|
مقاطعة الانتخابات ليست كمقاطعة المنتوجات
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 3910 - 2012 / 11 / 13 - 20:01
المحور:
المجتمع المدني
مقاطعة الانتخابات ليست كمقاطعة المنتوجات هناك من يطلق على الشهر الذي يسبق الانتخابات في اسرائيل ، شهر المرحبا ،وهذه التسمية هي تسمية عربية بامتياز ، ولا تجدها عند ابناء عمومتنا من اليهود . وتأتي هذه التسمية في سياق زمني بعيد ، اذ اعتاد مرشحو الاحزاب الصهيونية في هذا الشهر ، زيارة القرى والبلدات العربية لنثر الوعود بسخاء ،حول ما سيقدمونه للوسط العربي من خدمات تطويرية وسيستثمرون الاموال الطائلة في عملية تطوير ،لم يسبق لها مثيل ! وما ان تنتهي الانتخابات ، حتى تعود حليمة الى عادتها القديمة ،من اهمال وتمييز متعمد وتجاهل تام للوسط العربي ، حتى شهر المرحبا التالي. كان هذا في الماضي ، اما اليوم وخاصة ان الغالبية الساحقة من مواطني اسرائيل العرب الفلسطينيين ،هم من الشباب (تحت سن 35) ، وخالطوا واختلطوا مع الوسط اليهودي كعمال او اجراء في القطاع الخدمي ،يجيدون العبرية ويتابعون الحياة السياسية في البلاد ، فمن الصعب خداعهم بالوعود التي انطلت على جيل الاباء والاجداد . لكن ازدياد الوعي لدى العرب ،لم يغير كثيرا من احوالهم المعيشية ، ولم يدفعهم الى تشكيل قوة سياسية فاعلة وذات تأثير على مجريات الاحداث ، وعلى الاقل تحقيق جزء يسير من الحقوق في المساواة ! بل ان "وضوح " الطرح لدى الاحزاب اليمينية الصهيونية ، لم يتم الرد عليه بطرح مناسب . فأصافة الى ليبرمان وحزبه" اسرائيل بيتنا" ، الذي اشترط الولاء للدولة ، وهو مصطلح ضبابي "ماذا يعني الولاء مثلا وكيف يمكن قياسه " ، بالحصول على الحقوق المدنية ، خرج الى الجمهور حزب يميني جديد ، عموده الفقري "جماعة كاخ " التي اسسها الراب الراحل مئير كهانا والتي دعت الى طرد العرب ، هذا الحزب الجديد ، اعلن عن اقامته عضوا البرلمان ،بن اري وزميله ويرفع شعارا "لا حقوق بدون واجبات " ، في رسالة معنونة الى الجمهور العربي . ان طرح شعارات متطرفة ضد العرب ، اصبح عامل جذب للاصوات اليهودية ، وليبرمان هو البرهان الذي بنى دعايته الانتخابية على الولاء وعلى شعار اخر يقول :" فقط ليبرمان يجيد العربية " في اشارة الى انه يعرف لغة العرب وهي لغة القوة ، وهناك مقولة شعبية تؤكد على ان العرب لا يفهمون سوى لغة القوة !!!!! وتحول حزبه بذلك الى القوة الثالثة في اسرائيل . مقابل هذا ، فالصوت العربي الذي يشكل ما يقارب ال20% من مجمل الاصوات يمثله في البرلمان اقل من 10% من اعضاء البرلمان الكلي. ويعود ذلك الى سببين اثنين في رأيي ، اولاهما ان نسبة الذين يدلون بأصواتهم في الانتخابات ،من ابناء الوسط العربي لا تتجاوز ال 50% ، اي ان نصف اصحاب حق الاقتراع لا يستغلون حقهم الديموقراطي في التأثير !! ويبررون موقفهم بأن الصوت العربي لا قيمة له ، خصوصا ان كل مكلف بتشكيل الحكومة يستثني الكتل والاحزاب العربية ،وما دامت الاحزاب العربية خارج مواقع التأثير ، فلا حاجة لبذل الجهد في التوجه الى صندوق الاقتراع . اضافة الى نوع من "فقدان الثقة "باعضاء البرلمان العرب الذين لا يكرسون جهدا كبيرا في متابعة قضايا الجماهير العربية في اسرائيل ،حسب رأي المقاطعين ، وهو امر ليس صحيحا تماما ،حسب رأيي . وثانيهما هو ،حالة التشرذم ،كما يقول المقاطعون ، والتي تقلل من فاعلية الصوت العربي ، اذ انه كلما كانت الكتلة اكبر ، كانت حظوظها اكبر في الحصول على عدد اكبر من المقاعد في البرلمان ، وذلك ناتج عن طريقة احتساب عدد الاصوات اللازمة للحصول على مقعد ، وهي طريقة لا انوي بلبلة القاريء بشرحها . وبهذا فأن المقاطعين يتمنون رؤية قائمة عربية واحدة يلتف حولها كل العرب ، مما يزيد حظوظها في الحصول على عدد اكبر من المقاعد وبالتالي تأثير اكبر واوسع في البرلمان ،من اجل المساواة . لكن هل الوحدة "بالأكراه " هي ظاهرة صحية ؟ في رأيي الاجابة هي لا ، فالتعددية وحرية التنظم في احزاب سياسية ، تطرح فكرا خاصا بها ، هو الامر الصحي . ومع كل ذلك ،فقد خرجت مجموعات من الشباب بحركة تدعو لمقاطعة الانتخابات بشكل مبرمج ، ممنهج ومؤدلج !وتدعو ال 50% ممن يصوتون الى مقاطعة الانتخابات هم ايضا ، كوسيلة ضغط على المؤسسة الرسمية للحصول على الحقوق ! هذا ما تريده الاحزاب الصهيونية ، أن لا يبقى صوت عربي في البرلمان . فالمقاعد العربية سيتم تقاسمها بين هذه الاحزاب ، مما يسهل عليها تركيب الحكومة التي تريد ، في غياب برلمانيين عرب ، يكشفون بعض الالاعيب والسياسة الضد عربية في الداخل !! في فترة ما كان الصوت العربي في البرلمان "بيضة القبان " ،فلا اليمين لديه اغلبية ولا احزاب اليسار الصهيوني ، لكن مع تعهد العرب بأعطاء "مظلة " حماية برلمانية لحكومة رابين الثانية، استطاعت ان تحكم ، وهي الحكومة الوحيدة التي استثمرت في الوسط العربي ، وكان المقابل ثمنا سياسيا مقبولا ومعقولا . مقاطعة الانتخابات ،ليست كمقاطعة منتوجات للضغط على الشركة المنتجة لتخفيض الاسعار ،الانتخابات هي الية التغيير في المجتمع الديموقراطي ،على علاته ، فلا تقطعوا الجذع الذي تجلسون عليه !!!!!!
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللعب في ملعب الخصم
-
السرنامة وثقافة السجون
-
PANIC DISORDER
-
الجنس ...الميول ...الاعتداءات والثقافة
-
اليسار الذي احلم به
-
يارون لوندون والعرب في اسرائيل
-
الهولوكوست وعرب اسرائيل
-
شد الرحال الى ........الصومال
-
ابا متعب !!!الف تحية
-
ميلاد وردة
-
كل عام وانتم ........؟؟!!
-
اشواق مبتسرة
-
ناطوري كارتا ......وصوت المرأة
-
سرايا العفة وهيئة الامر ........؟؟
-
طز في مصر وتحيا ماليزيا
-
احسنلك من حجة !!!!!
-
الكف التي تلاطم المخرز
-
الطب التقليدي الديني 6
-
توأمان -قصيدة
-
فضائية وباخلاق سماوية
المزيد.....
-
مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
-
-حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص
...
-
تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة
...
-
اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
-
عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف
...
-
منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ
...
-
ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
-
الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين
...
-
المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى
...
-
الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|