|
قصة الدمعة -قصة-
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4114 - 2013 / 6 / 5 - 19:15
المحور:
الادب والفن
قصة الدمعة -قصة - **************
سقطت دمعة حارة على يدي اليسرى ، اندهشت ودخلت تخوم الحيرة في أمر الدمعة . تساءلت مغشيا علي ، " هل سقطت تلك الدمعة من عيني أنا ؟ " ، لم أصدق أنني ما زلت أحتفظ بقطرات الدمع بعد كل هذه السنين من الجفاف . عندما يتعرض الانسان الى غدر الأقربين بدافع الحقد فقط ، لا شيئ آخر ، ويصاب بالاحباط الكلي ، أي يصبح اشبه بصحراء لا تنبت فيها زهرة لوتس واحدة ، ويستحيل أن تنبت فيها وردة زنبق الماء ؛ يكفر بكل قيمة للحياة ، ولا يستمر في هذا الوجود الا لكي يكمل فريضة العمر النفروضة عليه لحساب يجهله ، عبر سنين يجهل طولها من قصرها ،دون أن يكون في انتظار أي مفاجأة. تقلصت فيَ كل أسباب الحياة منذ مدة طويلة ، الى درجة لم أعد أشعر معها بأي رغبة في الاستمرار لولا أن الدين يحرم علي قتل النفس والانتحار ، ولولا أني قرأت يوما من أحد الحكماء وهو يعظ أحد الانتحاريين الذي صار من أغنى أغنى العالم ، هذه الحياة لاتستحق أن ننتحر من أجلها . لكنها ايضا يا سيدي لا تستحق أن نعيشها . صعب أن تحمل فوق طاقتك أثقال تواطأ عليها القدر والانسان ، فتحارب الاثنين معا . تكفر ثم تؤمن ، تقتل كل احساس فيك ، تصحر نفسك بنفسك ، وتغتال أي رغبة في أكل البوظة أو البطاطس المقلية . لاتؤمن بأي صداقة انسانية ،او بأي علاقة حميمية ، تصبح مجرد جسد محنط تدب فيه روح تجهل معناها ودلالتها ومقصدها . كثيرا ما تسأءلت لماذا أستمر في الحياة ؟ ، كان علي أن أقفل دفتي خاتمتي منذ زمن طويل ، وأرحل عني وعن كل شيئ ، استعملت كل فنون الاستشفاء ، حتى القمر كنت أنتظر اكتماله ، وأصعد الى سطح المنزل وأستغيثه حركاته المغناطيسية وقوته الكونية ، لعله يمنحني بعض بركاته . ذهبت الى البحر ورجوت جبروته أن يلهمني بعض فيضه كي أتجشأ ما تناولته من سحر ومن مواد كيميائية ، كادت تنهي حياة ، لم أعد مهتما بها . حتى الفقراء الذين كنت أتعاطف معهم حولتهم الى أعداء ، البؤساء الذين كنت أواسيهم أصبحت لدي رغبة في القضاء عليهم بكلتا يداي ، النظام هذا الوحش اللعين الذي لا يفرخ الا رسل الموت والذي لا يحمل الا قلبا لاينبض بغير الحقد والغش والتدليس ، كان على القدر أن يدبر أسباب انقراضه منذ بداية نعومة مخالبه القاتلة . لكن القوياء يتعاطفون مع بعضهم ، القدر يتعاطف مع أنظمة الاستبداد لأن طبيعته استبدادية . قبل سقوط الدمعة كنت متأكدا من نفسي أني أصبحت شبيها بالحجر ، لكنني سرعان ما أمحو هذا التشبيه من خيالي ، فمن الحجر ما يتشق منه الماء . لم أعد اريد ماء ولا دمعا ولا أي شيئ سائل . المهم احتفظت بوصف الجفاف لي ، كأوراق الشجر المتساقط ، نعم هذا هو التشبيه الحقيقي والمطابق لحالتي .كائن جاف . لكن من أين اتت تلك الدمعة ، ربما كانت من مخلفات تاريخ انساني انكمش في واكتشفه الآن شهرو خان وهو يتذكر بعد نجوميته طفولته البئيسة ويتذكر صديقه الذي كان يحدب عليه ويساعده . كان هذا الموقف المتوهم والخيالي وحده كافيا ليكتشف تلك الدمعة ويخرجها من أسرها القديم .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مؤتمر جنيف-2- الميت
-
ريق السحلية
-
البحث عن الغائب الحاضر -13- رواية
-
ردة الحقوق وسلامة المواطن في المغرب
-
عن أغنية - مالي ومال الشمعة -
-
قصة : لم أتعلم الندم
-
الى السيد عبد العالي حامي الدين*
-
تلبيس ابليس لباس القديس
-
ليس دفاعا عن العلمانية -2-
-
أثر الدلالة
-
البحث عن الغائب الحاضر-12- رواية
-
تذكرة السيرك
-
ليس دفاعا عن العلمانية
-
عاشق الفوضى
-
عرق الريح.......
-
الخوف من انبعاث الحضارة العربية ثانية
-
البحث عن الحاضر الغائب -11- رواية
-
ابتسمي
-
هاري كريشنا
-
المغرب وعلامات استفهام كبرى وعديدة
المزيد.....
-
المهرجان الدولي للشعر الرضوي باللغة العربية يختتم أعماله
-
-مقصلة رقمية-.. حملة عالمية لحظر المشاهير على المنصات الاجتم
...
-
معرض الدوحة للكتاب.. أروقة مليئة بالكتب وباقة واسعة من الفعا
...
-
-الحياة والحب والإيمان-.. رواية جديدة للكاتب الروسي أوليغ رو
...
-
مصر.. أزمة تضرب الوسط الفني بسبب روجينا
-
“شو سار عند الدكتور يا لولو”.. استقبل الان تردد قناة وناسة ا
...
-
حل لغز مكان رسم دافنشي للموناليزا
-
مهرجان كان السينمائي يطلق نسخته الـ77 -في عالم هش يشهد الفن
...
-
مترجمة باللغة العربية… مسلسل صلاح الدين الحلقة 24 Selahaddin
...
-
بعد الحكم عليه بالجلد والسجن.. المخرج الإيراني محمد رسولوف ي
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|