أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سلامة كيلة - مسار الخصخصة في سوريا















المزيد.....

مسار الخصخصة في سوريا


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 1195 - 2005 / 5 / 12 - 12:39
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


رغم الظرف المحيط بسوريا و الذي يوحي أنها غدت " الهدف التالي "، و بالتالي باتت تحت المجهر الأميركي، مهدّدة بسياسة تغييرية تؤسّس لوضعها في إطار " الفوضى البنّاءة " و التحوّلات الدراماتيكية المقلقة. فإن التكوين الإقتصادي الداخلي بدأ يصاغ بما يخدم فئة قليلة تتحكّم بمفاتيح السلطة، عبر التخلّي التدريجي عن الدور الذي كانت تلعبه الدولة كمستثمر و كضامن لحق العمل و مكرّس لمجانيّة التعليم و الضمان الإجتماعي.
و إذا كانت العملية قد بدأت من خلال الرفع التدريجي للدعم المخصّص على السلع من أجل حماية القدرة الشرائية للمواطنين، بحجة تلافي عجز الميزانية التي باتت مرهقة بذلك. و من ثَمّ التحرير التدريجي كذلك للعملة و تعويم سعرها كي تكون خاضعة لسعر السوق، الأمر الذي يفرض حكماً إرتفاع أسعار السلع. و كذلك التعامل مع التعليم المجاني بطريقة تقود إلى تجاوز مجانيته، من خلال تقليص عدد الطلاب الذين يحقّ لهم التسجيل، عبر رفع معدّلات القبول دون توفير معاهد جديّة تستطيع تخريج التقنيين، و بالتالي فتح باب التسجيل للتعليم الموازي بأجر. و أيضاً تقليص الخدمات الصحّية و الإجتماعية بشكل مستمرّ. وصولاً إلى التراجع المذهل للمشاريع الإستثمارية و خدمات البنية التحتية التي تقوم بها الدولة، رغم تراكم كتلة الرأسمال في البنك المركزي ( يقال أنها تبلغ 360 مليار ليرة ) بحجة الخشية من التضخّم. و كتلة أخرى موضوعة في الخارج ( تبلغ كما يقال 17 مليار دولار )، يمكن لتحريكها تحريك السوق الإقتصادي الراكد منذ عقد على الأقل.
إذا كانت العملية هذه قد بدأت في كل هذه القطاعات منذ نهاية ثمانينات القرن العشرين، و عبرها تحقّقت أكبر عملية نهب قادت إلى خروج مليارات الدولارات إلى البنوك الأميركية و الأوروبية. و أفضت إلى بدء التحكّم بمفاصل إقتصادية أساسية من قِبل فئة ضيّقة جداً، يبدو أنها تميل إلى تشكيل إحتكار إقتصادي هائل، مستفيدة من التحكّم بالسلطة، و هو ما يفسّر لماذا هي مستبدّة إلى هذا الحدّ الذي يلغي كل الآخرين.
فقد تسارعت في الفترة الأخيرة رغم " الخطر الخارجي ". حيث أصبحت الخصخصة سياسة معلنة، خصوصاً بعد توقيع عدّة إتفاقيات للتجارة الحرّة مع الدول العربية، و التوقيع بالأحرف الأولى على إتفاق الشراكة السورية الأوروبية. ليبدو أن خيار إقتصاد السوق هو الذي إنتصر و أصبح الأساس الذي سيوجّه إعادة بناء الإقتصاد. و إذا كانت هذه الإشارة توحي بممانعة قطاعات أخرى تسعى للحفاظ على " القطاع العام "، فإن المسألة هنا لا تعدو أن تكون إختلافاً بين فئتين، واحدة كان لها الأسبقية في النهب ( الذي أسمي الفساد )، و بالتالي باتت قادرة على خوض غمار المنافسة من موقع قويّ، و أخرى لازالت تتكئ على موارد القطاع العام لكي تعتاش، حيث لم تستطع أن تحقّق " التراكم الأوّلي " الذي يتيح لها النشاط الإقتصادي من الموقع القوي، لهذا فهي تمانع من أجل أن تنهب أكثر. مع تواجد قطاعات واسعة من الفئات الوسطى و الفئات العمالية تتمسك بدور الدولة لأنها ترى في غيابه إنهياراً لوضعها.
و سنلمس أن قطاعات إقتصادية مجزية كانت قد بدأت تتسرّب إلى رصيد فئة محدّدة، باتت تمثّل إحتكاراً في بنية الإقتصاد، و هي الفئات التي باتت تدفع نحو الخصخصة، و في القطاعات التي تفيدها هي بالذات، و بالتالي التي تتحوّل إلى رصيدها.
لقد جرت خصخصة عددٍ من المشاريع الإقتصادية الرابحة، كما تجري الخصخصة تحت مسمى التأجير كذلك. رغم أن الشكوى من " القطاع العام " تعتمد على أنه خاسر و يحمّل الدولة مليارات الليرات سنوياً، الأمر الذي يشير إلى طبيعة الخصخصة تلك، التي تبقي الدولة معيلة للمشاريع الخاسرة ( و التي خسرت نتيجة النهب و سوء الإدارة و سوء التخطيط و السمسرة )، بينما تذهب المشاريع الرابحة إلى فئات محدّدة و بأثمان بخسة كذلك. مما يزيد من عبء الدولة و من مشكلات ميزانيتها.
لقد جرى تخصيص شركة حديد حماة و هي شركة رابحة، و الآن تطرح سبع شركات للصناعات الغذائية أمام الإستثمار الخاص على إعتبار أنها خاسرة دون أن نعرف لماذا هي خاسرة، أو أنها مخسَّرة من أجل تخصيصها، حيث أن الرأسمال لا يغامر في شراء شركات خاسرة. و ربما يكون السبب في إعلانها شركات خاسرة هو بيعها بأبخس الأثمان، و هذه طريقة معروفة في كل عمليات الخصخصة التي جرت في بلدان كثيرة. فقد قيل أن خسائر " القطاع العام " بلغت خمسة مليارات دولار، لكن لماذا حصلت الخسائر؟ و كم ذهب إلى الخارج على شكل إقتطاع " شخصي " من قِبل المشرفين؟ و هل الحلّ هو في تخصيصها؟ خصوصاً أن الرأسمال لا يميل إلى شراء الشركات الخاسرة؟
لقد تمّت عملية نهب مستمرّة لهذا القطاع، كما أنه أسند إلى فئات في الغالب لا تمتلك الكفاءة و الخبرة و بالطرق المعروفة، كانت في الغالب تفكّر في أن يذهب الفائض إلى جيوبها. و هي الآن تسعى للفظ الدولة كرب عمل و تأسيس مشروعها الخاص الذي يقوم على السيطرة على القطاعات المربحة في الإقتصاد، و التشابك مع الرأسمال الإمبريالي الذي بات يمدّ أذرعه للهيمنة على السوق، ربما من خلال السيطرة السياسية أوّلاً. ليتحقّق الإندماج الكامل في العولمة الإمبريالية، و لتصبح مفاعيلها هي الحاكمة هنا.
الخصخصة ليست هي الحلّ بالنسبة للطبقات الشعبية، حيث أنها الأكثر تضرّراً منها. خصوصاً أن البديل المطروح لا يحلّ مشكلات الإقتصاد السوري، بل يخدم فئة ضيّقة من المافيات التي نهبت طيلة العقود الماضية، و آن لها أن تتشابك مع الرأسمال العالمي ( و الأميركي تحديداً ). إن المطلوب هو محاسبة كل الذين قادوا " القطاع العام " إلى الإفلاس، و كل المخططين السيئين، و كل مَنْ عمّم الفساد. و مطلوب حماية الشركات المطروحة للخصخصة من قِبل العاملين فيها كي لا تتخصّص. و بالتالي المطلوب هو إعادة بناء هذا القطاع على أساس ديمقراطي، و من أجل خدمة مجموع الشعب.
المسألة هنا لا تتعلّق بموقف أيديولوجيّ، بل تتعلّق بمصير مئات آلاف العمال و العاملين في " القطاع العام ". و كذلك بمصير التطوّر الإقتصادي ذاته، حيث سيلجأ القطاع الخاص إلى الإلتحاق بالرأسمال الإمبريالي و يهجر النشاط في القطاعات التي تؤدي حقيقة إلى تطوير الإقتصاد، ليعود قطاع التجارة/ الخدمات/ المال هو القطاع المركزي، و هو القطاع الذي يقود أيضاً إلى نزف الفائض و نزوحه إلى المراكز الإمبريالية. و بالتالي إلى تعميق الإفقار الذي باتت تتلمّسه الفئات الشعبية. إن إنهاء " القطاع العام " يفضي إلى إنحدار وضع مجمل القطاعات الشعبية، و إلى حالة من الفقر و البطالة لا مثيل لها، كما نشاهد في كل البلدان التي سارت على طريق إقتصاد السوق.
لاشك في أن مصلحة الفئات التي نهبت باتت تفرض أن تعمّم إقتصاد السوق، لأنها تعتقد أنها المستفيدة الأولى منه. لكن مصلحة المجتمع هي في الرفض و تصفية الفساد و المفسدين و ليس في تصفية " القطاع العام " و خصخصة الإقتصاد. لهذا من الضروري تنظيم النشاط ضد الخصخصة و المستفيدين منها، خصوصاً أنها تتلاقى مع الميل العولمي للسيطرة و الإحتلال، و لترتيب الوضع السوري في إطار المشروع الإمبراطوري الأميركي.



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودة الى الطبقة العاملة
- الحركات الشعبية و دور أميركا
- التغيير التائه بين الداخل و الخارج
- ديمقراطية الطوائف
- أميركا و الأصولية
- منزلقات الأصولية
- الإصلاح ليس ضرورة
- الى الأستاذ حسقيل قوجمان
- نداء إلى كل الماركسيين في الوطن العربي
- غيبوبة السياسة السورية
- بوش في أوروبا، هل يمكن تحقيق التوافق؟
- طبيعة المقاومة العراقية
- الماركسيون و الليبرالية، حول أوهام نقد الليبرالية
- بصدد الماركسية، حول الأيديولوجيا و التنظيم
- الجغرافيا السياسية للمشرق العربي بعد إحتلال العراق، ما يمكن ...
- عفوية الجماهير و دور الحركة الثورية في الوطن العربي
- في مواجهة إقتصاد السوق
- بعد عرفات، إحتمالات قاتمة؟
- ثورة اكتوبر ، محاولة للتفكير
- ما هي الماركسية؟


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سلامة كيلة - مسار الخصخصة في سوريا