أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ابراهيم هيبة - تحت تأثير إيروس














المزيد.....

تحت تأثير إيروس


ابراهيم هيبة

الحوار المتمدن-العدد: 3817 - 2012 / 8 / 12 - 16:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الجنس هو اكبر أكذوبة صنعتها الطبيعة. فلكي تضمن هذه الأخيرة تكاثر الأنواع، لم تجد أفضل من هذه الرغبة العمياء التي تدفع كل كائن نحو البحث عن نصفه الآخر. لم يسبق لي في حياتي أن رأيت شيئا ينخدع به بنو البشر مثل انخداعهم بالجنس، فترى الرجل منهم يتكبد المشاق، ويتحدى الصعاب، ويفعل المستحيل ، فقط لكي يحظى بهذه المرأة أو تلك. ففي الجنس، وكل ما يلحق به من حب وتعلق ورومانسية، يظن الإنسان بأنه هو الفاعل، فيما هو في العمق مفعول به. والحق أنه في خضم حرارة الأجساد وتشنجات الأعصاب وهذيانات اللذة يمكن لأي كان أن يقارن نفسه بالله. ولكن العملية كلها، بإشراقاتها الأيروتيكية وتمظهراتها الإستيتيكية، ليست إلا خدعا فيزيولوجية يراد بها تصريف فائض طاقاتنا البهيمية وفسح الطريق أمام خلف جديد- فما يتحكم بالطبيعة، هو وهم إرادة الحياة، وليست أذواق البشر وهياماتهم.
إيروس إله خطير، وسلطته الجنسية لا ترحم. إنها تستطيع أن تتلاعب بأشد العقول رجاحة، و أن تقض مضجع النفوس الأكثر هدوءا وسكينة. كما يمكنها أن تدمر أكثر العلاقات متانة، فتجعل من الحكيم طفلا و من الصديق خائنا ومن القديس ذئبا... الجنس، بالنسبة للطبيعة، خدعة لا بد منها؛ أما بالنسبة إلي، فهو أشبه بهاوية لا قرار لها أو بحلقة مفرغة تبدأ بالحاجة المؤلمة وتنغلق بالإحباط وعدم الرضا.
إن ما يخيفني في الجنس لا يكمن في تولُّده وموته التكراري، بل هو يكمن في هذا الإحساس المابعد-جنسي بالوجود: ضجر يمزق القلب، ندم وحسرة على جهود استثمرها المرء في نشاط خاسر، سخافة لا تلبث تتجدد مدى الحياة.
قال كونفوشيوس، ذات مرة، بأنه لم يسبق له، ولو لمرة واحدة في حياته، أن قابل رجلا يحب الفضيلة كحبه للجنس. مسكين هذا الكونفوشيوس ! إنني أراهن على أنه لن يجد رجلا مثل ذاك، حتى ولو عاش لعشرة قرون أخرى. لنكن صرحاء، الجنس والفضيلة لا يلتقيان. فالأول شيء غريزي يضرب بجذوره عميقا في كيان الإنسان، بينما الثانية شيء تاريخي حديث – أي أمر مضاف إلى هويته. ولهذا السبب تجد الرجل منا يحب المرأة الطاهرة لكنه يفضل العيش مع المومس.
ورغبة منها في احتواء مشكلة الجنس، اخترعت الأديان ميكانيكا أخلاقية تتنوع أشكالها بين الزواج والعفة والصوم. وإذا كانت هذه الميكانيكا تتمكن أحيانا من لجم جموح الليبيدو واندفاعاته، فإنها عندما تفشل تتولد عن ذلك نتائج فاضحة ، تتنوع هي الأخرى بين لواط وعهر وزنى محارم، بالإضافة إلى حماقات أخرى.
ما من شك في أن الليبيدو حرارة مزيفة؛ وليس كذلك بخاف على أحد بان إشباع رغبات الجسد أصعب من إدارة دواليب إمبراطورية، ولكن هذا هو الجنس: سخافة تفرض نفسها. وكل من يرغب في إجتثاته يكون إما حالما أو أنه لا يفهم شيئا في ميكانيكا الأشياء؛ ذلك أن إجتثات الجنس يعني إجتثات الذات، وإلا ماذا يكون الإنسان في مجموعه سوى ركاما من الدوافع والرغبات؟ فيما يخصني، لم أحلم أبدا بهزيمة جسدي، فأقصى ما أصبو إليه هو أن يتركني وشأني لبعض الوقت.



#ابراهيم_هيبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خرافة اسمها الحقيقة
- ميتافيزيقا الدموع
- لعنة الولادة
- عدو المرأة
- جاذبية المشنقة
- أنا و العالم
- تأملات في الضجر
- إنسان السطوح
- منافع المرض
- مصادر الصلاة
- تمارين في الزهد
- البعد الميتافيزيقي للأرق
- حول الزواج
- مائة عام من العزلة
- عبادة الأنا
- فينومينولوجيا الموت
- بؤس الفلسفة
- الإنسان المنفصل
- تهافت الآلهة
- الحيوان الرومانسي


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ابراهيم هيبة - تحت تأثير إيروس