أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعيد العليمى - الأنطولوجيا السياسية عند مارتن هيدجر -- بيير بورديو -- الفصل الثانى















المزيد.....



الأنطولوجيا السياسية عند مارتن هيدجر -- بيير بورديو -- الفصل الثانى


سعيد العليمى

الحوار المتمدن-العدد: 3942 - 2012 / 12 / 15 - 13:31
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ترجمة سعيد العليمى
(2)
المجال الفلسفي وفضاء الممكنات
ولكن هيدجر لا يخاطب يونجر فقط. إن خطابه محدد، ذاتيا وموضوعيا، بالعلاقة مع فضائين مختلفين عقليا و اجتماعيا ، فضاء كتابة المقال السياسي، والفضاء الفلسفي بالمعنى الدقيق. حتى في حديثه عن التقنية الذي أهداه إلى يونجر، وهو من ثم المخاطب الظاهر، فإنه يتجه بطريقة ما " من فوق رأسه " (يتخطاه) إلى جمهور مختلف تماما ( كما يشهد على ذلك العنوان الذي كان عليه أن يعطيه عند نشر هذا النص العام الجلى حول التقنية :" مسألة الوجود").إن هيدجر بوصفه مفكرا تقويضيا من الناحية الفلسفية ، يعرف ويعترف بالألعاب الشرعية للمجال الفلسفي بما يكفي ( إحالاته الواضحة إلى المؤلفين المعترف بهم، في الماضي أو الحاضر، برهان كاف على هذا )، وهو يحترم الهوة المطلقة التي أقامتها الأخلاق الأكاديمية بين الثقافة والسياسة (1) بمـا يكفي من العمق حتى يخضع أوهامـه الاجتماعيـة، ونـزعاتـه السياسيـة، أو الأخلاقية، دون أن يقصد أن يفعل ذلك بوعي، إلى إعادة بناء كفيلة بأن يتمخض عنها إساءة التعرف عليها (2) .
بينما يعاصر هيدجر شبنجلر ويونجر في الزمن العام ( الخارجي ) للسياسة، فإنه معاصر لكاسيرر Cassirer و هوسرل Husserl في التاريخ المستقل ذاتيا للمجال الفلسفي. إذا كان، كما رأينا توا، متموقعا في لحظة معينة من التاريخ السياسي لألمانيا، فإنه يموقع نفسه في مرحلة من التاريخ الداخلي للفلسفة، أو على نحو أكثر دقة، في سلاسل العـودة المتلاحقـة إلى كانط ( وهي مختلفة في كل مرة، لأن كل منها قد طورت في مواجهة خلفية ماتسبقها )، التي تحقب تاريخ الفلسفة الأكاديمية الألمانية : كما يرفض كوهن Cohen ومدرسـة ماربـورج القـراءة الفيشتيه ( نسبة إلى فيشته ) لكـانـط، يشجب هيدجر قـراءة الكـانطيين الجـدد، الذين يختـزلـون ، وفقـالـه، نقـد العقـل المحض Critique de la raison pure إلى بحث عن شروط إمكان العلم، جاعلين الفكر عبدا للحقائق التي تسبقه في النظرية وكذلك في الممارسة. (3) يمكن لنا أيضا، مستخدمين أصولا نسبية أخرى ، أن نموقعه في مفترق طرق التراث الذي أسسه كيركجارد Kierkegaard ، وهوسرل، وديلتاي Dilthey .تتضمن موقعته في هذا المجال موقعته في تاريخ المجال، أي ، إدماج السيرورة التاريخية للمجال في عمله، بواسطة إدراك وفهم الإشكالية المكـونة تاريخيا التي أسست في ممارسته. ليس الأصل ( النسب ) الفلسفي الذي يدعيه الفيلسوف لذاته في تفسيراته الإستعادية سوى رواية جيدة التأسيس. يشير دائما وارث تقليد عالم إلى أسلافه أو معاصريه بقدرالمسافة التي يتخذها في علاقته بهم.
سوف يكون مما لا يستحق العناء تماما أن نحاول أن نفهم فكراً فلسفيا أستاذيا بجلاء مثل فكر هيدجر بمعزل عن علاقته بالمجال الفلسفي الذي تجذر فيه: الذي لم يكف أبدا عن أن يفكر وأن يفكر في نفسه في العلاقة بمفكرين آخرين - وعلى نحو متزايد كذلك، في مفارقة واضحة، بمعيار يؤكد أصالته واستقلاله. إن كل اختيارات هيدجر الاساسية، أي التي يكمن مصدرها في النزعات الأعمق لتطبعه habitus وتجليها في الأزواج " البدئية " للمفاهيم المتناقضة المستعارة من روح العصر، محددة بالإحالة إلى فضاء فلسفي مشكل مسبقا، أي، في العلاقة بمجال من المواقف الفلسفية يعيد إنتاج شبكة المواقع الاجتماعية الموجودة في المجال الفلسفي وفق شروطه المنطقية الخاصة. تتأثر الإبتعادات الفلسفية للمواقف السياسية - الأخلاقية بواسطة هذه الإحالة الدائمة إلى مجال المواقف الفلسفية الممكنة ؛ وتملي هذه السيرورة ليس المشكلات فحسب ، وإنما أيضا العالم المتبنين للحلول الممكنة الذي يحـدد مسبقا المعنى الفلسفي لأي موقف، أيا كـان أصليا ( كما على سبيل المثال موقف ضد كانطي، أو تومائي جديد neo - Thomist ). إن هذه الإحـالة هي التي تعين، بـواسطة التناظر ( الذي يُستشعر بدرجة أكثر أو أقل وعيا ) بين بنية المواقف الفلسفية وبنية المواقف السياسية الصريحة ، والحيز شديد التقييد للمواقف الفلسفية التي تتوافق مع الاختيارات السياسية - الأخلاقية لأي مفكر معين .
تدعى هذه المواقف، وتعتبر، فلسفية، إلى المدى، وفقط إلى المدى، الذي تتحدد فيه في العلاقة بمجال المواقف المعروفه فلسفيا، المعترف بها في لحظة معينة من الزمان، وإلى المدى الذي تنتزع فيه الإعتراف بها كإجابات وثيقة الصلة بالإشكالية الأكثر إلحاحا في أي لحظة معينة، تحت مظهر التناقضات التي تشكل المجال. يظهر الاستقلال الذاتي النسبي للمجال في قدرته على أن يدخل نسقا من المشاكل وموضوعات الـتأمل الشرعية، على النزعات السياسية الأخلاقية التي تكيف الخطاب وتشكل صورته النهائية، ومن ثم تخضع أي حافز تعبيري لتحويل نسقي: . يستتبع فرض الشكل الفلسفي مراعاة الشكليات السياسية، و يميل التحويل الذي يتضمن الإنتقال من فضاء اجتماعي ( الذي لا ينفصل عن فضاء عقلي ) إلى فضاء آخر، إلى إخفاء العلاقة بين النتاج النهائي والمحددات الاجتماعية التي تقف وراءه، ما دام الموقف الفلسفي ليس أكثر من مُناظر، لموقف سياسي أخلاقي " ساذج " في نسق مختلف.
الـولاء المزدوج للفيلسوف، المحـدد بالموقع الذي عين له في الفضاء الاجتماعي ( وبشكل أكثر تحديدا ، في بنية مجال السلطة ) وبالموقع الذي يشغله في مجال الانتاج الفلسفي ، هو ما يدعم سيرورات التحويل التي تنتمي بنفس القدر إلى اشتغال عمليات المجال على نحو غير واع، وقد أعيدت ترجمتها بلغة التطبع habitus ،كما تنتمي للإستراتيجيات الواعية للتنهيج. وهكذا فإن العلاقة التي يبقيها هيدجر مع أشد المواقع بروزا في الفضاء السياسي، أي الليبرالية والاشتراكية، الماركسية أو الفكر "الثوري المحافظ" ، أو مع المواقع الاجتماعية المطابقة، قد جرى تشكلها في الممارسة وحدها عبر سلسلة كاملة من العلاقات مناظرة للتعارض الأساسي البادى للعيان وفي نفس الآن قد غير مظهره. إنها قبل كل شئ علاقة الرفض المزدوج، والإبعاد المزدوج التي إقتضاها الانتماء إلى أرستقراطية ثقافية، هددت نخبويتها ، من ناحية بالخطر المهلك لـ " التسويـة " Vermassung ، و" هبوط المستوى " التي يُعرضها لها دفق من الطلاب والأساتذة الصغار، ومن ناحية أخرى، تهديد سلطتها المعنوية بوصفها مستشارا للأمراء أو رعاة للجماهير بمقدم البورجوازية الصناعية والحركات الشعبية القادرة على تحديد أهدافها الخاصة. وهذه علاقة أعيد إنتاجها في شكل نوعي، أي في علاقة الفلسفة بالنظم المعرفية الأخرى: إن سلك المفكرين المحترفين، الذي هُددت ادعاءاته في السيادة الفكرية منذ نهاية القرن التاسع عشر بسبب القدرة النامية للعلوم الطبيعية على تأمل موضوعاتها الخاصة، وبظهور العلوم الاجتماعية التي استهدفت الاستيلاء على الموضوعات التقليدية للفكر الفلسفي، يبقى في حالة تأهب دائم ضد النزعة السيكولوجية، والوضعية،التي تدعى حصر الفلسفة ضمن حدود الإبستمولوجيا (wissenschaftstheorie ) ( يعمل الوصفان العلم الطبيعي naturwissenshaftlich والوضعي Positivistisch كإدانات نهائية ، حتى بين المؤرخين ). (4) في عيون عالم أكاديمي شديد المحافظة عموما، هيمن عليه ”القوميون“ الألمان (5) ، فإن السوسيولوجيا ، التي كانت تعتبر علما فرنسيا ، سوقيا، والتي صنفت بوصفها نوعا من التطرف النقدي (مع ما نهايم Mannheim على وجه الخصوص )، كانت تجمع كل الشرور : إن أنبياء الفهم Verstehen يملؤهم الاحتقار لهذا المشروع الإختزالي ، الشعبي ، حتى وإن لم يذكروه صراحة، وخاصة حين يتخذ شكل سوسيولوجيا معرفة. (6) وهذه العلاقة بين الفلسفة والعلم قد نراها بشكل أشد خصوصية في العلاقة التي أقامها هيدجر مع الكانطيين الجدد، التي ميز معاصروه من بينهم ما يسمى التراث الجنوبي الغربي، مع قيندلباند Windelband ثم ريكرت Rickert ( المشرف على أطروحة هيدجر )، ومدرسة مـاربورج، التي كـان ممثلها الرئيسي هرمان كوهن Herman Kohen ، الهدف المفضل لأيديولوجي الرايخ الثالث .(7) قدم قيندلباند ، الأستاذ في جامعة هيدلبرج، الذي خلفه هوسرل فيما بعد ، نقداً لميول كوهن نحو الوضعية اللاأدرية الذي سبق تصوريا حجج هيدجر ضد النقد الكانطي للميتافيزيقيا. تميل الإبسمتولوجيا التجريبية التي تكتشفها مدرسة ماربورج في عمل كانط إلى إستبدال النقد الفلسفي بتحليل سببي وسيكولوجي للتجربة، يميل من ناحية نحو هيوم Hume ومن ناحية أخرى نحو كونت Comte ، ومن ثم ينزع إلى أن يحل الفلسفة في الإبيستمولوجيا. (8) يمثل الكانطية التي تلهمها الميتافيزيقا أكثر ألويس ريجل Alois Riegl أيضا ، الذي إنجذب نحو فلسفة الطبيعة Naturphilosophie ، وأستاذ هيدجر الآخر لاسك Lask ، الذي يحول ، كما يقـول جورقيتش، التحليل المتعالي إلى ميتافيزيقا أنطـولوجية. (9) يبرز كوهن وكاسيرر في الطرف الآخر، بوصفهما الورثة المتميزين للتقليد الليبرالي العظيم والنزعة الإنسانية للتنوير الأوروبي. يحاول كاسيرر أن يظهر أن فكرة ”الدستور الجمهوري“ بوصفها كذلك "ليست دخيلا اجنبيا في التراث الثقافي الألماني بأي حال" ، وإنما على النقيض، ذروة الفلسفة المثالية. (10) أما بالنسبة إلى كوهن، فإنه يقدم تفسيرا إشتراكيا لكانط ، حيث يعالج الآمر المطلق ، الذي يوجب علينا أن نعامل الآخرين كغايات وليس كوسائل، بوصفه البرنامج الأخلاقي للمستقبل ( " فكرة بروز الإنسانية كغاية تصبح بهذه الوسائل وحدها فكرة الاشتراكية، حتى أننا يمكن ان نعين كل إنسان كغاية نهائية في حد ذاته" ) .(11)
بسبب الموقع المهيمن الذي شغله مختلف ممثلي الكانطية الجديدة، فقد كان على شاغلي المواقع المهمة الأخرى أن يُحددوا أنفسهم في العلاقة بهم ( أو بدقة اكثر ، بالتعارض معهم)، وكذلك بالتعارض مع مختلف سيكولوجيات الوعي التجريبي - النزعة السيكولوجية ، الحيوية، النقد التجريبي - التي بدا أن بعضا منهم يشجعها بتحليله المتعالي المشوه بهذا القدر أو ذاك. ينطبق هذا على الفينومينولوجيا ( الظاهرية ) الهوسرلية، المنقسمة داخليا بين أنطولوجيا، ومنطق متعال ضد سيكولوجي. هذا هو الميراث المباشر بهذه الدرجة أو تلك لفلسفة الحياة Lebensphilosophie المكيفة نتيجة لذلك نحو فلسفة الحضارة : التي تتضمن في تنويعتها الأكاديمية ، ورثه ديلتاى ( وأثره معـروف على هيدجـر)، وأيضـا، لمدى معين، ( ورثة ) هيجل Hegel ، وليبس Lipps ، وليت Litt ، أو شبرانجر Spranger ؛ وفي طبعتها الشعبية، أنساق فكر مثل ( نسق ) لودفيج كلاجس Ludwig Klages الذي غلب عليه برجسون Bergson وقريب للغاية من الأدب المحافظ الجديد ( مع إفراطه على سبيل المثال ، في التقمص Einfűhlung ، والحدس وإعتماده على البدائل التبسيطية مثل الروح والعقل، ليؤسس نقدا عاطفيا لعقلنة العالم وهيمنة التقنية عليه). هناك أيضا الوضعية المنطقية لأتبـاع قيتجنشتين Witgensteins و كارناب Carnaps و بوبر Poppers : هاجمت حلقة قيينا في بيان طبع عام 1929 التشوش الدلالي المستشري في الفلسفة الأكاديمية واعلنت تعاطفها مع الحركات التقدمية، شاكة في أن " هؤلاء الذين يتشبثون بالماضي في المجال الاجتماعي يؤسسون مواقع [ عتيقة ] في الميتافيزيقا و اللاهوت، (12) .
هكذا كان فضاء الممكنات الفلسفية في اللحظة التي إجتاز فيها هيدجر الثانوية العامة Abitur في كونستانس ودخل في المجـال الفلسفي الذي كان يحوم على أعماقه الدنيا شكلان عظيمان مقموعان، هما الماركسية، والميتافيزيقا الرجعية لـ "المحافظين الثوريين" . عنى الإنتماء للمجال الفلسفي في ذاك المكان وذاك الزمان مواجهة المشكلة أو البرنامج التي شكلت تعارضاتهما بنيته : مشكلة كيف يمكن تجاوز فلسفة الوعي المتعالي دون الإرتداد إلى الواقعية أو النزعة السيكولوجية للذات التجريبية، أو، ما هو أسوأ، إلى شكل ما أو آخر من أشكال الاختزال " التاريخاني " ؟ ما هو إستثنائي في مشروع هيدجر الفلسفي هو أنه قصد إلى إعداد إنقلاب فلسفي ثوري بـ خلقه ، في قلب المجال الفلسفي، موقعا جديدا ، سوف يتحتم أن يعاد في العلاقة به تحديد كل المواقع الأخرى : هذا الموقع، الذي قد يكون الإستدلال عليه قد جرى من جهود معينة لتجاوز الكانطية، والذي كان غائبا من كل الإشكاليات الفلسفية الشرعية أي،الممأسسة أكاديميا ، كان متطلبا بطريقة ما من قبل حركـات سياسية أو أدبية خارج المجـال مثل حلقة جـورج ( حلقة ستيفان جورج ) وإستورد إلى المجال بوصفه إجابة على توقعات بعض الطلاب أو مساعدي الأساتذة الشباب. لكي يتحقق مثل هذا الإختلال في علاقات القوة في قلب المجال الفلسفي وأن يعطي للمواقف التي كانت هرطقية شكلا من الإحترام، بدونها تظهر على الأرجح مبتذلة، فقد كان على هيدجر أن يقرن نزعاته " الثورية " كمتمرد مع السلطة النوعية التي خولت له بواسطة رأسمال متراكم جدير بالإعتبار داخل المجال نفسه:. لقد كان هيدجر أستاذاً مساعـداً لهوسـرل (منذ 1916 ) وقـد أصبح أستاذا عـاديا ordinaire في ماربـورج ( في 1923 ) ، وهكذا شع سحر مفكر طليعي قادر على استغلال وضع أزمة حادة قائمة داخل وخارج الجامعة لكي يفرض لغة ثورية ومحافظة في آن معا : إن الأنبياء ، كما لاحظ فيبر Weber في حالة اليهودية القديمة ومنشئو البدع عموما، هم غالبا مرتدون من الفئة الكهنوتية يستثمرون رأسمالا نوعيا جديرا بالإعتبار في تقويض النظام الكهنوتي ويصوغون من قراءة متجددة لأشد المراجع قدسية أسلحة ثورة صممت لتعيد التقليد إلى شكله الأصلي ، الحقيقي.


إن تطبع habitus هذا " الأستاذ العادي " ordinaire الذي أنحدرت أصوله من البورجوازية الصغيرة الريفية الدنيا ، والذي لم يكن قادرا أن يفكر أو أن يتحدث في السياسة دون أن يستعمل نماذج عقلية ولفظية مستعارة من الأنطولوجيا - إلى الحد الذي أصبحت فيه خطبة العميد النازي إعلانا ميتافيزيقيا عن الإيمان - هو العامل العملي للتناظر الذي تأسس بين الموقف الفلسفي والموقف السياسي إرتكاز على قاعدة التناظر بين الحقلين السياسي والفلسفي: إنه يتمثل في الواقع كل مجمل الميول والمصالح المرتبطة بالمواقع المختلفة المشغولة في المجالات المختلفة (في الفضاء الإجتماعي للطبقة الوسطى Mittelstand والفئة الأكاديمية من هذه الطبقة، في بنية المجال الأكاديمي، أي ذلك الذي يخص الفيلسوف، إلخ ) وكذلك تلك التي ترتبط بالمسار الاجتماعي الذي يؤدي لهذه المواقع، أي موقع مدرس الجامعة من الجيل الأول ، الذي بالرغم من نجاحه، قد وضع في موقع زائف في المجال الثقافي. نظرا لأن هذا التطبع habitus ، يمثل نتاجا متكاملا لعوامل مستقلة نسبيا، فهو قادر على ان يدمج مثل هذه الحتميات بشكل دائم رغم وجود أصولها في أنظمة مختلفة في الممارسة والنتاجـات التي هي جوهريـا محددة تضافريا Surdétermines ( قد نفكر على سبيل المثال في إهتمام هؤلاء المفكرين بمسألة الجذور، والأصول ).
مما لاريب فيه فان مسار هيدجر الإجتماعي يساعد على تفسير موهبته الاستثنائية المتنوعة (البوليفينية) بشكل مطلق، أي موهبتة في إقامة الروابط بين المشاكل التي سبق أن وجدت في شكل متشظٍ فحسب، متناثرة حول الحقلين السياسي والفلسفي، معطيا الانطباع مع ذلك بانه كان يضعها بطريقة أكثر " راديكالية " واكثر "عمقا" من أي واحد قبله. إن مساره الصاعد الذي يعبُر عوالم إجتماعية مختلفة، أعده مسبقا أكثر مما لو كان مساره مسارا أحاديا ، لأن يتحدث ويفكـر في فضـاءات متعددة في نفس الوقت، وأن يخاطب أنواعا من الجمهور غير نظـرائه ( مثل هؤلاء " الفلاحين " الحالمين بهذا القدر أو ذاك الذين يوجدون بصفة أوليه كشئ مغاير وظيفته إظهار رفض هيدجر للمثقف الذي لا جذور له ) ؛ كما أن إكتسابه المتأخر والمدرسي المحض للغة العالمة ربما عزز هذه العلاقة باللغة التي مكنته من أن يلعب على التوافقات (الهرمونيات) العالمة للغة العادية وفي نفس الوقت أن يعيد إحياء التـوافقـات (الهرمـونيـات) العاديـة للغـة العالمـة ( وهو أحـد أسباب الأثـر القوى للإغراب destrangement النبوي الذي ينتجه الوجود والزمان ). (13) ولكن فوق كل شئ فإننا لا نستطيع ان نفهم الموقع الاستثنائي لمارتن هيدجر في المجال الفلسفي إذا لم نأخذ في إعتبارنا علاقته المتوترة الخرقاء بالعالم الثقافي التي تعود لمساره الإجتماعي غير العادي ومن ثم الإستثنائي للغاية. على ذلك فمما لا شك فيه ان عداوة هيدجر لمعلمي الكانطية الكبار، خاصة كاسيرر، كانت تتجذر في تنافر عميق لتطبعهما habitus الغريب الواحد إزاء الآخر : ”من ناحية، لديك هذا الرجل الضئيل الداكن القوي، المتزلج البارع ذو الملامح الحيوية غير أنها جامدة، رجل صعب شديد المراس، ملتزم تماما بوضع وحل المشاكل بأعمق جدية أخلاقية، ومن ناحية أخرى، هناك رجل ذو شعر أبيض، أولمبي ليس في مظهره فحسب وإنما أيضا في روحه، بعقله المنفتح ومناقشاته شديدة التشعب، وملامحه المسترخية ووده المتسامح، بحيويتة وقدرته على التكيف، وأخيرا، تميزه الارستقراطي. (14) يمكننا أن نقتطف كلمات زوجة كاسيرر نفسها التي كتبت: "لقد جرى تحذيرنا بصراحة من مظهر هيدجر الشاذ ؛ كما تناهى إلينا رفضه لكل الأعراف الإجتماعية وأيضا عداوته نحو الكانطيين الجـدد، خاصة كوهن. لم يكن ميلـه لمعـاداة الساميـة غريبا علينا، أيضا …. (15) وصل جميع الضيوف،النساء في ملابس السهرة والرجال في أردية العشاء. حين كان العشاء قد قوطع في لحظة لبعض الوقت، مع ما يبدو أنه أحاديث لا تنتهي، فُتح الباب، ودخل رجل ضئيل غير لبق إلى الغرفة، وقد بدا أخرقا كفلاح يتعثر في بلاط ملكي. كان ذو شعر أسود وعينان ثاقبتان داكنتان، يشبه بالأحرى عاملا من جنوب إيطاليا أو باقاريا ؛ إنطباع سرعان ما أكدته لهجته الأقليمية. لقد كان مرتديا حلة سوداء عتيقة الطراز". ؛ وتُواصل القول ، "بدا لي ، أن أشد الأشياء إقلاقا صرامته القاتلة وإفتقاره التام لحس الفكاهة ". (16)
يتعين علينا بالطبع ألا نسمح لأنفسنا بأن نخدع بالمظاهر : " الحلة الوجودية " ، (17) واللهجة المحلية تبدوان لحد ما موضوع مباهاة في حالة مدرس جامعي " لامع "، كان ينعم بالفعل بإعجاب معلميه وتلاميذه . (18) وهي تبدو مثل إحالاته المثالية إلى عالم الفلاح، بوصفها تكلفا ولا يمكن أن تكون تحديدا أكثر من طريقة لتحويل علاقته الخرقاء بالعالم الثقافي إلى موقف فلسفي. إستورد هيدجر إلى العالم الثقافي كدخيل " ألمعي "، غريب حصرا، طريقة أخرى في عيش الحياة الفكرية أكثر " جدية " وأكثر " براعة " ( على سبيل المثال في علاقته بالنصوص الفلسفية وباللغة )، وأيضا أكثر " شمولية " : أنها طريقة تتعلق بـ المفكر maitre a penser الذي يدعى عودة لأصول أعرض وأكثر كمالا من أصول المدافعين عن فلسفة اختزلت إلى تفكير حول العلم، والذي يشعر ، بالمقابل، بأنه مدين بها لندائه الباطني الريفي وأن دوره كضمير أخلاقي للمدينة أن يتبنى التزاما متشددا ومطلقا في كل وجوده كقدوة .
ليس من المحتمل الا يكون للرفض المزدوج الذي إستتبع الشعبية الارستقراطية لهيدجر علاقة بالتمثل الفضائحي الذي قد يكون راوده ، بهذا القدر أو ذاك بوصفه مثقفا من الجيل الأول، عن ما بدا له وضعا معكوسا مفارقا، تمثل في وجود النزعات " الديمقراطية " و " الجمهورية " وحتى "الاشتراكية"، عند هؤلاء الذين شكلوا ، بالنسبة له ، البورجوازية العليا، والذي شعر أنه منفصل عنها في كل مظاهرها وخاصة فيما يتعلق بـ " أصالة " ، وإخلاص معتقداتها الشعبية. إنه لمن السهل أن نتبين ردود فعله العدائية العميقة نحو هذه النزعة الإنسانية العابثة المطنبة، في سلسلة التعارضات التي تكمن في قلب نظامـه المعقـد، واضعـا الصمت المطبق ( الكتمان Verschwiegenheit ) التعبيـر الكامـل عـن الأصالـة، ضـد الإطنــاب ( هـذيــان ، Geschwatz ، ثــرثــرة Gerde ) التـجــذر ( Bodenstandigkeit ) لب أيديولوجيا " الأرض "، و" الجذور " ضد الفضول Neugier، الذي جرى تمثله، بلا شك بتوسط موضوع أفلاطوني ، إلى الطبيعة المتحولة للعقل المتحرر وانعدام جذور المثقف التائه errant، الذي يرتبط (بواسطة هذا المفهوم) مع صورة اليهودي التائه (19)، أو، أخيرا، الرهافة المتكلفة لـ " الحداثة " المتمدينة واليهودية ضد البساطة القديمة الريفية ما قبل الصناعية للفـلاح الذي هـو غريب بالنسبة للعامـل المدينى، النمط الأولى لـ "هـم" [ on] مثل المثقف التائه ، الذي لا جذور له ولا روابط ، ولا إيمان ولا ولاء ، بالنسبة إلى " راعى الوجود " . (20)
إن نقمته الأخلاقية وتمرده ضد المواضعات التي تراعى عادة من قبل المثقفين والطلاب، يكشف عنها بصراحة أحيانا في تصريحات معينة أو في روايات شهود عيان : "لقد مقت أي " فلسفة حضارة " وكذلك الأمر مع المؤتمرات الفلسفية وقد إعتاد أن، يضطرم بغضب إنفعالي بسبب كمية المجلات النقدية التي تأسست بعد الحرب العالمية الأولى. وقد كتب بحدة إلى شيلر Scheler أن دراساته لم تفعل سوى أنها " حدثت عصرنت إ. فون هارتمان E.von Hartmann ، بينما الأساتذة الآخرون بعد فترة طويلة من نشر مذهبهم Logos ، كانوا ينشرون نظريتهم في الأخلاق Ethos ومراميهم Kairos ”ماذا ستكون مزحة الأسبوع القادم ؟ أعتقد أن داخل أي مصح عقلي سوف يقدم صورة أنظف وأكثر معقولية من قرننا“ ، ( ك . لويث ، " التضمينات السياسية لفلسفة الوجود عند هيدجر " ، في الموضوع المشار إليه آنفا، ص 346 ) وهناك عـرض كامـل للحياة " اللامباليه " والسهلة للطلاب ( للبورجوازية ؟ ) مخفية بين سطور خطاب العميد النازي : " ، لقد أبعدت وطوردت " الحرية الأكاديمية " التي طالما احتفى بها من الجامعة الألمانية ، لأن هذه الحرية لم تكن حقيقية لأنها لم تكن إلا حرية سلبية. لقد عنيت بصفة أولية تحررا من الإهتمام ، وإعتباطية الميول والمقاصد ، والافتقار للقيد ، بشأن ما تعين عمله وما تعين تركه. إن مفهوم حريـة الطالب الألماني قد أعيد الآن لحقيقته"، (م . هيدجر ، "توكيد الـذات للجامعة الألمانيـة" ، 27 مايو 1933 في: م. هيدجر، ( مقالات وإعلانات ) Mediation ، 1961، عدد 3 ص 139-159 )إننا نعرف من سجلات أخـرى ( أنظـر هونرفيلد Huhnerfeld ، نفس المصدر، ص51 ) أن هيدجر لم يقدر أحداً من زملاءه ، وأنه لم يكن يرغب في الاستغراق في الفلسفة الأكاديمية التي كان يعتقد أنها في " طور السبات " .
يتعين علينا بلا شك أن نرى في خبرته الممتدحة لعالم فلاحي مؤمثل تعبيرا إستبداليا معلٍ لإزدواجيته نحو العالم الثقافي، أكثر منها سببا فعليا لهذه الخبرة. وإنه لمما يفي بالغرض أن نقتطف بعض اللحظات الدالة من البث الإذاعي الذي فسر فيه هيدجر سبب رفضه لكرسي الفلسفة في بـرلين، " لم نفضل أن نبقي في المقاطعات ؟: " حين تلف الكوخ (die hűtte) في ظلام ليلة شتوية، عاصفة ثلجية وتغطى كل شئ، تكون اللحظة العظمى للفلسفة قد أتت. أسئلتها ينبغي أن تكون بسيطة وجوهرية (einfach und wesentlich) …)) لا ينبغي للعمل الفلسفي أن يمارس بوصفه مشروعا منعزلا لفرد غريب الأطوار. إن ذلك لرئيسي بشكل مطلق لعمل الفلاح (…) يعتقد ساكن المدينة أنه " يختلط بالناس ” حين يتلطف ويجري محادثة مطولة مع فلاح . حين أقطع عملي في المساء وأجلس على مقعد طويل قرب النار أو في ركن المصطلى " Coin de Dieu "( زاوية قرب المدفأة ) (Herrgottswinkel)، عندئذ فإننا غالبا ما لا نتحدث على الإطلاق. إننا نصمت وندخن غليونينا(…) الصلة الحميمة لعملي بالغابة السوداء وسكانها مؤسسة على تجذر ( Bodenstandigkeit) مئوى عريق في الأقليم الألماني السوابي، (هيدجر، warum Bleiben wir in der provinz ? " لم نفضل أن نبقي في المقاطعات ؟ " Der Alemanne (مارس 1934 ) مقتطـف عنـد شنيبرجر Shneeberger نفس المصدر ( ص ص 216 - 218 ) ويخبرنا هيدجر لاحقا في نفس الحديث كيف انه حين تلقى عرضا ثانيا للتعيين في برلين، ذهب ليرى " صديقة القديم " وهو فلاح بلغ من العمر خمسة وسبعين عاما " الذي أشار دون أن ينبس بكلمة إلى أن عليه أن يرفض. وهي حكاية من المؤكد أنها تجد مكانها جنبا إلى جنب موقد هيراقليطس في سير القديسين الفلسفية .
إن مؤرخي الفلسفة غالبا ما ينسون أن الإختيارات الفلسفية العظيمة التي ترسم خطوط فضاء الممكنات الفلسفية، مثل الكانطية الجديدة، التوماوية الجديدة، الظاهراتية، إلخ ،تتجسد في أشكال ملموسة من البشر الذين نستوعبهم هم أنفسهم وفق نمط حياتهم، سلوكهم، حديثهم، بشعرهم الأشيب، وسماتهم الأولمبية، وأن هذه الأختيارات الفلسفية التي ترتبط بميول أخلاقية وإختيارات سياسية، هي التي تعطيهم مظهراً خارجيا عينيا بُجرب المواقع وتُحدد المواقف في العلاقة بهذه الأشكال الملموسة التي تدرك عفويا، سواء كان ذلك بتعاطف أو بكراهية فطرية، بنقمة أو بمشاركة. إن حس اللعب الأخلاقي، والسياسي والفلسفي معا الذي يحتمُ إفتراضه أي إستثمارات وإستبدالات ناجحة في المجال الفلسفي ، يستخدم هذه المعالم المحددة تضافريا لرسم خطة الفلسفي الذي يدمج في الممارسة " الثورة المحافظة " مع الإطاحة المضادة للثورة بنقد الكانطية الجديدة للميتافيزيقا و " سيادة العقل " .
يستثمر هيدجر كفاءته النوعية النادرة نسبيا ، التي إكتسبها بداءة من مدرسته الجزويتيه ، ثم من لاهوتيي فريبورج، وفيما بعد من قراءة النصوص الفلسفية التي كان عليه أن يدرسها ، فيما يتصوره بوصفه مشروعا جذريا راديكاليا ( الصفة ما تفتأ تتردد في كتاباته ومراسلاته ) للمساءلة النقدية ، وأيضا ( كمشروع ) محترم أكاديميا. قاده هذا الطموح المتناقض بجلاء إلى أن يوحد رمزيا بين قطبين متعاكسين. وهكذا فإن فكرته عن لاهوت غير إلهي تشكل جامعة أولية، هي محاولة للتوفيق بين النخبوية المغلقة للحلقات الصغيرة مثل حلقة جورج ، التي يستعير منها نماذجه للإنجاز الثقافي ( مثل هولدرلين، الذي أعاد إكتشافه نوربرت فون هيلينجرات Norbert von Hellingrath ، أو كتاب رينهاردت Reinhardt بارمينيدس Parmenides ) ، والصوفية البيئية لحركة الشباب Jügendbewegung أو حكمة الإنسان anthroposophique لشتينر، التي تبشر بعودة إلى البساطة الريفية والاعتدال، بنزهات الغابة، وبالغذاء الطبيعي، وبالأردية المنسوجة يدويا. الإلهامات الفاجنريه المتواترة في أسلوب هيدجر البعيدة ربما عدا في نواياها عن لعب ستيفان جورج الايقاعي العروضى ضد الفاجنري، وطبعته الطليعية التي تكمن في " تغريب " المؤلفين المعتمدين (21) ، وعودة إلى " عالم الأفعال الضرورية، و" المألوف " والوجود اليومي، (22) زهده الريفي كبطل للمنتجات الطبيعية والرداء الأقليمي ، الذي يبدو كاريكاتيرا بورجوازيا صغيرا للزهد الجمالي للرواد العظام، بحبهم للنبيذ الإيطالي وللمناظر الطبيعية لحـوض المتوسط ، وللشعر المالارمي ( نسبة إلى مـالا رميه ) والشعر مـا قبل الرافائيلي ( نسبة إلى رافائيل )، والملابس الكلاسيكية، وللصور الجانبية التي يمثل نموذجها دانتي - كل شئ في هذا الأستاذي، أي الطبعة " الممقرطة " من النخبوية تنبئ عن رجل إستبعد من النخبة الأرستقراطية ولكنه غير قادر على قمع نخبويته الارستقراطية الخاصة.
حتى نرى كيف أن هذا المزيج الأسلوبي الاستثنائي غير المتوقع الذي أنتجه هيدجر مناظر بدقة للمزيج الأيديولوجي الذي كان عليه أن يوصله، علينا فقط أن نستعيد لغة هيدجر إلى فضاء اللغات المعاصرة لها حيث يتحدد تميزها وقيمتها الاجتماعية موضوعيا : أي ، إذ نذكر فقط النقاط وثيقة الصلة بالموضوع : اللغة الاصطلاحية والكهنوتيه التي تنتمي للشعر بعد المالارمي من نمط لغة ستيفان جورج، اللغة الأكاديمية والعقلانية لطبعة كاسيرر من الكانطية الجديـدة، وأخيرا، لغة " نظرييي " الثورة المحـافظة " مثل لغة موللرقـان دن بروك (23) أو الأقرب لهيدجر في المصطلحات السياسية، إرنست يونجر. (24) بخلاف لغة الشعر ما بعد الرمزي ، التي جرى تطقيسها بدقة، ونقيت بدرجة عالية وخاصة في معجمها ، فإن لغة هيدجر، رغم أنها تحويل إلى النطاق الفلسفي، تستغل الرخصة المتضمنة في المنطق المفهومي لشعر المفهوم Begriffsdichtung بمعناه الدقيق، لتحتضن كلمات وأفكار ( مثل الرعاية Fűrsorge، على سبيل المثال ) المستبعدة ليس فقط من الخطاب المغلق للرواد الكبار (25) ، إنما أيضا من لغة الفلسفة الأكاديمية المحيدة بدرجة عالية. يدخل هيدجر إلى الفلسفة الأكاديمية - مؤسسا سلطته على التقليد الفلسفي الذي يدعو المرء إلى إستغلال الطاقـة الكامنـة اللامحدودة للفكر الذي تحتويه لغـة الحياة اليومية والأمثال الشعبية - (26) ( وفق الخطط التي توحي بها حكاية موقد هيراقليطس التي يشرحها بتساهل ) كلمات وأشياء كانت قد أبعدت سابقا،. غير أن هيدجر كما نعلم قريب من المتحدثين باسم "الثورة المحافظة"، وكان يكرس كثيرا من كلماتهم وأطروحاتهم فلسفيا، إلا أنه كان يضع مسافة بينه وبينها بواسطة فرض شكل يعلى الاستعارات " الأشد فظاظة " بإدخالها في شبكة ذات رنين دلالي وصوتي يسم شعر المفهوم لأسلوب هولدرلين إختص به النبى الأكاديمي . وكل هذا يموقعه في الجهة المقابلة للأسلوب الأكاديمي الكلاسيكي، بتنويعاته المتعددة وصرامته الباردة، سواء كان أنيقا وشفافا عند كاسيرر ، أو ملتويا ومبهما عند هوسرل.



#سعيد_العليمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأنطولوجيا السياسية عند مارتن هيدجر - بيير بورديو -- الفصل ...
- العبث القانونى وهل يحمى الرئيس الثورة ؟
- المادية التاريخية والصراع الطبقى والممارسة الثورية -- جورج ل ...
- المادية التاريخية والصراع الطبقى والممارسة الثورية - جورج لا ...
- المادية التاريخية والصراع الطبقى والممارسة الثورية - جورج لا ...
- المادية التاريخية والصراع الطبقى والممارسة الثورية - جورج لا ...
- فى حقوق إمتياز الدولة البوليسية - إعادة هيكلة - قوى الثورة
- الانطولوجيا السياسية عند مارتن هيدجر -- بيير بورديو
- قانون حماية مكتسبات الثورة -- الا نقضاض على مكتسبات الثورة ت ...
- المفهوم الماركسى للقانون جانيجر كريموف
- القانون ونظرية الخطاب
- امبريالية ام مابعد امبريالية ؟
- القمع يؤرخ للثورة -- ضد مشروع قانون الطوارئ
- القسم الثانى من رواية عشاق افينيون بقلم الزا تريوليه -- مراج ...
- القسم الاول من رواية عشاق افينيون بقلم الزا تريوليه -- مراجع ...
- رواية عشاق أفينيون بقلم الزا تريوليه -- مقدمة ومراجعة ابراهي ...
- النص القانونى بين التأويل و-او التدليل
- حول النقد الماركسى للقانون
- قوة القانون : نحو سوسيولوجيا للحقل القانونى بيير بورديو
- المسألة الدستورية فى روسيا * ليون تروتسكى


المزيد.....




- بالأرقام.. حصة كل دولة بحزمة المساعدات الأمريكية لإسرائيل وأ ...
- مصر تستعيد رأس تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني
- شابة تصادف -وحيد قرن البحر- شديد الندرة في المالديف
- -عقبة أمام حل الدولتين-.. بيلوسي تدعو نتنياهو للاستقالة
- من يقف وراء الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في الجامعات الأمريك ...
- فلسطينيون يستهدفون قوات إسرائيلية في نابلس وقلقيلية ومستوطنو ...
- نتيجة صواريخ -حزب الله-.. انقطاع التيار الكهربائي عن مستوطنت ...
- ماهي منظومة -إس – 500- التي أعلن وزير الدفاع الروسي عن دخوله ...
- مستشار أمريكي سابق: المساعدة الجديدة من واشنطن ستطيل أمد إرا ...
- حزب الله: -استهدفنا مستوطنة -شوميرا- بعشرات صواريخ ‌‏الكاتيو ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعيد العليمى - الأنطولوجيا السياسية عند مارتن هيدجر -- بيير بورديو -- الفصل الثانى