أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء الشكرجي - المالكي والبرزاني إلى أين في غياب الطالباني؟















المزيد.....

المالكي والبرزاني إلى أين في غياب الطالباني؟


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 3950 - 2012 / 12 / 23 - 15:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إني أتعاطف إنسانيا - وليس سياسيا - مع الطالباني في مرضه، وأتمنى له الشفاء، ولكني لست من أولئك الذين إذا ما مرض قائد سياسي، أو رحل من هذه الدنيا، راحوا يسلطون الضوء على إيجابياته الحقيقية والمدعاة، ويصنعون منه قائدا مثاليا، فهو رمز الوطنية، ورمز العقلانية، ورمز المبدئية، وهو - بتعبير موجز - القائد التاريخي.
نعم الطالباني بلا شك يمثل نسبيا عاملا مهما لتهدئة الصخب الذي يثيره صناع الأزمات من سياسيينا، وعلى رأسهم المالكي، دون تبرئة نده البرزاني، وهو أي الطالباني، بلا شك أعقل من أكثر قادة ما بعد 2003. ولكن هذا لا يعني أن لا يمكن أن يكون لدينا ما نسجله على أداء رئيس الجمهورية. فهو وإن أفلح أن يكون بدرجة لا بأس بها عراقيا، كما هو المطلوب من رئيس الجمهورية، إلا أنه بقي بمقدار ما كرديا، وذلك بما لا يسمح به منصبه عادة. ولكنه بلا شك لم يكن كرديا مثل ما كان البرزاني، ولم يكن كرديا، بمثل ما كان رئيس الوزراء شيعيا، مهما حاول أن يضع على وجهه الشيعي مساحيق عراقية عابرة للطائفية والقومية. وإن كان المالكي لم يكن يوما ما قوميا، لكن المشاكسة بينه وبين البرزاني رسمت على وجهه الكثير من الملامح العَرَبَوِيّة، بأكثر مما هو مسموح به لرئيس وزراء العراق.
سأترك الآن إبداء الملاحظات المسجلة على رئيس جمهوريتنا الخاضع للعلاج والعناية المركزة في ألمانيا، دون أن أستطيع زيارته، بالرغم من أنه لا يبعد عني حاليا إلا أقل من 300 كيلومترا. بل لا بد من تسجيل إيجابية نحتاجها في هذه المرحلة تحلى بها الطالباني، ألا هي أنه كان الأهدأ من كل من طرفي الأزمة الحالية رئيس الوزراء ورئيس الإقليم، كان (فخامته) الأهدأ من (دولته) و(فخامته). وغيابه يمثل غيابا لعامل التهدئة، وبالتالي سيجعل مسرح الأحداث متروكا لصُنّاع الأزمات.
المالكي يعلنها (مختلطة)، رغم أنها ما زالت (متنازعا عليها)، والبرزاني كردّ فعل يجعلها (كردستانية خارج الإقليم). هنا لا بد أن نكون موضوعيين رغم معارضتنا الشديدة للمالكي، إن المالكي إذا كان بتصريحه قد صعّد منسوب الأزمة مئة كيلومتر إلى أعلى، فقد كان تصريح البرزاني مصعدا إياها ألف كيلومتر. فليس هناك من وجه مقارنة بين تسمية تلك المناطق بـ(المختلطة)، وتسميتها بـ(الكردستانية خارج الإقليم). لكن يجب تسجيل التجاوز الدستوري ابتداءً على المالكي، فهناك فرق بين أن أجتهد أنا ككاتب، أو كمحلل سياسي، فأرى أن أسمي تلك المناطق بالمناطق المختلطة، وبين أن يكون رئيس الوزراء من يصرح بذلك، بينما الدستور قد سماها - ولم يفلح في حسن اختيار التسمية - (المتنازع عليها). ولا بد من القادة السياسيين المتبوئين لمواقع رسمية في إدارة الدولة، سواء على الصعيد الاتحادي، أو على صعيد الإقليم أن يلتزموا بدقة اختيار مصطلحاتهم، بما لا يتقاطع من الدستور، ولا يزيد الأزمة تأزيما. أقول هذا رغم أني أجد إن الدستور لم يوفق في اختيار المصطلح المناسب، وقد سجلت ملاحظتي قبل سنوات في مقالة انتقدت فيها هذه التسمية، لأن الدستور لا ينبغي أن يؤسس للنزاع والعراك والخصام، فالأجدر كان أن تسمى بـ(المناطق المختلف عليها)، وليس (المتعارك)، عفوا (المتنازع عليها). من هنا يعطى رئيس الإقليم الحق في الرد على هذا التصريح، وتسجيل ملاحظته في أن ذلك يمثل مخالفة للدستور، لا يصح أن تصدر من رئيس السلطة التنفيذية الاتحادية. لكن هل يبرر له هذا أن يحسم كردستانية هذه المناطق، ويسمهيا بـ(المناطق الكردستانية خارج الإقليم)، وكأنه يريد أن يقول أنها خاضعة تحت احتلال السلطة الاتحادية، أو ربما تحت الاحتلال العراقي، ولا بد من إعلان مقاومة الاحتلال العراقي لهذه الأجزاء الكردستانية؟ هل يمكن أن يكون مقبولا أن تطلق النيران على طائرة للجيش الاتحادي، لأنها حلقت فوق أرض عراقية، سماها مسعود (كردستانية خارج الإقليم)، وربما يعني مُستعمَرة عراقيا؟ ألا يتصرف كل من المالكي والبرزاني كما كان صدام، إذ كان هو الدستور، وهو القانون، وهو الدولة، وهو القرار؟
نرجع لفنان خلق وإدامة وتصعيد الأزمات الأزموي البارع نوري المالكي، فبمجرد حدوث النكسة الصحية لرئيس الجمهورية، يتخذ الإجراءات التصعيدية والمؤزمة للمناخ السياسي المأزوم أصلا، تجاه وزير ماليته، وأحد قادة العراقية، بطريقة لا يترك للقضاء احتراما، ولا للوضع المأزوم مراعاة. فالمالكي الآن يعيش أزمة متصاعدة مع نفسه، ولذا ينقل أزمته إلى ساحة الوطن، لتكون أزمة مع الكرد تارة، وأزمة مع السنة أخرى، وأزمة مع بعض حلفائه في التحالف الشيعسولاموي تارة ثالثة. وعلى ذكر الأزمات مع إخوته في الشيعسلاموية، نذكر تلك التظاهرات المليونية - إذا صح ذلك - التي انطلق بها الصدريون، بسبب ما صدر من المالكي من نقد، اعتُبِر تجاوزا منه غير مسموح به للخط المقدس الأحمر تجاه (سماحة السيد القائد). وهنا لا بد من الوقوف في هذه المفردة مع المالكي الذي نعارضة على أشد ما تكون المعارضة، دون ما هو العداء. فمن أين جاءت هذه القداسة لـ(سماحة السيد القائد) حتى لا يجوز انتقاده؟ نحن ننتقد رئيس الوزراء، وننتقد رئيس الإقليم، وننتقد رئيس الجمهورية، وننتقد أكثر رموز (التسنن السياسي)، وننتقد رئيس القائمة العراقية، وننتقد المرجعية، بما فيها مرجعية السيستاني، ناهيك عن مرجعية الفضيلة. فلماذا يكون انتقاد مقتدى من الممنوعات، التي تستوجب التحشيد للتظاهرات (المليونية) لأيام متتالية.
نرجع لرئيس وزرائنا الأزموي، ونتساءل هل يمكن فعلا أن يصدر من المالكي ما نقله فخري كريم عن السنة وعن أهالي الموصل؟ عندما نراقب الشطحات التي لا تُعَدّ ولا تُحصى لرئيس وزرائنا، لا نستبعد أبدا أن يصدر عنه مثل هذا الكلام. أليس هو القائل «هو يگدر واحد ياخذها حتى ننطيها بعد؟»؟ ثم أليس هو الذي أعلن حربه الفكرية في ذكرى إعدام محمد باقر الصدر ضد «الماركسية والعلمانية والإلحاد والحداثة»؟ ثم أليس هو الذي طالب في لجنة كتابة الدستور على إبقاء عقوبة إسقاط الجنسية عن العراقي عند ارتكابه نوعا من الجرائم قد توجب إسقاط الجنسية عنه؟ ولعله يتذكر عندما علقت، رغم إننا كنا ننتمي لقائمة واحدة، بل ولحزب واحد، وهو في قيادة الحزب، وأنا لم أكن في القيادة، فقلت ليست هناك جريمة تبرر إسقاط المواطنة عن المواطن، بل يمكن أن يأخذ عقوبته التي يستحقها وفق القانون، حتى لو كانت إعداما. كيف يمكن بالله عليكم لرئيس وزراء أن يقول لرئيس الجمهورية: «أنا أقول صراحة وصدقا، إن علينا أن نعمل معاً لامتداد إقليم كردستان ليضم محافظة نينوى، لأن هؤلاء [ويعني بهم أهل الموصل العرب السنة] هم أعداء لنا، وسيظلون رغم كل شيء سنة وقومچية عربان، وملجأ للبعث والمتآمرين على حكمنا»؟ وكان قد طالب الطالباني أن يصدر بيانا بتكذيب ما نشره فخري كريم، فرفض الطالباني، وكانت هنا المشادة الكلامية التي انتهت بالجلطة الدماغية التي أصيب بها رئيس الجمهورية. أقول إذا صح صدور هذا الكلام من المالكي، فلا يكفي الاعتذار، كما طالب البعض، بل هذا سبب كاف لسحب الثقة منه وإقالته، إذا لم يكن قادرا هو على أن يحترم نفسه ويقدم استقالته.

وعلى ذكر الحالة الصحية لرئيس الجمهورية، فأستغرب كيف أن المتحدثين عن الكتل البرلمانية، حتى في موضوع مرض رئيس الجمهورية، لا يتحلَّون بالموضوعية، فيذهب ائتلاف دولة القانون بأن الانتكاسة الصحية للطالباني لا علاقة لها أبدا بالجهد السياسي الذي بذله بسبب الأزمات السياسية التي هي بالدرجة الأولى وليس حصرا من صناعة زعيمهم أبي إسراء، ويذهب في المقابل التحالف الكردستاني أن لا علاقة للانتكاسة الصحية للطالباني بوضعه الصحي السابق للانتكاسة، بل جاءت نتيجة الإرهاق الذي حصل له بسبب جهوده من أجل التهدئة ومعالجة الأزمات السياسية. وكل منهما قال النصف الذي يناسبه من الحقيقة، وسكت عن النصف الثاني الذي لا يناسبه. بينما الحقيقة هي أن رئيس الجمهورية فعلا يعاني منذ وقت غير قصير من وضع صحي غير مستقر، كان المفروض وبسببه أن يرفض الترشيح لولاية ثانية للرئاسة، كما إن الحقيقة أيضا هي أن الجهد الذي بذله، ومعاناته مع تعنت كل من المالكي والبرزاني، كان مرهقا له، بما لا يسمح به عادة وضعه الصحي. وكما يبدو أن التعامل الخشن والمجّ وغير اللائق للمالكي مع الطالباني في لقائهما الأخير كان - لا أقول السبب الوحيد - بل السبب المباشر الذي انتهى بالانتكاسة الصحية الخطيرة للطالباني.
أصيب بها رئيس الجمهوريةأرجع وأطرح السؤال، يا ترى إلى أين يريد كل من رئيس الوزراء ورئيس الإقليم أن يقودا العراق إليه؟
ثم ماذا هو مستقبل العراق، وقادتنا، أو اللاعبون الأساسيون الآن، أو في مرحلة ما بعد نيسان 2003، هم طائفيون شيعة، وطائفيون سنة، وقوميون عنصريون كرد، وقوميون عنصريون عرب، وكثير منهم فاسدون، وسارقون لثروة الوطن، وكثير منهم أميون أو متخلفون، أو يحملون شهادات مزورة، وكثير منهم ملوثة أيديهم بدماء العراقيين، إما قبل 2003، وإما بعد 2003؟
العراق يحتاج إلى ثورة حقيقية، ولكن البيئة الاجتماعية ما زالت غير قادرة على القيام بمثل هذه الثورة، وحتى لو امتلكت إرادة الهدم، فهل ستتمتع بثقافة البناء؟ ثقافة تؤمن بالإنسان، ثقافة تؤمن بالحرية، ثقافة تؤمن بالوطن، ثقافة تؤمن بالسلام والمحبة واللاعنف، ثقافة تؤمن بالتنوع والتعددية، ثقافة ترفض أن تسجن العقل في زنزانات الدين الخرافي، والمذهب المتعصب، والقبيلة المتخلفة، والعرف المتهرئ، والتقليد البالي، والتراث الرجعي، والمجد الموهوم. إذن الثورة التي نحتاجها ليست ثورة على الحكام، بل ثورة من أجل تصحيح واقعنا أولا، فإذا ما صححنا واقعنا كمجتمع، سنصنع المستقبل الأفضل، وسيذهب كل زبد جفاء، ويبقى ماكثا في الأرض، كل ما هو إنساني، وعقلاني، ووطني، وحداثوي، وهذا يحتاج إلى إعادة البناء المعرفي، وإعادة صياغة منظومة القيم.



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التقية والنفاق والباطنية على الصعيدين الديني والسياسي
- رؤية في إعادة صياغة العلاقة بين الإقليم والدولة الاتحادية
- نقاش في المفاهيم مع الكاتب محمد ضياء العقابي
- مع هاشم مطر في نقده للمشروع الديمقراطي
- الإسلام والديمقراطية
- فوز مرسي محاولة لقراءة متجردة
- لا أقول: «ديكتاتور» لكنه يتكلم كما الديكتاتور
- بين تحريم التصويت للعلمانيين وحفلة القتل الشرعي للطفولة
- علمانيو مصر أمام الامتحان
- ويبقى العراق يتيما وإن تعدد الآباء
- سليم مطر من دفع له ليفتري علي
- الدولة الكردية التي أتمنى أن أرى تأسيسها
- ماذا نسي كمال أتاتورك في عملية علمنته لتركيا؟
- قالت: الحمد لله كلنا مسلمون
- رئيس وزرائنا يعلن حربه الفكرية ضدنا نحن العلمانيين
- سيبقى العراق وطنا بلا عيد وطني
- الربيع العربي ومدى قدرته على إنتاج عملية ديمقراطية 2/2
- الربيع العربي ومدى قدرته على إنتاج عملية ديمقراطية 1/2
- الديمقراطية والإسلام .. متنافيان – إجابة على تعليقات القراء
- إجاباتي على أسئلة الحوار المتمدن


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء الشكرجي - المالكي والبرزاني إلى أين في غياب الطالباني؟