأكثر رأفة بهم، بل إنه يحبّ عباده الذين يخطئون ويعودون إليه تائبين. إن ما يميّز المتصوفة عن غيرهم من العبّاد العاديين هو أن حبّهم لإلههم طوعيٌّ نابعٌ من إيمانهم العميق أنه يستحق هذا الحبّ، وأن هذا الحب ما هو إلا امتداد طبيعي لذلك الذي يجمعهم مع الكون العظيم بدءا بأصغر كائناته وانتهاء بذلك الفضاء الكبير الغامض. الله عند الصوفيّ قيمة حبّ لا خوف، قيمة رحمة لا عذاب، حتى أن بعض أعلام الصوفية قالوا بفناء النار وبأن الجنة هي المنتهى لكل عباد الله دون استثناء.
وبطبيعة الحال، لا يروق هذا الإله الرحيم لشريحة لا بأس بها من الناس "المؤمنين" ولا يستقيم لديهم إله بدون عقاب وعذاب وتنكيل.

ليس استنتاجا جديدا أن نقول أن الإنسان يختار إلها يشبهه ليعبده، وأن الصورة التي يبنيها عن إلهه ما هي إلا صورته هو عن نفسه. وهذا يفسّر انحراف السواد الأعظم من أتباع أي نبي أو مصلح بعد رحيله عن جادة ما جاء به هذا النبي أو المصلح. فالناس بشكل عام لا يفكرون بمنطق النبيّ. فمنطق النبي هو وليد لقيم إنسانية أصيلة يؤمن بها، وهو ثورة صريحة على نظام اجتماعي ظالم يجار فيه على حقوق المستضعفين لحساب فئة أو نخبة معينة. أما الأتباع، فهم على أكثرهم- وهذا ما أثبته التاريخ- يميلون إلى منطق السيطرة والهيمنة والمكاسب المادية والاعتبارية. ولهذا تتحرّف رسالة النبي، وتنحرف الجموع عن منطقه وتكفر بإلهه (العادل الجميل) من جديد، مع الاحتفاظ باسمه كإله يوحدهم تحت راية الإيمان. فتجد أن كل "المؤمنين" يقولون أنهم يؤمنون بالله، لكن لكل منهم مفهومه الخاص عن "الله" الذي يعبده، وهذا المفهوم هو ترجمة حقيقية للقيم والمبادئ التي يؤمنون بها ولتركيبتهم وطبيعتهم ونظرتهم لأنفسهم. فالإنسان الجشع سيفكر بإله لا يهمه سوى أن يحاط بعبادٍ يغرقونه ثناءً وتمجيداً غير منقطعين، والإنسان الماديّ سيؤمن بإله يحمل آلة حاسبة تعدّ على الناس حركاتهم وسكناتهم، أما الإنسان المتصالح مع ذاته ومحيطه سيؤمن بإله جميل يريد لعباده أن يعيشوا سعداء آمنين وكفى.

قد نستطيع الأن أن نتصور أي إنسان هذا الذي يؤمن بإله يلقي بالناس في حفرة من النار لأقل خطأ ارتكبوه.

الكثيرين منا تربوا على مفاهيم وصور للإله الذي علينا أن نعبده. لكن لو تأمل كل منا داخله لوجد تصوراً خاصاً جداً، لا يطابقه أي تصور آخر. ولهذا تحديدا يجب أن تبقى مسألة الإيمانيات والاعتقاد الديني أو اللاديني شأنا شخصيا وأن لا نسعى لحشو أدمغة وقلوب الصغار بتصوراتنا الشخصية هذه، فنترك لهم حرية اختيار ما يؤمنوا به وفق ما هم عليه، لا ما وجدوا عليه آباءهم.



#أحلام_طرايرة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وطنيون لا يعرفون الوطنية
- إسرائيل جميلة، الجزيرة تقول ذلك
- العلمانية هي دولة الله
- مرض عضال اسمه الغباء الخطابي العربي
- أنا زلمة!
- حسن وجميلة، حيث وُلدت النكبة
- الإخوان المتخفّين بقناع (حماكِ الله يا مصر!)
- بلاد الموت قهراً هي بلادي
- سّحل الجثث يدوم ما دام القتل شرعياً
- مع براعم وضدّ طيور الجنة.. أطفالنا بين الحياة و الموت
- كذبة الفقر والفقراء.. إحدى أكبر كذبات التاريخ!
- هناك مدّعين بيننا فاحذروهم!
- أن تكون فلسطينياً- اسرائيلياً !!
- هذه الأرض المقدسة، هل هي حقاً مقدسة؟
- أيّ خلافة إسلامية ينتظرون؟؟


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحلام طرايرة - قل لي أيّ إله تعبد أقُل لك من أنت