أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راضي كريني - كالماء كان وكالماء صار














المزيد.....

كالماء كان وكالماء صار


راضي كريني

الحوار المتمدن-العدد: 4162 - 2013 / 7 / 23 - 10:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لماذا ظلمتَني ودعوتَني إلى هذا المنحدر، لأقفَ بالذلِّ والمهانةِ أمامَ نعشِكَ يا ينّي يا بنيّ؟! أليسَ من المفروضِ والمتّفقِ عليه والطبيعيّ أن أرفَعَكَ منزلةً سامية؛ بأن تقفَ بالعزِّ على قبري، وتشكرَني لأنّك فُتني في العلمِ وأنا معلّمك؛ فسررتُ وتفاخرت؟!
لكنّك سبقتني للذبحِ في المنابرِ وفي العلا وفي التواري والأفولِ وأنا مربيك؛ فحزنتُ وبكيت.
كالماءِ، كالماء كان في جريانِه، يشقُّ طريقَه غيرَ آبهٍ للحجارةِ والصخورِ المانعةِ والمنيعة؛ كنّا نجلوها من وحلِ المرحلة، وننقّيها من الظلم، ونصقُلُها وننحتُها لتتأنّسَ وتجِدَّ وتجِد، فنروي الحقولَ التي زرعناها علمًا ومبادئًا نيّرةً ومتحرّكةً بثوريّةٍ أصيلة، ونُمطرُ على صحراءِ العقول الحامية، حتى جعلناها بردًا وسلاما على شجرتنا، لتورقَ دائما كشجرةِ الحياة.
كالماءِ كان في شذوذِه؛ من درجةِ صفرٍ إلى أربعِ درجاتٍ مئويّة، يتمدّدُ إذا برّدناه، ويتقلّصُ إذا سخنّاه، ليحميَ ثروتَه وكنوزَه المائيّةَ وبشاشته وليحافظَ عليها وعلى وجهه الطفوليّ الملائكيّ،كالماء كان في شذوذِهِ كلّما ضاقت فسحةُ العيشِ عليه، واستحكمت حلقاتُها، شذَّ عن الاستسلام للمرض،وللفقر، ولغدرات الزمان ...
صمد وكافح، فوق المستطاع، وشبَّ على الطوقِ، وليّنَ من عريكتِه، ووسّعَ من علومِه ومداركِه وحبِّه لبلادِه وبلدِه ولشبابه، فأَلانَ للشبيبةِ جناحَهُ، فحمى الشبابَ والصبايا من الانزلاقِ والتدهورِ على السطوحِ المائلةِ، دافعَ عنهم، ودفعَهم بعزيمة الجبّارين إلى الأعلى ليقتحموا السماوات، وليلِجوا طريقَ الصوابِ القويم، في أقصرِ طرقِ النجاح.
كالماءِ انساب ليّنًا وصافيّا ورقراقًا من بين أصابعِنا، وفلت من أيادينا. لم يفضْ، ولم يخفضْ قممَ جبالِنا، ولم يغمرْ بالجرفِ جباهَنا وشموخَنا.
كالنهرِ تدفّق من مآقينا، رافدا وديانَ خدودِنا، ومحرّكًا دواليبَنا، شاحنا مصابيحَنا بطاقةٍ تنيرُ عتمةَ أنفاقِنا وغرفنا المظلمة؛ فنفتحُ الأبوابَ والنوافذَ لتدخلَ شمسُ الحريّةِ وتمحوَ ليلَ سجونِنا.
كالماءِ هو الآن في صفائِه ونقائِه واستلقائِه ممدّدًا في النعشِ، ومن مائِه المتجسّدِ نبلّلُ غصّات حلوقَنا الجافّة، ونبرّدُ قلوبَنا الملتاعة، ونطفئُ الحسرةَ المشتعلةَ في صدورِنا.
بعد أن كان على وجهِها شيوعيّا وطنيّا أمميّا يدكُّ سجّانَها وسجنَها وحواجزَها ومتاريسَها برجليْهِ تسعةً وأربعينَ ربيعا، كالماءِ صار، سرى وتسرّب في أحشاءِ الأرضِ ليشحنها.
فاروِ ظمأَها في النقبِ، وفجّرْ ينابيعَها في الجليل، وهُزَّ قدَّها الميّاسِ في فلسطين، علّها تشعرُ بنتُ الكلبة وتستيقظُ، وترفضُ أن يرويَها المجرمون دمًا في سوريا ولبنان وفي وطني الأكبر، وتثورُ على البغيِ والطغيانِ، وتُسقِطُ العصبيّاتِ القبليّةَ والرجعيّة، وتوقف حروب الردّة.
آه يا ينّي يا بنيّ!
حمّلني رفاقي مسؤوليّةَ إلقاء التحيّة؛ فقم يا ينّي وحيّهم بأفضلَ منها أو ردَّها. أليست الزيادةُ مندوبةً والمماثلةُ مفروضةً؟
فسلامٌ عليكَ يومَ ولدتَ ويومَ تحوّلتَ ويومَ تُبعثَ مادةً حيّة!
ملاحظة: كلمة التأبين في جنازة ينّي لاذقاني



#راضي_كريني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الافتتان بالكلمة والتلاعب بالأسئلة
- على طريق البرازيل، يا مصر!
- مصلحة الأمّة فوق مصلحة الجماعة
- باسم الانقسام
- بيبي لا يحبّ اللون الرماديّ
- لا يكفي أن نعرف الهدف ونرغب به
- مسايرة المحتلّ تشجّعه على التمادي
- يمينيّ بالقول وبالفعل
- -القادير-
- بكاء الميزانيّة وتجاهل تكاليف الاحتلال
- كيف سنتذكّر العدوان؟!
- المصالحة والممالحة قبل الزيارة
- الصابرون على لسعات الضمير
- أحمد سعد فارس الشمس
- لن تنتهي الحرب إلاّ إذا انتصرنا للحقّ
- كيف نجعل المادة التعليميّة رافعة للنجاح؟
- لهم طبيعتهم، ولنا طبيعتنا
- لم يكن أساسها ديمقراطيّا ولن يدوم
- ماذا إذا بيبي لم يعد يصدّق أحدًا؟
- شيخ العشائر


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راضي كريني - كالماء كان وكالماء صار