أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - هانى جرجس عياد - بين سفاح دمشق وطاغية القاهرة: طريق واحد ونهاية واحدة














المزيد.....

بين سفاح دمشق وطاغية القاهرة: طريق واحد ونهاية واحدة


هانى جرجس عياد

الحوار المتمدن-العدد: 3929 - 2012 / 12 / 2 - 12:29
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


كان سفاح سوريا بشار الأسد يقصف الشعب السورى بالأسلحة الثقيلة، وكان قادرا –فى الوقت نفسه- على حشد عشرات الألوف من المؤيدين، فى تظاهرات تكررت كثيرا متنقلة ما بين ميدان السبع بحرات (أحد أكبر ميادين العاصمة السورية)، وأرض معرض دمشق (بمحاذاة نهر بردى، بعد انتقال المعرض إلى مكان أخر على طريق المطار). القدرة على الحشد ليست معضلة، بل هى واحدة من أبرز سمات الفاشيين والطغاة، يستوى فى ذلك من يقصف الشعب بالأسلحة الثقيلة، ومن يقصف الشعب بإعلانات دستورية تقوض القانون وتقيم الفراعنة، وتمهد –لاحقا- لقصف الشعب بالأسلحة الثقيلة أيضا.
لكن سفاح سوريا كان أكثر ذكاء من عصابة المقطم، فكانت الحشود السورية المؤيدة تبدو وكأنها خرجت إلى الشوارع بعفوية، ليس هناك قائد واحد يسوقها، ولا منصة واحدة تقودها، كل يهتف بما يريد، المهم أن يكون مؤيدا للسفاح، بينما حشود الجماعة الخارجة على القانون كانت صفوفا منتظمة، بدءا من ركوب الأتوبيسات التى أقلتهم من مختلف محافظات مصر، وحتى الانتظام كما طوابير الصباح فى ميدان نهضة مصر أمام منصة واحدة، يهتفون عندما يلوح لهم خطيب المنصة، ويصمتون كلما رفع يده، وهى كذلك دائما.
لا حشود الأسد فى ميدان السبع بحرات بدمشق استطاعت إنقاذه من غضبة شعب، ولا حشود الجماعة الخارجة على القانون قادرة على إنقاذ رئيس عاجز متعثر الخطوات، وجماعة تتبنى القتلة والمجرمين، من المتخفين هناك فى سيناء يعيثون فيها تقتيلا وإرهابا، وحتى قتلة السادات و(عصابات أسيوط)، الذين أخرجهم الرئيس الإخوانى من السجون بمجرد دخوله قصر الرئاسة، ليتصدروا المشهد فى دلالة صارخة على طبيعة الجماعة وحقيقتها، والمستقبل الذى ينتظر المصريين على يديها.
أعرف مسبقا أنه لم يكن بوسع مكتب الإرشاد سحب الإعلان الدستورى (دعك الآن من الرئيس، فالرجل لا يملك من أمره شيئا)، فالتراجع عن الإعلان إياه يعنى انتحار الجماعة، فلم يكن أمامهم سوى الهروب إلى أمام، رغم أنه هروب إلى النهاية ذاتها.
والهروب إلى أمام هو محاكاة واضحة لجانب من أسلوب الرئيس المخلوع، الذى بدا لوهلة أن مستشاريه أكثر ذكاء من الاثنين (سفاح دمشق وطاغية مصر)، فراح يقدم «التنازلات» واحدا تلو الأخر، دون أن يدرك –بسبب غبائه المزمن- أن وقت التنازلات قد فات، فكانت نهايته.
قرر مكتب الإرشاد الانتهاء من الدستور الإخوانى فى جلسة واحدة امتدت حتى الرابعة من فجر الجمعة (هل عرف العالم مؤسسة محترمة تظل منعقدة لعشرين ساعة متصلة لإنهاء أعمالها، وكأن الأيام خلصت؟)، ثم احتشد الإخوان وحلفاؤهم أمام جامعة القاهرة، وانتقل بعضهم –بالأمر- لمحاصرة المحكمة الدستورية العليا لمنعها من الانعقاد، وتسلم الرئيس مشروع الدستور ليقرر الدعوة للاستفتاء عليه يوم 15 ديسمبر القادم. خطوات سريعة ومتلاحقة هروبا من غضبة شعب، لكنه هروب إلى الهاوية.
يدرك محمد بديع مثلما كان بشار الأسد يدرك أن الأمر هنا لا يقاس بعدد المحتشدين، (بغض النظر عن الفارق الهائل بين ركاب يجرى شحنهم إلى مكان التظاهر، وشعب ينزل إلى الشوارع والميادين بمحض إرادته)، ذلك أن الذين احتشدوا أمام جامعة القاهرة، زاد عددهم أو قل، هم فى النهاية أبناء تيار واحد يتاجر فى الدين، ليحصد قادته المكاسب ويعود المحتشدون بخفى حنين، فيما لو وجدوه، بينما على الجانب الأخر تقف مصر كلها بمختلف انتماءاتها السياسية ومدارسها الفكرية وشرائحها الاجتماعية، تطالب بالعدالة الاجتماعية ليحصد الفقراء نتيجتها، تطالب بمحاربة الفساد لينعم المصريون جميعا بثروة وطنهم، تطالب بالكرامة الإنسانية فلا يعود المواطن العادى مهددا فى أمنه وسلامته.
والحاصل أن العبقرى الذى أشار على الجماعة بإصدار إعلان العار المسمى «إعلان دستورى» (ربما هو نفسه عبقرى مشروع النهضة الوهمى)، قد وضع الجماعة فى مواجهة الشعب، ودفع بالبلاد إلى مأزق حاد لا خروج منه إلا بهزيمة أحدهما، الجماعة أو الشعب، والتاريخ لم يعرف شعبا هزمته عصابة. فرغم أن إعلان العار منح اللجنة الإسلامية لكتابة الدستور شهرين إضافيين للانتهاء من أعمالها، إلا أن ردود الفعل الغاضبة التى أثارها الإعلان، ولم يتوقعها عبقرى الجماعة، أجبرت اللجنة على إنجاز الدستور فى جلسة واحدة ممتدة لعشرين ساعة، وبما يشير بوضوح إلى عجز الجماعة عن فرض إعلان العار الدستورى طويلا، ومحاولتها التخلص منه سريعا بفرض دستورها الذى لا يقل عار عن إعلانها، ثم تسارعت خطوات الهروب إلى أمام، من محاصرة المحكمة الدستورية إلى التعجيل بطرح الدستور للاستفتاء، وكأن من فشل فى فرض إعلان يقيم «ديكتاتورية مؤقتة»، يمكن أن ينجح فى فرض دستور ينظم «ديكتاتورية دائمة»، ولله فى خلقه شئون .
لقد نجحت الجماعة فى إعداد دستورها، وقد تنجح فى تمريره وفرضه (وإن كنت أشك فى هذا)، سواء بتزوير وتزييف الاستفتاء أو بخداع وتضليل البسطاء، أو الاثنين معا، لكن ذلك لن يكون نهاية للأزمة، بل مجرد إطالة لأمدها وزيادة تعقيدها، فقد استطاع سفاح دمشق أن يرجئ نهايته، لكنه لم يفعل سوى إطالة أمد أزمته، وازدياد تعقيدها وتشابكها، ومازال ينتظر نهايته.
أغلقت الجماعة كل منافذ الحوار والتفاهم، ودفعت بنا جميعا إلى مسار واحد لا بديل له، وربما يشهد العالم أن المصريين الذين يكتبون التاريخ دائما، قادرون على إسقاط رئيسين فى عامين.



#هانى_جرجس_عياد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «أرحل»... كشف حساب الرئيس الإخوانى
- هل تستطيع الجماعة حكم مصر؟
- حاكموا الرئيس
- دماء غزة والموقف المصرى المطلوب
- عصام العريان داعية ضد جماعته وحزبه ورئيسه
- الرئيس يناشد الفاسدين ويهددهم بثورة جديدة!!
- وطن جريح بين نادية حافظ وياسر على
- دستور 2012.. قراءة أولية فى مسودة أولى
- بؤس المثقف وثقافة البؤس.. د. رفيق حبيب نموذجا
- بديع يتكلم...!
- حكم الإخوان.. بين قرض الصندوق ومشروع الفنكوش
- ... ومازال الإخوانى عصام العريان يتجلى!!
- «الشريعة».. أزمة مجتمع أم أزمة إسلاميين؟
- كل عام وانتم بخير
- بعدما أصبح المشير مستشارا
- جريمة سيناء والرئيس منقوص الصلاحيات
- عودة «مجلس باطل»: المعركة الخطأ فى التوقيت الخطأ
- تأملات فى حالة سعادة
- هوامش على دفتر وطن مضطرب
- عن الرئيس «اللى سمع»... وأشياء أخرى


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - هانى جرجس عياد - بين سفاح دمشق وطاغية القاهرة: طريق واحد ونهاية واحدة