أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - السموأل راجي - تطوُّر الصِّين نحو الرّأسمالِيّة مُنذُ 1949 - الجُزء الأوّل















المزيد.....

تطوُّر الصِّين نحو الرّأسمالِيّة مُنذُ 1949 - الجُزء الأوّل


السموأل راجي

الحوار المتمدن-العدد: 3647 - 2012 / 2 / 23 - 22:07
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الجُزء الأوّل: من قِيام الجُمهُورِيّة "الشّعبِيّة" إلى سنة 1987

تنجرِفُ الصِّين إرادِيًّا مُنذُ سنواتٍ في خطٍّ غاية في الرِّجعيّة نَحو الرّأسمالِيّة الإمبريالِيّة بِما إنعكَسَ على مواقفها السّياسِيّة وتوقُّف دعمها اللاّمشرُوط لِأرِبَّائِها وتتأهَّلُ تصاعُدِيًّا لتكُون أحد أقطاب المُقارنَة داخِل الحلقة الضيِّقَة لأثرى أثرياء العالم الرّأسمالِيِّين لِــدرجة تسْمِيتها ب:"العِملاق الآسيوِيّ".
باتَ من الضّرُورِيّ اليوم نِقاش الوضع الصِّينِيّ وإحالة الطُّرُوحات الفوضوِيّة الماوِيّة لِمِحَكِّ الواقع ومُقارَعتها بالأدِلّة الملمُوسَة إستِنادًا للمُرشِد النّظرِيّ المُتمثِّل في النّظرِيّة العِلمِيّة الثّورِيّة للطّبقة العامِلة كما رسَمَ ملامِحها ماركس،أنغلس،لينين وستالِين.
تشادَقَ مُنذ زمنٍ مُحرِّفِي الشّيُوعِيّة الصّينِيِّين بموضُوعة "الطّرِيق الخاصّ للإشْتِراكِيّة" وِفْق نِظام برهنةٍ أهمّ ما فِيهِ:
"إن المواجهة بين الاشتراكية والرأسمالية اليوم تنطوي على خطر لم يكُن لهُ وُجودٌ في النصف الأول من القرن العشرين: الرأسماليين لديهم القدرة المادية لتدمير الدول الاشتراكية بِحُكم إمتِلاكِها لسِلاح الرّدع النووِيّ أمام أنظَار الجَماهير المُضطهدة ولايُمكن للعالم أن يُوقِف هجمتها ولا أن يرُدّ الفِعْل [...] وبالطبع، فإن البديل لا يكمُنُ في التخلِّي وإلقاء الرّايَات ، وإنَّما في فتح طريق المُستقبل الإشتراكِيّ بذكاءٍ مُنقطع النّظِير عبر حُسن إدارة الصِّراعات الدُّوَلِيّة والتدخُّل الإيجابِيّ [...] وحدَها الأقطار الإشتِراكِيّة قادِرة على إعطاء مُعظم الدّعم للثّورة البرُولِيتارِيّة العالمِيّة والعكسُ بالعكس [...] ولا يكُون ذلِك عبر إدانة السُّلُوك العسكرِيّ الإمبريالِيّ وإنَّمَا بإثبات وإبْرَاز مزايَا الإشْتِراكِيّة ومُقارنتَهَا بالفضاعات الرّأسمالِيّة .

وإذا نحَّيْنَا جانِبًا تفصِيل وضعِيّة الصين كَواحِدة من القُوى النوويّة الرئيسيّة فِي العالم، فالأعمَى نفسه سيَرَى وجه التّشابُه بين هذا الطّرح التّافِه والرَّعْوَنَة الخروتشُوفِيّة المُسَمَّاة بِ"التّعايُش السِّلمِيّ"
"إنّ إقامة علاقات وِديّة دائِمة بين القُوَّتيْن العالَمِيَّتيْن الأعْظَم :الإتِّحاد السُّوفياتيّ والوِلايات المُتّحدة الأمريكيّة ،من شأنِهِ أن يُضِيف إمكانِيّاتٍ لامحدُودة لتعزِيز السَّلَام في العَالم ؛ وإذا مَا إنْبَنَت هذِهِ العلاقات على أساس المبادئ الخمسة للتّعايُش السِّلمِىّ: الإحترام المُتبادل لسلامة أراضيهما وسيادتهما، عدم الإعتِداء، عدم التّدخُّل في الشُّؤُون الداخليّة والمُساوَاة في تبادُل المنافِع ، التّعايُش السِّلمِيّ والتَّعَاوُن الإقتِصاديّ، فإنّ ذَلِك سيَكُون مُساهمة لا تُقدّر بِثمنٍ للبشريّة جَمْعاء. "
وكذلِك مُقارنةً بالطّرح البُوليسِيّ لِــنيكيتين في مُؤلَّفَه:أُسُس الإقتصاد السِّياسِيّ الموضُوع بعد المُؤتمر العِشرين للحزب أي في أوج التّحرِيفِيّة الأورثوذوكسِيّة:
"وفي العصر الحديث، وبإعتِبار وُجُود أسلحة الدّمار الشّامِل، بِما في ذلك القنَابل الذريّة والهيدروجينيّة، ينبغي إستبعاد الحَرب من حَيَاة الناس. ليس هناك سوى مسار واحد، وهُو التّعايش السّلمي والتّنافس الهادِئ بين الإشتراكيّة والرأسماليّة (...) وأُطرُوحة التّعايش السّلمي تعني التخلِّي عن التّدخُّل في الشُّؤُون الداخليّة للدُّوَل الأُخرى لتغيير النِّظام مَثَلاً أو نمط العَيْش ، أو لأي سبب آخر " .
مثل كاوتسكي، خروتشوف، وسانتياغو كاريو، الذي اعتمد أيضا هذه المواقف، يُصِرُّ المراجعون الحديثُون (وإن كان ذلِك ضِمنِيًّا) عَلَى أنّ درَجة تطوُّر الإمبرياليّة سمَحَت للتقدُّميّة والسّلام والدّيمقراطيّة وتكفِي "المُقارنة" البسيطة بين النِّظاميْن في النّهاية إلى مِيلاد الإشتراكيّة.
مُنذُ أن وُضِعَت مثل هذِه الدَّعَاوَى ،إندلعت مئات الصِّراعات أنْتَجَت مئات الآلاف مِن الضَّحَايا، عشرات الإنقِلابات والتدخُّلات العسكرِيّة أثْـبَـتَـت في وُضُوح الشّمس تفاهة الطّرح الذي لم يكُن إلاّ تزوِيرًا للواقع المُتردِّي وتحْريفًا للرّأسمالِيّة المُعَسْكَرَة العُدوانِيّة في طَوْرِها الإمبريالِيّ .وترافَقَ هِجْران التّحْرِيفِيِّين والمُراجعِين للصِّراع الطبقِيّ على السّاحة الدُّولِيّة بتنازُلٍ سِياسِيٍّ صريحٍ عن أيِّ نشاطٍ لِينِينِيٍّ في أقطارِهِم ، لِــيكتفُوا بِأغانِي التّعايُش السِّلمِيّ بين مُختلف الأنظِمة والسّلام الإجتماعِيّ والمُصالحة الطبقِيّة ، وبإرتِباط مع إستِقالة الأحزاب القدِيمة مِن مهامِّها في قِيادة الثّورة، كان لا مَفَرَّ من إتِّبَاعِ نهج التّفاوُض بدلاً عن الصِّراع .
يُسانِدُ هذِه النظرِيّة أعدادًا من المُؤَدْلَجِين ،وهُو نفس الموقِع الذي يحتلُّهُ "شيُوعِيُّونَا" في زواياهِم النّقدِيّة أو الإنتِقادِيّة محدُودة التّأثِير للتّحرِيفِيّة الإشتراكِيّة-الدِّيمُقراطِيّة لِتتقلَّصَ هذِه المواقِع أمام رُكن "اللّيبرالِيّة الإجتماعِيّة" وتغِيب كُليًّا عند محطَّة الإعلان عن قناعاتِهِم الإشتِراكِيّة رغمَ تجنُّبِهِم لِـــبَــلَــل أمطار النِّضال في سبيل تكريسِها في الواقِع. أمّا على الصّعِيد الأُمَمِيّ ،يرتضُون دور أتباعٍ لأحد الزُّعماء في أعقابِهِ أو مُتابِعِين لإحدى المُنظّمات مُتفاوِتة الشّعبِيّة : الزّاباتِيّة،ثُمّ البرازيلي لُولاَ ومن بعدِهِ ديتريتش وكتابه "إشتراكية الفنّ XXI "... لِـيَتِمّ رفع شخصيّات عدِيدة إلى أوليمبوس الرّجعية المُتهاوِي والمرفُوع بتحرِيفِيِّين لا ينقطعُون .
لا ينحَطّ الشّيُوعِيُّون الحقيقِيُّون إلى مُستوى التخلِّي عن المبادِئ أو الخَلْط بين مسألة التّضامُن مع الشُّعُوب والتذيُّل للعُدوان الإمبريالِيّ كما حَصَل مع نِضال الشّعب اللِّيبِيّ وصِراعُه ضِدّ نظام القذّافِيّ الرِّجعِيّ الحليف القوِيّ لساركُوزي وبرلسكُونِيّ الذين قامَا فِيما بعد بضرب الشّعب الليبيّ فِي إعادة ترتيب الأوضاع وإعادة إقتِسام ثروات الشّعب اللِّيبِيّ النَّفطِيّة .

عودةً لموضُوع الصِّين الموضُوعة توجُّهاتها في سياق الإنحراف مُنذُ ماو،تشهدُ البِلاد عملية تحديث واسعة النطاق.تكلفتها الإجتماعِيّة باهِضة أسفرت عن توزِيعٍ غير عادل للثّروة مَيَّزَ نمُوذجها التّنموِيّ ورافق النُّمُوّ الهائِل لإقتِصادِها .
الإشكالِيّة المركزِيّة تتمثّل في:هل أنّ مقولة "إشتراكِيّة السُّوق" أو "السُّوق الإجتماعِيّة" هِي ذاتها ما تشادق بهِ ماو حول "الإشتراكِيّة الصِّينِيّة" ، وهل أنّ الإنجازات الإقتِصادِيّة (ثاني قُوّة عالمِيّة) موضوعة في خِدمة الإشتراكِيّة أم هِي تخدِم إعادة ترتِيب المُؤسّسات شبه الإشتراكِيّة وتحوِيل نُفُوذ الرّقابَة الحُكُومِيّة إلى أيادِي طُغمة غاية في العُدوانِيّة ؟
تحوَّلَت جُمهُورِيّة الصِّين الشّعبِيّة مُباشَرةً بعد إنهاء ثورتِها الشّعبِيّة إلى قُطْرٍ رأسمالِيٍّ لا تتوفَّر فِيها أدنَى عناصِر الإشتِراكِيّة ، إلاّ أنّ عددًا من الاحزاب المُنحرِفة المُوالِيَة لبيكين ومازالت على تعنُّتِها من طُرُوحات ماو المُعادِية للشّيُوعِيّة تُقِرّ من حينٍ لآخر بنفس مقُولات ما قبل السّبعِينات حول الدَّوْر الأمَمِيّ الإشتراكِيّ للصِّين بِسِيَاسَةٍ خارِجِيّة نَشِطَة قائِمة على التّضامُن بين الشُّعُوب بِــماَ يُحِيل وُجُوبًا إلى طرح تساؤُلات هامّة: أيّ نوعٍ من الإشتراكِيّة تِـلكَ التي بناها النِّظام الصِّينِيّ ؟وما هي نوعِيّة السُّلُوك الأُمَمِيّ البرُوليتارِيّ لها؟؟

Iــ حول مقُولة "الإشتِراكِيّة الصِّينِيّة"

"إنّ أيّ شكلٍ بسيطٍ مُنفرد و طارئٍ للقيمة ، وبِتصرُّف فردي من تبادل سلعة واحدة مع دولة أخرى، تُولِّدُ كُلّ التّناقُضات الرّأسمالِيّة وإن بِشكلٍ مُتخلِّف " (ماركس) .

في فترة الانتقال من الاشتراكية إلى الشيوعية، تظلُّ بقايا الإقتِصاد الرّأسمالِيّ قائِمَة لتُشكِّل خطرًا بإمكانِهِ إعادة بَـعْثِ الرّأسمالِيّة مثل التّداوُل التِّجارِيّ عبر الأموال والأُصُول ومِن هُنا جاء ستالِين بحَسْمِهِ لهذه الظّاهِرَة حيثُ يقُول " إن إحدى خصائص الاقتصاد السياسي هي أن قوانينه، خلافاً لقوانين الطبيعة، ليست قوانين طويلة الأمد، وأن مفعولها، أو مفعول معظمها على الأقل، يسري خلال مرحلة ما من مراحل التاريخ، وبعد ذلك تخلي هذه القوانين المكان لقوانين جديدة. ولكنها لا تهدم هدماً، بل تفقد قوتها نتيجة لظروف اقتصادية جديدة، وتغادر المسرح لكي تخلي المكان لقوانين جديدة لا تخلقها إرادة الناس، بل تنبثق على أسا ظروف اقتصادية جديدة " ومن ثَمَّةَ على الدّولة الإشتراكِيّة الجمع بين العوامل المختلفة المشاركة في الحياة الاقتصادية للأمة، وذلك باستخدام قوتها القسرية للسيطرة على القوى التي تهدد عملية التنمية " كيف يجب فهم كلمتي «التوافق التام»؟ يجب فهمهما بمعنى أن الأمور، في النظام الاشتراكي، بصورة عامة، لا تقضي إلى نزاع بين علاقات الإنتاج و القوى المنتجة، وأن لدى المجتمع إمكان تأمين التوافق، في الوقت المناسب، بين علاقات الإنتاج المتأخرة وبين صفة القوى المنتجة. ولدى المجتمع الاشتراكي إمكان القيام بذلك، إذ ليس في داخله طبقات صائرة إلى الزوال يمكن أن تنظم المقاومة. ولا ريب أنه، ستوجد في النظام الاشتراكي أيضاً قوى جمود متأخرة، لا تفهم ضرورة تعديل علاقات الإنتاج، ولكن سيكون من السهل طبعاً التغلب عليها، دون دفع الأمور إلى درجة النزاع."(ستالين، القضايا الاقتصادية للاشتراكية في الاتحاد السوفييتي) ومن هنا تأتي ضرورة أن تكُون السُّلطة بروليتاريّة، لتجنُّب تعزيز الإنحطاط البرجوازيّ- البيروقراطيّ.

فمن الواضح أن واقع حالة كل بلد يفرِضُ تدابِير خُصُوصِيّة مُرتبِطة بهذا الواقِع تتخِّذُها الدّولة الإشتراكِيّة في صيغةٍ أو أُخرى حتّى وإن كانت كُلّ هذه التّدابِير تشترك في أُفُقِها الإشتراكِيّ القاضِي بمشركة الإنتاج وتعزِيز التّخطِيط المركزِيّ والسّيطرة السِّياسِيّة للبرُوليتارِيا وفي هذا الصّدد أكَّد ستالِين أنّ العديدين "يقولون أن قانون الاشتراكية الاقتصادي الأساسي هو قانون تطور الاقتصاد الوطني متناسقاً متناسباً. هذا خطأ إن تطور الاقتصاد الوطني المتناسق، وبالتالي برمجة الاقتصاد الوطني التي هي الانعكاس الصادق تقريباً لهذا القانون، لا يمكنهما أن يعطيا شيئاً بذاتهما، إذا كانت الأهداف التي من أجلها يجري التطوير المبرمج للاقتصاد الوطني، مجهولة، أو إذا كانت المهمة غير واضحة.
إن قانون تطوُّر الإقتصاد الوطنيّ المُتناسق لا يمكن أن يعطي النتيجة المبتغاة إلا في حالِ وُجود مَهَمَّة وخُطَّة يجري بإسمها هذا التطور. وهذه المهمة لا يمكن أن يعيّنها قانون تطور الاقتصاد الوطني المتناسق، ومن باب أولى، لا يمكن أن تعيّنها برمجة الاقتصاد الوطني. إن هذه الخُطّة يتضمنها قانون الإشتراكيّة للإقتِصاد السِّياسِيّ فِي شَكل المقتضيات المعروفة آنفاً. ولذلك، لا يستطيع قانون تطور الإقتصاد الوطنيّ المتناسق أن يمارس مفعوله التام إلا إذا استند هذا المفعول إلى قانون الإشتراكيّة الإقتصاديّ الأساسيّ.
أما فيما يتعلق ببرمجة الاقتصاد الوطني فإنها لا يمكن أن تؤدي على نتائج إيجابية إلا بمراعاة شرطيين اثنين:
أ ـ أن تعكس البرمجة بصورة صحيحة مقتضيات قانون تطور الاقتصاد الوطني المتناسق.
ب ـ أن تأخذ بعين الاعتبار، من جميع النواحي، مقتضيات قانون الاشتراكية الاقتصادي الأساسي." (ستالين، المرجع نفسه) .

في الواقع، في المجال الاقتصادي، إتّجَهَت الإصلاحات المتتالية التي وضعها قادة الرجعية بعد الاستيلاء على السلطة والدولة في الأقطَار الإشتراكية الأُوروبِيّة بالخُصُوص نحْو اللاّمركزِيّة تدريجِيًّا لتَقْطَعَ بِذَلك مع أشكال وآليَّات التّخطيط المركزيّ فِي إدارة الشّرِكات والمُؤسَّسات الإقتصاديّة. وبدأ المُؤتمر العشرين المُنْعَقِد بَيْن 14 و25 فبرايِر/شباط 1956 للحزب الشيوعي السُّوفِياتِيّ، إتِّباع المبدأ الشاذّ في الوُصُول للإشتراكِيّة عبر تغلِيف الإجراءات بمقُولة "الطّريق الوطنِيّ" ليُدَشَّن بِذَلِك مَسَار تدهوُر التّخطِيط الإشتراكِيّ بِسُرعاتٍ مُتفاوِتَة عبر الشُّرُوع في تقوِيض صُكُوك الرّقابة المركَزِيّة وتخفِيف وطأة التّخطِيط وتسرِيب قواعِد إقتِصاد السُّوق بِــبيرُوقراطِيّة كبِيرة ،وبِحُجّة "اللاّمَركزِيّة الإقتِصادِيّة" ،أعِيدت خصخصة قِطاعات عديدة وتعزَّزَت قُدرة الشّركات الحُكُومِيّة مع محدُودِيّة الرّقابة عليْهَا. من هُنا جاء تعرِيف المُؤرِّخَيْن البُورجوازِيَّيْن فولفغانغ بنز وغرام هيرمان، في كتاب أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، لِلسّياسة الإقتصاديّة المُعتَمَدة مِن قِبَلِ المُؤتمر السّادس للحِوار الإقتصاديّ الإستراتيجيّ الألمانِيّ في عام 1963 بأنَّهَا توجُّهٌ نحوَ: "كَسَرَ النّظام الجديد للتّخطِيط الإقتصادي و التصرُّف حُزمَة مُحرَّمَات للسّياسات الإقتِصادِيّة السّتَالِينِيّة ومعهُ بعض الإشتراكِيِّين عبر الإستِعانَةِ بإقراضٍ مُبتذلٍ للنِّظام "الرّأسمالِيّ" .
في الصين، ومُنذُ دُستور الجُمهوريَّة لِسَنَة 1949، أتَّخَذَت قِيادة الحِزب "الشُّيُوعيّ" الصِّينِيّ عدة تغييرات فُجْئِيَّة في توجُّهَات سِياسَتها: أوّلًا، إن الخطة الخُمَاسِيّة فِيمَا بيْن (1953-1957) أَقَرَّت مِنوال التّجربَة السُّوفياتِيّة المُوجّهة بوُضُوحٍ نحو التّصنِيع السَّرِيع ومَـشْـرَكَة الزِّرَاعة، ثُمّ في عام 1958، تحدَّدَت خُطّة "القفزة الكُبرى إلى الأمَام" التي إتَّضَحَت أنّها إنحِدارٌ نحو الهاوِيَة وإزدواجِيّةٌ بين مُحاولات تخطيط إقتِصادِيّ ورَسْمَلَة الدَّوْلَة ، ثُمّ مزيد من التّعزِيز للتّخطيط ،و فِي وقتٍ لاحقٍ، مرحَلَة فاشِلة أُطْلِق عليهَا جِزافًا :"الثّورة الثَّـقافِيّة". وإتّسمت مُعظم هذه التّغيِـيرَات ، وفِي جمِيع الحَالات ، بانخِفاض مَرْكَزَة القرارَات الإقتصاديّة.
بعدَ وفاة ماو فِي 1976، وبعد فَترة من التخبُّط والنِّزاع على السُّلطَة إستمَرّ لحُدُود 1978، تولَّى دنغ سياو بينغ الذي أُعِيد للحِزب في 22 يوليو/تمُّوز 1977،لِيفرِض تحوُّلًا جدِيدًا في سياسات الحِزب. وافقت الجلسَة العَامّة الثّانية للّجنة المركزيّة على التخلِّي عن أصُول ما سُمِّيَ ب"التّحدِيثات الأربعة ؛بدأ التحوُّل في قِطاع الزِّراعة مع إدخَال عقُود التَّأجِير والتّشغِيل وتفكِيك شبكات المُجَمَّعَات الشَّعْبِيّة ومن ثمَّةَ تسرِيع اللاّمَركزِيّة الإقتِصادِيّة وفتح مجالات الخَصْخَصَة و"الإنفِتَاح" للإستثمارات الرّأسمالِيّة الخارِجِيَّة .

فِيما يَلِي بعض معالِم نمُوّ الإقتِصاد الخاصّ في الصِّين مُقتَبَسَة من الوِكالة الصِّينِيّة للإستثمارات :
"في فبراير/شباط 1979، اقترحت وزارة الدّولة للصّناعة والتِّجارة تأهِيل المدنِيِّين من المُسجَّلِين فردِيًّا في خدْمَة الإصلاح عبر تكوِينِهِم في مجالات الخِدمات والحِرَفِ دُون توفِير مواطِن شُغلٍ لهُم ".
في أكتوبر/تشرين الأوَّل 1981، قرر مجلس الدولة: "في إطار إعلاء الإقتِصاد العُمُومِيّ الإشتِراكِيّ ، الشُّرُوع فِي تنفيذ التّعايُش بين أنماطٍ عِدَّةٍ من طُرُق الإدارة الإقتصاديّة ، وعلى المدى الطويل ، وهُو قرارٌ إستراتِيجِيّ بالنِّسبَة للحِزب إذ لا مُؤقَّتَ لديْهِ. فِي ما يخُصّ الصِّناعِيِّين،يُسمَحُ لكُلّ رجُل اعمالٍ بتوظيف عددٍ لا يتجاوزُ الإثنيْن من المُساعِدِين مُزَوَّدِين بتقنِيَّاتٍ ولا يتجاوز أعداد العُمّال أو المُتدَرِّبِين الخمسَة " .
أقرّ المُؤتمر الثّالِث عشر للحزب المُنعقؤد بين 25 أكتوبر/تشرين الأوّل والفاتِح من نوفمبِر/تشرين الثّانِي 1987، بِـ"أنّ تطوِير وتنمِية بعض جوانِب الإقتِصاد الخاصّ يُعزِّزُ تنشِيط الإنتَاج ويخلُق دينامِيكِيّة في السُّوق ومراكِز عمل جدِيدَة بِــما يستجِيب لحاجِيات عديدة للنّاسِ وهُو ما جعَلهُ يُشكِّلُ ردِيفًا ضرُورِيًّا مُفيدًا للإقتِصاد العُمُومِيّ. "

(يتبع)



#السموأل_راجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في عيد الحُبّ
- حول الشّيُوعِيّة والدِّين
- حول سُوريا وإيران:موقف الأمميّة الشّيُوعِيّة
- ضِدّ النّهج السّاركُوزِيّ
- مِن إسْهامات الأُمَمِيّة الثّالِثَة
- حزب العُمّال الشّيُوعِيّ المِصريّ:بين ضرورة التّأْرِيخ وجُحُ ...
- فِي ذِكرى وفاة لِينِين
- حياة أدريانُو سُوفرِيّ
- الحِزب الشّيُوعِيّ الثّورِيّ في فولتا العُليَا
- الحِزب الشّيُوعِيّ الثّورِيّ التُّركِيّ
- قِمّة الإتّحاد الأورُوبّي:تجمُّع الوُحُوش
- الكادِر الماركسِيّ اللّينينِيّ
- في ذِكرَى عامٍ جديد،لا تزال الإشتِراكِيّةُ تُرْعِبُهُم
- البُوليساريُو : قِصّة كِفاح مرِيرٍ للشّعب الصّحراوِيّ
- تضامُنًا مع مُضرِبِي فرنسا
- وفاءًا لِذكرى أقطاب من النّضال الماركسِيّ اللّينينيّ
- حِراك وول ستريت
- ضِدّ دفع دُيُون الطُّغمة
- بناء الجبهة يسارِيّة قاعِدِيًّا
- عادَ المَعَاد:في ذكرى الإعلان العالميّ لحُقُوق الإنسان


المزيد.....




- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550
- بيان اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- نظرة مختلفة للشيوعية: حديث مع الخبير الاقتصادي الياباني سايت ...
- هكذا علقت الفصائل الفلسطينية في لبنان على مهاجمة إيران إسرائ ...
- طريق الشعب.. تحديات جمة.. والحل بالتخلي عن المحاصصة
- عز الدين أباسيدي// معركة الفلاحين -منطقة صفرو-الواثة: انقلاب ...
- النيجر: آلاف المتظاهرين يخرجون إلى شوارع نيامي للمطالبة برحي ...
- تيسير خالد : قرية المغير شاهد على وحشية وبربرية ميليشيات بن ...
- على طريقة البوعزيزي.. وفاة شاب تونسي في القيروان


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - السموأل راجي - تطوُّر الصِّين نحو الرّأسمالِيّة مُنذُ 1949 - الجُزء الأوّل