أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كامل الدلفي - الاساءة الى المقدس و ابجديات التخطيط المنهجي في تفكيك الشرق الاوسط















المزيد.....

الاساءة الى المقدس و ابجديات التخطيط المنهجي في تفكيك الشرق الاوسط


كامل الدلفي

الحوار المتمدن-العدد: 3852 - 2012 / 9 / 16 - 19:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ان الاحداث التي تقع في مساحة الشرق الاوسط تترك أصداء وآثارا تختلف عنها لوانها حدثت في مساحات اخرى من الكرة الارضية ، فالشرق الاوسط مغاير للآخرين ومفارق لهم بمقاييس عديدة ليس اولها التكوين السايكلوجي وليس اخرها الايمان الديني فهو مختلف في البث والارسال في القبول والرفض في القبض والانبساط في التطرف والتسامح في الانفعال والفعل وفي الحركة والسكون .. تراه يغرق في سكونية سرمدية لكنها تمثل سحرا وسرا لحركة الخارج نحوه.
يتفق علماء التاريخ والسياسة المعاصرون على ان التاريخ الحديث لهذه المنطقة بدأ مع حملة نابليون بونابرت على مصر في العام 1798م ليجلو عنها مستعمرها الاولي (الحاكم الانجليزي) ..
بدأ مناخ جديد غير مألوف مشحون بالصراع والتنافس الغربي على المنطقة فسرعان ما عاد الانجليز الى اجلاء الفرنسيين عن مصر وهكذا، ان طبيعة الصراع الخارجي على المنطقة ارست قواعد استراتيجية لإدارة شؤون المنطقة من قبل القوى الخارجية ، و اكسبها تبعية مطلقة انعكست على جميع مفاصل حياتها اجمالا ، فدخلت مؤسساتها ومنظوماتها شروط اللعبة ، وحافظ الخارج على حسن ادارته للأنظمة السياسية وصناعة الدساتير وادارة الثروات بما يتلاءم مع منفعته وعدم شق عصا الطاعة عليه وان تبدلت الالوان والاشكال لجميع الانظمة السياسية المتعاقبة ملكية دستورية او ثورية اشتراكية او ديمقراطية انتخابية او نتاجا لثورات الربيع العربي الجديد.
فالأهمية التي اكتسبتها المنطقة جراء هذه التجربة السياسية لا تترك مجالا للعفوية والسذاجة في صناعة الاحداث فكل شيء يقع داخل دائرة التخطيط والمنهجة حتى وان كان صغيرا وبسيطا ومحليا جدا. ان عربة بوعزيزي التي لم تسمح لها بيروقراطية الادارة التونسية بالوقوف في مكان عام للتسبب والترزق وكسب العيش هي حدث عادي يتكرر ملايين المرات في منطقتنا لكنه حين ادخل خانة التخطيط ومخابر صناعة الفعل السياسي جعل منه حدثا انقلابيا جاء برؤوس اربعة من عتاولة الرؤساء في النظام الرسمي العربي و الحبل على الجرار..
هكذا اريد للمنطقة ان تتحول او تتشظى او تتبدل ولكن كل شيء بقدر معلوم وحساب مرسوم ، فالخارج متمكن من ادارة فن الصراع وتحريك الطاقات الكامنة على وفق مشيئته وغايته وبوسائله في غضون ادارة كوسموبولوتية اشبه ما تكون بلعبة عرائس كونية، فلا يأتي زعيم ولا يذهب غيره الا وفق اصبع يحرك خيطا ولايبتنى ولا يهدم من مبنى الا وفق ذلك ،لا عاقلا يستنكر هذا الحال وهو يعلم بتأسيسات ما بعد الهيمنة العثمانية وما آلت اليه خطى الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الاولى فقد انشأوا تأسيسات سياسية ودستورية وتربوية وعلمية على مقاسات هم وضعوها ولم تستطع المنطقة الفكاك منها الى هذه اللحظة اذ لم تنل استقلالها السياسي او الاقتصادي او الفكري ولو مرة واحدة، لأنها لم تخضع مرة واحدة لمشيئتها الداخلية وقانونها الخاص وحركتها المستقلة...وان توهمت هذه السنوات بانها تؤدي حركة داخلية في حراك ثورات الربيع العربي ..الا ان مصادر الشك كثيرة والتدخلات الخارجية دائما ما تحسم النزاع لتقطف الثمرة.
تبدو المنطقة الان وكأنها على اعتاب فوضى عارمة تسير الى انقسامات وصراعات اثنية حادة لا تهدأ الا وقد اخذت نصيبها من الخسائر والخيبات . تغيرت اليات الصراع القديم وعناوينه واستبدلت المعركة المصيرية التي اكلت الطاقات والامكانيات والشباب وعطلت بحججها كل امكانيات التنمية وذهبت شعاراتها ادراج الرياح مثل النفط سلاح المعركة و كل الطاقات في خدمة المعركة ليختفي الصراع العربي الاسرائيلي عن مقدمة الاحداث وتلعب قطر دورا استثنائيا في التطبيع ورسم شجرة الارومة بين ولدي ابراهيم عليه السلام لتنتج صراعا آخرا حسب الطلب كي يحل محل القديم هو صراع بين ابناء محمد (ص) ، وفق مقاسات البرنامج الاميركي الجديد للمنطقة فتسعر الصراع السني – الشيعي لينشط فاعلية التفكيك والتفتيت من ناحية ويضمن ولاء وتبعية الضعفاء للمشروع الكولونيالي .
في مثل هذه الظروف تخرج بين فينة واخرى من العالم الكولونيالي معالم اساءة فاحشة الى الاسلام وتحديدا ضد رمزيه المقدسين النبي محمد(ص) والقران الكريم ، فخرجت من الدانمارك رسوم رخيصة للنيل من الرسول الكريم (ص) ،ثم قام القس الاميركي تيري جونز بحرق القران الكريم واصدار كتاب الاسلام هو الشيطان في العام2010في الذكرى التاسعة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر ، واليوم وفي ذكراها الحادية عشر يطل علينا الغرب بإساءة جديدة هي فلم اميركي على برنامج التويتر يعلن بكامل احداثه العداء والاساءة للرسول الكريم وللإسلام ، ليخلق تداعيات خطيرة في المنطقة يكون الضحية الارأس فيها السفير الاميركي في ليبيا كريستوفر ستيفنز وثلاثة أمريكيين آخرين في الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي.
السؤال الذي يتبادر الى الذهن ،هو هل ان هذه الاعمال عفوية سمجة تدخل ضمن طبيعة الصراع التاريخي الحاصل بين الحضارات والاديان ام هو كره اميركي - اوربي منظم للإسلام جاء نتيجة احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 تقوم بتأجيجه الذكريات كل عام. ام ان الثقافة الاميركية اصبحت من الذيوع والانتشار والعمومية بحيث لا تمانع من الدخول في كل شيء و لا تتحرج في تناول جميع التفاصيل مقدسة ام محرمة ؟ .
قد تكون هذه الاسباب مجتمعة تعمل سوية في انتاج الفعل المسيء واشاعة الكراهية الى الاسلام ولكن ذلك برمته يخضع الى دائرة التخطيط والبرمجة في اسلوب ادارة المنطقة من الخارج و استمرار لعبة العرائس الكونية في منطقتنا .
ونرى ان مقاربات التفسير تتجلى في المحاور الاتية:
1- ان العلاقة التي تربط الاقباط المصريين بالفلم اصبحت ذائعة الصيت وهذا ما سوف يجر البلاء على هذا المكون المصري ويكثف ردود افعال التطرف الاسلامي في مصر ضدهم وقد يسوق الى حملات ابادة وتهجير لا يعرف غير الله سبحانه حدتها وامدها وهذا هو بالضبط ما يلائم المشروع الاميركي الرامي الى تفتيت المنطقة، فلن يكون اقباط مصر احسن حالا من مسيحيي العراق ،وهذا ما يجعل مصر دائمة التبعية للقرار الخارجي فهناك فرصة مستمرة للتدخل في شؤونها بذريعة حماية الاقباط واختراق حقوق الانسان من ناحية والدعوة الى انشاء دويلات اثنية متعددة على اثر الصراع المتفجر هناك.
2- تعطيل التحاق شعوب المنطقة الى مشاريع الحداثة وتوجيه مشاعرها الى خارج قضيتها اليومية قضية الاقتصاد والسياسة والحريات والهائها في الحرب المقدسة لحماية الدين انها عملية انتاج مركبات صليبية صادمة تثير مشاعر الجهادية ،سيما وان العلوم الوراثية اثبتت وجود جين وراثي لدى البشر يختص بالدين ( دافع عن ذلك المفكر الاميركي نيكولاس ويد في كتابه غريزة الايمان الصادرفي العام 2009 مؤكداً على ان الدين كان اداة للتماسك الاجتماعى مشيراً الى ان محاولات المحافظة على الجماعة الدينية و تماسكها هى اساس الصراع من اجل البقاء ؛ الامر الدى نلحظه فى معظم الصراعات السياسية القائمة فى كل انحاء العالم) . سيد حسين يرصد : بوادر الصراع الدينى بين الغرب و الشرق الاوسط بعد الربيع العربى http://sayedhussen4.blogspot.com/2012/04/blog-post_26.html.
كما ان ذلك يمد الانظمة المحلية اتي اوصلها الغرب الى الحكم من ناحية اخرى بفرصة الاسترخاء والراحة وسحب النفس لكي تتمكن من ترتيب منزلها الداخلي فحكومة مرسي تحتاج الى صناعة انشغالات جماهيرية كثيرة بعيدا عنها فهي لم تزل غضة وركيكة لم تبلغ الفطام الى ان تتقوى وتتمرد قليلا قليلا على مسار الديمقراطية الذي سلمها الخلافة المتخيلة وصولا الى اعلان اصوليتها الحادة.
3- تكاد ان تكون الاحزاب السياسية الاسلامية قد خرجت جميعها من معطف الغرب وتلقت دعمه وعطفه وامواله تحت حجة معاداة الشيوعية اي الانخراط في اتون الحرب الباردة والتمترس بها مع نسيان مفرط للقضية الوطنية الخاصة، وامتدادا لسياسته نجح الغرب في انتاج مجاميعا متطرفة من بين الاوساط الاسلامية وساقها بإستحمار مفضوح الى خدمته وتطبيق برامجه ، ومن المفهوم ان الحركة المتطرفة تنتج ثقافة متطرفة فاستثمر الغرب هؤلاء المتطرفين بغية الحاق الهزيمة بالاسلام الذي يمثل الرابط الحيوي للمنطقة وان هزيمة الاسلام تبدأ في تصورهم بإلصاق الارهاب به وبتشريعاته وبرموزه مما يسقطه في عين المجتمع الاوروبي والامريكي ويولد الكراهية والبغض عندهما ضده ، ان اساليب الاساءة الى الرموز المقدسة في الاسلام تضمن تحقيق تداعيات شعبية مفرطة ضد الديانتين المسيحية واليهودية وضد رموز السياسة الاميركية والغربية وضد ممثليها في المنطقة : سفاراتها ومراكزها الثقافية ومصالحها الاقتصادية ، وذلك يجعل الغرب يكسب موقف الراي العام الغربي ويرفع قيوده عن محاولات التدخل العسكري في المنطقة واستخدام القوة ضدها دون ان تكون ممانعة من احد بحجة احترام خيارات الشعوب او استقلالها وكرامتها ومباديء حقوق الانسان التي تعتبر بمثابة الانجيل الاخر عند الغرب.
خاتمة
هكذا تسير ايقاعات البرنامج الاميركي في الالف الثالث الميلادي ليمثل مساحة التفكك الاثني عالميا وحلول عصر اقتصاد السوق وغياب المثل والقيم الابداعية والانتاجية ،عصر زهو وانتصار الافراد وازدراء الأغلبيات الساحقة وافقارها وتمثل منطقتنا جسما صلبا عنيدا في الطريق رسمت وترسم له الاف الخطط والبرامج لإزالة قوته وصلابته عن الطريق.



#كامل_الدلفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاث قصص قصيرة جدا..............2
- التوازن العضوي بين المثقف والسلطة – الكف وتبادل المؤثرات
- الازمة السورية..افتقار الموقف الرسمي العراقي لقراءة المتغيرا ...
- ثلاث قصص قصيرة...1
- المعوقات الموضوعية في بناء التجربة الديمقراطية في الشرق الاو ...
- عودة الروح..والضياع الافتراضي
- السرير-قصة قصيرة جدا
- كذبة صحفية-قصة قصيرة جدا
- البدون-قصة قصيرة جدا
- الطوفان -قصة قصيرة جدا
- اشتغالات انطباعية- قصة قصيرة
- احلام متبادلة –قصة قصيرة جدا
- نومي بصرة -قصة قصيرة
- حداء الكلك - قصة قصيرة
- الدستور دليل عمل دائم وليس شاهد حسب المزاج. قراءة في اختراقا ...
- هل أتاك حديث التظاهرة ؟
- العلق - قصة قصيرة
- حديث في مفهوم المواطنة والهويات الفرعية
- جماهير اليسار في العراق بين استبداد الماضي وتعسف الحاضر
- لائحة الارهاب العراقية- وسائل تعرية الملثمين


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كامل الدلفي - الاساءة الى المقدس و ابجديات التخطيط المنهجي في تفكيك الشرق الاوسط