أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل كلفت - ڤلاديمير قصة: روبرت ڤالزر














المزيد.....

ڤلاديمير قصة: روبرت ڤالزر


خليل كلفت

الحوار المتمدن-العدد: 4088 - 2013 / 5 / 10 - 18:58
المحور: الادب والفن
    


ڤلاديمير
قصة: روبرت ڤالزر
Robert Walser
ترجمها عن الإنجليزية: خليل كلفت

سوف ندعوه ڤلاديمير، نظرًا لأنه اسم نادر والواقع أنه كان شخصًا فريدًا. وأولئك الذين بدا لهم أنه أحمق حاولوا أن يفوزوا منه بنظرة، بكلمة، ولم يكن يمنح هذا إلّا نادرًا. وكان يسلك وهو يرتدى الملابس المتواضعة سلوك الواثق أكثر منه وهو يرتدى الملابس الأنيقة، وكان - من الناحية الجوهرية - شخصًا جيّدًا لم يرتكب إلّا خطأ أن يَعْزُوَ إلى نفسه ويلصق بنفسه – زورًا - عيوبًا لم تكن فيه. وكان قاسيًا فى المقام الأول على نفسه. أليس ذلك خطأ لا يغتفر؟
ذات مرة كان يعيش مع زوجين وكان من المستحيل أن يمضى بعيدًا. "حان الوقت لأن تتركنا وحدنا"... تمّ التلميح له بهذا؛ وبدا عاجزًا تقريبًا عن أن يتخيّل ذلك، ورأى المرأة تبتسم والرجل يغدو شاحبًا. كان ڤلاديمير هو الشهامة ذاتها. وكان إسداء الخدمات يعطيه دائمًا إحساسًا نبيلًا بنعمة الوجود. كان لا يستطيع أن يرى النساء الفاتنات مُثقلات بالعلب الصغيرة، واللفافات، وما شابه ذلك، دون أن يقفز فى الحال معبّرًا عن الرغبة فى تقديم العون، وفى بداية الأمر كان يقاوم فى نفسه دائمًا أدنى خوف من أن يكون متطفلًا.
من أين تحدّر ڤلاديمير؟ حسنًا، بالتأكيد ليس من أحد سوى والديه. ويبدو غريبًا أنه يقرّ عندما يكون حظه سيّئًا بأنه كان سعيدًا فى أغلب الأحيان، وعندما يكون موفَّقا بأنه كان حزينا، كما يبدو غريبًا أنه يقول أن القوة المحركة لوجوده هى كدحه. ولم ير أحدٌ قط شخصًا راضيًا وفى ذات الوقت ساخطًا كهذا الشخص. ولم يكن هناك مَنْ هو أكثر حَسْمًا ثم فى اللحظة التالية ذاتها: أكثر تردُّدًا.
ذات مرة وعدتْه فتاة بأن تقابله فى موعد محدّد ثم تركته ينتظر. وكان لذلك وَقْعُ المفاجأة المذهلة عليه. وأكّدت له فتاة أخرى "يُفيدك أن تُخْدَع. ألستَ مُولَعًا وَلَعًا غريبًا بالمداعبات التى تُقارب الاستخفاف بالناس؟".
"أنتِ مخطئة"، كان هذا كلّ ردِّه.
لم يحمل قطُّ ضغينة لإنسان، ل "أننى، أنا أيضًا، كثيرًا مّا تلاعبتُ بصورة ظالمة بالناس".
وفي مقهى السيدات كان يتسلى بالحركات الساخرة للزبائن وبتعابيرهن. وعلى فكرة، فإنه لم يكن يميل إلى اللهو الكثير، بقدر ما كان يقدّره على سبيل الاستثناء. وكان لا يُمعن التفكير فى كل شيء إلّا لينساه فى الحال، وكان دقيق الحساب لأنه لم يسمح لمشاعره بأن تسيطر على عقله.
أمّا النساء فلم يُقِمْنَ له وزنًا، لكنْ ليس دون أن يغدون – دائمًا - بَالِغَاتِ الاهتمام به من جديد. وكُنَّ يَصِفْنَهُ بأنه جبان رِعْديد، غير أنه كان يصفُهُن بذلك أيضًا. وكُنَّ يتلاعبن به ويَخْشَيْنَهُ.
وإزاء سيّدة، عرضتْ مفاتنها أمامه متباهية كالطاووس وربما كان ذلك بأسلوب رائع للغاية، كان بالغ الدماثة، كما يكون المرء عندما لا تكون لديه أية مشاعر إزاء شخص من الأشخاص. وقد وجد أن الفتيات غير المتعلمات يُلْهبُهُنَّ الشعور بالحاجة إلى التعليم، كما وجد كذلك من جهة أخرى أولئك اللائى قَرَأنَ كل شيء ويرغبن الآن فى أن يُصْبِحْنَ جاهلات تقريبًا. ولم ينتقم لنفسه قطُّ على أىّ مظالم نزلت به وربما كان ينتقم لنفسه بصورة كافية بهذه الطريقة على وجه التحديد. أمّا أولئك الذين لم يعاملوه كما كان يريد، فقد صرف ذهنه عنهم، أسقطهم؛ أىْ أنه اعتاد ألَّا يفكر فى كثير من الأشياء غير السارَّة. تلك هى الطريقة التى صان بها روحه من الاضطراب، وأفكاره من القسوة الخطِرة.
جعلته الموسيقى رقيق المزاج، كما تفعل بأغلب الناس. وإذا وجد أن فتاة تميل إليه، بدا له وكأنها ترغب فى إخضاعه، وظلّ بعيدًا عنها. وكان مَيَّالًا إلى الشكّ مثل أحد أبناء الجنوب، إزاء نفسه وكذلك إزاء الآخرين؛ وكان غيورًا فى كثير من الأحيان غير أن ذلك لم يكن قَطُّ لوقت طويل، لأن احترامه لنفسه سرعان ما حرّره من إزعاج الحسد، الحسد الذى كان يبدو له - بمجرد أن يكون قد استيقظ - أنه لا أساس له ولا معنى.
وذات مرة خسر ڤلاديمير صديقًا، وقال لنفسه: "إنه يخسر بقدر ما أَخْسَرُ أنا". كان يعبد امرأة إلى أن ارتكبت خطأً ولم يعد بمقدوره أن يتوق إليها توقًا شديدًا. فقد أدّت ملاحظة طائشة من جانبها إلى أن يسخر منها، وكان سعيدًا بذلك. ولشعوره بالأسف من أجلها، لم يعد بحاجة إلى أن يأسف من أجل نفسه.
ظلَّ شابًا واستخدم قُوَّتَه فى سبيل جذب واستخدام اهتمام الناس الذين هم بحاجة ماسّة إلى ألّا تُلْقَى عليهم نظرة عجلى بشعور متبلّد؛ الضعفاء والمسنُّون. أم أننا نتحدث عنه بمبالغة؟
وفى بعض الأحيان، يتصرف ڤلاديمير بطيش كما يفعل متسكع فى أنحاء المدينة، فيذهب إلى ما يُسمَّى بالحانات سيئة السمعة. ويوجد هنا وهناك أشخاص يوبّخونه على ذلك، لكنهم أشخاص يمكنهم هم أنفسهم أن يكونوا - بكل سرور - مرحين للغاية، الأمر الذى نادرًا جدًا ما تسمح به منزلتهم الاجتماعية. وله مقلِّدون، غير أن الأصل يظل هو ذاته. والتقليد، بالمناسبة، شيء طبيعىّ تمامًا.
والواقع أن النُّسخ يمكنها أيضًا أن تروق للناس، ولكن القيمة العظيمة لا تأتى إلّا من الأصل.
(1925)



#خليل_كلفت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهر العسل قصة: روبرت ڤالزر
- أسطورة روح الثمانية عشرا يوما المجيدة
- حكاية قروية قصة: روبرت ڤالزر
- البرلينية الصغيرة قصة: روبرت ڤالزر
- السلطة التنفيذية هى السلطة الحقيقية الوحيدة فى مصر
- توبة قصيدة للشاعر البرازيلى: مانويل بانديرا
- قصة قاسية قصيدة للشاعر البرازيلى: مانويل بانديرا
- جميل جميل قصيدة للشاعر البرازيلى: مانويل بانديرا
- طائر السنونو قصيدة للشاعر البرازيلى: مانويل بانديرا
- جَذَرَ جَذْرا وجذَّر تجذيرا وتجذَّر تجذُّرا (مناقشة على هامش ...
- نجمة الصباح
- النجمة
- الحيوان
- عريان
- السندباد (من أحلام النوم واليقظة)
- تعويذة
- تخفيف الحكم
- هل التظاهر أمام مكتب الإرشاد فى المقطم كُفْر؟!
- ببليوجرافيا خليل كلفت حسب دار النشر
- النظام القديم والثورة الفرنسية


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل كلفت - ڤلاديمير قصة: روبرت ڤالزر