أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - الإيقاع في فنون التمثيل والإخراج-ج1-















المزيد.....


الإيقاع في فنون التمثيل والإخراج-ج1-


أبو الحسن سلام

الحوار المتمدن-العدد: 3684 - 2012 / 3 / 31 - 16:03
المحور: الادب والفن
    


الإيقاع
في فنون التمثيل والإخراج (ج1)

الفهرس التحليلى للموضوعات
الموضوع الصفحة
الإهداء 3
المقدمة 5
الباب الأول : دور الإيقاع فى المسرح الفصل الأول : الإيقاع العام للنص المسرحى 14
- إيقاع الصوت وإيقاع الحركة (الصورة) 14
- التوافق الإيقاعى 15
- طبيعة الأصوات وعناصرها 17
- التعبير الصوتى ومراحله 18
- تحويل الأداء الصوتى فى عبارة واحدة 20
- عناصر الصورة وعناصر التعبير المرئى 22
- الإيقاع فى الصورة الشعرية 24
- تعريفات الفلاسفة للإيقاع 27
- مفهوم الإيقاع عند علماء الجمال 30
- البعد الجمالى للأداء الصوتى المسرحى 32
- الإيقاع والبعد الحركى فى النص وفى العرض المسرحى 35
الفصل الثانى : الإيقاع الذاتى للمؤلف 42
- تأثير إيقاع الذات على الشكل فى المسرح الطليعى المصرى 46
- تأثير إيقاع الذات على الشكل والمضمون فى مسرح نجيب سرور 46
- نجيب سرور: إيقاع نفسه وإيقاع إختياره 48
- إرتباط إيقاع الذات بإيقاع الوسط البيئى. 53
- التداخل بين إيقاعي ذات المؤلف وشخصيتة 54
- الراوية النقادة فى المسرح الملحمى 57
- تداخل إيقاعي الزمان والمكان فى الحدث مع إيقاع الزمان
والمكان فى الواقع 59
- تداخل إيقاع الفكر السائد إجتماعياً مع إيقاع فكر المؤلف 60
- إيقاع إختيارات نجيب سرور - موضوعاً وشكلاً: 66
- إيقاع إختياراته الموضوعية 66
- إيقاع إختياراته الشكلية 68
- تأثر الكاتب بالنهج الملحمى البريختى 72
- الخلاف على المحتوى 74
- الخلاف على الشكل 76
- إيقاع الذات والشكل والمضمون فى مسرح الفريد فرج 76
- إيقاع ذات المؤلف وإيقاع ذات الشخصية 80
- العادى والغريب من وجهه نظر الدراما الملحمية. 85
- إيقاع التفكير المادى فى معالجة التراث. 86
- إيقاع ذات المؤلف وإيقاع ذات المجتمع بين المعادل
الموضوعى والرمز والتناقض. 88
الباب الثانى: إيقاع اللغة فى المسرح
الفصل الأول: الإيقاع ولغة الحوار فى المسرحية النثرية 92
- إيقاع اللغة 92
- إيقاع الحوار فى النص المسرحى 93
- عناصر الإيقاع فى الحوار المسرحى: 94
أولاً : العاطفة 94
ثانياً: الإنفعال الموسيقى 95
ثالثاً :التوازى فى الحوار : 101
أ - التوازى فى الفعل 101
ب - التوازى فى تراكيب البناء اللغوى 102
جـ - التوازى فى اللفظ والمعنى 103
د - التوازى فى الحدث 103
رابعاً: التكرار فى الحوار 104
أ - التكرار اللفظى اللاإرادى 104
ب - التكرار الآلى 105
جـ - التكرار الإسترسالى 106
د - التكرار اللازمة 107
هـ - التكرار الإستيعاضى 107
خامساً: مطابقة اللفظ للحركة 109
سادساً : عدم مطابقة اللفظ للحركة 109
سابعاً : تفاعل الصوت مع الحركة 110
ثامناً : الرمزية (الإيجاز والتكثيف) 114
تاسعاً : التوقع 118
عاشراً : المباغتة (الأدهاش) 120
الفصل الثانى : الإيقاع ولغة الحوار فى المسرحية الشعرية 124
- الإيقاع واللغة فى المسرحية الشعرية 124
- المسألة الأولى: عن إيقاع لغة المونولوج المسرحى فى
المسرحية الشعرية 126 - شاعرية الموقف التراجيدى والشخصية التراجيدية 127
- الكلمات تستدعى الأفكار 129
- رنين الحوار بعيداً عن روح التغنى 130
- نغم الموازنة بين عاطفة وإرادة لشخصية واحدة بين
المونولوج الشعرى والنثرى 131
- طبيعة المونولوج فى المسرح الملحمى 132
- المنطقية السببية تسلب النغم فى الحوار 133
- شاعرية المكان ودورها فى صنع إيقاع شاعرية التعبير
فى المونولوج المسرحى. 136
- الطبيعة الغنائية فى المناجاة الدرامية: 140
أولاً : إستعراضية الفكر 142
ثانياً : إستعراضية الشكل 142
ثالثاً : العناصر 142
رابعاً : الزخارف الإيقاعية 144
- الطبيعة التشخيصية الإيحائية فى المونولوج الشعرى الدرامى 145
- الضرورة الحياتية والضرورة المسرحية فى المونولوج ذى
الطبيعة الغنائية. 147
- السألة الثانية: الطبيعة التشخيصية التجسيدية فى المونولوج
المسرحى بين الشعر والنثر 152
- المقابل التجسيدى لدلالات الألفاظ فى المونولوج 154
- القطع الدرامى الفجائى والحتمى فى الحوار 158
- المزج المتناغم فى الحوار 159
- القطع الدرامى الفجائى المقصود فى الحوار 159
- المزج الدرامى التسللى فى الحوار. 160
- القطع الدرامى المتعرج المقصود فى الحوار ودوره فى
صنع التوافق الإيقاعى بين عمليتى الإرسال والإستقبال 160
- دور الإستدراك فى خلق التعرض المقصود فى الحوار. 161
- المزج التأثيرى فى الحوار 162
- المزج الإستطرادى فى الحوار 162
- القطع الحتمى المقصود فى الحوار 163
المسألة الثالثة: الصيغة الشعرية للتعبير المسرحى فى الديالوج 163
عناصر تطويع الصيغة الشعرية للتعبير المسرحى: 164
عدم إفتقاد التوازن 164
دور المحسنات البديعية فى الحوار المسرحى 172
المسألة الرابعة : دور الوزن فى الحوار الشعرى: 173
طبيعة القطع والمزج فى لغة الحوار: 177
أ - مزج التناغم 177
ب - القطع الحسن والمزج الحسن 179
جـ - مزج تنافر 180
- ضرورات تنويع الوزن فى الحوار المسرحى الشعرى 181
- الخضوع للقافية 182
- المسألة الخامسة : التعبير النثرى فى المسرحية الشعرية 184
- خلاصة 188
الباب الثالث: الإيقاع والحركة
الفصل الأول : الإيقاع والحركة فى الكوميديا
تمهيد
أولاً : الأداء الصوتى الناقل للمعنى:
1 - التركيز
2 - مناط القول
3 - الإيحاء بما وراء الكلام
4 - الوقف
ثانياً : الأداء الصوتى الناقل للشعور:
1 - الأنسيابية:
أولاً : طبيعة القول والمؤكد للفعل
ثانياً : طبيعة القول المصاحب للفعل
ثالثاً : طبيعة القول المقترن بفعل
رابعاً : القول المكمل للفعل
2 - الرنين
3 - الموسيقية
فلسفة الحركة
فلسفة الحركة الملهاوية وطبيعتها فى المشهد المسرحى
4 - الإشباع
5 - الوقف (تبعاً للشعور)
أولاً : قطع موصول: أ - قطع إنتظار أو طلب.
ب - قطع إستنتاج
ثانياً : قطع معلق : أ - قطع تمهيد التمام المعنى
ب - قطع تراجع
ج - قطع تنوين
د - قطع تعليق تمام المعنى
طبيعة الحركة فى المشهد:
أ - الحركة الباطنية
ب - الحركة الظاهرية الفطرية:
مادة الحدث
شكل أو صورة الحدث
طبيعة التعبير فى الحدث
ج - الحركة المتخيلة لتجسيد المشهد المسرحى
الحركة المتخيلة المجسدة للتفسير فى المشهد المسرحى
دور الفراغ والكتكة فى الإيحاء بإيقاع الحركة فى الملهاة
فلسفة الحركة فى المشهد المسرحى.
الكتلة المعوّقة للحركة
الكتلة والحركة
الحركة فى خدمة القول
القول معوّق للحركة
إيقاع الشغل المسرحى
وظيفة الشغل المسرحى فى صنع التخلص الدرامى
دور الشغل المسرحى فى إستمرار الحدث وإطراده
دور الشغل المسرحى فى صنع عنصري التشةيق والتوتر
دور الشغل المسرحى فى صنع التخلص
دور الشغل المسرحى فى المشهد الملحمى فى تعطيل الحدث وإحلال التعليق محله.
إيقاع التكوين الحركى فى المشهد المسرحى الكوميدى
الطور التخليقى للتكوين فى المشهد المسرحى
الفصل الثانى: الإيقاع والحركة فى المأساة
حركة الكورس
الإيقاع وحركة الكورس فى التراجيديا
إيقاع حركة الكورس فى الحدث
إيقاع حركة الكورس فى موقف نقدى
إيقاع حركة الكورس فى مشهد تشخيصى
إيقاع حركة الكورس فى المونولوج ذى الطبيعة التحاورية
إيقاع الحركة فى المناجاة (المونولوج)
الإضافة إلى الكتلة تعويضاً عن الحركة الجسمية
الجانبية فى المسرح
الجانبية والضرورة المسرحية
حركة الجانبية فى المسرح الملحمى
الجانبية توكيد لحالات التشخيصى
الجانبية عنصر تخطيط للحدث
الجانبية فى الكوميديا وإرتباطها بمواقف عقلانية
حركة الراوى

الباب الرابع : الإيقاع بين التنصوير والتفسير
الفصل الأول: الإيقاع بين التصوير والتفسير فى فن الممثل
مادة التشكيل لدى الممثل:
أولاً:الكلمة فى المسرح بوصفها مادة صالحة للتمثيل
موقف الشاعر من الكلمة
موقف الفيلسوف والعالم من الكلمة
موقف الكاتب المسرحى من الكلمة
موقف الممثل من الكلمة ودوره معها
اللغة فى النص المسرحى رمز دلالة تجسيدية
اللغة المسرحية رمز إشارة
اللغة المسرحية رمز دلالة تشخيصية
الكلمة فى المسرح فى حالة حركة
دوافع الصمت
المادة والشكل فى التعبير المسرحى
ضوابط لغة التجسيد بالحوار
شروط صحة المعنى فى الحوار المسرحى
شروط دلالة اللفظ فى الحوار، على غرض الشخصية ودوافعها
موانع الفهم فى لغة الحوار
ثانياً: الخبرة التعبيرية لدى الممثل ودورها فى تشكيل صوت الشخصية
المسرحية ومشاعرها فى العرض المسرحى.
- مدخل إلى فى الأداء التمثيلى فى المسرح الدرامى
- عنصر الإندماج
- عناصر التشكيل فى فن الممثل.
أولاً : الرغبة
ثانياً : الملاءمة والتهيؤ
ثالثاً : الخبرة
1) الفهم
2) العاطفة
3) الخيال
4) الصوت:
أ) ضرورات الوقف
ب) موافقة روح العصر
ج) شروط الوقف أو القطع
رابعاً: اللغة الصامتة
خامساً : الحركة
بين فن الممثل وفن الإبقاء
فن الإلقاء
ركيزة فن الإلقاء
فن الممثل
الفصل الثانى: الإيقاع بين التصوير والتفسير فى فن المخرج المسرحى
دور المخرج فى تكوين النمط الإيقاعى للاداء الصوتى فى مشهد مسرحى
دور المخرج فى تكوين نمط الإيقاع الحركى لمشهد مسرحى
مثال تطبيقى:
فى إخراج مشهد وفق الإتجاه الدرامى والإتجاه الملحمى
البداية التغريبية للمسرحية
الرائع فى شخصية بطل دائرة التبين المصرية
إسترجاع التاريخ بين المخرج والممثل الملحمى
دور التوقيع أو المباغتة فى تكوين النمط الإيقاعى للحركة.
ثبت المصادر والمراجع والدوريات 189



مقدمة الكتاب
استرعى انتباهي في أثناء إخراجي للعديد من المسرحيات المصرية والعربية والعالمية الدرامى منها والملحمى، دور الإيقاع فى إضفاء الحيوية والتدفق على النص المسرحى، وعلى العرض المسرحى كذلك، وترابط عناصر النص أو العرض المسرحى. وكذلك دوره فى إنجاح أو إفشال العرض المسرحى.
وأسعى فى هذا البحث إلى إثبات دور الإيقاع فى منح المسرحية الحياة، وربطها فى كل متجانس، وذلك من خلال دراسة مفهوم الإيقاع وأهميتة ووظائفة فى المسرحية نصاً وعرضاً.
والإيقاع ظاهرة فنية لا يقوم فن أو أدب دونها، بل لا يقوم فعل فى الوجود دون أن يتخلله إيقاع ما، ملائم لطبيعته الإجتماعية والإقتصادية، ولطبيعة فاعله الإجتماعية والنفسية والجسمية.
ولما كانت قيمة كل شئ فى الوجود، تدرك بقياس جملة إرتباطاته والكشف عن جملة القيود التى قيد بها مع غيره، من الأشياء المتوافقة والمتناقضة معه فى آن واحد معاً، وكان هذا التناقض والتوافق منتظمين فى وحدة. فإن عملية إدراكنا لقيمة الشئ على هذه الحالة تعد دليلاً قاطعاً على دور الإيقاع الرئيسى فى تحقيق الأثر الجمالى والقيمى فى داخل الشئ نفسه بحيث يتمكن من التأثير الإمتاعى والإقناعى بهذه القيم التى يحويها الشئ المقيس فالفكر مقيد بإيقاع هدف المفكر، وكذلك تتقيد أدوات هذا الفكر اللغوية والتعبيرية بإيقاع هذا الفكر عينه. والفكر مقيد إيضاً بإيقاع ذات المفكر وبإيقاع مجتمعه، وبأدوات إيضاحه لهذا الفكر، وبإيقاعات ذوات مستقبليه، وبإيقاعات بيئاتهم المختلفة فإن توافقت كل هذه الإيقاعات، تحقق أثر هذا الفكر.
والإيقاع يشكل عنصر القبول أو الرفض عند الذوق المتلقى لفكرة من الأفكار، متوافقاً مع إيقاع الأسلوب أو الشكل الذى يكون بدوره نظاماً زمنياً متدفقاً، وفق خطة بنائية جمالية محكمة فى الزمان (فنون السمع) أو فى المكان (فنون الرؤية) أو فيهما معاً فى حالة من الحضور إرسالاً وإستقبالاً فى آن وزمان (فن المسرح).
وهذا لا يعنى أن الإرتجال خال من الإيقاع. على أساس أن الإرتجال يعنى حرية التنقل وفق خيال المؤدى وثقافته العريضة، بحيث يغطى موضوعاً أو موقفاً بشكل ما يكون ملائماً ومقبولاً، ولكن دون التزام خطة إيقاعية أو بنائية سابقة على الأداء وهذا يتم من خلال حرية التنقل اللحظى المتخلص عبر الإيقاعات والقيم البنائية الجمالية المعبرة عن فكر أو عن عدة أفكار أو مواقف متقاربة، وفى حالة من الحاضر المتدفق.
والإيقاع تقسيم للفراغ الجمالى فى الزمن. وهو أيضاً تقسيم للفراغ الجمالى فى الكتلة (تقسيم المسافة المكانية لكتلة أو حركة أو أكثر) وهو أيضاً تقسيم للمسافة الزمنية لصوت أو أكثر فى حالة تزامل أو تعارض أو تضاد.
وبمقادير ونسب متجانسة رغم إختلافها، وبشكل منتظم سواء أكان وفق خطة مسبقة أم كان دون سابق تخطيط (مرتجلاً). ومعنى هذا أن الإيقاع: هو نظام تشكيل المسموع فى الزمان بحيث يؤثر إمتاعا وإقناعا وهو نظام تشكيل المرئى فى المكان بحيث يؤثر إمتناعا وإقناعا وهو نظام تشكيل فترات الصمت والظلام بالتوافق مع المسموع ومع المرئى.
والكلام عن المسموع هو كلام عن الصوت المؤثر فى السمع، والكلام عن هذا هو كلام عن مكونات التعبير الصوتى البشرى وهو يتكون من (إيقاع ودرجات نبروشحنة إنفعالية أو ألوان أدائية وزمن وتركيب وتبسيط وهدف، وتنويع وإنصات داخلى وتنافر ودوافع وطابع). ولو حذفنا منها (الإنصات الداخلى والشحنة الإنفعالية) لعبرت هذه الأركان عن الصوت الآلى.
كما أن الكلام عن المرئى كلام عن التعبير المرئى الذى يتكون من :
(إضاءة ذات ألوان وظلال متدرجة، متنوعة، وحركة متناسقة فى كتلة فراغية مكانية كما يتكون من :الزمن والتركيب والتبسيط والإستشعار الداخلى والإيقاع والشحنة الإنفعالية والتنافر والتوافق).
وللتعبير الصوتى والمرئى مراحل من التقابل والتعارض والتبادل والتوافق والتوازن والتنويع والتلوين والتحول والثبات والتقليد المباشر وغير المباشر والتنسيق والتدرج تؤدى جميعاً إلى تحقيق حركة الفكرة أو الموقف المؤثر.
ويبدو غريباً توحد عناصر كل من التعبير الصوتى والتعبير المرئى. ولكن ذلك يصبح عادياً إذا ماعلمنا أن الصوت والضوء عبارة عن ترددات معينة لعدد محدد من الذبذبات فى الثانية الواحدة، تتردد فى الهواء. والفرق بينهما فى وسيلة إدراك هذه الذبذبات إذ أن هذه تسمع وتلك تشاهد. وهذه حقيقة علمية إستخلصها (أفلاطون) قديماً حينما لخص مفهوم الإيقاع بأنه تحقيق الحركة فيما يشاهد وفيما يسمع.
ولربما كان مناسباً هنا أن نستنبط من ضم تعريفى الإيقاع الصوتى والمرئى تعريفاً للإيقاع المسرحى، على أساس أن المسرح هو فن الفرجة والسماع الحاضرين فى آن.
الإيقاع المسرحي
تبعاً لما تقدم فإن الإيقاع المسرحى، هو ما تلمسه العين والأذن فى آن واحد لمساً مباشراً، وتحيله إلى تركيز مباشر على النسب المرئية والصوتية المنسقة والمدركة، والمرسلة بإدراك فى نظام زمنى ومكانى حسب مايمليه الموقف الإنسانى والعاطفة العاملة، المعروضة على المنصة، تدفقاً أو فتوراً بطئاً أو سرعة، قوة أو ضعفاً فى الصوت، أو فى الحركة مع رؤيتها فى إتحاد وتزامل يكفلان التعبير عن الموقف المنشود فى حالة من التنوع، على المستويين البسيط والمركب، منفردين أو مجتمعين، حيث يتفاعل هذا النمط الإيقاعى، المجسد على المنصة تفاعلاً حاضراً مع مثيله (النمط الإيقاعى الكامن) المتمثل فى إستجابة جمهور المتفرجين فى القاعة، فيحصل التوحد بين النمط الإيقاعى المجسد المرسل، وبين النمط الإيقاعى الكامن المستقبل، فيتحقق الهدف بالتأثير وبالتأثر - مشاركة - حيث ينتج الأول الثانى فور وقوعه.
وهذا هو موضوع بحثنا في النص وفي العرض المسرحي المصري، وهو أمر يقتضي أن نركز على الحاسة الجمالية في الصورة الدرامية، وفي الصورة المسرحية ، كما يقتضي منا التركيز على الحاسة الجمالية في الصورة الصوتية التعبيرية في النص والعرض.
على هذا فالإيقاع نوعان : الإيقاع المرئي - الإيقاع السمعي
1- الإيقاع المرئي : وهو ما تلمسه العين من النسب غير المنسقة وغير المنتظمة، والمتعاقبة فى حيز مكانى. أو هو الصورة فى حركة غير منسوقة، وغير منتظمة فى تناسب من الحيز المكانى الذى يحويها على حالتها من الكبر أو الصغر، والإسراع والإبطاء، حسب التدفق الأدائى الذى يشف ويرق أو يكون على عكس ذلك.
وهو يتحول إلى إيقاع فنى عندما ينظمه الفنان، وينسقه فى لوحة أو عرض مسرحى أو (سينمائى) مركب العناصر.
- الإيقاع السمعي : وهو ما تلمسه الأذن من الأصوات غير المنسقة، غير المنتظمة والمتعاقبة فى حيز زمانى يطول أو يقصر، ينخفض أو يعلو، يرق أو يغلظ، حسب العاطفة، ودرجة الإنفعال والتدفق. وهو يتحول إلى إيقاع موسيقى عندما يتحول - الصوت إلى وحدات زمنية متساوية، منتظمة ومنقسمة إلى وحدات قوية ووحدات ضعيفة متموجة، ومتدفقة، وفق ترتيب خاص وضوابط للنبر الضعيف والقوى ولعلامات محددة للزمن وتركيب منسجم.
ولما كان المسرح فن الصوت والحركة والشعور الحاضر فى الأداء وفى الإستقبال فى آن واحد معاً، فقد ضم بين جوانحه الإيقاعين معاً، مضافاً إليهما إيقاع الجمهور المتلقى بالحضور.

مفهوم الإيقاع : Rhythm
تدرك قيمة كل شئ فى الوجود بقياس جملة الروابط التي يتقيد بها مع غيره من الأشياء المتوافقة، والمتعارضة أو المتناقضة معه أيضاً.
فالفكر تدرك قيمته التى نقرأها بما ترمز إليه من دلالات بإرتباطها بالمعنى أو الفكر، وبالموقف الذى دفع كاتبه إلى صياغته وحالته النفسية والمزاجية والإجتماعية، وكذلك بإرتباط الكلمات بعضها ببعض وأن تعطى طابعاً معيناً مؤثراً فى قارئها أو سامعها... أو بمعنى آخر:
يتقيد معناها بدرجة إستيعاب متلقيها. وهذا المعنى يتقيد ويتحرر - فى آن واحد معاً - فهو مقيد بفهم المتلقى. وهو متحرر لعدم ثبات هذا المفهوم عند غيره. " واللغة لا تعيش في فراغ وإنما تتفاعل مع الجوانب السياسية والاجتماعية في المجتمع" وربما مثل هذا القول الشروط الموضوعية للبعد اللغوى الصوتى وما يسمى بالإيقاع Rhythm: هو الذى يؤدى إلى تنظيم كل ذلك، لأن الفكر مقيد بإيقاع هدف المفكر. وتتقيد أدوات هذا الفكر اللغوية والتعبيرية بإيقاع هذا الفكر عينه، إذ أنه "لا غرض لإيقاع الكلام إلا أن يمثل إيقاع الفكر" وعندما نقول إن الفكر مقيد بإيقاع هدف المفكر، وأدوات إيضاحه لهذا الفكر فإننا نقصد الإيقاع المحدد لهذا الفكر.
وكذلك يتقيد كل فعل فى الوجود، سواء أكان فعلاً فى الزمان أم فعلاً فى المكان بإيقاعاته الخاصة، بالتوافق مع إيقاع المحيط - وهو إيقاع عام - وقد يكون بين إيقاعات الفعل وبين الإيقاع العام للمحيط أو للوسط تعارض، ولكنهما يتسقان - مع ذلك - فى وحدة.
إذن فلكل فعل صوتى أو حركى قيد إيقاعى، إذ أن الإيقاع هو تقييد الأداء بزمن محدد تقييداً جمالياً تقبله أذواق فى مجتمع متلق له رؤية أو سماعاً أو لهما معاً فى حالة من توافق إيقاعاته مع إيقاعات الفعل الذاتية، وترفضه أذواق فى مجتمع متلق له رؤية أو سماعاً فى حالة تنافر إيقاعاته مع إيقاعات المجتمع المتلقى - الذاتية.
ومعنى هذا أننى أرى الإيقاع سبباً للقبول أو للرفض عند الذوق المتلقى لفكرة من الأفكار، حينما يعرض إيقاع المتلقى النفسى لإيقاع الفكرة المطروحة.
ولا شك أن للأسلوب أو الشكل وإيقاعاته دوراً فى ذلك. فالإيقاع هو النظام بالنسبة لكل تشكيل جمالى فى الزمان (فنون السمع) أو فى المكان (فنون الرؤية).
وهذا لا يعنى أن الإرتجال فى أداء الفعل، ذلك الذى يعنى حرية التنقل وفق خيال المؤدى دون إلتزام بخطة إيقاعية أو بنائية سابقة، ليس فيه إيقاع بدعوى قيامه على التنقل اللحظى عبر الإيقاعات والقيم البنائية الجمالية المعبرة عن فكرة أو عدة أفكار، بل إن الإرتجال فى أداء الفعل أو تصور الأفعال المتقاربة الأفكار، يشتمل على إيقاعات عدة يجب ألا يكون تنافر بينها. فالإرتجال فى التصور وفى الفعل يعنى عدم الإلتزام بإيقاع محدد سبق تصوره.
فالإيقاع تقسيم للفراغ فى الزمن، وكذلك هو تقسيم للفراغ فى الكتلة. تقسيم للمدة الزمنية لصوت أو أكثر - معاً - فى التوافق والتزامل، وفى التعارض والتضاد. وهو تقسيم للمسافة المكانية لكتلة أو أكثر، معاً فى التوافق والتزامل وفى التعارض والتضاد، بمقادير ونسب مختلفة، وبشكل منتظم. سواء أكان ذلك وفق خطة موضوعية أم كان دون سابق تخطيط.
ولا يعنى قولنا إن الإيقاع هو تشكيل المسموع في الزمان أو تشكيل المرئي في المكان إن الإيقاع مفتقد فيما هو ليس بمسموع، أو ليس بمرئي، ذلك لأن الصمت إيقاع، على اعتبار أنه انقطاع لمدد زمنية ذات قياس نسبى، فالأذن تسمع ولكنها لا تنظم. وحينما ينقطع الصوت فلا يعنى ذلك أن انتظام الانتقال خلال الهواء (الاهتزاز): ( Vibration قد انقطع. فالصوت هو الناتج النهائي الذاتي للاهتزاز، حين يرتطم بآليات الأذن.
وإذا كان هذا يعنى أن الصوت لا يوجد إلا إذا سمعناه، فهذا لا يعنى أن الأهتزاز أو الإنتقال خلال الهواء (الموجات الصوتية : Soundwaves ) قد إنقطعت.
هذا النمط الإيقاعى المجسد على المنصة بحركة، الممثلين وأصواتهم تفاعلاً حاضراً مع مثيله (النمط الإيقاعى الكامن) المتمثل فى إستجابة جمهور المشاهدين فى قاعة العرض، فيحصل التوحد بين النمط الإيقاعى المجسد (المرسل) وبين النمط الإيقاعى الكامن (المستقبل) فيتحقق الهدف بالتأثير وبالمشاركة معاً، أو بالتأثير فى آن واحد معاً، بحيث ينتج الأول الثانى فور وقوعه. على هذا فإن هذا البحث يعمد إلى النصوص المسرحية المصرية فينظر فيها دور الإيقاع وعناصره المختلفة والمتباينة، ما بين الملهاة والمأساة، المسرحية النثرية والمسرحية الشعرية، وما بين القول والحركة فى المونولوج وفى الديالوج وفى الجانبية وفى التكوين وفى الشخصيات. ثم هو يعمد إلى بعض العروض المسرحية فينظر فيها دور الإيقاع المختلف بإختلاف مخرج العرض ومكانه وطبيعة جمهوره المتلقى لــه، والمختلف بإختلاف التناول فى عملية تجسيده للنص المسرحى تفسيراً عنها ترجمة ولقد ساعدنى على تحقيق ذلك تجربتى الطويلة فى مجال الإخراج المسرحى التى إمتدت إلى نحو يزيد على العشرين عاماً أخرجت فيها ما يزيد على ثلاثين مسرحية أهمها:( سيزيف والموت 1964 - الملك معروف 1965 - سعد اليتيم 1976 - دائرة الطباشير القوقازية 1968 - ملحمة شعب 1970 - كيف تصعد دون أن تقع - شرقا إلى سيناء 1975 - الكترا 1976 - كله فى الجنينة 1975 - المرشد 1976 - الملك لير1979 - الإستثناء والقاعدة 1977 - حلم ليلة صيد 1982 - دائرة التبن المصرية 1983 - برلمان النساء 1984 - انتيجون 1988 -مأساة الحلاج – سليمان الحلبي - كأنك ياأبو زيد 1985 - مصرع كليوباترا 1983 - أرض لاتنبت الزهور 1996 - كاليجولا 1997).
أبو الحسن سلام



#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهار اليقظة في الثقافة المصرية بين وهج التخريض ولهيب التعريض
- الإرتباك الإبداعي في فن التأليف وفن الإخراج المسرحي
- المسرحيون العرب وغياب فعل الاستشفاف
- سارة وأخواتها والثالث المرفوع
- التجريب في العلم وفي الفن
- قراءة سياسية وقراءة مضادة حول الواقع المصري
- مستنقع الذئاب الجزائري في عمان
- مستنقع الذئاب - في عمانس
- قيمة الحرف في الإيحاء بسيكلوجية اللفظة
- - أيقونة العشوائي - ومعمار البنية السردية
- الكتابة المسرحية من منظور التناص
- مر بي
- فعل الكتابةالمسرحية في عصر الصورة
- المسرح بين أدب السيرة والتراجم الذاتية
- سفر الخروج من -طما- - ج1
- مؤسساتية الظاهرة المسرحية في مصر
- الإيقاع في فن النص المسرحي
- مرات أبويا
- الأطفال في مسرح يوسف عز الدين عيسي بين التربية الجنسية والتر ...
- مشروع إخراج نص مسرحي لطلاب الدراسات المسرحية العليا


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - الإيقاع في فنون التمثيل والإخراج-ج1-