أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - جهاد علاونه - القراءة والكتابة















المزيد.....

القراءة والكتابة


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3890 - 2012 / 10 / 24 - 16:40
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


الإقبال على القراءة والكتابة مثلها مثل الإقبال على الطعام والشراب فأحيانا يحتاج الإنسان لكي يقبل على الطعام والشراب إلى حبوب فتح الشهية حين تكون نفسه مسدودة عن تناول الطعام والشراب,وهذا مثله مثل الكتابة فأحيانا يحتاج الكاتب إلى شيء يفتح نفسه لكي يقرأ ويكتب,ولكن هل تعرفون ما هو الشيء الذي يفتح نفس الكاتب على الكتابة؟ خصوصا إذا كان الكاتب عربيا ويعيش في بلد عربي ويتعامل الناسُ والحكوماتُ مع كتاباته وينظرون إليها كما ينظر المواطن الغربي إلى حبوب منع الحمل,فالكل في الوطن العربي يحاول منع الكاتب الحُر من الحمل والإنجاب الثقافي.

وبما أن هنالك أشياء تسد نفس الإنسان عن الطعام والشراب ففي مقابل ذلك هنالك أشياء تسد نفس الكاتب أو القارئ عن القراءة أو الكتابة وهنالك أشياء تفتح نفس الكاتب والقارئ معا على الكتابة وعلى القراءة,وهنالك أشياء نأكلها أو نشربها ونشعر بعد ذلك بأنها تُقلب المعدة ولا يمكن أن تحتملها إلا المعدة القوية وهنالك مأكولات ومشروبات يكون تأثيرها على المعدة مثل تأثير السموم وكذلك هي القراءة فأحيانا بعض ما نقرأه نشعر بأنه مثل السم القاتل،وتقديم الكتابة للقارئ مثلها مثل تقديم وجبة الطعام للضيف إذ يجب أن تكون مطبوخة بشكل جيد ويجب أن يكون منظرها مُشهيا جدا وطعمها لذيذا جدا ويجب أن تكون نفسية الكاتب كريمة وإن لم تكن نفسه كريمة فإن معدة القارئ ستصاب بتلبك مِعوي, وأحيانا يطبخ الكاتب كتابته دون أن يطلب منه الناس أن يطبخ وأحيانا يطبخ الكاتب بناء على رغبة الناس تمشيا مع نظرية الفن السينمائي القائلة (الجمهور عاوز كذا) وبالتالي يصبح العمل الثقافي رخيصا ومبتذلا وفيه صنعة وتكلفا.

والكتابة مثلها مثل المغني أو العازف فأحيانا يعزف العازف لوحده ويطرب الآذان دون أن يطلب منه جلساءه أن يغني وبهذا تكون نفسية الإنسان الفنان مفتوحة على العمل الإبداعي لوحدها دون أي ترغيب أو ترهيب وهذا على رأي المثل القائل :(لا تقل للمغني غنّي حتى يُغني لوحده)وأحيانا لا يمكن أن يغني المغني ولا يمكن أن يعزف العازف إلا إذا طُلبَ منه ذلك مرارا وتكرارا,ولكن أجمل عمل إبداعي هو الذي يبدعه المبدع دون أن يطلب الإذن به من أحد, وهكذا هي حياة الإنسان المبدع فهنالك أشياء تغص البال وهنالك أشياء تفتح النفس وتفتح الشهية وفي بلداننا من النادر جدا أن تنفتح نفسية الكاتب أو المبدع على العمل الإبداعي لوحدها فكل ما يجري حولنا من أحداث كلها أشياء تُنكد على الإنسان حياته وتجعله واقفا دون أي حركة مثل المسمار المزروع في الحائط أو مثل شجرة زيتون رومية قديمة ما زالت واقفة منذ أكثر من ألفي سنةٍ دون حراك, وأحيانا يكون للنكد دورٌ كبير في العمل الثقافي والإبداعي فمن داخل المعاناة والألم ينبت العمل الإبداعي حين يشعر المبدع أن حقه مهضوم وأنه لا يحيا حياة كريمة ونحن معشر الكتاب تحركنا الناس وما يجري حولنا من أحداث كما تحرك رائحة الطعام النفس لتناوله وأكله وهضمه فآلامنا وآلام الناس هي الرائحة التي تحرك الأقلام و(الكيبوردات) وتجعلنا نشعر بالجوع للقراءة وللكتابة وتتحول أقلامنا إلى ملاعق نتذوقُ منها طعم الآلام والحرمان, ونعبر عن رغباتنا من خلال الكتابة ونعبرُ أيضا عن حاجة الناس ورغباتهم, وأحيانا نتدفقُ حزنا وألما على ما أصابنا من بؤس وغالبا ما نعبر عن سخط الناس وعن آلامهم والتي هي آلامنا جميعا, ومهما كان الكاتب معزولا عن بيئته ومحيطه الذي يعيش به فإنه على الأغلب يشعر بآلام الناس وبأحزانهم دون أن يقترب منهم خطوة إضافية تُضاف إلى خطواته الجريئة, ونفسية الكاتب ونفسية القارئ لها مفاتيح ولها أرقام سرية لا يعرفها إلا هم, فأحيانا تنفتح نفسية القارئ أو الكاتب من خلال كلمة السر الخاصة به وأحيانا تنفتح النفسية للكاتب دون وجود كلمة مرور أو كلمة سر, وأحيانا يتوقف الكاتب عن الكتابة لكي يعيد تقييم الأحداث التي تجري من حوله أو يكتب ويعود للكتابة بعد مراجعة دقيقة لحساباته ومراجعة كل ما مضى من تاريخ حياته,والكاتب حريص على إرضاء جمهوره مثل صاحب المطعم الحريص على إرضاء بطون زبائنه الكرام غير أن هنالك طفرة عامة تصيب الكاتب في أغلب الأحيان وهي أن الكاتب غالبا ما يكتب على مزاجه الشخصي(واللي عجبه عجبه واللي ما عجبه إنشاء الله عمره ما يعجبه), والكاتب يوميا يتصرف كما تتصرف البنوك فهو يغلق أبوابه في آخر ساعة من ساعات العمل لكي يعيد حساباته ليكتشف أين أخطأ وأين أصاب وإذا اكتشف أنه مخطئ نجده لا يعود للكتابة إلا إذا قام بإصلاح الأضرار والأخطاء التي ألمت به, إن الكتابة ليست لعبة للتسلية بل هي ألما يؤلم ويعذب صاحبه والكتابة بحاجة إلى كثيرٍ من الوعي والنباهة وصناعة المقال أو الكتاب مثلها مثل صناعة آلة ميكانيكية دقيقة جدا بحاجة إلى تركيز شديد ووعي كبير والكتابة عمل إنساني كبير والكتابة هي أشرف مهنة امتهنها الإنسان من خلال تاريخه الطويل منذ أن وجد نفسه على هذه البقعة من الأرض ولكن عندنا على الصعيد الشرقي العربي نجدُ أن الكتابة عمل خسيس جدا لا يمتهن هذه المهنة إلا من كانت أخلاقه معدومة وضميره ميت ذلك أن الكاتب مسئول حقيقي عن وعي الجماهير وأي ظلم يقع على الناس يتحمله الكاتب فهو المسئول عنه بما يملك من أدوات حسية ومجسات حسية تفوق أعظم المجسات عند بعض المخلوقات فالمظلوم لا يعرف بأنه مظلوم إلا إذا قال له الكاتب أنك مظلوم والعبد لا يعرف بأنه مستعبدٌ إلا إذا قال له الكُتّاب بأنك عبد,ونحن المسئولون أمام الله وأمام الناس عن الظلم وعن الظالمين وعن الفساد وعن المفسدين والفاسدين, إن العمل الإبداعي بكل فنونه وجنونه هو أعظم خدمة قدمها الإنسان لبني جنسه فلا توجد مهنة أشرف من مهنة الكتابة ولا توجد مهنة أشرف من مهنة القراءة أو الرسم أو التصوير أو النحت, إن الإبداع الحقيقي يعيش طويلا إذا كان من أجل الإبداع نفسه على مبدأ (الفن للفن), ومتى دخل الإنسان معترك السياسة والأحزاب السياسية فإنه على الأغلب سيخسر كثيرا من إبداعه وكثيرا من مواهبه وخاصة إذا تبنت الحكومة كاتبا أو مبدعا مشهورا فإن عملية تبني العمل الإبداعي من قبل الحكومة يقضي هذا العمل الإجرامي على مواهب المبدعين ذلك أن الحكومات ترسم خطوطا حمراء للكاتب لكي لا يتجاوزها أكثر مما ترسم له خطوطا باللون الأخضر,وبالتالي يجب أن نصرخ ونقول بالفم الممتلئ :لا تبنّي في العمل الثقافي, فنحن معشر الكتاب لسنا بحاجة إلى الحكومة لكي تتبنانا وترعى مواهبنا نحن نطلبُ منها رفع يدها عن الثقافة وأن تترك الكاتب والثقافة معومة ومنسابة ومائعة وكل كاتب حر فيما يكتبُ وحرٌ فيما يقوله,وكما أن لكل مطرب جمهوره الذي يقف على شباك التذاكر كما أن هنالك لكل كاتبٍ جمهوره الذي يقف على شباك التذاكر،والكاتب الحقيقي لا يحتاج إلى دعاية تلفزيونية أو إعلان تجاري.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد فوات الأوان
- دعوة للمحبة وللسلام
- تعالوا لنحب بعضنا2
- تعالوا لنحب بعضنا
- المساواة على الطريقة التقليدية
- من يشتري مني مكتبتي؟
- من يستطيع تطبيق الإسلام؟
- بيت أبي
- طبيعة العرب
- معاوية بن أبي سفيان
- خيانتي سبب سعادتي
- معجزة جبل أحد
- الثقافة والأحزاب السياسية أوسخ بيئة في العالم
- أحيانا وأحيانا
- قبة المسجد الأقصى ورجاء بن حيوة
- الدين الإسلامي يحاسب الجاهل ويترك العاقل
- من مكة إلى الهيكل2
- من مكة إلى الهيكل1
- صفات وأخلاق أبي جهل الكريمة
- اللف والدوران


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - جهاد علاونه - القراءة والكتابة