أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - اتركوني أغرق














المزيد.....

اتركوني أغرق


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3904 - 2012 / 11 / 7 - 16:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


اتركوني للسماء فهي التي بدأتُ معها المشوار وهي التي ستروي لكم الحكاية قبل أن يطلع عليكم ضوء النهار,اتركوني أعاند الرياح وأقفُ في وجه الطغاة ...اتركوني أمشي في الشوارع وحدي ولأصلي له وحدي حين أغلق الباب على نفسي وأفتحُ فمي..اتركوني لسنين الضياع فأنا لم أعتد بعد على الاستقرار وقصة الضياع التي أعيشها تعجبني جدا ويغريني جنوني بارتكاب المزيد من الأفكار التنويرية...لحظة مرت كشعاع نجمٍ اختفى منذ آلاف السنين..ولحظ’ أخرى مرت عليَ بطيئة جدا في حركتها حتى كادت أن ترديني أرضا...كان من الواجب عليكم أن تتركوني أغرق دون أن ترموا لي بطوق النجاة لأنني مللتُ من الكذب ومن الأقنعة التي تلبسونها على وجوهكم وليس عندي شيءٌ ينجيني منكم إلا أن أغرق في الضباب وفي المتاهات وفي المساءات الحزينة,وكان من المفترض بكم يوم احترقت أن تدعوا النيران تأكلني دون أن تطفئوا تلك النار التي كادت أن تبتلعني, كان من الأولى بكم أن تتركوني أعاني من سكرات حبي لكم ,وكان من اللازم عليكم أن تتركوني ضائعا أفتش عن نفسي, كان عليكم أن تتركوني لأحزاني التي أتسلى بها فأحزاني تؤنس لي وحدتي,وأحزاني تملأ الفراغ الكبير في حياتي, فأنا صديقٌ لأحزاني وإن فقدت الحزن العميق الذي في داخلي فإنني سأجد نفسي وحيدا ليس معي من أحدٍ أتحدث معه, كان من الواجب عليكم أن تدعوني شارد الذهن والبال وسارحٌ في شتى الأفكار التي تأخذني بعيدا إلى عالمي الخاص, كان من المفروض أن تتركوني أمشي ليلا في الشوارع وحدي وكان من الأولى بكم أن تتركوني للعذاب وحدي,لا أريد من أحدٍ أن يمد لي يد المساعدة أنا هكذا ولدت وهكذا اخترت طريق حياتي وهكذا سأموت وهكذا سأبقى مغامرا وأعيش في محنةٍ طوال العمر,وكان من الخير لي ولكم أن لا تسدوا لي بأي نصيحة مهما كانت تلك النصيحة.

كان من الأفضل لكم أن تتركوني بلا عنوان فلماذا وضعتم لي عنوانا واسما وبلدا وموطنا,أنا لا أستطيع العيش في بيئةٍ واحدة وفي إطارٍ واحد أنا رجلٌ متعدد الأهواء والمشارب أشرب من حيث أبتغي وآكل من حيث تطيب لي نفسي وألبس جلدي وألتحف السماء وأراقب النجوم وأضع عيني في عين الشمس لأكسر أشعتها في داخل عيوني كما ينكسر الضوء في داخل الماء, وكان من الأحسن لي أن لا تلملموا تلك الشظايا التي تبعثرت مني يوم انكسر قلبي ويومَ انكسر خاطري,كنتُ اشعر وقتها أنني تكسّرتُ وصرت عبارة عن زجاجٍٍ (مسحون) أو مطحون كنت وما زلتُ أطرب على صوت الزجاج وهو يتحطم من جسدي, وكان من الأهمية بمكان أن تتركوني تحت المطر لأغسل وجهي بماء الله لعلي أشفى من تراثي ولعل ماء المطر يغسلُ لي عاري.

كنتُ أطمع منكم أن تتركوني أكسر الأبواب وأفجر ينابيع المياه الباردة والحارة, كنتُ أحلم بأن تسمحوا لي بأن أموت من أجلكم,كنت أود أن تقول لي أمي إن السجن للرجال, كنت أريد منكم أن تدعوني ألتقي بكم كما تلتقي المياه مع بعضها لتشكل جريانا لنهرٍ عظيم, كنت أطمع منكم بالكثير, كنت سأطلبُ منكم أن تزرعوني في الأردن كشجرة زيتون تأكلون منها أنتم وأبناءكم, كنت أريد منكم أن تتركوني أفتش في آخر الليل عن امرأة ضائعة بين كلماتي, كنتُ أريد منكم أن تسمحوا لي بالصلب على أبوابكم, كنتُ سأنشد لكم عن ظهر قلب نشيد الإنشاد وكنت سأصلُ بكم إلى باب السماء ولكن أنتم من أقفل طرقاتها وسد نوافذها التي كانت مطلة على الشفق الأحمر.

كنت أيام زمان أحلم باللقاء ولكن اليوم تغيرت معي قواعد اللعبة وصرتُ أحلمُ بالبعاد, كنت قبل عدة سنين أحلم بالحياة ولكن ها أنا اليوم أحلم بالموت لكي أحيا من جديد, كنتُ أطمع منكم أن تتركوني أكشف لكم السر الغميق...السر الدفين...السر الذي خبأته جدتي في حقيبتها البيضاء, كنتُ وما زلت أود منكم أن تسمحوا لي بعدم الراحة فأنا لا أريد الراحة ولا أريد أن أستريح.

كنت أفكر بأن أكتب لكم عن حالي وترحالي وعن مالي الذي أضعته على كتاباتي وعن رسائل الشوق التي أحرقتُ فيها دمائي,لقد كان من الأولى بكم أن تتركوني أواجه مصيري بنفسي وأن تدعوني أكسر الأقفال وأحطم القيود وأشعلُ نار الحب بيني وبينكم,مشكلتي أنني أمشي بعكس التيار وبعكس الرياح التي تسير في بلادي,ومشكلتي أنني ما زلتُ طفلا صغيرا أنظر إلى هذا العالم بنظرةٍ مغمورةٍ بالبراءة في الوقت الذي يحيط بي مجموعة من الناس الذين تمتاز نظراتهم عن نظراتي بالخبث وبالمكر وبالدهاء, ومشكلتي أنني أعيش وحدي في عالمي الخاص الذي رسمته بدموعي.

كنتُ أرغبُ بأن أعطي للعالم الغربي صورة جديدة عنكم,فهنالك يحسبونكم كومةً من الحجارة ويعتقدون بأنكم ما زلتم متأخرين جدا وفي مؤخرة كل إنسانٍ منكم ذيلا كذيل القرد,كنت أريد أن أعطي عنكم صورة جديدة ولوحة مثيرة ومعبرة يقفُ أمامها الناسُ وهم مندهشون من التقدم العلمي والاجتماعي الذي وصلتم إليه, كنتُ أريد أن أسحر بكم عقول العالم الغربي, وكنتُ أريد أن اصنع منكم بشرا عاقلين ولكني أدركتُ أخيرا بأنني لا أستطيع أن أفعل المستحيل.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مكان خيالي
- الحساسون والعقلانيون
- خربشات على جدار الصمت
- اقلب الصورة
- مكالمه تلفونيه
- تفسير عالم ألماني لحلمه
- مشكلتي مع جهاد علاونه
- إلى الصديقة أميره
- أميره ونبيل وأنا
- القراءة والكتابة
- بعد فوات الأوان
- دعوة للمحبة وللسلام
- تعالوا لنحب بعضنا2
- تعالوا لنحب بعضنا
- المساواة على الطريقة التقليدية
- من يشتري مني مكتبتي؟
- من يستطيع تطبيق الإسلام؟
- بيت أبي
- طبيعة العرب
- معاوية بن أبي سفيان


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - اتركوني أغرق