أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - اللاجئون السوريون.. مأساة -مهاجرين بلا أنصار-!















المزيد.....

اللاجئون السوريون.. مأساة -مهاجرين بلا أنصار-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4056 - 2013 / 4 / 8 - 21:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



رُبْع سُكَّان سورية تَرَكوا، أيْ أُرْغِموا على تَرْك، بيوتهم ومنازلهم، التي دُمِّر كثيرٌ منها؛ أمَّا ما لَمْ يُدمَّر، أو ما لَمْ يُدمَّر بَعْد، فَهُجِر؛ لأنَّ الحرب أَفْقَدَت قاطنيه الشعور بالأمن والأمان، أو أعْجَزَتْهُم عن الاستمرار في عيشهم اليومي المعتاد.
وعن اضطِّرار لجأ بعضٌ من هؤلاء إلى تركيا ولبنان والأردن والعراق، أيْ إلى أراضي دولٍ مجاورة لمناطقهم المنكوبة؛ ولو أمكنهم اللجوء إلى أماكِن في داخل وطنهم لَمَا لجأوا إلى أراضي تلك الدول؛ فغالبية المنكوبين يَنْتَقِلون من مكان إلى آخر في داخِل وطنهم طلباً للأمن والأمان، ولنَزْرٍ من مقوِّمات العيش اليومي شبه الطبيعي؛ لكنَّ آلة الموت والدمار تطاردهم، تُسابقهم، وتسبقهم؛ أمَّا ميسورو الحال منهم فغادروا الوطن إلى حيث العيش الطَّيِّب مُتاحاً لهم.
الملايين من المواطنين السوريين هُجِّروا من بيوتهم ومنازلهم، التي دُمِّر كثير منها؛ وهُجِّروا من أحيائهم ومناطقهم، ومن وطنهم؛ وأكثر من رُبْع سُكَّان سورية بكثير يَعْجَزون، الآن، ويزدادون عجزاً، عن تلبية حاجات عيشهم اليومي الأوَّلية؛ ولسوف يَدْفَعهم اشتداد هذا العجز، عمَّا قريب، إلى هَجْر المسكن والحي والمنطقة والوطن؛ ومئات الآلاف من المواطنين السوريين (وجزء كبير منهم من الأطفال) قُتِلوا، أو أُصيبوا بجراح، أو فُقِدوا، أو اعتقلوا.
الوحشية في "القتال"، أيْ في القَتْل والتَّقْتيل والتدمير، إنَّما هي "سياسة"، يَعْمَل بها الجيش النظامي السوري، وسائر القوى العسكرية الموالية لحُكْم بشار، أو المتحالفة معه، ما أنْ يَفْقِد الحُكْم السوري سيطرته على حيٍّ ما، أو منطقة ما، أو مدينة ما؛ فالغاية الكامنة في هذه "السياسة" هي إفراغ كل مكان يَفْقِد حُكْم بشار سيطرته عليه من سُكَّانه، فلا يبقى فيه إلاَّ الثُّوار و"الأنقاض"؛ وكأنَّ حُكْم بشار يخاطِب سُكَّان كل حيٍّ، وكل منطقة، وكل مدينة، قائلاً: إمَّا أنْ نبقى معاً (بلا ثوار) وإمَّا أنْ نغادِر معاً.
أمَّا ما يجعل هذه الكارثة بلا نهاية فهو "الكارثة الأعظم منها"، والكامنة فيها؛ فلو سُوِّيَ "النزاع" بما يُعيد إلى بشار سيطرته المفقودة، فإنَّ كارثة أشد وأعظم سَتَحِلُّ بالشعب السوري؛ ولو سُوِّيَ بما يَجْعَل مغادرة بشار سدَّة الحكم أسرع وأسهل، فإنَّ مصيره لن يكون إلاَّ أسوأ من مصير القذافي؛ ولا ريب في أنَّ خشية كلا الطَّرفين من "كارثة المستقبل" هي ما يَشْحَن "كارثة الحاضِر"، ولجهة بقائها واستمرارها، بمزيدٍ من الطاقة.
مراد الحكم السوري إنَّما هو دَفْع مزيدٍ من المدنيين السوريين إلى اللجوء إلى الأراضي التركية والأردنية واللبنانية؛ فإرغامه لهم على اللجوء إلى أماكن في داخل وطنهم إنَّما يستمدُّ أهميته، في نظره، من كَوْن هذا اللجوء يمكن أنْ يتحوَّل، بمزيدٍ من الموت والدَّمار اللذين تنشرهما آلته الحربية، إلى لجوء إلى أراضي الدول التي يَنْظُر إليها على أنَّها خَصْم له وعدو؛ فربَّما تجعلها هذه "الضغوط" تبدي مَيْلاً إلى تسوية "النزاع" بما يقيه شَرَّ السقوط؛ وله مراد آخر هو تغيير "الخارطة الديمغرافية" بما يؤسِّس لـ "دويلة" يستطيع حكمها، والنجاة فيها، وبها.
مئات الآلاف من اللاجئين السوريين في تركيا والأردن ولبنان والعراق يستطيعون الآن النُّطق بـ "الحقيقة"، التي طالما سعى حكم بشار، في خطابه الإعلامي والسياسي، في إنكارها وطمسها وتزويرها؛ فهؤلاء جميعاً يُخْبِرون العالَم أجمع الآن أنَّ بشار هو وحده صانع مأساتهم؛ وإنَّ أحداً لا يستطيع أنْ يجادلهم في هذا الأمر، أو يَزْعُم وهو بينهم أنَّ "الجيش الحر"، أو غيره من قوى وجماعات المعارَضَة، هو السبب في تهجيرهم ومعاناتهم.
ولعلَّ هذا ما يُفسِّر ما تبديه قوى وجماعات عربية موالية لحكم بشار من عداءٍ للاجئين السوريين؛ فلو كانت تلك القوى والجماعات مُصَدِّقة لزعم حكم بشار أنَّ جماعات المعارَضَة "الشِّريرة" هي التي تُقتِّل المدنيين السوريين، وتُدمِّر بيوتهم ومنازلهم، وتهجِّرهم وتُشرِّدهم، لسارعت إلى احتضانهم، ولَبَدَت في مواقفها منهم متضامنة معهم.
إنَّها تَعْلَم أنَّ إبداءها العداء لهؤلاء اللاجئين (والذي يستذرعون لإبدائه وإظهاره بأشياء لا تمتُّ بصلةٍ إلى الصراع في سورية) هو جزء من سعيها إلى شدِّ أزْر حكم بشار.
ما يسمَّى "المجتمع الدولي"، وَقَف متفرِّجاً، معتصماً بحبل الصَّمت "العملي"، فَلَمْ يفعل شيئاً لإحباط سعي بشار لطرد مئات الآلاف من المدنيين السوريين إلى خارج وطنهم؛ وهذا هو الحدِّ الأدنى مِمَّا يمكن أنْ يفعله "المجتمع الدولي"، ومِمَّا ينبغي له فعله؛ فإنَّ "المناطق السورية الحدودية" يجب جَعْلها ملاذات للعائلات الفارَّة من "الجحيم"، يُحْظَر على آلة بشار الحربية ضربها، وتتولَّى الأمم المتحدة إغاثة اللاجئين إليها.
لقد مُنِعَت، أو امتنعت، عن تأدية واجبها الإنساني هذا؛ وكان يتعيَّن عليها، من ثمَّ، أنْ تُعْنى بمخيَّمات اللاجئين في خارج سورية بما يُشْعِر هؤلاء أنَّ "المجتمع الدولي" صادق في تضامنه (الإنساني) معهم، لا أنْ يُتْرَكوا يعيشون في ظروفٍ وأحوال لا تسمح أبداً بالعيش الآدمي.
أمَّا العرب فَهُمْ الملامون قبل غيرهم؛ وهُمْ ملامون على "تضامنهم" مع هؤلاء اللاجئين بما يَصْلُح دليلاً عملياً على أنَّهم لا يعرفون من "الانتماء القومي" إلاَّ الألفاظ منه؛ فإنَّ كل عونهم وإغاثتهم لم يكفِ إلاَّ لجعل اللاجئين يزدادون كُفْراً بالعروبة، وبمدَّعي تمثيلها، والحرص عليها، من الحكَّام والحكومات، والذين بفُتات موائدهم يستطيعون إطعام الملايين من اللاجئين السوريين.
ونحن في زمن مواصلات (برية وبحرية وجوية) يسمح لدولٍ عربية بعيدة عن أرض الجحيم السوري باستضافة جزء كبير من اللاجئين السوريين، وبجعلهم يعيشون عيشة المهاجرين عند الأنصار؛ لكنَّهم "ظَنُّوا" أنَّ تضامنهم الإنساني اللفظي (والذي يظلُّ لفظياً وإنْ أقرنوا بينه وبين صدقات ضئيلة؛ هي ضئيلة نسبةً إلى ما يستطيعون، وإلى ما يحتاج إليه اللاجئون) يكفي ويزيد!
إنَّهم لم يتضامنوا مع اللاجئين السوريين (في الخارج) إلاَّ بما يُغْري بشار بمخاطبتهم قائلاً: أما كان عيشكم في "حظيرتي"، بلا حرية، وبلا كرامة، خيراً لكم من عيشكم في هذه المخيَّمات، والتي يسعى بعض "المتضامنين (العرب)" إلى جعلها شبيهة بـ "المعازِل"؟!
كل "تضامنهم" لم يُتَرْجَم عملياً إلاَّ بالامتناع عن تسليح الثوار، أو بمنع تسليحهم، وبتَرْك اللاجئين في مخيماتهم يُعانون ما يُعانون؛ وربَّما يُفْرِطون في "تضامنهم"؛ فيَرجمون "الضحية" كما يرجمون إبليس!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جوابي عن سؤال -مَنْ هو اليهودي؟-
- -جريدة- لم تَرَ النور بَعْد!
- ما معنى تلك الاتفاقية التاريخية؟
- و-الودائع- إذا -تبخَّرت- في -جزيرة الشمس-!
- تذكير جديد بالمخاطِر النووية
- الزعماء العرب قرَّروا -عدم تسليح- المعارَضَة السورية!
- حقيقة -النقود-
- في الجغرافيا السياسية للصراع السوري
- لقد -تكلَّم- أوباما.. فهل رأيتموه؟!
- الأهمية الديمقراطية لتجربة -النَّشْر الإلكتروني-
- السَّرِقَة
- أوباما إذْ جاء سائحاً!
- بشَّار مجاهِداً!
- نظرية -فائض القيمة- تُجيبكم الآن..!
- دَحْضَاً لحُجَج مُنْكري فَضْل ماركس!
- لهذه الأسباب ما زال ماركس حيَّاً وعلى صواب!
- أربع سنوات ونَلِد -حكومة برلمانية-!
- متى تتفتَّح -زهرة الآخر- في -الربيع العربي-؟!
- شيءٌ من -الديمقراطية التوافقية- يُنْقِذ ثورة مصر!
- المرأة العربية ما زالت للعبيد عَبْدة!


المزيد.....




- لحظة تحبس الأنفاس.. متنزهون يواجهون مشتبهًا به في إشعال حريق ...
- فيديو متداول لـ-جفاف أراضي محصول الأرز- في مصر.. ما حقيقته؟ ...
- الكفاءات المهاجرة في شرق ألمانيا- بين المغادرة والبقاء
- القضاء الفرنسي يطلب تحديد مكان وجود بشار الأسد
- إيران تحتجز ناقلة نفط أجنبية بشبهة تهريب الوقود
- مسيرات مفخخة تستهدف حقول نفط في كردستان العراق لليوم الثالث ...
- إثيوبيا تعتقل 82 شخصا تشتبه في انتمائهم لـ -داعش-
- خطة بريطانية لنقل آلاف الأفغان بعيدا من -طالبان-
- مطار الموصل يخلع دمار -داعش- ويعاود العمل
- -وقف نار- جديد في السويداء وزعيم الدروز يرفضه


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - اللاجئون السوريون.. مأساة -مهاجرين بلا أنصار-!