أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أبو الحسن سلام - الفاعل الفلسفي في المسرح الوجودي - المومس الفاضلة نموذجا -















المزيد.....

الفاعل الفلسفي في المسرح الوجودي - المومس الفاضلة نموذجا -


أبو الحسن سلام

الحوار المتمدن-العدد: 3792 - 2012 / 7 / 18 - 01:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الفاعل الفلسفي في المسرح الوجودي
- تطبيقا على مسرحية " المومس الفاضلة "-
د. أبو الحسن سلام
- ظهور الثاني ممارسة للحرية.
- ظهور الثاني ممارسة للالتزام.
- ظهور الثاني ممارسة للحب .
تأسست الفلسفة الوجودية المادية في العصر الحديث على يد الفيلسوف الوجودي الفرنسي جان بول سارتر الذي يقول عن الجنس البشري " لقد كتبت علينا الحرية " وهذا يذكرنا بقول عمر ابن الخطاب في معاتبته لعمرو بن العاص اقتصاصا من ابنه الذي ضرب شابا مصريا بالسوط ؛ حيث قال عمر " لقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا " كما يذكرنا بصيحة الزعيم الوطني المصري أحمد عرابي في مواجهته للخديو توفيق " لقد خلقنا الله أحرارا ولم يخلقنا تراثا أو عبيدا ..."
وتختلف الوجودية المادية عند سارتر وسيمون دي بوفوار عن الوجودية المثالية عند أفلاطون وكيركجارد ؛ ذلك أن الوجودية المثالية ترى أن الماهية سابقة على الوجود .. أي أن جوهر وجود المخلوقات يتقرر في عالم الغيب قبل أن توجد ؛ بينما ترى الوجودية المادية أن الوجود سابق للماهية ؛ بمعني أن المخلوقات توجد أولا ثم يكون عليها صنع ماهية أو جوهر وجودها ؛ بتفعيل إرادتها في سبيل تحقيق أهدافها في حرية لا تعتدي على حرية الغير . وقد اعتمدت فلسفة سارتر الوجودية على ستة أركان :
( الوجود – العدم – الحرية – الالتزام – الندم – الغثيان )
فمع أن الوجود نقيض العدم ؛ إلا أن وجودا بلا ماهية أو جوهر هو والعدم سواء . والذات تكون بلا حرية .. ما لم تلتزم بحق الآخر في الحرية. فأنا والآخر موجودان في حالة جدل فأنا و الآخر أحرار . لكن حين الجدل يغيب بين الذات وذات الآخر ؛ فالحرية مثل العدم إذا ما غاب الالتزام عن الطرفين . وبين الفعل ورد الفعل يكون الندم أو الغثيان .
وهكذا يؤسس فيلسوف الوجودية المادية لثنائية المادية الجدلية ؛ حيث لا وجود لشيء إلا ويلازمه نقيضه . فالنقيض يتوضح بالنقيض ؛ يتطور بالنقيض ؛ ولذا فعندما يقول سارتر : الحرية لا تمارس إلا في وجود الآخر ؛ فهو يشير إلى ثنائية الأنا والآخر؛ ففي وجود الأنا وجود للآخر .
وعندما يقول سارتر: الالتزام قسمة بين الاثنين ؛ فيشير أن الذات حرة بلا تجاوز حد الآخر .. فالذات حرة مادام حق الآخر في الحرية كان مصونا. الحرية ليست فوضي .
ولأن للمسرح أثره المباشر في كسب التأييد للفكر ؛ لذا رأينا كبار فلاسفة العالم وقد حملوا المسرح مهمة كسب التأييد لأفكارهم الفلسفية ؛ وقد رأينا هذا في أعمال كبار كتاب المسرح اليوناني ( أسيخيلوس وسوفوكليس ويوربيديس ) كتاب التراجيديا العظام ورأينا أرستوفانيس في الكوميديا ؛ فالأفكار الفلسفية لسقراط نراها في كوميديا ( السحب ) أرستوفانيس ؛ حيث يسخر من سقراط وفلسفة السوفسطائية ؛ وفي ( الضفادع)أرستوفان جسد عالم بعد الموت وقد استلهم أفلاطون في محاورات ( فيدون) . كذلك جسد سوفوكليس( أنتيجونا) ؛ حيث الحاكم والمحكوم وصراع قانون وضعي للحاكم ضد قانون الغيب .
عصر النهضة ميكيافيللي يودع أفكاره في المسرح . مارلو كذلك يكتب ( مأساة دكتور فاوستيس ) بائع روحه للشيطان . وكذلك ( فاوست ) لجيته .
أما بريخت ؛ فمسرحه يكسب تأييدا للعمال ؛ ولتغيير العالم نحو الاشتراكية .
أما سارتر موضوع مقالتنا هذه ؛ كتب المسرح كسبا لمقولة فلسفته ( الحرية قد كتبت على الإنسان) حرية ذات الإنسان قرينة ذات الآخر حرة ) فلا وجود بلا حرية ولا حرية دون التزام ومقاومة الأنا للآخر من أجل ماهية ذاتهما قد يتولد ندم عنها أو غثيان . فجحيم الذات هو الآخر . ولهذا حفلت نصوصه بالأفكار الوجودية لمقولة فلسفة مادية وجود الكائن يسبق أي ماهية .. نخلق ثم يكون علينا صنع هوية كل منا ؛ عبر مقاومة إرادتنا لإرادات ذوات أخرى تزاحمنا في وجود واحد . جسد هذا في ( الجحيم) مسرحيته الشهيرة ؛ أيضا جسده في ( أورستيس أو الذباب) وبنص من فصل واحد ولوحتين يحمل رأيا في السياسة؛ يحمل فيه على أمريكا ويرى حتمية أن ( تكنس) حيث يقول : " الأمة الأمريكية في حاجة إلى أن تكنس " ففي مسرحية ( المومس الفاضلة ) يتعرض لقضية الممارسات العنصرية للبيض ضد السود في الولايات المتحدة الأمريكية . وفي تلك المسرحية يؤصل سارتر لفشل العلاقة التي تقوم على نفي الأمريكي الأبيض لحرية الأمريكي الأسود ؛ ففريد ابن عضو الكونجرس يقتل مع أصدقائه من البيض زنجيا حاول منعهم من التحرش بفتاة الليل البيضاء ( ليزي) في أثناء وجود الجميع على متن قطار في حالة سير ؛ من ثم يحاول ورفاقه إلصاق التهمة بزميل الزنجي المقتول بيدهم ؛ لما قبض على قاتله ابن السيناتور ؛ وهنا يتتبع ورفاقه ( ليزي) كي تشهد أن الزنجي الآخر قتل زميله ثم هرب . وكان الزنجي الهارب يختبئ لديها ولا تعلم .. إذ يدخل مسكنها خلسة .. وعند تفاوضهم معها تقاوم كل الإغراءات المال السلطة والتهديد تلتزم الصدق ولا ترضخ لضغوط القوم وسلطتهم . وهنا تتجسد فكرة ذات أنا المرأة تقاوم ذات أنا الآخر . شخصية (ليزي) الدرامية لها موقف. وكذا يرسم سارتر شخصياته شخصيات ذات مواقف . لا حل إذن دون تفاوض بين الذات وذات الآخر .. فبعد مقاومتها لفريد ولوالده ولضغط الشرطة والمال .. تفلح أم فريد فتقنع ليزي بنعومة كلمات .. زائفة تجعلها ترضخ ؛ ومع طول الوقت تقوم علاقة استلطاف بين فريد وليزي .. تنتهى بقبول ليزي حياة معاشرة معه في سكن خاص .
هكذا سارتر يرى أن الإنسان في أمريكا لا يعرف معنى الحرية ؛.
ويمكن أن نخلص من تلك المعالجة المسرحية لجوهر فلسفة سارتر الوجودية في عدد من النقاط :
* يقول سارتر : " الأداة تؤدى إلى الأداة "
* و( ليزي) في المسرحية كانت مجرد أداة في نظر ( فريد ) ووالده عضو مجلس الشيوخ ؛ أداة لصيد الزنجي والشهادة على أنه قاتل زميله زورا .
* الزنجي مجرد أداة في نظر فريد ووالده ليحل محل فريد القاتل الحقيقي ويحمل عنه عقوبة الاتهام.
* يقول سارتر : " ظهور الثاني ممارسة للحرية "
* وظهور الزنجي يمكن ليزي من ممارسة حريتها في التستر على الزنجي الهارب المختبئ في مسكنها.. تعويضا عن حريتها المفتقدة في سبيل حياتها (فتاة ليل) تبيع جسدها .
* ظهور الزنجي مكنها من ممارسة التزامها بموقف حق لا تفلح ضغوط ممارسات الغير عليها في جعلها تتنازل عنها.
* يقول سارتر: " ظهور الثالث قضاء على الحب "
* في محاولة (فريد ) إغواء ( ليزي) بعلاقة جنسية تقاومه ؛ فمع أنها فتاة ليل محترفة إلا أن وجود الثالث ( الزنجي الهارب المختبئ ) في مسكنها يحول دون ذلك ؛ حتى لو كانت قد قبلت إغواء فريد ؛ غير أن موقفها المبدئي النبيل في عدم الاستجابة لشهادة الزور يمنعها أيضا . غير أن ذلك يتحقق بعد تسرب الزنجي دون أن يشعر فريد بوجوده .
ونخلص في النهاية إلى أن ليزي مقيدة بفكرة العطاء الجسدي بحكم وظيفتها في مقابل حرية الاستمتاع واللذة الحسية المتبادلة مع الآخر وهي تلزم نفسها بتلك المهنة وتقيد نفسها بها في الوقت نفسه تتحرر جسديا عن طريق الاستمتاع الجنسي . وفريد يلتزم بمعاملتها على أنها مجرد جسد أنثوي لساقطة ؛ بينما يرى حريته بالاستمتاع بمعاشرتها .
كما نخلص إلى أن الشخصية الوجودية في الدراما ( ليزي ) المسرحية تمتلك وعيا ذاتيا وعقلانية في مواجهة ذات انفعالية (فريد) فالوعي سلاح الشخصية الوجودية ؛ فلا حرية دون وعي بالذات وبالغير وبأداة تحقيق تلك الحرية وحدودها وليزي ينقصها الوعي لتصبح وجودية شكلا وجوهرا ؛ فهي شخصية وجودية بالحس وليس بالوعي ؛ لذلك تستسلم في نهاية المطاف عن طريق كلمات الأم المعسولة ووعود فريد لها بحياة شبه زوجية في مسكن فاخر يعيشان فيها وحدهما . والمسرحية في هدفها العام تبدو تعليمية ترسم للمتلقي كيفية أن يصنع جوهر ذاته ( ماهية وجوده) .



#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتابة الصورة المسرحية بين أفلاطونية التقديس والتدنيس
- خيوط الاتصال بين الناقد والباحث
- الممثل وبناء الدور المسرحي بين البواعث والدلالات
- مدرسة المشاغبين فبي ميزان النقد
- عروض مسرحية بلا إنتاج
- كتابة ناقدة لنصوص مسرحية واعدة
- - برشيد - وقضية تخوين الحركة النقدية المسرحية
- تراجيديا في قالب كوميدي
- محاكمات المبدعين في عصر المتأسلمين
- حرفية الناقد و مراوغات التطبيق النظرية
- البحث المسرحي في سرير بروكست
- حيرة الباحث المسرحي بين نظرية العامل ونظرية المتخلفات والمتغ ...
- الإيقاع في فنون التمثيل والإخراج-ج1-
- نهار اليقظة في الثقافة المصرية بين وهج التخريض ولهيب التعريض
- الإرتباك الإبداعي في فن التأليف وفن الإخراج المسرحي
- المسرحيون العرب وغياب فعل الاستشفاف
- سارة وأخواتها والثالث المرفوع
- التجريب في العلم وفي الفن
- قراءة سياسية وقراءة مضادة حول الواقع المصري
- مستنقع الذئاب الجزائري في عمان


المزيد.....




- السعودية.. 28 شخصا بالعناية المركزة بعد تسمم غذائي والسلطات ...
- مصادر توضح لـCNN ما يبحثه الوفد المصري في إسرائيل بشأن وقف إ ...
- صحيفة: بلينكن يزور إسرائيل لمناقشة اتفاق الرهائن وهجوم رفح
- بخطوات بسيطة.. كيف تحسن صحة قلبك؟
- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أبو الحسن سلام - الفاعل الفلسفي في المسرح الوجودي - المومس الفاضلة نموذجا -