مصحف جديد..عالم سعيد

احمد داؤود

الحوار المتمدن-العدد: 3960 - 2013 / 1 / 2 - 14:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

يترتب علي المسلمين سواء كان في الوقت الراهن او المستقبل يترتب عليهم الاختيار بين اثنين؛ فاما ان يعيشوا بسلام ويدعوا الاخرين يعيشون كذلك مع اعترافهم الكامل بحق الانسان في الحياة والاعتقاد والتفكير والتعبير .او ان يعيشوا في عزلة وتحمل النتائج السالبة التي يمكن ان تنجم بسببها .وقد يرفض الكثير من المسلمين الخيار الثاني .بينما يؤيد اخرون الخيار الاول.ولكن هذا الاخير رغم انه ايجابي الا انه ينطوي علي مخاطرة كبيرة .وتكمن تلك المخاطرة في ان المسلمين سيلجأون الي ابتكار "مصحف جديد" قد يكون مخالف لذاك الذي عرف او اشتهر عندهم منذ القرن السابع الميلادي وحتي الان .اي بمعني اخر تجاوز وحذف الكثير من النصوص القرانية التي تعتبر مقدسة بل واعتبارها مجرد شواهد تاريخية .وانا اجزم بانه متي مافعل المسلمين مااذهب البه فانهم سيتمكنون من العيش بسلام مع الاخرين .كما انهم سيساهمون في تطور الانسانية وترقيتها.
وفكرة مصحف جديد هذه لم ابتكرها انا من بنات افكاري مثلما يظن البعض .بل ان بعض علماء المسلمين والذين يعرفون بالاصلاحين قد دعو الي ذلك وان كان بصورة غير مباشرة .ورغم ان دعواتهم تلك قوبلت بالرفض والاستنكار .كما ان البعض لقي حتفه وهو يدافع عن دعواته واطروحاته بيد ان التطورات التي يشهدها العالم ستدفع المسلمين الي القبول بها والعمل علي تطبيقها علي ارض الواقع .كما ان "المصحف الجديد" لايقلل من شان القران او ينزع القدسية عنه .بالعكس فانه قد يجعل من الاسلام اكثر تقبلا واحتراما .
والقران حسب ما يذهب الشهيد محمود محمد طه الذي اعدمه النميري بحجة انه مرتد يحمل رسالتين ؛رسالة لمجتمع القرن السابع .واخري لهذا المجتمع .وشتان مابين المجتمعين .فما طبق في القرن السابع لايمكن تطبيقه في العصر الراهن .وكل الشواهد تؤكد ذلك .وعليه فان المنطق يقول :طالما ان تلك التعاليم لاتستيطع ان تشبع حاجات المسلم او تساعده في بناء عالم سعيد فانه يجب "حذفها" من القران واعتماد تلك التي قد تشبع حاجاته وتساعده في اضافة "شي " يذكر للانسانية .

وعلي الرغم من اني لا اؤمن بفكرة ان القران منزل من اله الكون .بل واجزم بانه من صنع البشر .ومع احترامي الكامل لكافة المسلمين غضا عن اعراقهم او طوائفهم ومذاهبهم او اجناسهم الا اني اقترح بان يكون المحف الجديد كالاتي:

ـاولا:ان يتمكن من اشباع حاجات جميع الناس وليس المسلمين فقط

ـثانيا: ان يشتمل فقط علي التعاليم التي تشجع للسلام والمحبة والاخوة والداعية للاعتراف بالاخرين بينما يحذف كلما هو ضد ذلك مثل النصوص التي تحرض المسلمين للاعتداء او العنف او القتال .

ـثالثا:الايشتمل علي النصوص التي تقلل من شان المراة وتحط من كرامتها او التي تعبرها مجدر وعاء للجنس وترفض في ذات الوقت مواساتها بالرجل في كثير من الحقوق بل والتي تحرمها من بعض حقوقها التي كفلتها لها الطبيعة .

ـرابعا: ان يحتوي فقط علي النصوص التي تدعو للتامل والتفكر بينما يحذف ماعدا ذلك .كما لايحتوي ايضا علي النصوص التي تتعارض مع العقل والعلم .

وقد يذهب قائل بان هؤلاء الاصلاحين لم يدعو الي حذف النصوص القرانية مثلما ادعو انا . شخصيا اقر بصحة مايقوله كما يبدي البعض دهشته من تشديدي او تكراري لكلمة " حذف ". بل ويعتقدون باني اهدف الي نزع القدسية من القران ومناهضة التعاليم التي لاتتفق معي .ولكن الامر ليس كذلك .فعلمية الحذف بجانب الاتفاق علي مصحف واحد قد يمنع اي محاولة لتاويل القران اواستغلال النصوص المحذوفه لتحقيق الاجندة السياسية والشخصية .فحينما يحرض البعض مثلا لقتال الاخرين بحجة انهم ملحدين او كفار او مغضوب عليهم او ينتهكوا كرامة المراة فحينما يفعل البعض ذلك فان بقية المسلمين يمكن ان يقفوا بالمرصاد لهم .لماذا لان القران الجديد لايدعو الي ذلك .بل انه يعلن "بانه لا اكراه في الدين " و"جادلهم بالتي هي احسن ".

ولكن يبرز سؤال اخر: هل سيساعد المصحف الجديد في بناء عالم افضل :

ترتبط الاجابة علي هذا السوال حول مااذا كان المصحف القديم ساهم في بناء عالم افضل ام لا .فاذا كانت الاجابة نعم فان المصحف الجديد بالطبع قد لايستطيع فعل ذلك .اما اذا ماكانت الاجابة بالنفي فان الوضع قد يكون مغايرا .لان المصحف الجديد باستطاعته ان يبني عالم افضل .لماذا ؟ لان المصحف القديم سبب الضرر للاخرين اكثر مماسببه للمسلمين .وبالتالي حينما تحذف النصوص التي تسببت بذلك .فانه قد يعم العالم السلام والمحبة .

وشخصيا اكم امني ذاتي بان ياتي يوما يوضع فيه المصحف القديم في المتاحف بل ويعتبر كشاهد تاريخي يثبت ماارتكبه المسلمين بحق الاخرين الذين يختلفون معهم في الاعتقاد او التفكير او التوجه السياسي .واؤكد مرة اخري بان فكرة مصحف جديد ستساعد المسلمين في بناء عالم سعيد يستوعب جميع الامم والاقوام دون اكراه او استعلاء .

#احمد_داؤود (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات