الارهاب، مفهومه، اسبابه، وتوصيات للحد منه

سوسن شاكر مجيد
(Sawsan Shakir Majeed)

الحوار المتمدن-العدد: 3746 - 2012 / 6 / 2 - 22:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

الارهاب، مفهومه، اسبابه، وتوصيات للحد منه

لم يعد الارهاب مجرد ظاهرة بسيطة تظهر ثم تختفي، بل أصبح واقعاً أليماً يعاني منه الأفراد والمؤسسات والدول. وأصبح الفرد يعاني من تدهور في بنيته النفسية، سواء أكان مشاهداً أو متابعاً أو ضحية. لذلك تجند الدول طاقاتها ومقدراتهـا للحد من هـذه الظاهرة والعمـل على اجتثاثها لكي تحفـظ إنسانية الإنسان وتصون كرامته. ويشكل الإرهاب أحد الموضوعات المهمـة والمعاصرة التي تحظـى باهتمام كبير في المجالات السياسية، والعسكرية، والاقتصادية والاجتماعية، والتربوية والنفسية. والدليل على ذلك ما نقرؤه ونسمعه ونشاهده يومياً من أحداث في شتى وسائل الأعلام حتى أصبح الإرهاب حقيقة نعيشها ونتعايش معها في حياتنا اليومية.
لقـد تعددت وسائل الإرهاب واثبت الإرهابيون قدرتهم على استخدام كل وسائل العلم الحديث وتطبيقاته في سبـل الوصول إلى أهدافهـم. واتسمت العمليات الإرهابية بالخطورة والتأثير وذلك ناتج بالدرجة الأولى عن التغطية الكثيفة التي تقوم بها وسائل الإعلام المختلفة مع ما يتبع ذلك من تهويل وإثارة. وبالإضافة لذلك تساهم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في سرعـة انتشار أخبار الإرهابيين، وهذا قد يساعد على تفاقم الإرهاب الدولي.
ويرجع استخدام الإرهاب كوسيلة سياسية إلى الأزمنة الغابرة فمنذ أن قتل قابيل هابيل عرف الناس أنماطاً من العنف ليست مرتبطة بقوم دون غيرهم وإن كان بالإمكان تصور مرافقتها لمجتمـع من المجتمعات بنسبة أو أخرى ضمن مقاييس موضوعية مجردة وبالتالي فإننا نجد تطبيقات لظاهرة العنف في مجتمعات ما قبل التاريـخ وما بعده وحتى العصر الراهـن، وعلى مر القـرون عرفت البشرية عصابات الإرهاب التي كان يستخدمها النبلاء في أوروبا في العصـور الوسطى للانتقام والقتل والسرقة وإشاعة الفوضى، كما جابت البحار مجموعات من القراصنة كانت تهدد الملاحة البحرية وتقوم بدور أقرب ما يكون إلى الإرهاب الدولي في عصرنا الحالي.
لا يوجد تعريف موحد للإرهاب وقد يحدث خلط بين تعريف الإرهاب والمقاومة المشروعة أو الجهاد وتشير المعاجم العربية والإنجليزية والفرنسية إلى ارتباط التعريف اللغوي للإرهاب بأعمال العنف والتخويف بغرض تحقيق أهداف سياسية .
وقد عرفت وزارة الخارجية الأمريكية عام (1998م) الإرهاب على أنه: عنف مقصود ومدفوع بدوافع سياسية وموجه ضد غير المقاتلين من قبل جماعة معينة بهدف التأثير في الجمهور . ويعرفه علماء الاجتماع على أنه عنف، غير متوقع، صادم، وغيـر شرعي موجـه ضد المدنيين وغير المقاتلين والعسكريين خارج أوقات الدوام، ورجال الأمن، أو ضد الرموز بهدف إثارة الرأي العام حول أهداف سياسية أو دينية أو الضغـط على الحكومات أو الأفـراد للقبول بمطالب تتعلق بهذه الأهداف .
وتبنـت وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية (CIA) التعريف الآتي للإرهاب: الإرهاب هو التهديد باستعمال العنف لأغراض سياسية من قبل أفراد أو جماعات، بهدف إحـداث صدمة أو فزع أو ذهول أو رعب لدى الفئة المستهدفة والتي تتعدى الضحايا المباشرين للعمل الإرهابي .
ويشير قانون العقوبات المصري رقم (97) لسنة (1992م) في المادة رقم (86) أن الإرهاب هو استخدام القوة أو العنف أو التهديد أو الترويع، يلجأ إليه الجاني تنفيذاً لمشروع إجرامي فـردي أو جماعي بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر؛ وذلك من خلال إيذاء الأشخاص وتعريض حياتهم وحريتهم وأمنهم للخطـر، وإلحاق الأذى بالبيئـة والأموال والمباني العامة والخاصة .
ويعـرف القانون الأردني رقم (54) لسنة (2001م) الإرهاب بأنه استخدام العنف أو التهديد باستخدامه تنفيذاً لعمل فردي أو جماعي يهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، ومن شأن ذلك إلقاء الرعب بين الناس وترويعهم أو تعريض حياتهم وأمنهم للخطر، ويشمل الأفعال التي تلحق الضرر بالبيئة أو المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة أو الدولية أو البعثات الدبلوماسية أو باحتلال أي منها أو الاستيلاء عليها أو تعريض الموارد الوطنية للخطر أو تعطيل تطبيق أحكام الدستور والقوانين (عبيدات، 2004م).
لقد حددت اللجنة الخاصة بالإرهاب التابعة للأمم المتحدة ثلاثة أسباب للإرهاب:
الأسباب السياسية:
سيطرة دولة على دولة أخرى، والتمييز العنصري، واستخدام القوة ضد الدول الضعيفة، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى، وممارسة القمع والعنف للتهجير أو السيطرة.
الأسباب الاقتصادية مثـل: عدم التوازن في النظام الاقتصادي العالمي، والاستغلال الأجنبي للموارد الطبيعية للدول النامية.
الأسباب الاجتماعية:
انتهاك حقوق الإنسان، والجوع والحرمان والجهل، وتجاهل معاناة شعب يتعرض للاضطهاد، وتدمير البيئة .
وهناك جملة من الأسباب تؤدي إلى تورط الشباب في الإرهاب ومنها:
1. التفكك الأسري وتكوين صورة جسم مشوهة وسلبية عند الضحية منذ الطفولة.
2. فقدان الخصوصية النفسية.
3. صدمات الفقر والفشل العاطفي.
4. سوء معاملة الأطفال وإهمالهم والتعديات اللاأخلاقية عليهم بمختلف الصور.
5. تكـرار التعرض إلي القهـر السلطوي (سلطة الوالدين، المعلمين, الدولة, الشرطة ... الخ).
6. عـدم المتابعة في التربية حيث يتم استقطاب الفرد منذ الصغر إلي العمليات الغامضة(Cult Group) ويتعرض إلي عمليات غسيل الدماغ، والتلوث الفكري.
7. التربية الديكتاتورية في جميع المستويات.
8. الثأر السياسي والصراع العقائدي حول السلطة.
9. اتساع الفجوة بين طبقات المجتمع بدون وجـود الفرص للصعـود في السلـم الاجتماعي والتحرك الرأسي.
10. عدم الوعي بخطورة الانفجار السكاني والتعدي علي الأراضي الزراعية.
11. انتشار المفاهيم الدينية غير الصحيحة وعلى الأخص سـوء فهم فكرة الجهاد في سبيل الله.
12. عدم الإحساس بالعدل كقيمـة والقهر الدولي و ضياع حقوق الشعوب.
لقد أجريت العديد من الدراسات على الإرهاب والآثار المترتبة عليه وخاصة بعد أحداث (11) سبتمبر فقد أجرى هولمز (Holmes, 2001) دراسة بعنوان الاتجاهات نحو الإرهاب حيث تكونت أداة الدراسة من ثمانية أسئلة حول الاتجاهات نحو الإرهاب قبل 11/ سبتمبر وبعده، وتكون المقياس من فقرات تتعلق بالإرهاب العالمي، والإرهاب المحلي، واحتمالية نشوب الحروب، واحتمالية استدعاء جنـود الاحتياط، وأمن الرحلات الخارجية، وأمن الرحلات الداخلية، والأمن في الأماكن العامة والمجمعات التجارية، والاقتصاد الأمريكي، وتكونت عينة الدراسة من (45) فرداً. تراوحت أعمارهم ما بين (18–78) وشكل الذكور (40٪) والإناث (60٪) من حجم العينة وكان (82.2٪) منهم متزوجين و(26.7٪) لديهم أطفال وقد بلغ المتوسط على المقياس نحو الإرهاب قبل هجمات 11/ سبتمبر (0.73–2.31)، وكانت أكثر الفقرات التي لاقت اهتماماً من قبل العينة هو السؤال المتعلق بالأمن في الرحلات الخارجية وأقل الفقرات أهمية كانت الفقرة المتعلقـة بالأمن في المجمعـات التجارية والأماكن العامة، وقد ارتفع متوسط الاتجاه نحو الإرهاب بعد هجمات سبتمبر ليصبح (2.98-3.53) وقد أظهر أفـراد العينـة اهتماماً ملحوظاً بكافة فقرات المقياس ولاقت الفقرة المتعلقة باحتمال دخول الولايات المتحدة بالحرب الاهتمام الأكبر بينما كانت الفقرة المتعلقة باستدعاء الاحتياط الأقل اهتماماً حسب وجهة نظر العينة.
وأجرى تراجـوت (Traugott, 2001) دراسة بعنوان: "ردود الأفعال تجاه الإرهاب: الاتجاهات والقلق" حيث صممت هذه الدراسة لقياس ردود الأفعال الشخصية والاستجابات النفسية لهجمات 11/ سبتمبر. والآثار الناتجة عنها على كل من الأطفال والأسر والاتجاهات نحو ذلك، وقـد أجريت الدراسة كاستطلاع للـرأي عبر الهاتف تكونت من مرحلتين أجريت المرحلة الأولى في الفترة ما بين أيلول – تشرين أول /2001 واشتملت على (752) اتصال هاتفـي مع ربات، البيوت والمرحلة الثانية أجريت بين شهري آذار ونيسان من العام نفسه واشتملت على (613) ربـة بيت وقد أشارت نتائـج هذه الدراسة إلى ما يأتي:
- 49٪ من المجموعـات الأولى أشارت إلى أن هجمات 11/ سبتمبر قد أثرت على شعورهن الشخصي وانعدام إحساسهن بالأمن وقد أيدت هـذه النسبة قيام الحكومة بأي شيء للقضاء على ظاهرة الإرهاب.
- أظهرت الدراسة أن الذكور كانوا أقل تأثراً من الإناث بهذه الهجمات.
- ما يزيد على نصف العينة ظهر لديهم واحداً أو أكثر من أعراض الإحباط.
وأجـرى زغبي (Zogby, 2001) دراسة بعنوان اتجاهات العرب الأمريكيين بعد هجمات 11/ سبتمبر، حيث تكونت عينة الدراسة من (508) فرد من الأمريكيين العرب وقد أشارت نتائج الدراسة إلى ما يأتي:
- (83٪) من عينة الدراسة يؤيدون سياسة الرئيس بوش في حربه ضد الإرهاب.
- (69٪) من عينة الدراسة يؤيدون قيام أمريكا بحرب الدول الداعمة للإرهاب.
- (49٪) من أفراد العينة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين (18-29) أشاروا إلى أنهـم عانوا من التمييز العرقي بعد هجمات 11/ سبتمبر.
- (83٪) من أفراد العينـة أشاروا إلى أهمية حصول الفلسطينيين على حقوقهم.
وأجرى وثني وسمث (Whithney and Smith, 2002) استطلاعاً للرأي اشتمل على عينة من أفراد المجتمع الأمريكي بلغ حجمها (3262) من الرجال والسيدات ممن تزيد أعمارهم على (18) سنة، أما عينة المجتمع الأوروبي فتكونت من (6) دول أوروبيـة وبلغ حجم العينة (1000) فرد من كل دولة من الدول الآتية (بريطانيا، إيطاليا، بولندا، هولندا، ألمانيا، وفرنسا) وقد توصلت الدراسة إلى النتائج الآتية:
(91٪) من أفراد العينة يعتقدون بأن الإرهاب يشكل الخطر الأكبر الذي يواجههم، و(76٪) من الأمريكيين يرون ضرورة تغيير شروط هجرة العرب والمسلمين إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ويعتقد أفراد العينة الأوروبية بأن الإرهاب يشكل واحداً من أهم ثلاثة أخطار تواجههم.
وأجرى مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية (2005م) دراسة حول اتجاهات العرب نحو الإرهاب الموجه ضد كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا حيث أجريت هـذه الدراسة في الفترة ما بين آذار – حزيران /2004 في خمس دول عربية هي: الأردن، ولبنان، وفلسطيـن، وسوريا، ومصر. وتكونت عينة الدراسة من (1200) فرد كعينة وطنية و(500) من طلبة الجامعات و(120) من رجال الأعمال و(120) مـن الإعلاميين وتوصلت الدراسة إلى النتائج الآتية:
- لا يشكل الدين والثقافة العربية سبباً للتوتر ما بين العرب والغرب.
- يرى العرب بأن ما يميـز الغرب هو الحرية الفردية والثراء في حين يتميز العرب بالدين والارتباط الأسري.
واخيرا يمكن القول الى ان التنشئة الاجتماعية والاسرة والدين والثقافة كل هذه العوامل يمكن ان تحد من ظاهرة الارهاب. ونوصي:
• ضرورة توعيـة الطلبة بالإرهاب، ومايترتب عليه من أخطار تعود على الفرد والمجتمع؛ وذلك بربط المساقات الجامعية بحياة الطالب اليومية.
• ضرورة توعية الطالب بالوسائل التي قد تتبعها الفئات الإرهابية لإغواء الطلبة وجرهم إلى تنظيمات مشبوهة باسم الدين.
• ضرورة توعية الطلبة بأهمية التبادل الثقافي، والحوار بيـن الأديان، ورسالة الإسلام التي تدعو للتسامـح والعدالـة، وقدسية إنسانية الإنسان.
• ضرورة توعية الطلبة بالآثار السلبية التي تشكلها بعض المحطات والقنوات الإعلامية.

#سوسن_شاكر_مجيد (هاشتاغ)       Sawsan_Shakir_Majeed#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات