|
أحاديث في التاكسي
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4090 - 2013 / 5 / 12 - 18:12
المحور:
المجتمع المدني
إضطررْتُ كما يحدث في أحيانٍ كثيرة ، الى الصعود في تاكسي ، في مشوارٍ ضروري في دهوك .. تَذّمرَ سائق التاكسي ، من الإختناق المروري المُزمن .. والإزدحام الشديد في كُل الشوارع ، الرئيسية والفرعية .. وكادَ ان يصدم أحد المارة الذي قفز امام السيارة وعبر الشارع بسُرعة .. وأطلق السائق مع المُنبِه ، رزمةً شتائم من العيار الثقيل ، لم يسمعها الشخص المعني ، لحُسن الحظ ! . وقال لي السائق : هل رأيتَ هذا الحيوان كيف عَبر ؟ قلتُ له : رُبما هو معذور .. فليسَ لدينا ، في مدينتنا هذه ، التي تعدادها يربو على النصف مليون ، وفيها عشرات الآلاف من السيارات .. ليس لدينا ، نفقٌ واحد لعبور المشاة .. ولا منظومة نقل معقولة .. فمن أين يعبر المواطن ؟ فحتى جسور عبور المشاة الموجودة حالياً ، قليلة جدا ومتباعدة وسيئة التنفيذ للغاية . الحَل هو ، إنشاء أنفاق منتظمة وفق تخطيط علمي ، لعبور المشاة ، كالتي موجودة في كل مُدن العالم . قال السائق بإصرار : ماذا تقول يارجُل ؟ أنفاق لعبور المشاة ؟ والله سوف تصبح مَرتعاً لشاربي الخمر ، وممارسة الرذيلة .. مثل ما يحصل في المناطق السياحية ، قرب سَد دهوك والشارع المؤدي الى زاويتة .. وطبعاً ليس من المعقول ، أن تضع الحكومة ، شُرطي في مدخل ومخرج كُل نفق .. يقول نفق يقول نَفَق ؟! . قلتُ له مُستغرباً : يعني ، هل تعترض على إنشاء أنفاقٍ لعبور المشاة ، لإحتمال أن فئة مُستهترة " رُبما " تستخدمها لأغراض سيئة ؟ قال بإصرار : نعم أعترضُ بالتأكيد ! . قلتُ : وماذا تقترح بدلاً من ذلك ؟ قال : ان هذا المُجتمع المُنحَط ، لايفيد معهُ أي شئ ، غير العُنف والقوة .. فبدون أن يكون هنالك سوطٌ مُسلَط على ظهورنا ، فأننا لانستقيم !! . قلت : وبالطبع فأنتَ نفسك جزءٌ من هذا المجتمع المُنحَط ؟ .. قال : نعم ، جميعنا جزء من هذا المجتمع . قلت : هل هذا يعني ، ان الحكومة غير مُقّصِرة ، في عدم إهتمامها الجدي ، بإيجاد حلول علمية ، لمشلكة الإختناقات " والتي لاتقتصر على مواعيد بداية ونهاية الدوام " ، بل الإزدحام موجود في كُل الاوقات وفي معظم الشوارع ..فحسب رأي جنابك ، ليسَ على الحكومة أيضاً ، بناء حدائق ومتنزهات " لأن بعض الشباب يرتادونها للتحرُش او شرب البيرة " .. ولا ان توجد مدارس وجامعات مُختلَطة ، لانها تتحوَل الى بُؤرٍ للإبتعاد عن التقاليد والقيم النبيلة ! ... وعلى منوال تفكيرك أيها الاخ .. فان كُل الكافتيريات والمطاعم والفنادق ، يجب أن تُغلَق ، لأن جزءاً قليلاً من الناس ، يستخدمونها لمرامي خبيثة ! . يا أخي .. ان المُشكلة في " بناء " الإنسان بصورةٍ صحيحة .. والتركيز على التربية والتعليم منذ الروضة والإبتدائية .. وغرس المسؤولية وإحترام القانون ، في نفوس الصغار .. وتنمية كُل ما هو جيد وإيجابي في شخصياتهم .. صحيح ، ان العملية طويلة وتحتاج الى اموال طائلة وسنين عديدة .. ولكن سينتج عنها ، بشرٌ أفضل تفكيراً منك ومني .. ومواطنين أسوياء يفكرون ويتصرفون بطريقةٍ صحيحة ! . لم أنتبه .. في غمرة تحَمسي .. الى ان السائق ، كان يتحدث بالهاتف المحمول ، ولا أعتقد انه سمعَ أو فهمَ ، شيئاً مما قُلت ! . وكنا قد وصلنا الى المكان المنشود .. فنزلتُ بهدوء . ....................... أخشى ان يكون أمثال السائق أعلاه ، كثيرون في مُجتمعنا .. من الذين ، يُقدمون الأعذار الواهية والمُبررات السطحية .. من حيث يدرون او لايدرون .. للحكومة .. في أن لاتهتم جدياً بإيجاد الحلول المناسبة ، للمشاكل الموجودة ، من ناحية .. ومن ناحيةٍ اُخرى ، ترويج وتكريس ، الفكرة المغلوطة ، بأن المجتمع عموماً لايستقيم إلا بتسليط القوة والعنف ! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثابت والمُتغّيِر .. كُردستانياً
-
الفرق بين يوخنا وشموئيل
-
أبو فلمير
-
العنزة .. والخروف
-
ضُعفٌ وهَشاشة
-
بعض القَساوة
-
التعبُ من فعلِ لا شئ
-
ملاحظات على نتائج إنتخابات مجالس المحافظات
-
العراقيين .. والخيارات الضيقة
-
إنتخابات رئاسة أقليم كردستان
-
تصعيد خطير في - الحويجة -
-
اللعب بالشعوب والأوطان
-
سَفرة ربيعية ، للشيوعيين وأصدقاءهم
-
- السارقون - في دهوك
-
مبروك .. عيد الأربعاء الكبير
-
النتيجة .. قبل الإمتحان
-
لا صوت ولا رائحة
-
هل الناخب العراقي مُجّرَد سَمَكة ؟
-
إنتخابات المحافظات / صلاح الدين
-
- الفساد الإنتقالي - في العراق
المزيد.....
-
کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق
...
-
المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع
...
-
مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
-
-غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت
...
-
الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس
...
-
مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال
...
-
مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما
...
-
فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
-
لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
-
اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|