أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعيد العليمى - الماركسية وأنثروبولوجيا المدارات الحزينة - تأليف سايمون كلارك - مراجعة ابراهيم فتحى















المزيد.....



الماركسية وأنثروبولوجيا المدارات الحزينة - تأليف سايمون كلارك - مراجعة ابراهيم فتحى


سعيد العليمى

الحوار المتمدن-العدد: 4074 - 2013 / 4 / 26 - 01:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ترجمة سعيد العليمى
الفصل الثالث
أصـــول البنيــويـــــــة
أمـد التحليل النفسي ليفي شتراوس بفكرة اللاوعي التى أسس عليها فلسفته الإنسانية المتميزة التى يقارب بها العلوم الإنسانية .وان لم يكن التحليل النفسي تخصص ليفي شتراوس المختار . كان يمكن أن يقدم مفهوماً جعل من الممكن تحقيق معرفة موضوعية عن الإنسانية ، ولكن لم تكن ممارسة التحليل النفسي هى الطريق لتحقيق هذه المعرفة ، لأنه تضمن دراسة أفراد مختارين ، وليس الإنسانية ككل . لقد كانت الأنثروبولوجيا هي علم الإنسانية الذى سعى إليه ليفي شتراوس :
" تمنحنى الأنثروبولوجيا إشباعاً عقلياً . كشكل للتاريخ يربط من طرفيه المتعاكسين بين تاريخ العالم وتاريخى الخاص،ومن ثم تكشف الاساس العقلانى المشترك بينهما. في إقتراح دراسة البشرية تحررنى الأنثروبولوجيا من الشكوك ، مادامت تفحص هذه الإختلافات والتغيرات التى لها معنى بالنسبة لكل البشر ، وتستبعد تلك التى تخص حضارة مفردة،التى تنحل عدما تحت نظر المراقب الخارجي " . ( 1 )
ولكن ليفي شتراوس لم يتبن الأنثروبولوجيا على الفور فقد كان الدوركايميون يهيمنون على الأنثروبولوجيا في الجامعة. وامتدح ليفي برول التقليد الوضعي لكونت( comte) ودوركايم وقد طور ، بنظريته عن " العقلية البدائية " مذهباً إستبطنته نبرة عنصرية قوية . كانت لبوجلي مساعد مدير الـــ (Ecole Normale ) إنجازات تسنده ، ولكنه عين نفسه ، المدافع الدوجماتى عن الأرثوذكسية الدوركايمية . وكان بوجلي هو الذى رشح ليفي شتراوس لمنصبه في البرازيل ، غير أنه لم يكن ينتمي لـــ " حظيرة " بوجلي .كما كان مارسيل موس وحده ، ابن اخ دوركايم هو الذى أظهر نوعاً من الأصالة والمرونة ، منتأياعن الميراث الدوركايمي . ولكن موس لم يكن يحمل درجة الدكتوراه ، وهكذا كان منحصراً في تدريس طلاب الدراسات العليا . ولم يحضر ليفي شتراوس قط مقررات موس الدراسية ، وان كان قد قرأ أعماله وقام ببحثه الميداني مستهدياً بالخطوط التى أرساها ، دارساً المنتجات المصنوعة وطرق إنتاجها مفضلاً ذلك على العقائد والمؤسسات الإجتماعية . (2 )
وكل الدوركايميين ، الذين كتبوا الكثير حول طبيعة الإنسانية ، وعن العقلية البدائية ، والمنهج الوضعي ،والمؤسسات الأجنبية الغريبة كانوا في الحقيقة أنثروبولوجيين من فوق كراسيهم الوثيرة وكان إتصالهم بالمجتمعات التى إستكشفوها غير مباشر( بالواسطة ) .وكانت قراءة كتاب روبرت لــوى المجتمع البدائــي عام 1933 - 34 / بالنسبة إلـــى ليفي شتراوس هــي الـتى أمـدته بـــ " الوحي " :
" بدلاً من أن نقدم أفكاراً مأخوذه من الكتب ثم نحولها مباشرة إلى مفاهيم فلسفية ، فقد وصفت خبرة الكاتب الفعلية بمجتمعات السكان الأصليين وعرضت مغزى تلك التجربة من خلال إنغماسه فيها . وكان عقلى قادراً على الفرار من الرهاب الإحتجازى ، لجو الحمام التركى الذى كان مسجونا فيه بممارسة التأمل الفلسفى " .
( 3 )
وهنا كان المفتاح الذى كان بمقدور ليفي شتراوس أن يفتح به مخزن المعرفة ليس عن فكرة الإنسانية ، وإنما عن الناس الأحياء الحقيقيين . ولكن من المهم ألا نبالغ في تأثير أنثروبولوجيا الشمال الأمريكي على ليفي شتراوس . لقد أعلن ليفي شتراوس بوضوح شديد أنه ، أيا ما كان دينه لأنثروبولوجيا الشمال الأمريكي فيما يتعلق بمسائل الأنثروبولوجيا خاصة ، فإن الأخيرة قدمت إلهاماً أكثرمما قدمت تقليدا ثقافيا.و بالرغم من أن التقليد الدوركايمي لم يمارس أثراً إيجابيا عليه حين كان طالبا ، وقد وصل إلى البرازيل وهو في " ثورة معلنة ضد دوركايم وضد أى محاولة لتوظيف علم الإجتماع من أجل أغراض ميتافيزيقية " فإن عمله يجد موقعة برسوخ شديد في إطار التقليد الدوركايمي . ( 4 )
إن سيمون دي بوفوار التى قرأت تجارب طباعة البنى الأولية بينما كانت تكتب المقالات التى ستصبح (كتابها) الجنس الثانى ، قدرت بالكامل العلاقة بين التقليدين الفرنسي والشمالي الأمريكي في عمل ليفي شتراوس :
" وريث للتقليد الفرنسي ، ولكن منطلقاً من مناهج أمريكية ، أراد ليفي شتراوس أن يستأنف مشروع معلميه محاذرا من إخفاقاتهم " . ( 5 )
لقد بقى ليفي شتراوس حتى في عمله الميداني في إطار التقليد الفرنسي : كان لديه مران قليل في مناهج البحث الميداني ، وتقاريره بالمقاييس الأنجلو سكسونية ، محدودة للغاية .فقد أنجز ليفي شتراوس كـأنثروبولوجي خلال خمسين عاماً تقريباً رحلتي بحث ميداني قصيرتين في البرازيل وباكستان ، وبعثة أطول لعدة شهور في البرازيل – وربما لا أكثر من ذلك في كل حياته المهنية وبإستعداد أقل مما سيكمله طالب بريطاني أو أمريكي متخرج في الإعداد ، لدرجة الدكتوراه : " لست خجلاً من أن أعترف ، بأننى كنت أقضى وقتى في الميدان في تعلم كيف أعمل أكثر مما كنت أعمل " . ( 6 )
1 - ليفي شتراوس والفلسفة الدوركايمية :
أجبر عرض التعيين في البرازيل ليفي شتراوس على أن يواجه التقليد الدوركايمى . ولم يكن ليفي شتراوس في توجهه نحو الأنثروبولوجيا يدير ظهره لمجتمعه الخاص ، ولا كان تاركاً لخلفيته الفلسفية ورءاه . ولم يكن طموحه الباكر أن يفهم مجتمعات أخرى ، وإنما مجتمعه الخاص ، وقد توجه نحو الأنثروبولوجيا من أجل الإجابة على أسئلة فلسفية.( 7 ) وهكذا كانت مواجهته مع الدوركايمية مواجهة فلسفية .
قدم دوركايم ، كما رأينا قسمة أساسية بين الفرد والمجتمع ، واضعاً الصفات الإنسانية النوعية للاخلاقية والمعرفة في المجتمع بإعتبارها قوى قسرية تقف فوق الفرد وتفرض نفسها عليه .وهذه النظرية بالنسبة إلى ليفي شتراوس هي تخل عن علم الإجتماع لصالح الميتافيزيقا : كانت مهمته أن يستعيد للفرد الإنسانية التى عزاها دوركايم إلى العقل الجمعى . تتكشف طبيعة الكائنات الإنسانية ككائنات إجتماعية من خلال البحث عن ما الذى يتعلق بالكائنات الإنسانية فيجعل ممكناً صيرورة الناس في تفاعلهم يخلقون العلاقات الإجتماعية التى يربطون بها أنفسهم للعيش في مجتمع .
وقد سعى ليفي شتراوس إلى أن يعيد صنع علم الإجتماع الدوركايمي بإعادة الطبيعة الإنسانية إلى الفرد .كما أن ميرلوبونتي ، في تعليق متعاطف مع عمل ليفي شتراوس يسعى إلى إستيعاب الأخير في فلسفة ظاهرياتيه ، يطرح هذه المسألة جيداً :
" ان هذة الحقيقة الإجتماعية ، التى لم تعد واقعا ً مهيبا وإنما نظام فعال من الرموز أو شبكة من القيم الرمزية ، سوف تدخل في أعماق الفرد . ولكن التنظيم الذى يطوق الفرد لايقصيه . لم يعد من الضرورى الإختيار بين الفرد والجماعة " . ( 8 )
وهكذا فإن إعتراضات ليفي شتراوس الفلسفية على علم الإجتماع الدوركايمي يمكن أن تلخص بإعتبارها رفضاً للمفهوم الميتافيزيقي للعقل الجمعي وللوضعية السوسيولوجية التى إرتبطت به .إن وضعية دوركايم بفرضها عليه ألا ينظر وراء مظهر القسرالإجتماعي ، منعته من أن يجد أساسه الفردى الحقيقي .
وبينما نظر دوركايم للمجتمع بإعتباره واقعاً منقطع النظير (Sui generis ) ، كان على ليفي شتراوس أن يؤسس شروط إمكان المجتمع على أساس فردى . ويعطى هذا مشروع ليفى شتراوس مذاقا كانطيا مميزا وليفى شتراوس ، مثل دور كايم قبلة يعترف بكانط بوصفه سلفا .
وكان كانط معنيا بتأسيس مرتكز لأخلاق عقلانية ، شرط إمكان مجتمع منسجم . وينبغى أن يكون الفعل الإنساني بالنسبة إلى كانط محكوماً بالأوامر الأخلاقية التى يمكن أن تشُتق منطقياً من " المفهوم العام للكائن العقلاني بوصفه كذلك" ( 9 ) هذا " الآمر المطلق " سوف يقدم من ثم الأساس لأخلاقية مطلقة وكلية . وتتأسس القوانين في المجتمع العادل بالتوافق مع الآمر المطلق ، وبالرغم من أنها قسرية سوف يُعترف بها كشرط للتحقق الكامل للفرد ، ومن ثم سوف تكون موافقة للعفوية .لقد اعتمد المجتمع المنسجم ، من ثم على تطبيق أخلاقية عقلانية .
وقد طور دور كايم علم إجتماعه في قرن تال ، وفي عصر بدت فيه قوى العقل غير كافية لتأمين النظام الإجتماعي .كما سعى دوركايم إلى أن يجعل تفسيره لكانط إجتماعياً ، جاعلاً من المجتمع لا مبدأ شكليا لا ينفذ اليه الا العقل ، وإنما واقعا جوهريا له تأثيرات ظواهرية ، يزاول تجربتها الأفراد بإعتبارها شيئا يوجد وراءهم ويفرض عليهم قسره . يمكن لدراسة المجتمع على هذا النحو ، عند دوركايم ، أن تصبح تجريبية ، وليست نظاماً ميتافيزيقياً .
ان جعل دوركايم من فلسفة كانط فلسفة إجتماعية يغير بصفة أساسية دلالة الأخلاقية الكانطية . ويفشل دوركايم في أن يضع تمييزاً ، جوهرياً بالنسبة لكانط وللكانطية الجديدة الألمانية ، بين الواقعة والقيمة . فالأخلاقية العقلانية عند كانط شكلية محضة وهي كلية ، ليست مؤسسة على أى نحو على ما يجرى في الحالة الجارية للأمور . ومن ثم فإن نظرية كانط الأخلاقية تقدم أساسا لنقد ما هو كائن بشروط ما ينبغي أن يكون : فالدعاوى الكلية للأخلاقية العقلانية تتعارض مع الفرض ذى الطابع الجزئى للمعايير الأخلاقية الأنانية . وعلى النقيض من ذلك ، يطابق دور كايم بين المعيارى والموضوعى : العقل الجمعي هو حقيقة موضوعية وآمر أخلاقي . ويعي ليفي شتراوس جيدا المخاطر الكامنة في هذا المفهوم ، لأن العاقبة هي تمجيد الجمعي :
" من الواضح أنه يمكن لأى نظام إجتماعي أن يتحجج بمثل هذا المذهب ليسحق فكر الفرد وعفويتة . ان كل تقدم أخلاقي ، إجتماعي أو ثقافي تبدى ظهورة الأول فى شكل ثورة الفرد ضد الجماعة " . (10 )
وحين ينتقد ليفي شتراوس ميتافيزيقيا دور كايم فإنه يصادق على الفردية الكانطية ويستعيد البٌعد النقدى للفسلفة الكانطية . ومهما يكن الأمر ، فإن ليفي شتراوس لايذهب إلى الحد الذى يرفض فيه مطابقة دوركايم بين الواقعة والقيمة . فما يرفضه ليفي شتراوس هو مطابقة العقل الجمعي بوصفه كذلك بالواقعة . وهكذا يرفض ليفي شتراوس أية دعوى لأى سلطة أخلاقية فــوق الفرد ، سواء كانت العقل الكانطي أو المجتمع الدوركايمي . وبالنسبة إلـى ليفي شتراوس فإن الآمر الكانطي يجب أن يتموضع في العقل الإنساني . وهكذا ، بينما نظر كانط لمفهوم الفرد العقلاني كشرط لإمكان أخلاقية عقلانية وحياة إجتماعية منسجمة ، فإن ليفي شتراوس ينظر بدلا من ذلك الى الخصائص التجريبية المفترضة للعقل الإنساني . ومن ثم يصادق ليفي شتراوس بحماس على وصف ريكور لأنثروبولوجيتة بإعتبارها " كانطية بدون ذات ترنسندتالية (باطنة أولية) " ( 11 ). ان طبيعة العقل مؤسسة من خلال برهان إستنباطي ، كـــشرط لإمكان المجتمع ، والثقافة ، والإنسانية . وهكذا تعاد موضعة مصدر العقل في الفرد ، وليس في وعي فريسة للتفاهة والأنانية ، وإنما في اللاوعي الذى يمثل حقيقة تجريبية وأخلاقية في آن معاً .
2 - ليفي شتراوس وعلم الإجتماع الدوركايمي :
سعى ليفي شتراوس إلى أن يعيد صنع علم إجتماع دوركايم بإعادة الطبيعة الإجتماعية للكائنات الإنسانية ، التى يحدد دوركايم مفهومها تحديداً قاصرا بإعتبارها العقل الجمعي ، إلى داخل الفرد . ويجادل ليفي شتراوس بأن دوركايم كان مضطراً لإختراع مفهوم العقل الجمعى لأنه لم يكن متاحاً بالنسبة له مفهوم ملائم للاوعي .
لقد طرح دوركايم مفهوم العقل الجمعي من قبل للتوفيق بين الصفة الأخلاقية للوقائع الإجتماعية وطابعها الموضوعي والقسرى . وكانت الوقائع الإجتماعية " أشياء " و " تمثيلات " في آن معا ، موضوعية وذاتية معا ،وقد كانت نفسية ،بيد أنها كانت مقاومة لإرادة الفرد . وفى استدلال ليفي شتراوس بدون مفهوم ملائم للاوعى، الذى هو تحديدا كلية نفسية مقاومة للإرادة ، كان على دور كايم أن يخترع " عقلا " يوجد خارج الفرد مقيدا إياة ولكونه مفتقرا الى مفهوم اللاوعي ، كان دور كايم مسوقاً لتفسير الوقائع الإجتماعية لا بالرجوع الى أصلها ، الإنساني الفردى وإنما بالإلتجاء في النهاية الى النزعة التطورية ( حيث يفسر العقل الجمعي بالرجوع الى سلسلة تطورية ) واللاعقلانية (حيث يفسر أصل العقل الجمعي في الماضى البعيد بإعتبارة استجابة لا عقلانية ، عاطفية ، منغرسة في الفرد الطبيعي ماقبل - الاجتماعى ) .
ونستطيع أن ندرك بمفهوم اللاوعي أن معنى الواقعة الاجتماعية ليس مفروضاً على الفرد ولكنه من إبداعه. ولكن المعنى ليس ذاتيا خالصا مادامت موضوعيته مؤسسة في اللاوعي :
" يكمن حل نقيضة دوركايم في إدراك أن أنظمة الأفكار المتموضعة هذه لاواعية ، أو أن بنى نفسية لاواعية توجد فى أساسها وتجعلها ممكنة . ومن ثم طابعها الخاص بوصفها " أشياء " وفي نفس الوقت الطابع الديالكتيكى - أعنى غير الميكانيكي - لتفسيرها . ( 12 )
لذلك فإن طبيعة اللاوعي هى التى تجعل المجتمع ممكناً ، كما أنه بسبب أن الإجتماعي يتخذ موضعه في اللاوعي فإنه يبدو للتجربة خارجياً . وهكذا فإن لدى ليفي شتراوس مهمتين : أن يطور نظرية العقل اللاواعي كشرط لإمكان المجتمع ، وأن يعيد صياغة علم إجتماع دوركايم على أساس هذا المفهوم اللاواعي . وهذا الواجب المزدوج هو الذى يؤدى إلى بعدى البنيوية : من ناحية نظرية في العقل ، ومن ناحية أخرى نظرية في الثقافة والمجتمع .
فالمهمة التى هيأ ليفي شتراوس نفسه لها هي أن يقدم دعامة وظيفية للبنية الإجتماعية في لاوعي الفرد ومن ثم لاقصاء لجوء دوركايم إلى منطق ميتافيزيقي للتطور.و بهذه الطريقة فإن البنية الاجتماعية ، والتمثيلات التى تناظرها ، سوف يعاد موضعتها في الفرد .وبهذه الطريقة :
" سوف يكون لدينا الأمل في تجاوز التعارض بين الطبيعة الجمعية للثقافة وتجلياتها في الفرد ، مادام مايسمى " العقل الجمعي " لن يكون ، في التحليل لأخير ، أكثر من تعبير على مستوى فكر الفرد وسلوكه ، لمشروطية زمانية ومكانية معينة للقوانين الكلية التى تؤلف النشاط اللاواعي للعقل " . (13)
ومن الواضح أن اعتراض ليفي شتراوس على علم الإجتماع الدوركايمي كان اعتراضاً من داخل التقليد الدوركايمي ، انه يعترض على الحلول المقدمه ، وليس على المشاكل التى وضعها دوركايم لعلم الإجتماع . وهكذا فإنه يرفض دعوى دوركايم بـأن المجتمع هــو كل قد تطور عن طريق الطفرة ( emergent ) لــه قوانينه الخاصة التى تتعالى على أعضاء المجتمع المفردين . وبالنسبة إلى ليفي شتراوس لايمكن للمجتمع أن يوجد إلا في أعضاء المجتمع المفردين ، وفي العلاقات بين هؤلاء الأفراد ، علاقات يدخلها الأفراد على أساس دافعية لاواعية وليس تحت قسر إحدى الكيانات الخارجية . وعلى أية حال ، إذا ما أفسحنا المجال لمثل هذا التطور لمذهب دوركايم ، فإن مفهوم ليفي شتراوس عــن مهام علم الإجتماع ، وعـن طبيعة المجتمع ، يكون دوركايميا تماماً .
أولاً ، يتفق ليفي شتراوس تماماً مع الإصرار الدوركايمي على الطابع النفسي ، الرمزى للوقائع الإجتماعية وللمفهوم المناظر لها عن علم الإجتماع . الوقائع الإجتماعية هي وقائع أخلاقية ، وعلم الإجتماع هو العلم الوضعي الأخلاقي الذى يسعى لامتلاك معرفة موضوعية لأنظمة المعنى .
ثانياً ، بينما يرفض ليفي شتراوس إعتماد دوركايم المبالغ فيه على علم إجتماع وظيفي فليس ذلك لرفض النزعة الوظيفية . لقد دلل ليفي شتراوس في أعمالة المبكرة ببساطة بأن تفسيراً وظيفياً مرضياً لايمكن أن يكون كاملاً الا متى ربطت الوظائف الإجتماعية لمؤسسة ما بوظائفها مـن أجل الفرد : فليس من الكافي أن نبين ماهي الوظيفة الإجتماعية لمؤسسة ما ، بل من الضرورى أيضاً أن نبين كيف تعمل المؤسسة في كل الأحوال مبينين لماذا يقبل الأفراد بالإنخراط فيها . وهكذا فإن ليفي شتراوس لايستبدل بنزعة دوركايم السوسيولوجية نظرية نفسية بديلة عن المجتمع سوف تختزل المجتمع إلى عقل الفرد .بل يسعى ليفي شتراوس إلى أن يكمل وظيفة دوركايم السوسيولوجية بأن يضيف اليها تفسيراً عقلياً لإشتراك الفرد في المجتمع .
ثالثاً ، يدفع ليفي شتراوس النزعة العقلية الدوركايمية إلى حدودها القصوى . فبالنسبة إلى دوركايم التمثيلات الجماعية هى إنشاءات ذهنية ، عقلانية تحديداً . وهكذا فقد رفض دوركايم فكرة ليفي برول عن " العقلية البدائية " مصراً على أن كل أشكال الفكرالإجتماعي عقلانية . وعلى أية حال حين انتهى دوركايم الى الطابع الأخلاقي لهذه التمثيلات لجأ إلى اللاعقلاني مفسراً قـوى المجتمع الأخلاقية بإعتبارها استجابة عاطفية لاعـقلانية على مهابة الجماعة . وعند إستبداله النفسية الفردية ، اللاعقلانية ، والسلبية كلية بنزعة وظيفية نفسية تقدم الأساس العقلاني ، وان لم يكن واعياً ، لقبول الفرد في الإشتراك في المجتمع ، يكون ليفي شتراوس قد طهر علم الإجتماع الدوركايمي من لاعقلانيته المترسبة . فالمجتمع الآن عقلاني ليس بسبب أنه نظام متعال يقف فوق الفرد ، ولكن بسبب أن له جذوره في العقل الفردى للاوعى. ولا تعتمد سيادة العقل على الرهبة اللاعقلانية التى ينظر بها الفرد إلى الجماعة ، ولكن على إتفاق الإجتماعي مع طبيعة الفرد .
أخيراً ، نجد عند ليفي شتراوس فهما دوركايميا بالكامل لمنهج العلوم الإنسانية . فلا تسعى الأنثروبولوجيا إلى أى إنغماس ذاتي في الثقافات الأخرى ، وإنما إلى فهم موضوعي خارجي . ومنهج البحث هو المنهج المقارن الذى يرتكز على تأسيس تنميطات وظيفية . فهدف المورفولوجيا الإجتماعية هو تأسيس تنميط للبنى الاجتماعية أو المؤسسات الاجتماعية ، وتناظر الأنماط المختلفة طرقا مختلفة لتفعيل الوظيفة الإجتماعية الأساسية أو النفسية التى يستجيب لها المجتمع . وهكذا فإن أساس معرفة المجتمع هو الدراسة الموسعة لأشكال اجتماعية مختلفة ، وليس الدراسة المكثفة لمجتمعات بعينها .
ولا تكمن أصالة ليفي شتراوس في محاولته لتطوير تحليل علمي موضوعي للظواهر الثقافية ذات المعنى ، ولا حتى في نتائج بحثه معنى هذه الظواهر من خلال تحليل بنيتها ، الموجود سلفاً في دراسات التصنيف البدائى التى قام بها دوركايم وبعض من أتباعه مثل موس وبوجلي وهرتس وجرانيه . فأصالة ليفي شتراوس تكمن في محاولة إعطاء هذا التحليل البنيوي أساساً نفسياً وفي الإلحاح على أن يقدم هذا الأساس بواسطة لاوعي ، عقلاني ، وثقافى متماسك .
وتطهر هذه المحاولة علم الاجتماع الدوركايمي والفلسفة من تضميناتهما الميتافيزيقية واللاعقلانية غير المقبولة . ويتبقى أن نرى إن كانت البنيوية التى أدت إليها في النهاية ، هي أكثر إرضاء .
3 - نحو حل : ليفي شتراوس وموس(mauss) ونظرية العلاقات التبادلية :
كان ليفي شتراوس يبحث عن أشد خصائص المجتمع عمومية لكى يكشف عن أصل الاجتماعي في الفردى . وكان يسعى في نفس الوقت لأن يجذر مفهومه العام في العياني ، في عقل العضو الفردى لهذا المجتمع أو ذاك . لقد اعتقد أنه رأى مثل هذا المفهوم على الأقل بشكل جنيني في أعمال موس ، الذى عده ليفي شتراوس في عمله الباكر " أستاذه " (14) ومن أهدى له فيما بعد كتابه الأنثروبولوجيا البنيوية .
وكان الحاح موس على الطبيعة النسقية للظواهر الإجتماعية معبرا عنه في مفهوم " الواقعة الإجتماعية الكلية " . " وهو يدرس كل نمط بإعتباره كلا ، معتبراً إياه دائماً بمثابة مركب ثقافي تكاملي " (15) ولكن موس يربط نفسه بشكل أكثر إحكاما بالعياني أكثر مما يفعل دوركايم . فمفهوم " الواقعة الإجتماعية الكلية " يقود إلى إحترام أكبر لتكامل نوعية كل مجتمع جزئى ، ومن ثم قابلية أقل للجوء لإختزالية البرهان التطورى الذى كان دوركايم يلجأ إليه بسرعة. أضف إلى ذلك ، أنه رغم إحتفاظه بمفهوم النفس الجماعية ، كان موس أكثر انتباهاً بالقياس الى دوركايم للحاجة إلى ربط هذه بنفسية الفرد . وقد طور ليفي شتراوس نظريته عن الاجتماعي على أساس قراءة نقدية لنظرية موس عن العلاقات التبادلية . ولتطوير هذه النظرية أود أن أتوجه الآن .
لقد طورت نظرية ليفي شتراوس عن العلاقات التبادلية في عدد المقالات النظرية التى نشرها عام 1943 و 1944 ، وكانت تستند إلى حد بعيد على تلك المجتمعات التى زارها في البرازيل . (16)
وكانت مشكلة واحدة بارزة في هذه المقالات ، وهي تهيمن بالفعل على عمل ليفي شتراوس اللاحق أيضاً ، وهي مشكلة الإنتشار . لقد تعلقت المشكلة بتفسير التشابهات الملحوظة بوضوح بين مؤسسات توجد في مجتمعات متباعدة مثل شمال وجنوب أمريكا ، وآسيا وجزر جنوب غرب ووسط المحيط الهادى . لقد كان ليفي شتراوس معارضاً لكل أنواع البرهان التطورى ، كتلك التى كان يلجأ إليها دوركايم ، مالم يكن هناك شواهد مستـقلة فــي غاية الجودة عـلى تلك البراهين . فالتفسير بمصطلحات " الأشكال الأقدم " مقبول فقط كــملاذ أخير ، حين يفشل التفسير الوظيفي . وفي واحد من المجتمعات التى عنى بها ليفي شتراوس ، البورورو ، فإن تنظيمهم الاجتماعى الثنائى لايمكن أن يفسر بمصطلحات تطورية ، كشكل بدائي ، لأنه كان هناك دليل واضح على أن هذا التنظيم مشتق من ثقافة أكثر تعقيداً .
وكان ليفي شتراوس مأخوذاً بالانتشارية ، التى نظر إليها بإعتبارها مكملة للتفسير الوظيفي . على أية حال ، لقد جادل بأنه ، حتى حيثما وجدت شواهد على دعم الفرضية الإنتشارية ، فقد كانت غير كافية . إن مسألة المبدأ الكامن وراء مؤسسة هي مسألة مختلفة عن تلك التى تتعلق بأصله ، كما برهن على ذلك دوركايم بوضوح . وحيثما نجد مؤسسة عامة ، يجب أن نفسر العمومية بالإشارة إلى عمومية وظيفتها . سوف تكشف هـذه الوظيفة عبر تحليل المبادئ الأساسية للمؤسسة :
" إذا كان التاريخ حين يطلب منه دون انقطاع (ويجب أن يطلب منه أولاً ) لايستطيع أن يقدم إجابة ، فدعنا نحتكم إلى علم النفس ، أو إلى التحليل البنيوي للأشكال ، دعنا نسأل أنفسنا إذا كانت الإرتباطات الداخلية ، بغض النظر عما إذا كانت ذات طبيعة نفسية أو منطقية ، سوف تتيح لنا أن نفهم التكررات المتوازية التى لايحــتمل لتواترها وتماسكها أن يـكون نتاجاً للمصادفة .... يمكن للإرتباطات الخارجية أن تفسر الانتقال ، ولكن الإرتباطات الداخلية فقط هى التى يمكن أن يعتد بها بشأن الاستمرار " . (17)
فالمبدأ العام الذى كان ينبثق من تحليل عدد من المؤسسات شديدة الإختلاف بوضوح هومبدأ العلاقات التبادلية . في مقالات 1943 حتى 1945 يجد ليفي شتراوس أن هذة العلاقات التبادلية هـى أساس السلطة ، والتنظيم الثنائى ، والحرب والتجارة والقرابة .
وكان مارسيل موس قد قدم نظرية عن التبادلية في مقالة الهدية . وبالنسبة إلى ليفي شتراوس كانت هذه هي المقالة التى استهلت " عصراً جديداً في العلوم الإجتماعية " . (18) فقد وجـد مــوس وراء عديد من الأشكال المختلفة من علاقة الهدية ، عاملاً مشتركاً . فعلاقة الهدية هي شئ آخر غير الإعطاء المباشر للهدية ، لأن شيئاً يمكن أن يحل محل آخر دون أن تتأثر العلاقة .كما ان علاقة الهدية هي أيضاً أكثر وضوحاً من المجموع البسيط لأجزائها. لأن إعطاء هدية يقيم إلتزاماً بالمبادلة . ورأى موس مفتاح العلاقة في هذا الإلتزام بالتبادل ، وسعى لتفسير هذا الإلتزام .
وبالإضافة الى ذلك لاحظ موس أن الهدية كانت متشربة بدلالة رمزية . وقد أشار إلى أن الخصائص الواقعية للهدية ليست هامة . وكل أنواع الأشياء التى قد تختلف تماماً يمكن أن تتشكل كهدايا . وقد خلص إلى أن الهدية كانت أكثر كثيراً من موضوع بسيط جرى نقله . لقد كانت واقعة اجتماعية كلية أسست علاقة اجتماعية بين الأفراد أو المجموعات ولها دلالة دينية ، وقانونية ، وأخلاقية ، وإقتصادية وجمالية . كما كانت فوق ذلك ، علاقة اجتماعية ملزمة لها طبيعة العقد بفضل الالتزام بالتبادلية في جانب المتلقي . وهكذا رأى موس في علاقة تبادل الهدايا أصل العقد الإجتماعي ومن ثم أساس العلاقة بين الفرد والمجتمع . ورغم أنه لم يدعم شمولية المؤسسة ، كما فعل ليفي شتراوس ، فإن النتيجة التى إنتهى اليها موس هي ماإنتهى إليها شتراوس أيضاً :
" بمعارضة العقل للعاطفة .... ينجح الناس في إحلال التحالف ، (تبادل ) الهدايا والتجارة محل الحرب ، والعزلة والركود ....لقد تقدمت المجتمعات بقدر ما كانت قادرة على تثبيت عقود العطاء والتلقي وإعادة الدفع " . (19)

وطبقاً لليفي شتراوس ، إرتكب موس خطأ فادحاً ، له أصله في نزعته التجربية المميزة له . ويدلل ليفي شتراوس على ذلك بأن موس يعزل علاقة إعطاء هدايا عن النظام الذى أدخلت فيه . فقد اعتقد موس أن اعطاء هدية أسس نظاماً للتبادلية ، بدلاً من أن يراه وقد أدخل في نظام كهذا . وهو لم يستطع أن يرى ماوراء الواقع العياني للعلاقة أى النظام الثاوى خلفها . وقد قاده هذا إلى أن يرى الالتزام بالتبادل بإعتباره شيئاً كامناً في الهدية ، مخفقاً في أن يرى أن فكرة التبادل تسبق الإعطاء الأولى للهدية . فـالهدية تعطى من أجل أن تؤمن تبادلا ، والتبادل ليس نتاجاً لمحاولة معاقة للإعطاء .
وهكذا فسر موس التبادل بطريقة لاعقلانية فى النهاية ، إعطاء الهدية يقيم توتراً نفسياً يمكن أن يحل من خلال التبادل فحسب . ولم تكن هذه النظرية مقبولة عند ليفي شتراوس ، الذى كان باحثاً عن " عقلانية رفيعة " . وكانت نظرية ليفي شتراوس ، على أية حال ، مازالت في مجرى التطوير .
بالرغم من ذلك ، كان ليفي شتراوس ، مقتنعاً بمركزية مؤسسة العلاقات التبادلية . لقد صادقت على تقديره النظرى خبرته الخاصة . بينما كان يعيش مع النامبيكوارا عاين مواجهة بين قبيلتين .وقد صاحب اللقاء طقس مطور للتبادل استغرق عدة أيام وأسهم في المصالحة بين قبيلتين متعاديتين أصلاً . لم تكن هذه المبادلات رمزية خالصة لأنه ، كما يخبرنا ليفي شتراوس ببعض التفصيل ، تعتمد القبيلتان على هذا النوع من الإتصال في المواد الهامـة . وهــذا اللقاء موصوف فــي المدارات الحزينة، وأشير إليه في كثير من الأعمال الأخرى .
وقد قدم هذا الحدث مادة واحد من مقالات ليفي شتراوس النظرية الأولى . فدلل ليفي شتراوس في مقالة بأن هناك إستمرار جوهرياً بين الحرب والتجارة ، اللذين ليسا " نمطين من علاقة التعايش وإنما بالأحرى وجهين متعارضين لافكاك منهما لنفس العملية الإجتماعية الواحدة " . الجماعات التى تلتقي تخشى وتحتاج الواحدة منها الأخرى في آن معاً . وحينما تلتقى فإن طقساً مطوراً يصبح ضروريا ، متضمناً صراعاً رمزياً ، حتى تستبعد المخاوف وتصبح التجارة ممكنة . وربما تذهب هذه التجارة إلى حد تبادل النساء بين الجماعات ، حتى تصبح الجماعتان مرتبطتين دوماً بالزواج.وينتهي ليفي شتراوس في مقالة بمفاهيم موسية ( نسبة إلى موس ) بالكامل :" الحرب،التجارة ،نظام القرابة والبنية الاجتماعية يجب من ثم أن تدرس في علاقتها المتبادلة الجوهرية " .
كما يجادل ليفي شتراوس في مقال آخر بأن التبادل يكمن في التنظيم الثنائى حيث المجتمع منظم في نصفين ، حتى حين تكون هناك علاقات خضوع ، لأن " الخضوع ذاته تبادلي : فإن الأولوية التى يحصل عليها نصف فى أحد المستويات تخسر لصالـــح النصف المقابل على ( مستوى ) الآخر " . (21)
وقد طُورت هذه الفكرة كـأساس لنظرية تبادل السلطة ، ونشرت أولاً عام 1944 في شكل تحليل للزعامة في مجتمع نامبيكوارا ، ثم مدت ، على مجتمعات بدائية أخرى . وحين أعيد طبعها عام 1947 ، ظهرت كنظرية عامة في السلطة حيث إستبدل بمصطلح الزعامة مصطلح " السلطة " على طول (المقال ) . وكثير مما في هذا المقال يظهر ثانية في المدارات الحزينة . (22)
إلا أن نظرية السلطة هي بشكل جوهري ، نظرية وظيفية .وكيفما كان الأمر فإن ليفي شتراوس يعترض ثانية على هذا النوع من التحليل الوظيفي الذى يفرض وظيفة على مؤسسة بدلاً من أن يكتشف الوظيفة داخلها . والوظيفة يمكن " الوصول اليها فقط من خلال تحليل المبدأ الذى يشكل الأساس" ( صياغة جشطالطية نموذجية لمفهوم الوظيفة ) . والسبب في النظر إلى السلطة في مجتمع نامبيكوارا هو أنه " بسبب فقرها الشديد تحديداً ، فأن بنية نامبيكوارا السياسية تكشف بجلاء بعض الوظائف الأساسية التى ربما تبقى مختفية في أنظمة حكم أكثر تعقيداً وتطوراً " . يؤخذ هذا بالطبع ، كأمر مسلم به فإن " الوظيفة هي دائماً وفي كل مكان متماثلة ، ويمكن دراستها بشكل أفضل وفهمها بشكل أتم حين توجد في شكل بسيط " يؤسس تماهى الوظيفة هذا على تماهى العقل الإنساني .
إن الجماعة تحتاج إلى قائد لتنظيم رحلاتها ، ليقرر بشأن حملاتها ، ليتعامل مع القبائل المجاورة ، ليشرف على الحقول . ولكن القائد لاينبثق بإعتباره إستجابة مباشرة لحاجة الجماعة هذه ، فلا يتشكل القائد بواسطة الجماعة ، بل تتشكل الجماعة بالأحرى ، من قبل القائد وتستمد شخصيتها منه . إذا لم يكن القائد ملائما فإن الجماعة سوف تتبعثر وتجد قادة جددا . فليس هناك من وعي جماعي يشكل الفرد .
ورغم أن هناك حاجة وظيفية للقائد ، فإن هذه الحاجة لاتجعل نفسها محسوسة مباشرة . فلا يظهر الزعماء بسبب أن هناك إحتياجا لهم ، إنما يظهرون " لأن هناك ، في أى مجموعة إنسانية ، رجال .... يستمتعون بالمكانة لذاتها ، ويشعرون بجاذبية قوية نحو المسئولية ، الذين يأتي لهم عبء الأمور العامة بمكآفأته الخاصة . وهذه الإختلافات الفردية هي .... جزء من تلك المواد الخام النفسية التى صنعت منها أى ثقافة معطاه " . هناك وظيفة ، ولكن إنجاز هذه الوظيفة يجب أن يفسر في حدود نفسية الفرد لا الجماعة . يبدو التعارض مع دوركايم واضحاً وعمدياً .
إن علاقة السلطة هي علاقة تبادلية . وفي مقابل عبء منصبه تقدم الجماعة لزعيم النامبيكوارا عدداً من الزوجات . تعدد الزوجات هو " المكافأة الأخلاقية والعاطفية على واجباته الثقيلة " ولكن في قمة التبادل الواقعي للأشياء الثمينة هذا هناك تبادل رمزى :
" التوافق .... هو في ذات الوقت أصل وحد القيادة .... التوافق هو الأساس النفسي للقيادة ، ولكنه يعبر عن نفسه في الحياة اليومية ، ويقاس بلعبة الأخذ والعطاء التى يلعبها الزعيم وأتباعه ،وهو الذى يولد ، كخاصية أساسية للقيادة ، فكرة التبادلية " . (23)
لقد تشكلت نظرية التبادلية هذه بوضوح ليس فقط بواسطة تجربته بين النامبيكوارا ، ولكن أيضاً في الولايات المتحدة الأمريكية . لقد أذهل ليفي شتراوس الطابع الديمقراطي للولايات المتحدة ، الذى تناقض بحدة مع المجتمع الذى خلفه . كان مبدأ التبادلية بالنسبة إلى ليفي شتراوس هو المفتاح للديمقراطية الليبرالية الخاصة بالولايات المتحدة الأمريكية .ثم طورت هذه الفكرة في مقال عام 1944 حيث أنبأ فيـه ليفي شتراوس الفرنسيـين المحررين حديثاً بفضائل سادتـهـم الجدد . (24) وفي هذا المقال يوضح ليفي شتراوس أن مبدأ التبادلية ذو فائدة في فهم المجتمعات " البدائية " كما أنه أيضاً مفتاح إصلاح مجتمعنا الخاص ، ونموذجه الولايات المتحدة . يجادل ليفي شتراوس بأن مشكلة العلاقة بين الفرد والجماعة في الولايات المتحدة محلوله من خلال تأسيس علاقة تبادلية بين " الجمهور " و " النخبة " التى تتناقض بشكل ملحوظ مع علاقة الخضوع بين الفرد والمجتمع التى ميزت مجتمعه الخاص . ولم تستمر طويلاً هذه اللحظة من التفاؤل الجامح لأن قومية شمولية سرعان ما أزدهرت على جانبى الأطلنطي .
ويمكن أن نرى نظرية تتطور في هذه المقالات الأولى . وليفي شتراوس لايدير ظهره للتحليل الوظيفي من النوع الدوركايمي . التجارة ، التعاون ، القيادة ، كل هذه مطلوبة إذا كان على المجتمع أن يكون قادرا على تلبية الإحتياجات المادية لأعضاءه .وتنجز هذه الوظائف المجتمعية جميعها من قبل جوانب مختلفة من المؤسسة ، العلاقة الاجتماعية الأساسية ، الخاصة بالتبادلية . ولكن الجدال ناقص إلى الآن . إن الحجاج الوظيفي بالنسبة إلى ليفي شتراوس لايمكن ان يصمد بذاته . لايوجد المجتمع ، ربما كما كان دوركايم سيجادل ، لأنه يخلق شروطه الخاصة في الوجود ، وإنما لأن هذه هي جزء من " المادة الخام النفسية التى تٌصنع منها أى ثقافة معطاه " . (25) ينبغي أن يتجذر التحليل الوظيفي في نفسية الفرد .
ورغم أن نقطة إنطلاق التحليل هي الحاجات المادية للمجتمع ، فإن العلاقات التبادلية التى تنبثق لاتتخذ شكل العقد النفعي ، لأن الجذور النفسية للتبادلية تعطي العلاقة بُعداً رمزياً . ومن ثم فإن العلاقات التبادلية هي واقعة إجتماعية كلية ، تشمل الإعتماد المتبادل المادى والرمزى بين أعضاء المجتمع ، وتتجذرفي التحليل الأخير ، في العقل اللاواعي .
وتعالج هذه المقالات الأولى إذا أخذت على حدة مؤسسات مختلفة بوصفها تعبيرا عن المبدأ العام ، مبدأ التبادلية .وحين نأخذ المقالات معاً ، على أى حال ، يبدو واضحاً أن ليفي شتراوس لايرى التبادلية بإعتبارها مبدأ بين مبادئ أخرى ، ولكن بالأحرى كمفتاح للمجتمع ، كشرط وجوده . إنها العلاقة التبادلية التى تدمج الفرد في المجتمع ، التى تجعل مــن الإنسان حيواناً إجتماعياً . عند البحث عن الأصول النفسية للتعبيرات النوعية للتبادلية فإن ليفي شتراوس يبحث عن خصائص العقل هذه التى تجعل المجتمع ممكنا والتى تحدد البشر ككائنات إجتماعية . إنها طبيعة العقل التى تكمن عند جذر التبادلية ، وليس إلزاماً مفروضاً من الخارج . وتأخذ شروط إمكان التبادلية ، التى هي شروط وجود المجتمع ذاته ، شكل قبليات نفسية . ولايمكن لهذه الخصائص النفسية ، من ثم أن تفسر تكوينيا ، كما سعى دوركايم لتفسيرها ، كخصائص منبثقة فى طفرة تنتمى للمجتمع . لأنها نقطة الإنطلاق التى يجب أن يبدأ منها علم الإجتماع .
وهذه النظرية التى رُسمت معالمها في المقالات الأولى ، قد تطورت بشكل أتم في البنى الأولية للقرابة . وكما سنرى في الفصل التالى ، فإن البنى الأولية مؤسس على مفهوم التبادلية كمبدأ علائقى أو بنيوى ، مبدأ ، سابق على أى مؤسسات للتبادلية وسابق على العناصر الـتى تتعالق بواسطة التبادلية . فالتبادلية تجسد مثال محايثة العلاقة ، لأنها منذ البداية مبدأ علائقى . هذه العلاقة سابقة على المادة العيانية التى فرضت عليها وهكذا فإن محايثتها مؤسسة في العقل الذى يفرضها . وهكذا فإن فكرة التبادلية ، بالنسبة إلى ليفي شتراوس ، تجعل من الممكن تفسير العلاقة الإجتماعية ، وبصفة أكثر عمومية البنية الإجتماعية ، بالإحالة ، ليس إلى العقل الجمعي ، بل إلى اللاوعي الفردي .
4 - من نظرية التبادلية إلى البنى الأولية للقرابة :
استخدم ليفي شتراوس في كتاباته النظرية الأولى مبدأ التبادلية المأخوذ من موس ، ليفسر سلسلة من المؤسسات الإجتماعية التى كان من البين أنها ذات أصول مختلفة ، ووظائف إجتماعية مختلفة وأشكال مؤسسية مختلفة .وقد لعب مبدأ التبادلية دوراً مزدوجاً في هذه المقالات الأولى . فهو الذى قدم التبادلية كمبدأ للتفسير الأنثروبولوجي أو قدم طريقة لشرح هذه المؤسسات الإجتماعية المختلفة بدون اللجوء إلى الإختزالية السوسيولوجية أو التطورية .
وقد رأينا مشاكل الإختزالية السوسيولوجية :التى بجعلها الإطار البنيوي للمجتمع سابقاً بصرامة على وجود الأفراد الاجتماعيين أصبحت غير قادرة على تفسير أصول وتطور هذه البنية في نشاط الكائنات الإنسانية . ومن ثم فإن البنية هي واقع ميتافيزيقي منظم لذاته . ولهذا فإن النزعة السوسيولوجية مرتبطة على الأغلب بالتطورية : مادامت لاتستطيع أن تفسر أصول البنية الإجتماعية بالإحالة إلى نشاط أفراد البشر ، فهي تفسر البنية الاجتماعية القائمة بشروط الحالات السابقة للبنية الإجتماعية في رجوع تاريخي لانهائي ، ومن ثم ترتب كل المجتمعات في سلسلة تطورية أخترعت من أجل أن تخفي الفجوات في النظرية . ولأن هذه السلسلة التطورية تتكشف دون أى تدخل إنساني فمن المفترض أن يحكم تطورها بقوانين التعاقب التاريخية الشاملة .ويحل من ثم مثل هذا النوع من التفسير التاريخي محل التنوع المكاني للمجتمعات في تعاقب زمنى حيث المجتمعات الأبسط هي مجرد أشكال غابرة للأكثر تعقيداً .
و يتجاوز مبدأ التبادلية بالنسبة إلى ليفي شتراوس هــذه المشاكل ، بنتائجها الأيديولوجية التعيسة ، لأن موضعه في عقل الفرد . ولكن مبدأ التبادلية يتجنب أيضاً مخاطر النزعة السيكولوجية . فالمشكلة مع نزعة إختزالية نفسية هي عدم قدرتها على إدراك أن المؤسسات الإجتماعية لها خصائص موضوعية بنيوية سابقة منطقيا على أنشطة الذوات النفسية الفردية : على سبيل المثال ، فإن تبادل السلع يقوم داخل إطار إجتماعي سابق على الفعل الفردى للتبادل . وتماماً مثلما تختزل التطورية تنوع الأشكال الإجتماعية بتمثلها في سلسلة تاريخية مفردة ، كذلك تختزل النزعة السيكولوجية هذا التنويع بتفسير كل المجتمعات كـــتعبيرات عن السيكولوجية نفسها .
وقبلاً في 1945 ، في مقالة مكرسة لعمل فسترمارك ، ميز ليفي شتراوس بين إختزالية نفسية ،أدانها كلية ،وبين اهتمام بـــ " البشرية الدائمة " والإعتقاد في " ثابت نفسي " هو " في آن معاً الأساس والأصالة العظيمة لعمل فسترمارك . إن الثابت النفسي هو تلك القدرة التى تجعلنا بشراً ، ومن ثم التى نملكها جميعاً بشكل مشترك . وعلى هذا الأساس فإن الإنسانية قد بنت تنوعا من المؤسسات غير قابلة للإختزال ، سواء من قبل نزعة سيكولوجية فظة ، أو نزعة وظيفية فظة (26) وفي الإقرار بتنوع المجتمعات الإنسانية ، يصر ليفي شتراوس على أنه يدرك تماماً الاستقلال الذاتي للمجتمع . فالإجتماعي والنفسي بالنسبة إلى ليفي شتراوس متلازمان . ولا يمكن للفرد أن يوجد إلا في المجتمع ، غيرأن المجتمع وحده له واقع مؤثر في نفسية الفرد .
لقد مَكَّن تأسيس مبدأ التبادلية في اللاوعي الخاص بالجنس البشرى ليفي شتراوس من أن ينتهج مسلكاً وسطياً يتفادى مخاطر كل من النزعة السيكولوجية والنزعة السوسيولوجية بالتعرف على الأساس النفسى ، ولكن الموضوعي ، للمؤسسات الاجتماعية . وهذا يعنى بدوره أن ليفي شتراوس ليس عليه أن يقدم فرضية تطورية لامسوغ لها لتفسير أصول البنى الاجتماعية .
وفى لغة المشاكل الفلسفية التى واجهت ليفي شتراوس ، تُبَيُن لنا المقالات الأولى ، مأخوذة معاً أن مبدأ التبادلية يتضمن أكثر من دلاله تقنية أنثروبولوجية عند ليفي شتراوس .لقد كان مبدأ التبادلية هو الذى قدم مفتاح المعنى الموضوعي ، الخفي ، اللاواعي ، لمجموعة من المؤسسات الإجتماعية . لقد كان مبدأ جعل من الممكن قيام وجود إجتماعي منتظم ومنسجم بواسطة حل الصراعات على كل مستويات المجتمع . كما كان إضافة إلى ذلك ، مبدأ مفتقراً إليه بوضوح في مجتمع ليفي شتراوس الذى ولد فيه ، مبدأ كان غيابه منبع الصراع وعدم التسامح المتوطن في هذا المجتمع .
فمبدأ التبادلية يقدم المعنى الحقيقي لكل المؤسسات الإجتماعية ، إنه المثال الذى يجب أن تقاس به كل المؤسسات الإجتماعية ، ولكنه معنى ليس بالضرورة أن تزاول خبرته بوعى من قبل المشاركين في هذه المؤسسات ، وليس هو بالواضح مباشرة للأنثروبولوجيين الذين يدرسونها . انه معنى موضوعي ولا واعي لا يمكن ان نعثر عليه إلا إذا نظرنا وراء المعنى الذاتي والواضح .لذلك تكون نظرية التبادلية هي من ثم نظرية المعنى الموضوعي للمؤسسات الإجتماعية ، انها نظرية فلسفية نقدية تنظر خلف المظاهر لتجد الواقع الأصدق .
كما يقرن مبدأ التبادل إهتمامات ليفي شتراوس الفلسفية الأساسية ودراساته الأنثروبولوجية الخاصة معاً . وهو يسعى في كلتا الحالتين لإظهار ان اساس مجتمع ما ، أو على الأقل مجتمع منتظم ومنسجم حيث يمكن للكائنات الإنسانية أن تكون صادقة مع طبيعتها الذاتية ، يوجد فى المبدأ اللاواعي للتبادلية الذى يعطي الوجود الاجتماعي معناه الإنساني الحقيقي .
انه هذا الإهتمام المزدوج الذى يحفز البنى الأولية للقرابة ، فالقرابة هي التى تقدم المبادئ الأساسية للتنظيم الإجتماعي في المجتمعات المسماة " بدائية " أو " غير كتابية " أو لا طبقية . ويمثل كتاب البنى الأولية تجسيد طموح نظرية التبادلية لتقديم نظرية عامة عن المجتمع . وبينما قدم ليفي شتراوس في المقالات الأولى المبدأ لتفسير مؤسسات معينة في مجتمعات معينة فإنه في البنى الأولية ، يطور المبدأ إلى نظرية في إمكان المجتمع ذاتــه : فالتبادلية ليست موجودة ببساطة في أساس مــؤسسـة معينـة ، مؤسسة أنظمة القرابة ، بل إن التبادلية هى الشرط اللازم لإمكان المجتمع ، الشرط الذى بدونه لايمكن أن يوجد المجتمع ، الشرط الذى تحدد طفرة إنبثاقه إنبثاق المجتمع عن الطبيعة .
فالبنى الأولية للقرابة مؤلف يمكن ان يقرأ على عدة مستويات مختلفة . ومن الناحية السطحية هو دراسة تقنية أنثروبولوجية لأنظمة القرابة لمجموعة من المجتمعات غير الكتابية ( الأمية ) ، خاصة هذه المجتمعات التى تنظم الزواج بشكل إيجابى . من خلال قاعدة تخبر أعضاء المجتمع من أى فئات من الناس يمكن ان يتزوجوا (بالتعارض مع مجتمعات مثل مجتمعنا التى تحظر بشكل سلبى الزواج من فئات معينة من الناس ، مثل الأقرباء المحرمين ) . ومبدأ التبادلية هو أساس هذه الدراسة مادامت حجة ليفي شتراوس هى ان كل شبكة مؤسسات القرابة والزواج يمكن ان تفسر بإعتبارها أجهزة وظيفية صممت ( بلا وعي ) لتنظيم الزواج نسقيا كـــتبادل للنساء بين المجموعات الاجتماعية .
وعلى أية حال ، ليس تبادل النساء ، عند ليفي شترواس ببساطـة تبادلاً بين (تبادلات ) أخرى ،كما أن مؤسسات القرابة ليست ببساطة مؤسسة من المؤسسات بين أخرى . فتبادل النساء هو التعبير الأكثر جوهرية عن مبدأ التبادلية الذى بدونه يستحيل المجتمع . وهكذا فإن الحافز على نظرية القرابة ليس ببساطة أنثروبولوجيا ، لأن مبدأ التبادلية ، مبدأ شمولية أنظمة القرابة ، هو أيضاً ، وبصفة أساسية ، شرط إمكان المجتمع . فمبدأ التبادلية شامل ، وهذه الشمولية يشار إليها بالشمولية المفترضة لحظر إتيان المحارم الذى يميز الخط الفاصل بين الطبيعة والثقافة . وهذه الشمولية هي تعبير عن الوظيفة الشمولية التى تنجزها تبادلية العلاقات ومن ثم فإن دراسة ظواهر القرابة هي الوسيلة لأن نكتشف علمياً أساس المجتمع الإنساني والمعني الحقيقى للوجود الإجتماعي الإنساني .



#سعيد_العليمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماركسية وأنثروبولوجيا المدارات الحزينة - تأليف سايمون كلار ...
- الماركسية وأنثروبولوجيا المدارات الحزينة - تأليف سايمون كلار ...
- سلطة الشعب أو - ثورة إدسا - بين التوظيف الليبرالى ومرض الشيخ ...
- الواقع السياسى بين النص القانونى والصراع الطبقى
- السياسة والمضمون الطبقى
- أزمة الثورة ومأزقها
- حزب العمال الشيوعى المصرى - إنتفاضة يناير ( كانون الثانى ) 1 ...
- الماركسية والتفكيكية : الغرب ضد الآخر - بعض الأفكار حول كتاب ...
- من كتابات حزب العمال الشيوعى المصرى - ممهدات وحدود حرب اكتوب ...
- من كتابات حزب العمال الشيوعى المصرى -- ممهدات وحدود حرب أكتو ...
- من كتابات حزب العمال الشيوعى المصرى 1972 -- 1973 - القسم الث ...
- من كتابات حزب العمال الشيوعى المصرى 1971 -- 1973 القسم الأول
- الوثائق التاريخية الأساسية لحزب العمال الشيوعى المصرى - القس ...
- الوثائق التاريخية الأساسية لحزب العمال الشيوعى المصرى -- الق ...
- الانطولوجيا السياسية عند مارتن هيدجر - بيير بورديو -- الحواش ...
- الانطولوجيا السياسية عند مارتن هيدجر - بيير بورديو - الفصل ا ...
- الأنطولوجيا السياسية عند مارتن هيدجر - بيير بورديو - الفصل ا ...
- الأنطولوجيا السياسية عند مارتن هيدجر - بيير بورديو - الفصل ا ...
- الأنطولوجيا السياسية عند مارتن هيدجر -- بيير بورديو -- الفصل ...
- الأنطولوجيا السياسية عند مارتن هيدجر -- بيير بورديو -- الفصل ...


المزيد.....




- خلال مقابلة مع شبكة CNN.. بايدن يكشف سبب اتخاذ قرار تعليق إر ...
- -سي إن إن-: بايدن يعترف بأن قنابل أمريكية الصنع قتلت مدنيين ...
- ماذا يرى الإنسان خلال الأسابيع الأخيرة قبل الموت؟
- الفيضانات تستمر في حصد الأرواح في كينيا
- سيناتورة أمريكية تطرح إقالة مايك جونسون من منصبه بسبب الخيان ...
- ماتفيينكو تدعو لمنع المحاولات لتزوير التاريخ
- -سفينة الخير- التركية القطرية تنطلق نحو غزة (صورة + فيديو)
- أصوات الجمهوريين تنقذ جونسون من تصويت لإقالته من رئاسة مجلس ...
- فرنسا والنازية.. انتصار بدماء الأفارقة
- مسؤولون إسرائيليون يعربون عن خشيتهم من تبعات تعليق شحنة الأس ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعيد العليمى - الماركسية وأنثروبولوجيا المدارات الحزينة - تأليف سايمون كلارك - مراجعة ابراهيم فتحى