أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سالم وريوش الحميد - انتقاء قصة قصيرة














المزيد.....

انتقاء قصة قصيرة


سالم وريوش الحميد

الحوار المتمدن-العدد: 4042 - 2013 / 3 / 25 - 23:45
المحور: الادب والفن
    


انتقاء
واقفة هي الأشجار حين تموت ، يتوقف النسيم عن مداعبة أفنانها ، تغادرها الطيور ، تهجرها العيون المغرمة بالجمال ،جاحدة هي الأرض حين لا تحتضن أوراق أشجارها الساقطات ،قاتلة تلك العيون التي تجعل العاشق منقادا إليها ، يعانق أوجاعا تسكن جسدا مثخنا بالجراح ، ساقطة هي الأيام حين تفتح دكاكين عهرها في أسواق الرذيلة ، وتشحذ من لآلئ الليل قبسا لتستعيد بعضا من أنوارها المسروقة ، قريبة هي الأنوار إلى عتمة الليل في عيني سارة ذات العشرين ربيعا ، تلك التي قدت أثواب سترها لتكون جسدا مشاعا للجميع ، جسرا يعبره كل الماشين عند منعطفات الطرق الليلية ، في ميادين النخاسة لا ترتق أثواب الفضيحة، ذات ليلة صفاء باردة النسمات ، داعب أوتار قلبها صوت فتى غرير أتاها يطرق مسامعها محملا بسحر الحياة وعبق العشق ، جفلت له وهي تشعر بدبيب أقدامه ، صوت مس شغاف قلبها دون أن تراه ، تلملم قميصها الشفاف الفضفاض ، يخزيها عري جسدها الموطوء لحظة اشتهاء ، تفضحها عيونها الباحثة عن الخلاص ، تتراءى عيونها في عتمة الليل كفنار يهتدي به كل من ضل الطريق إلى دروب الغواية ، أقدامها تدغدغ شوارع قلبها المفتون ، يغسلها ماء طهر معتق بشفيف ألحان قيثارة، نمت بذور التغيير في براعم منداة ،جلست تستقي من ماء المطر ، قطراته الساقطة على قذالة شعرها الذهبي المتماوج ، كونت بلورات هلامية على وجهها العاجي ، سارة عاشقة إلى حد النخاع ، ضمآنة لسحر حديث حبيب يأتيها كل يوم من نوافذ غرفتها المغلقة ،لا تعرف من أين و كيف يأتيها ..؟ كيف يتسلل إلى مخدعها ..؟، ملت استقبال ركام الأجساد الشبقة تسكن وديانها النضرة ، محضور عليها أن تنام ، قد يأتيها مخمور ، أوموبوء ، أو مأبون ، ليعبث بتضاريس جسدها الموءود ، تزكمها رائحة زنخ الرذيلة ، تنظر إلى سرمدية الكون بهدوء ، تتطلع إلى مسارات الرحيل بتوئدة مثل مناهل الفضيلة
،سكرانة كل الدروب بخمرة الوجد ،أسبوع مر ولم يأت اشتاقت إليه ، فتحت مصراعي نافذتها عله يأتي ، رغم صفير الريح ، وهزيم الرعود ، و برد قارس يصل حتى النخاع ، قابعة هنا ، تذرعت بحبال أعذار واهية أمام إصرار سيول لا تعترضها العرم ، لم تذعن لرغباتهم ، ولا لجوع بطن كان يقرص أمعاء خاوية ، حتى وإن كانت ( فاتورة الحساب ) لحظة من لهاث جسد موطوء ، تجتر أيام طهرها الأولى ، قبل أن تمطرها غيمة الرذيلة تنتظر ما تجود به الغربان الناعبة ،الأحلام هي ذاتها لم تتغيير لن تربو إلا لقلوب متبولة بالعشق وعيون مفتونة بالجمال (لن تطفأ الشمس أنوارها ) قالها ذات مرة ، حين جلسا في هودج أحلامها المتعففة ، يغرقان في سمو الروح ، يسكران في خمرة الهيام والوجد ، يذوبان في صمت أبلغ من أي حديث ( أنا جسد مباح للجميع فلم لا تتبضع منه منيتك وترحل )
( أريدك والطهر صنوان ) كفرت بكل مايربطها بالأمس ، عافت نفسها تلك الأحلام الوردية المراوغة ، أملها الجديد يسمو ترانيمَ صوفية رغم أوجاعها ، اللاهثون إليها يزدادون إصرارا ليقتحموا حجبها التي لم تنتهك مذ أن مر طيفه عليها ، الأصوات تتعالى
(نريد سارة كلنا عاشقون لك ، لا تجري وراء سراب المغفرة )
حاولوا كسر بابها الموصد بمغاليق إصرارها ، كانت خائفة مذعورة ، الكلُّ شاهرٌسيف شهوته ، محملٌ برغبة الاستسقاء من رحيق رضابها ، أصوات قرقعة العربات تستفز السكون ، الغوغاء في ازدياد ، يحملون مشاعل من ذبالة أحقادهم ، خرج كل من في القرية يهتف ، يلعن الرذيلة والفساد ، يلعن المتاجرة بالأجساد ، حتى النساء جئن ينتقمن لأنفسهن منها ، بعد أن أذلت كبرياءهنَّ وأوقدت في قلوبهن نار الغيرة المتقد ، لم تعد سارة تلك التي كانت تبدد كل شبقهم في مراتعها النضرة ، نسوا توسلاتهم ، يهرقون ماء وجوههم مقابل خلوة ، أو وعد به تجود ، ( أرحلي بعارك ، أخزاك الله ، أيتها الفاجرة )
تهاوت مشاعل الغضب على الدار لتحرقها بمن فيها، ألسنة اللهب تأكل كل ما في البيت ، الدخان يتعالى ، راحت الحجارة ترجم جسدها الغض ، لا تعرف أين تتجه يتحلقون حولها ، الظلام دامس ، الدماء تنز منها ، ، صراخها مكبوت ، سقطت على أرض موحلة اختزنت كل مواجعها بأنات واهنة ، راحت تنطق بصوت ضعيف النبرات وكأنه في حالة احتضار ،لم تنفع توسلاتها ولا بكاؤها . في لحظة غير محسوبة
توقف كل شيء وكأن الجموع تحجرت ، حبيبها قادم على صهوة جواده ، صرخ صرخة وجفت لها القلوب ، رددت أصداءها كل البيوت
تهاوت الأحجار من أيديهم ، ارتعدت فرائصهم ، شهر سلاح ( من لم يكن بلا خطيئة ) بوجوههم ، فروا جميعا ، ولوه الأدبار كاسفين ، انكشفت كل سوآتهم ، عوارتهم بدت للجميع تظهر يتخبطون في فوضى عارمة ، تملكها ذهول مهيب ، فاضت نفسها بفرح طفولي ،سألته وقد مسها ارتعاش أن احست بدفء يديه تمس ح الدموع من عينيها
_ من أنت ،
لمعت على شفتيه ابتسامة ،ثم مضى كما يمضي طيف الخيال
راحت تتخبط في ظلمتين ظلمة الديجور وعينيها التي انطفأ فيها النور
صرخت بأعلى صوتها ..
كيف ... لعمياء ..أن تعيش ..؟



#سالم_وريوش_الحميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أستحوا شوية ....... ياحكومة
- صراع الرغبات المكبوتة في نص الكاتبة المبدعة إيمان الدرع (أتغ ...
- فطور بعد صمت .....إلى روح الشهيد شكري بلعيد
- قراءة في نص خاطرة أنفاس الرمان للكاتبة المبدعة لبنى علي
- زائر الليل
- ( زائر الليل )
- رؤية في نص شعري للأديبة التونسية سليمى السرايري / صمت الصلوا ...
- احتضار
- احتضار / قصة قصيرة
- ومضات 2
- مسرح البانتو مايم
- يادعاة الحروب ، ياقساة القلوب
- أدب الطفل
- الشيوعيون قادرون على أدارة أعقد الملفات
- غرابيب الطغاة
- قراءة تحليلية في نص (خروجا على الصف ) لربيع عقب الباب
- بلون الغضب / إلى روح الشهيد شهاب التميمي
- حب يحيه صمت القنابل - قصة قصيرة
- مسرحية (( الحلم ))
- مخادع مستباحة


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سالم وريوش الحميد - انتقاء قصة قصيرة