أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - شيءٌ من -الديمقراطية التوافقية- يُنْقِذ ثورة مصر!















المزيد.....

شيءٌ من -الديمقراطية التوافقية- يُنْقِذ ثورة مصر!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4026 - 2013 / 3 / 9 - 20:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جواد البشيتي
إنَّ أحداً من الغيورين على ثورة 25 يناير، والحريصين على ديمومتها، وتتويجها بـ "الدولة المدنية الديمقراطية (التي تنتصر لحقوق ومطالب ومصالح الشعب)"، لا يَسُرُّه، أبداً، ولا يرضيه، أنْ تعاني مصر ما تعانيه الآن، وأنْ نرى "الفشل" في كل شيء تقريباً تَرْجَح كفَّته، وفي استمرار، على وجه العموم، على كفَّة "النجاح"، وكأنَّ أطراف الصراع (الفوضوي، على وجه العموم) جميعاً قد تواضعوا، وتوافقوا، ضِمْناً، على أنْ يكون القنوط الشعبي من "الربيع العربي" هو عاقبته النهائية.
وإنَّ اختلاط المأساة بالمهزلة، والذي لم ينتهِ بَعْد في مصر وثورتها، رأيناه في وضوح وجلاء إذْ قرَّر الرئيس المُنْتَخَب محمد مرسي إجراء الانتخابات البرلمانية، وإذْ عاد، من ثمَّ، عن قراره نُزولاً عند حُكْم القضاء ببطلان القرار الرئاسي دستورياً؛ وقد استذرع الرئيس، في عدوله وتراجعه عن قراره، بحرص الرئاسة على إعلاء شأن القضاء.
خصوم ومعارضي حُكْم مرسي يُسَمُّون دستور مصر الجديد "دستور مرسي"؛ وها هو "القضاء"، وعلى افتراض أنَّ هذا الجهاز (أو هذه السلطة، أو أصحاب "الحُكْم") ليس بجزءٍ منهم، يقول للرئيس مرسي: بـ "دستوركَ" نفسه أطعن في قرارك، وأسقطه!
لو لم تكن "الفوضى (السياسية والدستورية والثورية)" هي الحاكمة المتحكِّمة في مصر الآن لَمَا صَدَر "القرار الرئاسي" إلاَّ بَعْد "تحصينه دستورياً"، وبما يُعْجِز صاحِب الاختصاص القضائي ـ الدستوري عن الطعن به دستورياً، وبما يقي الرئاسة، من ثمَّ، الشُّرور الكامنة في التراجع عن قرارٍ بهذه الأهمية السياسية الكبرى؛ فإنَّ كثيراً من المصريين، إنْ لم يكن أكثريتهم، لن يَفْهَموا هذا التراجع كما رغبت "الرئاسة" في أنْ يفهموه؛ فمنهم الآن مَنْ خطَّأ الرئيس بقراره، ومنهم من خطَّأه بالتراجع عنه؛ والخطآن كان ينبغي لـ "الرئاسة" ألاَّ ترتكبهما، والآن على وجه الخصوص.
"قرار الرئيس"، أو "قرار مَنْ في يده السلطة التنفيذية"، لن يكون ديمقراطي الشكل والمحتوى إلاَّ إذا كُتِب بمداد شرعيتين في آن: "الشرعية السياسية ـ الانتخابية" و"الشرعية الدستورية". وهذا إنَّما يعني أنَّ القرار، ولو صَدَر عن رئيس مُنْتَخَب، أيْ عن رئيس يتمتَّع بالشرعية السياسية المتأتية من صندوق الاقتراع، يجب أنْ يكون مُحصَّناً دستورياً، لا يعتريه عوار دستوري؛ لكنَّ مصر الآن ما زالت في "أزمة دستورية"، وفي "أزمة نزاع، أو عدم توافُق، بين السلطة التنفيذية الرئاسية المنتَخَبَة وبين سلطة جهاز قضائي ودستوري غير مُنْتَخَب؛ لكنه يشتغل بدستور أُقِرَّ في استفتاء شعبي".
"التجربة الأولى (أو الأوَّلية)" للثورة المصرية في الديمقراطية، وعلى ما اعتراها (وبفضل ما اعتراها) من عيوب ونواقِص وثغرات وخِلال، كانت غنية بالدروس والعِبَر، التي لا أهمية لها إنْ لم يتمثَّلها الرئيس مرسي، وحزبه، وجماعته، وسائر قوى الثورة المصرية، أكانت من "الموالاة" أم من "المعارَضَة".
ولعلَّ الدَّرس الأوَّل والأهم (أو العبرة الأولى والأهم) هو أنَّ مصر الخارجة تَوَّاً من أحشاء عهد مبارك، وبما هي عليه الآن من أحوال سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، لن تتقدَّم في ثورتها، وصولاً إلى "الدولة المدنية الديمقراطية المتصالحة مع الشعب، بحقوقه ومصالحه"، بـ "صندوق الاقتراع (الذي هو على خُلُقٍ ديمقراطي عظيم)" فحسب؛ فلا أهمية لفوز انتخابي لا يُمَكِّن صاحبه من الحُكْم، ولا أهمية لسلطة تنفيذية مُنْتَخَبَة إذا لم تكن الثورة، التي أخرجتها إلى الوجود، قد أسَّست لـ "معارَضَة" تُصارِع بطرائق وأساليب دستورية، ومن داخل مؤسَّسات النِّظام الديمقراطي.
مرسي هو الفائز انتخابياً، ولا ريب في ذلك؛ لكنَّ هذا الفوز يجب أنْ يُفْهَم بما يُوافِق "النِّصْف الآخر" من "الحقيقة الانتخابية"، ألا وهو أنَّ غالبية المصريين الذين يحقُّ لهم الاقتراع لم ينتخبوه (فَمِنْ هؤلاء من أدلى بصوته للمرشَّح الرئاسي الآخر، ومنهم من اختار عدم المشارَكَة في الاقتراع).
وهذا إنْ عنى شيئاً فإنَّما يعني (أو كان ينبغي له أنْ يعني) أنَّ الفائز مرسي مَدْعُوٌّ إلى أنْ يَحْكُم في طريقة مختلفة؛ في طريقة تسمح له بنَيْل رضا مزيدٍ من المصريين المنتمين إلى تلك "الأكثرية الشعبية (التي هي خليط من الميول والأهواء والرؤى والمطالب والمصالح المختلفة)"، ولو كانت العاقبة هي التأسيس لنظام حُكْمٍ (ولهيئات حُكْمٍ) تتضاءل (وتتضاءل كثيراً) أوجه الشَّبَه بينه وبين نظام الحكم الذي يُفضِّله مرسي (وحزبه، وجماعته) على غيره؛ فإنَّ في هذا "النِّزاع الحميد" بين "مرسي الرئيس" و"مرسي الحزبي" لإطْفاءٌ لكثيرٍ من نيران الصراع في مصر الآن، والتي إنْ ظلَّت متأجِّجة، تزداد تأجُّجاً، فلن تنجو منها منجزات ومكتسبات الثورة المصرية.
إنَّ شيئاً من "الديمقراطية التوافقية" هو ما كان (وما زال) يَلْزَم مصر وثورتها في عهد الرئيس المنتخَب مرسي؛ ففوزه الانتخابي كان يجب أنْ يُفْهَم على أنَّه دعوة له إلى أنْ يبتني من "الديمقراطية التوافقية (أو من شيء منها)" جسراً للعبور بمصر وثورتها من "العهد القديم" إلى "العهد الجديد"، أيْ إلى عهد "الدولة المدنية الديمقراطية (التي تلبِّي للشعب حاجاته التاريخية المختلفة)".
مصر ليست السويد، ولا أي دولة توطَّدت فيها "المواطَنَة"، ومؤسَّسات المجتمع والنِّظام الديمقراطيين؛ وكان ينبغي لمبدأ "عِشْ كما تُريد، ودَعْ غيركَ يَعِشْ كما يريد، فلا يتطاول أحدكما على الآخر بنمط عيشه" أنْ يَحْكُم حياة المصريين الجديدة، وأنْ يُقوِّم كل تناقض تطرَّف طرفاه في التضاد والصراع، فيشعر كل مصري، مهما اختلف عن غيره، ومع غيره، من مواطنيه، أنَّ له مكاناً ودوراً في مصر الجديدة، ويتصرَّف، من ثمَّ، بما يُشدِّد من العزلة الشعبية والسياسية لقوى وجماعات الثورة المضادة، ويجعل مكائدها ودسائسها تنزل برداً وسلاماً على مصر، شعباً وثورةً وحُكْماً ومعارضةً.
ليؤسِّس الرئيس مرسي حكومة جديدة، انتقالية، قوية، تُمثِّل كل القوى والأحزاب والمنظمات والجماعات.. التي طلَّقَت ثلاثاً عهد مبارك، وَلْتُقرِّر هذه الحكومة متى وكيف تُجْرى الانتخابات البرلمانية، وَلْتُسَهَّل مهمَّة البرلمان الجديد المنتخَب في تعديل وتغيير الدستور بما يجعله مَحَلَّ قبول ورضى الغالبية العظمى من الشعب المصري، والأساس الذي تقوم عليه "الدولة المدنية الديمقراطية" بنموذجها العالمي؛ فعندئذٍ فحسب تتضاءل، ثمَّ تتلاشى، الحاجة إلى "الديمقراطية التوافقية".



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة العربية ما زالت للعبيد عَبْدة!
- القصة الحقيقية ل -العجز في الموازنة-!
- مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في ضوء مأساة مخيَّم اليرموك!
- فضائيات لبثِّ السُّموم الطائفية!
- -جبهة الإنقاذ- ولعبة -المُنْقِذ البونابرتي-!
- ما ينبغي للمعلِّم أنْ يَعْلَمه!
- -إخوان الدولة- و-دولة الإخوان-!
- هذا الاحتلال الإسرائيلي للرواتب الفلسطينية!
- طلاسم عهد حكومي أردني جديد!
- لهذه الأسباب لا يُسلِّح الغرب المعارَضَة السورية
- ضَعْفٌ يعتري -قوَّة المثال- في -الربيع العربي-
- -مجموعة العشرين- تنزلق في -حرب عملات سرِّيَّة-!
- مجرمون في عيون الشعب.. أبرياء في عيون القضاء!
- -عَبُّود- يَصْنَع التاريخ!
- ما معنى هذا الذي اتَّفَقوا عليه في القاهرة؟!
- معاذ الخطيب مَدْعُوٌّ للتوضيح!
- مِن -انتحار بوعزيزي- إلى -نَحْرِ بلعيد-!
- خَيْرٌ لكم أنْ تُنْتِجوا فيلم -هيكل سليمان الضائع-!
- ضَرْبَة ذهبت بما بقي من أوهام!
- خط أحمر ثانٍ!


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - شيءٌ من -الديمقراطية التوافقية- يُنْقِذ ثورة مصر!