أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - السموأل راجي - السُّودان وإنسِداد الآفَاق















المزيد.....

السُّودان وإنسِداد الآفَاق


السموأل راجي

الحوار المتمدن-العدد: 3766 - 2012 / 6 / 22 - 08:28
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


تمّ إستِيطان السُّودَان مُنذُ أكثَر من 5 آلاف سنَة كما حدَّثَتنا كُتُب التّارِيخ والحَضَارة ، توفّرت ولا تزَال أراضِيه على كُلّ الـمُغريات الضرُورِيّة للتّوطِين من مياه وأراضِي خِصبَة وثروات باطنِيَّة آخرها النّفط في جنُوبٍ إنفَصَل قسْرِيًّا بدعمٍ من مافيات الوِلايات الـمُتّحِدَة وبذرائِع بعضُها فعلِيًّا مُـتوفِّر من مُـمَـارسات فاشِــسْـتِـيَّـة لِـنظام الـمُؤتـمر "الـوَطنِيّ" أو كـمـا عُرِف بدايةً "الجبهة الإسلامِيَّة" من تعسُّف وجور ونهب أموال عامّة وتضيِيق الخِناق على حُريّاتٍ هي أصلاً مُـضَـيَّـقٌ عليها مع خِياراتٍ إقتصاديّة رأسمالِيّة مُتوحِّشَة نهبوِيَّة مُــلْــتَـحِــيَـة ، شهِد البلَد مُنذُ 1956 (ما سُـمِّـيَ بالإستِقلال آنذاك) حولي 13 مُـحاولَة إنقِلابِيَّة أبرزها على الإطلاق تِلك التي تَــمَّــت على يدِ جعفَر الـنُّـمِـيرِيّ في مايُو/آيار 1969 لقِيَت كافّة أشكَال الإسناد وخاصَّة من الحِزب "الشُّيُوعيّ" السُّودانيّ وعدِيد الأوساط اليَسَارِيّة وسُرعان ما حاوَل الرّائِد هِشام عَطَا الإطاحة بالعمِيد النُّـمِـيـرِـِي إثر خِلافات عصفت بمُسانِدِي العَسْكَر وسُوء تقدِير حادّ وقاتِل لِــموازِين القُوى لِتفشل الـمُحاولَة الـمنسُوبَة للشُّيُوعِيِّين وتتسبَّب في مُلاحَقَات وإعتِقالات ومجالس عُرفِيَّة أعدمَت العديد ومن بينهم عبد الخالِق محجُوب الأمين العامّ من أعلَن في 1969 عن مُـساندته الكامِلة للـنُّـمِـيـرِيّ الذِي أطَاحَت بِـــهِ هَـبَّة شعبِيَّة في السّادِس من نِيسان 1985 عُرِفَت بِـإنتِفاضَة أبرِيل ومُظاهرات "السُكَّر الــمُـرّ" .

فترة نِظام مايُو هي إحدَى الحقب النّادِرة التي تَمَكَّن فيها الجنُوبِيُّون من الـتَّـمَـثُّـل في الحُكُومة وبالتّالِي تخفِيت حِدّة التوتُّر وإنقطع الوِئام بالمحاولة الإنقِلابِيّة الـمذكُورة حيثُ حُــكِــمَ على جُون قرنق بالإعدام بسبب إنتِمـائِهِ للحزب "الشُّيُوعِيّ" الـمُوالِي لِــخَطّ مُوسكُو التّحرِيفِيّ ولـم تعلُو لُغَة السِّلاح بالرّغـم من ذلِك وتعدّدت الـمُبادَرَات والإتّفاقِيّات التي وجَدَت في الشّمال والجنُوب مُعارِضِين على الدّوام ولم تُعلَن الحرب الأهلِيَّة من جديد إلاّ سنة 1983 بعد إلتِحاق جُون قرنق نفسُه مبعُوث الحُكُومة الجنُوبِيّة ذات صلاحِيّات الـحُكـم الذّاتِي لتهدِئة إحدى الفِرَق الـمُسلَّحَة بالـتَـمَـرُّد حيثُ بدأ تنظِيم الحركة الشّعبِيَّة لِــتَحرِير السُّودَان وجناحها العسكرِيّ الجيش الشّعبِيّ وعَـمّ الإضطِراب الأمنِيّ بعد الزِّيادات في الأسعار وبلغت الأزمَة مداها إبَّان زِيارة الـنُّـمِـيرِيّ لِــقادتِهِ في الوِلايات الـمُتّحِدَة (بعد تَـمْـتِـيـعِـه بلقب أمير الـمُؤمنِين) لِــيتلُو الـفَرِيق أوّل عبد الرّحمان سِوار الذّهب القائِد العامّ للقُوّات بيان إقالة جعفر ويتَـعَـهَّـد بِتسلِيم السُّلطة للـمدنِـيِّين في آجالٍ مضبُوطة تَــمَّ إحترامُـها بإقتِدارٍ وجدارَة ونُقِل الـحُكـم إلى الصّادق الـمهدِيّ وأحمد الـمِـيرغـنِيّ ويتقدّم حَسَن الـتُّـرابِيّ مشهد الـمُعارَضَة ويُبرِم إتّفاقًا سِياسِيًّا مع حِزب الأُمَّـة بِقِيادة الـمَـهْـدِيّ الذِي فَقَد جُزءًا من سنده السِّياسِيّ بعد توقِيعه إتّفاقِيّات سَلاَم مع الـحَرَكَـة الشّعبِيَّة الإنفِصالِيّة ، كان الإتِّفاقُ في تقدِيرِي الـمُتواضَع في إتِّجاه التعرُّف عن قُرب على حجم حزب الأمَّة وسحب إطارات واسِعَة منه وإفراغِه من قاعِدته الشّعبِيّة تَــسْــهِيلاً لِـمـهمّة الإنقِلابِيِّين في "ثورة الإنقاذ الوطنِيّ" في 30 يُونيُو/حزيرَان 1989 ، وقامَ بِدايةً الفرِيق عُمَر حَسَن البَشِير بسجن الجمِيع ثُمّ إطلاق التُّرابِيّ وتولِـيَـتِه مناصب وإعلان تطبِيق الشّرِيعَة وإسلامِيَّة الدَّوْلَـة وإحْـتَـدَمَ القِتال في الجنُوب وحُوصِرَت حُكُومَة الإنقاذ بِـسبب الـموقِف الرَّافِض للغزو الأطلسِيّ بتحالُفاتِهِ للخلِيج بعد إحتِلال صدّام حسِين للــكُوَيْت وكذلِـكَ بإرتِبَاط مع نَـجَـاح حملات التّندِيد والتّشهِير الجنُوبِيَّة (جون قرنق ضابِط تربَّى في ثكنات الولايات الـمُتَّحِدَة) وإحتِضان الـمُؤتمر الوطنِيّ لبعض قادة "الـمُجاهدِين" العرب في أفغانِستان الـمَـدْعُومِين أمريكِيًّا ثُـمّ غُضِبَ عليهم من أشباه أُسَامَة بن لادِن ، وتواصَل في الأثنَاء إسْهال التأزُّم الإقتِصادِيّ ونزَل سِعر الجُنَيْه السُّودانِي مُقابِل الدُّولار الأمرِيكِيّ (1 دولار أمريكي = 2.6800 جنيه سوداني حالِيًّا) رغم إيجاد النّفط وإستغلال العلاقات الـمُـتَـمَـيِّـزَة نِسْبِيًّا مع الصِّين لإستخراجِه وتوفِير عوائِد قُدِّرَت سنة 2010 بِـــ10،29 مليار دُولاَر ذهبَت في تموِيل الحُرُوب الـمُـنْدَلِعَة في كُلِّ حدبٍ وصوبٍ خاصّةً بعد إنتهاء زواج الـمُتعَة بين التُّرابِيّ والبشِير وتبادُل إتّهامات بَـيَّـنَـت أكثَر فأكثَر حَـجـم الفَسَاد الـمَالِيّ والسِّياسِيّ وأدخَلَت أجهِزَة إستخباراتِيَّة تَـخْرِيبِيَّة من الباب العرِيض في دوّامَة النِّزاعات والنَّعَرَات وأهَـمَّـها المُوسَاد الصّهيُونِيّ (وصرّح وزِير الأمن الصّهيُونِيّ نفسُه بتدخُّل كيانه في دارفُور) وتوابعها القطريّة والخلِيجِيّة عامّةً وتَـتَـأزَّم الأوضاع خاصّةً بعد توقِيع إتّفاقِيّة ماشاكُوس وتحدِيد جدول زمنِيّ للإنفِصال وإعلان "دولة جنُوب السُّودان" في يُوليُو/تَـمُّـوز 2011 .

لم يعرِف الشّعب السُّودانِيّ عهدًا من الرّخاء وتحمّل تكالِيف كافّة الإنقلابات والأزمات والسِّياسات وأخذَ في الزَّحف على البُطُون مُنذُ توخِّي حُكُومة البشِير في لبرلة إقتصادٍ مُـهْـتَـرِئ وتجلَّت ملامح مجاعَة فِعْلِيَّة دَفَعَت بالفَرِيق عُمَر حَسَن إلى الإقرار بالتّداعِيات الكارثِيَّة لسياساتِه رابِطًا إيَّاهَا بالإنفِصَال قائلاً انه يرغب في التغلب عليها بخفض الإنفاق والواردات وتوسيع القاعدة الضريبية وتقليل الإعتماد على "العمالة" الأجنبية الضّعِيفة أصلاً في حِين لم يتطرَّق إلى جوهر الإشكَال وهُو السّعي لتكثِيف الصّادِرات وإهْـمَـال الإحتياجات الشّعبِيَّة حيث بلغ إنتاج السودان من القمح عام 2008 فقط سبعمائة ألف طن، تعادل 36% من استهلاك السودان من القمح، الذي يقدر بـ 2.2 مليون طن في سنة 2009، وإزداد الإنفَاق الحُكُوميّ بشكلٍ غير مسبُوق وضاعَفَت الحُكُومة الفاقِدة للسّند الشّعبِيّ رواتِب ضُبّاط الجَيْش 3 مرّات في حِين ظلّت البِلاد بِنِسبَة تغطِية شبكات صرف صحِّي ضعيفة بائِسَة لا تَـتَـعَدّى 55% في أحسن الحالاَت ، وبلغ الـسَّـيْل الزّبـَى في 18 يُونيو/حزيران بعد إعلان البشِير عن حُزمة إجراءات تقشُّفِيَّة تفاصِيلها تُرجِمَت عمليًّا بالزِّيَادَة الـمَـهُـولَـة في أسعار المحرُوقات لِــيبلُغَ جالون البنزين 5 جنيهات والجازُولين 2,5 جنيه ، مع رفع الدُّولار الجمركيّ إلى 4,40 جنيه بجانِب تحرير سِلعة السُكّر ورفع القيمة الـمُضافة من 15% الى 17% ، ويصِل السُّودَان نِهائِيًّا إلى أُفقٍ مسدُودٍ وترتفِع رايات الشّباب السُّودانِيّ ضِدّ نتائِج مُعدّلات تضخُّـم جاوَزَت 25% وخرجَت طلائِع التّغيِـير الدِّيمُقراطِيّ الشّعبِيّ مُطالِبَةً بسُقُوط النِّظام السّياسِيّ والإقتصادِيّ والإجتماعِيّ الليبرالِيّ الـمُـلْـتَـحِي وبدأت الكتابات تتحدَّث عن إنخِراط الشّعب السُّوادنِيّ في الرّبِيع العربِيّ .



#السموأل_راجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فِيمَا بين اليمِين واليمين ضاعت مِصر
- عِراقُ الدِّيمُقراطِيَّة الشّعْبِيّة
- الحزب اللاّشيُوعِيّ العِرَاقِيّ
- إلى شباب مِصر ، علّمَكُم الشّيْخ إمام
- اللّيبرالِيّة قاعِدة الدِّيكتاتُورِيّة المُطلَقَة
- إلى شَعْبِ مِصْر
- إلى الفلاّحِين الفُقراء من جديد
- إطلاَلَة علَى اليُونان
- مُقاطَعَة الإنتخابات الرِّئاسِيّة المِصرِيّة ضرُورة لا خِيَا ...
- في المسأَلَة التَّنظِيمِيّة من زاوِيَة بلشَفِيّة
- ذكرى النّكبَة تطُلّ
- فَوْضَى الحواسّ في الجَزَائِر
- بعد الإطاحَة بساركُوزي
- الفاتِح من آيار/مايُو،لترتفِع راية الأُمَمِيّة
- أطلِقُوا سراح الرّفِيق سلاَمَة كيلة يا بهَايِم
- على إثْر الجَوْلة الأُولَى من إنتِخابات الرِّئاسَة الفَرَنْس ...
- في فرنسا،الجَبهة اليَسَارِيّة تَنْطَلِق
- إلى ورَثَة نِضالات إبراهيم محمّد نَقد
- تطوُّر الصِّين نحو الرّأسمالِيّة مُنذُ 1949 - الجُزء الثّانِ ...
- تطوُّر الصِّين نحو الرّأسمالِيّة مُنذُ 1949 - الجُزء الأوّل


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - السموأل راجي - السُّودان وإنسِداد الآفَاق