أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - أنور خوجا و بناء الإشتراكية فى الصين . مقتطف من- فى الردّ على الهجوم الدغمائي - التحريفي على فكر ماو تسى تونغ - لج . وورنار العدد 11 من - الماوية : نظرية و ممارسة -: الماوية تدحض الخوجية ومنذ 1979.















المزيد.....



أنور خوجا و بناء الإشتراكية فى الصين . مقتطف من- فى الردّ على الهجوم الدغمائي - التحريفي على فكر ماو تسى تونغ - لج . وورنار العدد 11 من - الماوية : نظرية و ممارسة -: الماوية تدحض الخوجية ومنذ 1979.


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 3731 - 2012 / 5 / 18 - 21:10
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


أنور خوجا و بناء الإشتراكية فى الصين .

مقتطف من" فى الردّ على الهجوم الدغمائي - التحريفي على فكر ماو تسى تونغ " لج . وورنار

العدد 11 من " الماوية : نظرية و ممارسة ": الماوية تدحض الخوجية ومنذ 1979.

===================================================================

مقدّمة العدد الحادي عشر من " الماوية : نظرية و ممارسة ": الماوية تدحض الخوجية ومنذ 1979.
أنور خوجا يقلب الحقائق التاريخية رأسا على عقب ويقود هجوما دغمائيا تحريفيّا على الماركسية- اللينينية - الماوية .

توفّي ماوتسى تونغ فى 9 سبتمبر 1976. و بعد شهرين ، فى نوفمبر 1976 ، عقد حزب العمل الألباني مؤتمره السابع و جاء فى تقرير اللجنة المركزية ، على لسان أنور خوجا :
" إنّ الإنتصارات التاريخية التى حققها الشعب الصيني فى ثورته و بنائه الإشتراكي العظيمين و إنشاء الصين الشعبية الجديدة و السمعة الكبيرة التى يتمتّع بها فى العالم ، مرتبطة بإسم القائد العظيم ، الرفيق ماو تسى تونغ و تعاليمه و قيادته. و يمثّل عمل هذا الماركسي-اللينيني مساهمة فى إثراء نظرية البروليتاريا و ممارستها. و الشيوعيون و الشعب الأبانيين سيحييان على الدوام ذكرى الرفيق ماو تسى تونغ الذى كان صديقا كبيرا لحزبنا و شعبنا...

لقد مضت ألبانيا و الصين قدما فى دكتاتورية البروليتاريا و فى بناء الإشتراكية اللتين خانهما التحريفيون ، ألبانيا و الصين اللتان ظلّتا وفيتين للماركسية-اللينينية، و دافعتا عنها بتصميم و أعلنتا حربا إيديولوجية ضروسا ضد تحريفية خروتشاف و أتباعه . الشيوعية لم تمت ، على العكس ما كانت تتمنّى البرجوازية، و قد إبتهج الإنتهازيون و التصفويون قبل الأوان".

وفى بيان مشترك لبعثات الأحزاب الماركسية-اللينينية لأمريكا اللاتينية ( بعثة الحزب الشيوعي (الماركسي- اللينيني ) الأرجنتيني ، و بعثة الحزب الشيوعي البوليفي ( الماركسي- اللينيني ) ، و وبعثة الحزب الشيوعي البرازيلي ، و بعثة الحزب الشيوعي الكولمبي ( الماركسي- اللينيني) ، و بعثة الحزب الشيوعي الثوري الشيلي، و بعثة الحزب الشيوعي الماركسي-اللينيني الإكوادوري) الحاضرة فى المؤتمر السابع لحزب العمل الأباني بتيرانا ، ألبانيا ، نوفمبر 1976، نقرأ :
" 8. وجهت البعثات الحاضرة تحيّة عالية و عبّرت عن عمق ألمها لوفاة الرفيق ماو تسى تونغ ، رئيس اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ، و قائد لا جدال فيه للشعب الصيني ، و ماركسي – لينيني عظيم و معلّم كبير للبروليتاريا و الشعوب المضطهَدة فى العالم بأسره. فى ظلّ القيادة الحكيمة للرفيق ماو تسى تونغ و الحزب الشيوعي الصيني ، خاضت البروليتاريا و خاض الشعب الصيني حربا ثورية و إفتكّا السلطة و شيّدا الإشتراكية فى الصين. و هكذا غدت الصين المتخلّفة و الخاضعة للإمبريالية ، بلدا إشتراكيّا معاصرا ،و حصنا حصينا للثورة العالمية.و كذلك فى ظلّ قيادة الرفيق ماو تسى تونغ ، جرت معالجة بطريقة صحيحة لمشكل الهام لكيفية مواصلة الصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا و الحيلولة دون إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين. لقد رفع الرفيق ماو تسى تونغ بصلابة راية الماركسية- اللينينية و أطلق النضال ضد التحريفية المعاصرة ، مساهما هكذا بحيوية فى إعادة تشكيل الحركة الشيوعية الماركسية- اللينينية العالمية. و ستظلّ مسيرته كمقاتل ثوري و أفكاره التى طوّرت الماركسية- اللينينية حاضرة فى قلوب شعوب و شيوعييى العالم قاطبة و أذهانهم ".
--------
و عقب ذلك بسنتين ، يشنّ أنور خوجا و حزب العمل هجوما مسعورا دغمائيّا تحريفيّا على ماو تسى تونغ ، فى كتاب أعلن عن نشره أواخر ديسمبر 1978 و حمل من العناوين " الإمبريالية و الثورة " . و فيه أفرد خوجا فصلا كاملا لتشويه فكر ماو تسى تونغ معتبرا إيّاه " نظرية معادية للماركسية " و معتبرا أنّ الصين لم تعرف أبدا الإشتراكية و البناء الإشتراكي و أنّ صراع ماو تسى تونغ و الحزب الشيوعي الصيني ضد التحريفية السوفياتية لم يكن نابعا من مواقف صحيحة و مبدئية ماركسية- لينينية وما إلى ذلك من تقليعات دغمائية تحريفية !!!
===
هذه إطلالة أولى على الإنقلاب الخوجي المضاد لعلم الثورة البروليتارية العالمية ، أمّا الإطلالة الثانية فنخرجها لكم كالتالى:
ورد فى خطاب أنور خوجا ، فى 7 جانفي 1964، ضمن كرّاس " عاشت الصداقة الصينية – الألبانية " :
" أبدا لن ينسى الشيوعيون الألبانيون و لن ينسى الشعب الألباني أن إخوتهم الصينيون وقفوا إلى جانبهم فى الأفراح و الأتراح. لن ينسوا المساعدة الكريمة للأخوة الصينيين الذين تقاسموا معاشهم مع شعبنا. أبدا لن ينسوا أنّ الحزب الشيوعي الصيني حافظ دائما على حزب العمل الألباني مثلما يحافظ المرء على أمّ عينه".
---------------------
و فى 30 سبتمبر 1978 ، فى بيان مشترك بين الحزب الشيوعي الكولمبي ( الماركسي- اللينيني) و الحزب الشيوعي الثوري الشيلي و الحزب الشيوعي الماركسي – اللينيني الإكوادوري و حزب الراية الحمراء الفينيزوالي ، هناك تحليل نقدي يبيّن تحريفية " نظرية العوالم الثلاثة " و تناقضها مع تعاليم ماو تسى تونغ و فى النقطة 15 من خاتمة البيان كتبوا:
" تعتبر أحزابنا أنّه ، إزاء إستعمال التحريفيين الصينيين لأعمال ماو تسى تونغ و سمعته للتغطية على مخطّطاتهم لإعادة تركيز الرأسمالية فى الصين و بناء قوّة عظمى جديدة إمبريالية- إشتراكية و مغالطة البروليتاريا و الشعوب بنظريتهم الضارة للغاية ، نظرية " العوالم الثلاثة" ؛ من الواجب الأكيد أن نصون تعاليم ماو تسى تونغ الثورية ، الماركسية- اللينينية . و تثمّن أحزابنا إلى درجة كبيرة مساهمات الرفيق ماو تسى تونغ فى الثورة العالمية."

و بعد نحو السنة من ذلك ، فى أكتوبر 1977 ، صدر بيان عن الحزب الشيوعي الإسباني (الماركسي- اللينيني) و الحزب الشيوعي البرتغالي المعاد تشكيله و الحزب الشيوعي الإيطالي الماركسي- اللينيني و الحزب الشيوعي اليوناني الماركسي- اللينيني و الحزب الشيوعي الأماني الماركسي – اللينيني فيه نقرأ :
" فى الذكرى الأولى لوفاة الرفيق ماو تسى تونغ ، ترفع أحزابنا تحيّة له و تأكّد على أنّ وفاته تمثّل خسارة كبرى للحزب الشيوعي الصيني العظيم و لكافة الحركة الشيوعية العالمية . كان الرفيق ماو تسى تونغ ، القائد العظيم للشعب و الحزب الشيوعي الصيني كذلك قائدا عظيما للبروليتاريا العالمية.تعتبر أحزابنا أن من واجب جميع الماركسيين- اللينينيين الدفاع بصلابة عن التعاليم الثورية للرفيق ماو تسى تونغ- لا سيما منها تلك المتصلة بالصراع ضد التحريفية المعاصرة ،و بالثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و بالصراع ضد الإنتهازيين من كلّ لون- إزاء جميع الذين بنفاق يستعملون إسمه ليشوّهوا تعاليمه و للهجوم عليه بشكل ملتوى."
-----------
إثر وفاة ماو تسى تونغ، أنجزت الطغمة التحريفية الصينية بقيادة دنك سياو بينغ و هواو كوفينغ إنقلابا مضادا للثورة فى الصين فصعدت بذلك البرجوازية الجديدة إلى السلطة و أعيد تركيز الرأسمالية هناك و تحوّلت الصين ماو الإشتراكية إلى صين دنك الرأسمالية و تحوّل الحزب الشيوعي الصيني من حزب بروليتاري إلى حزب برجوازي .
و فى جويلية 1978 ، تنكّرت البرجوازية الجديدة الحاكمة للصين للإتفاقيات مع ألبانيا و أوقفت التعاون الإقتصادي و العسكري معها ، مثلما سبق و أن فعل التحريفيون السوفيات مع الصين الماوية.

و طار عقل أنور خوجا و طفق يخلط الحابل بالنابل و يصبّ جام غضبه على ماو تسى تونغ و يكيل الشتائم و يلصق به و ينسب إليه أفكارا و نظريّات أعدائه ( مثل " نظرية العوالم الثلاثة " لدنك سياو بينغ) و يمرّغ سمعته فى الوحل بعد أن كان يرفعه إلى السماء ، مستعملا فى ذلك جميع الأساليب الإنتهازية و التزوير و الكذب و قلب الحقائق رأسا على عقب بأشكال و طرق قد تتصوّرونها و أخرى قد لا تصوّرونها أصلا و بهجومه ذلك على أرقى ما بلغه علم الثورة البروليتارية العالمية كان يحطّم المبادئ الماركسية- اللينينية و يدافع عن الأفكار التى أثبت تاريخ الحركة الشيوعية العالمية و الصينية أنها خاطئة ، تحريفية. فقدّم خدمة هائلة للبرجوازية العالمية إذ تسبّب فى إنقسامات داخل الحركة الماركسية-اللينينة العالمية إستغلّها الإنتهازيون فى الأحزاب و المنظّمات الماركسية- اللينينية عبر العالم ليرتدّوا و يديروا ظهرهم للثورة البروليتارية العالمية و يخونوا الشيوعية و قضية الطبقة العاملة العالمية.
======
لكن هيهات أن يلزم الشيوعيون الحقيقيون الماويون الصمت إزاء ذلك الهجوم الدغمائي التحريفي! فمنذ السبعينات ،إنبروا يقاتلون الخوجية و بالفعل ألحقوا بها أشدّ الهزائم المريرة عالميّا . و يشهد واقع اليوم بتقدّم مطّرد للماوية طليعة للموجة الجديدة من الثورة البروليتارية العالمية و بتراجع ملموس للخوجية كضرب من ضروب التحريفية و إندحارها فى عديد البلدان إلاّ أنّه عربيّا ، لا زلنا فى حاجة أكيدة إلى مزيد فضح الخوجية و كافة أرهاط التحريفية المهيمنة على الحركة الشيوعية حتّى ستطيع الماوية أن تتبوّأ المقام الذى تستحقه لإيجاد الأسلحة السحرية الثلاثة ( الحزب الشيوعي الماركسي-اللينيني-الماوي و الجبهة الوطنية الديمقراطية و جيش التحرير الشعبي ) و قيادة حرب الشعب لإنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة تمهيدا للثورة الإشتراكية كجزء لا يتجزّأ من الثورة البروليتارية العالمية و غايتها الأسمى تحقيق المجتمع الشيوعي الخالي من كافة ألوان الإستغلال و الإضطهاد القومي و الطبقي و الجندري.

و هذا العدد من " الماوية : نظرية و ممارسة " مساهمة فى النهوض بهذه المهمّة الملحّة على الجبهة النظرية و السياسية.وقد إخترنا له من العناويون " الماوية دحضت الخوجية و منذ 1979" و كانت إضافة "ومنذ 1979" موجّهة ضد محترفي تدليس تاريخ الماوية ، ليس كلزوم ما لا يلزم و إنّما لتبيان أنّ ردّ الفعل الماوي كان سريعا و دقيقا و عميقا منذ عقود الآن ما خوّل للمنظّمات و الأحزاب الماوية أن تنظّم ندوة عالمية فى مطلع الثمانينات ثمّ ندوة ثانية فى 1984 إنتهت إلى تشكيل الحركة الأممية الثورية التى كانت من أهمّ نواتاتها الأولى الأحزاب التى إنبرت لتتصدّى للخوجية بجرأة و صراحة مطلقة الوثائق التى سنعرض عليكم سهاما تصيب كبد الحقيقة الخوجية و ترفع عاليا راية الماوية – حينها فكر ماو تسى تونغ.
و للتاريخ ، تجدرالإشارة بشكل عابر فحسب إلى أنّ الحزب الشيوعي الثوري الأمريكي الذى نشر الوثائق التى نضع بين أيديكم فى مجلته "الثورة " سنة 1979، قد سبق و أن كتب مباشرة بُعيد إعلان الوكالة التليغرافية الألبانية فى 20 ديسمبر 1978 عن صدور "الإمبريالية و الثورة " و عرضها لمضمونه، إفتتاحية العدد الأوّل من المجلّد الرابع من "الثورة " ، جانفي 1979، تحت عنوان " أنور خوجا يفضح الإنتهازية – إنتهازيته " قبل أن ينشر لاحقا سلسلة من التعليقات على "الإمبريالية و الثورة " منها إنتقينا " فى الردّ على الهجوم الدغمائي- التحريفي على فكر ماو تسى تونغ". وهذه الإفتاحية . متوفّرة على الأنترنت فى موقع الموسوعة المناهضة للتحريفية باللغة الأنجليزية :
Encyclopedia of Anti-Revisionism On- Line
---------------------------------------
و فصول مسرحية المرتدّ أنور خوجا و الخوجية بتفاصيها الدقيقة تفضحها وثائق الماويين عبر العالم فى متن هذا العمل . و لأنّ الكتابات الماوية ضد الخوجية كثيرة و عديدة كان علينا أن ننتقي أكثرها رواجا ؛ على حدّ علمنا ، و أهمّها بإعتبار الدور الذى لعبته فى الدفاع عن الماوية و دحض الخوجية، فوقع إختيارنا الذى نرجو أن يكون موفّقا على وثائق أربعة ؛ واحدة من بلد إمبريالي – الولايات المتحدة الأمريكية ، للحزب الشيوعي الثوري الأمريكي و ثلاثة من مستعمرات جديدة الأولى من تركيا – أوروبا و الثانية من الشيلي و الثالثة من سيلان [سيريلانكا]، من أمريكا اللاتينية و من آسيا على التوالي. وهي:

1- بإحترام و حماس ثوريين عميقين، نحيّي القائد الخالد للبروليتاريا الصينية، الرفيق ماو تسى تونغ، فى الذكرى الثالثة لوفاته! – الحزب الشيوعي التركي / الماركسي-اللينيني، جويلية 1979.
2- دفاعا عن فكر ماو تسى تونغ؛ وثيقة تبنّاها مؤتمر إستثنائي للحزب الشيوعي بسيلان إنعقد فى جويلية1979.
(و إضافة إستثنائية: " دحض أنور خوجا" ؛ ن. ساموغاتاسان، الأمين العام للحزب الشيوعي بسيلان - 1980.)
3- " تقييم عمل ماو تسى تونغ"؛ للحزب الشيوعي الثوري الشيلي- جويلية 1979.
4-" فى الردّ على الهجوم الدغمائي - التحريفي على فكر ماو تسى تونغ " بقلم ج. وورنار؛ ماي 1979.



=========================================================
2- بناء الإشتراكية فى الصين .

من العسير القيام بنقد معمّق لتحليل خوجا لتطوّر الإشتراكية فى الصين ( أو عدمه) ، بإعتبار أنّ هذا القسم من مؤلفه هو المزروع أكثر بالإنتقائية، و الهجمات الخسيسة و التشويهات عمدا.يبدو أنّ أطروحته الأساسية هي أنّ " الثورة الصينية بقيت ثورة ديمقراطية – برجوازية و لم تمرّ إلى المرحلة الأعلى مرحلة الإشتراكية ".(49)

جوهر حجّة خوجا يتمثّل فى إدّعائه أنّه فى ظلّ قيادة ماو ،" تقاسمت "البروليتاريا " السلطة" مع البرجوازية الوطنية . لقد صرّح خوجا :
" مرور الثورة الديمقراطية - البرجوازية إلى الثورة الإشتراكية لا يمكن إنجازه إلاّ عندما تطرد البروليتاريا بصرامة البرجوازية من السلطة و تصادر ممتلكاتها. و بما أنّ الطبقة العاملة فى الصين قد تقاسمت السلطة مع البرجوازية ، و أنّ هذه الأخيرة قد حافظت على إمتيازاتها، فإنّ السلطة التى تركّزت فيها لا يمكن أن تكون سلطة البروليتاريا، و من ثمّة لم يكن ممكنا أن تتحوّل الثورة الصينية إلى ثورة إشتراكية ".(50)

فى 1949، حينما نجح جيش التحرير الشعبي فى سحق الكيومنتنغ و إحراز الإنتصار على المستوى الوطني ، إنتهت إجمالا الثورة الديمقراطية . و قد طرح ماو بصورة صحيحة أنّه يجب أن تتمتّع بحقوق ضمن الدولة الجديدة، كافة قطاعات الشعب التى عارضت و الإقطاعية و الإمبريالية.وهي مناصرة لنظام إجتماعي معتمد على مصالح الطبقة العاملة و تحالف العمّال و الفلاحين. فى الظروف الملموسة للصين ، كان هذا المبدأ يعنى أنّه يجب أن تشمل ضمن الدكتاتورية الديمقراطية ، بقيادة البروليتاريا ، هذه القطاعات من البرجوازية ( خاصة البرجوازية الوسطى أو البرجوازية الوطنية ) الذين ينتمون إلى هذه الفئة ؛ و هذه القطاعات لم تكن حينها على الأقلّ، أهدافا لهذه الدكتاتورية.و كان هذا التحليل يتفق تماما مع الخطّ الجوهري و الصحيح لماو بشأن طابع الثورة الصينية، و قواها المحرّكة و حلفائها مهما كانوا متذبذبين.
و فى نفس الوقت ( مارس 1949) ، صاغ ماو السياسة الجوهرية التى يجب أن تتبعها الحكومة الجديدة لأجل إجراء إنتقال إلى الثورة الإشتراكية ؛ و هذا حتى قبل إحراز الإنتصار على المستوى الوطني. لقد صرّح بوضوح:

"بعد القضاء على الأعداء المسلّحين ، سيبقى هناك أعداء غير مسلّحين ،و من المؤكّد لأنّهم سيناضلون نضالا مستميتا ضدّنا ، فعلينا ألاّ نستخفّ بهم أبدا ... على من يجب أن نعتمد فى نضالنا فى المدن ؟ يعتقد بعض الرفاق ذوو الأفكار المشوّشة أن علينا أن نعتمد لا على الطبقة العاملة بل على جماهير الفقراء. و يعتقد رفاق ذوو أفكار أكثر تشوّشا أن علينا أن نعتمد على البرجوازية...يجب علينا ان نعتمد على الطبقة العاملة بكلّ إخلاص و نتحد مع الجماهير الكادحة الأخرى و نكسب المثقفين و نجتذب إلى جانبنا اكبر عدد ممكن من أفراد البرجوازية الوطنية و ممثليهم ، الذين يمكن أن يتعاونوا معنا، أو نجعلهم يقفون موقف الحياد، حتى نتمكّن من خوض نضال حازم ضد الإمبرياليين و الكومنتنغ و البرجوازية البيروقراطية ،و قهر هؤلاء الأعداء خطوة فخطوة."(51) [الطبعة العربية: م4، ص 462]

هذه الإستراتيجيا للتقدّم بالثورة كانت معتمدة على الظروف الملموسة للصين، بلاد حيث الصناعة لا تمثّل سوى عشرة بالمائة من الإنتاج الإقتصادي الوطني، بينما كانت الفلاحة و الصناعات التقليدية تمثّل تسعين بالمائة،أعرب ماو عن أنّ وجود صناعة عصرية يسمح فى العمق بأن تقود الطبقة العاملة الثورة و أن تواصل بناء الإشتراكية ، رغم أمّ الوضع كان يتطلّب أن تساهم البرجوازية الوطنية فى الإقتصاد و حتى أن تنهض بدور معيّن فى الدولة.

أشار ماو :" و ترتّب عن ذلك أن شهدت الصين طبقتين جديدتين و حزبين سياسيين جديدين –البروليتاريا و البرجوازية ، الحزب البروليتاري و الحزب البرجوازي. إنّ البروليتاريا و حزبها قد تصلب عودهما من جراء معاناتهما إضطهاد عدّة أعداء و أصبحا أهلا لقيادة ثورة الشعب الصيني . و من يهمل هذه النقطة او يقلّل من شأنها ، فإنّه سيرتكب خطأ الإنتهازية اليمينية " (52) [ بالعربية ، م4، ص465].

و أضاف :"إنّ صناعة الصين الحديثة ممركزة للغاية ، رغم أنّ قيمة إنتاجها لا تشكّل إلاّ حوالي 10 بالمائة من مجمل قيمة إنتاج الإقتصاد الوطني، إذ أنّ القسط الأكبر و الأهمّ من الرأسمال ممركز فى أيدى الإمبرياليين و كلابهم البرجوازيين البيروقراطيين الصينيين.إنّ مصادرة هذا القسط و تحويله غلى ملكية الجمهورية الشعبية التى تقودها البروليتاريا سوف يمكنان هذه الجمهورية من السيطرة على عصب الإقتصاد فى البلاد ، و يجعل من إقتصاد الدولة القطاع القيادي فى الإقتصاد الوطني كلّه. إنّ هذا القطاع من الإقتصاد ذو طابع إشتراكي لا رأسمالي. و من يهمل هذه النقطة أو يقلّل من شأنها ، فإنّه سيرتكب خطأ الإنتهازية اليمينية" (53) [م4، ص 365-366].

التوجه الذى كان ماو يسعى وفقه للتقدّم بالثورة نحو الإشتراكية لم يكن سوى مجرّد " صيغة " هذا ما يدعيه خوجا. كانت فعلا قائمة على واقع الصين و مرتكزة على أفق واضح حول طريقة الشروع فى التحويل الإشتراكي للإقتصاد. و فى نفس الوقت ، كان ماو يعترف بأنّ هذا التحويل لا يمكن أن يحصل مرّة واحدة.و تبقى بعدُ القطاعات العريضة الفلاحية و الصناعات التقليدية للإقتصاد ، فيها ظلّ للرأسماليين دور ما ينهضون به ، ما منع القضاء عليهم فى الحال. شرح ماو ذلك فقال :"وفى هذه الفترة يجب السماح لجميع العناصر الرأسمالية فى المدن و الأرياف و التى ليست ضارة بل نافعة للإقتصاد الوطني ، أن تبقى و تتطوّر . و هذا ليس أمرا حتميّا فحسب ، بل هو ضروري إقتصاديّا.و لكن لا يمكن أن نترك الرأسمالية تبقى و تتطوّر فى الصين كما هي الحال فى البلدان الرأسمالية حيث تطغى بدون قيود فإنّ الرأسمالية فى الصين سوف تقيّد من عدّة نواح – من نواحى نطاق نشاطها و السياسة الضريبية و أسعار السوق و ظروف العمل...إن سياسة تقييد الرأسمالية الخاصة سوف تصطدم حتما بمقاومة البرجوازية على درجات متفاوتة و فى أشكال مختلفة و لا سيما بمقاومة كبار أصحاب المؤسسات الخاصة أي كبار الرأسماليين.إن التقييد و مقاومة التقييد سيكونان الشكل الرئيسي للصراع الطبقي فى داخل دولة الديمقراطية الجديدة." [ أي خلال الإنتقال إلى الإشتراكية – ج و] (54) [م4، ص366-367]
هذه حسب خوجا السياسة التى تعطى الأولوية لتطوّر الرأسمالية !
كيف يمكن لخوجا أن يوفّق بين نقده لماو بخصوص فترة السنوات الأولى للجمهورية الشعبية و السياسة الإقتصادية الجديدة الشهيرة التى توخّاها لينين أثناء السنوات الأولى للإتحاد السوفياتي ، عقب الحرب الهلية؟ مستبقا إثارة القارئ لهذه المسألة ، ذكر خوجا لينين :
" لا وجود هنا لخطر بالنسبة للسلطة البروليتارية طالما أنّ البروليتاريا تمسك بصرامة بالسلطة، طالما أنّها تمسك بقوّة فى يديها النقل و الصناعة الكبرى" ( 55).

ثمّ علّق خوجا :
" فى الصين ، فى 1949 كما فى 1956 ن عندما كان ماو تسى تونغ يدافع عن هذه الأطروحات ، لم تكن فعلا بأيدى البروليتاريا لا السلطة و لا الصناعة الكبرى".

و علاوة على ذلك، كان لينين يعتبر السياسة الإقتصادية الجديدة سياسة مؤقتة فرضتها الظروف الملموسة لروسيا حينها، التى دمرتها الحرب الأهلية الطويلة، وليس قانونا عاما لبناء الإشتراكية.و بالفعل بعد سنة من إعلان السياسة الإقتصادية الجديدة ، كان لينين يشير إلى أنّ التراجع قد إنتهى وأطلق شعارا يدعو إلى الإعداد للهجوم على رأس المال الخاص فى الإقتصاد.فى الصين ، بالعكس ، كان يُتوقّع أنّ الإبقاء على الإنتاج الرأسمالي سيدوم مدّة تقريبا لا نهاية لها. حسب مفهوم ماو تسى تونغ ، فإنّ النظام المركزي فى الصين بعد التحرير يجب أن يكون نظاما ديمقراطيّا برجوازيّا، و الحزب الشيوعي الصيني لم يكن فى السلطة إلاّ ظاهريّا.هذا هو " فكر ماو تسى تونغ"( 56)

هذا خليط من أسلوب خوجا : تشويهات و كذب! أوّلا السلطة السياسية ،و كذلك النقل و القطاعات المفاتيح فى الصناعة الكبرى كانت بأيدى البروليتاريا إثر التحرير سنة 1949.و كانت البروليتاريا و الحزب الشيوعي يلعبان دورا قياديّا فى الدولة. أمّا بالنسبة لإدعاء خوجا أنّ النقل و الصناعة الكبرى لم تكن بين يدي البروليتاريا، فإنّ خوجا يعتقد أنّه إذ أوجد هكذا خيالات و نشرها فى كتابه ، فإنّ الجميع سيقبلون بها دون تمييز على أنّها حقيقة. قد يكون هذا صحيحا بالنسبة " للأممية" الباعثة على الشفقة التى يحاول أن ينشأها حوله ، لكن مثل هذه الخيالات لن يقبل بها أبدا الماركسيون- الليينيون الحقيقيون.

ومن المضحك جدّا أن يشدّد خوجا على جملة " سياسة مؤقتة فرضتها الظروف الملموسة " فى روسيا ، لأنّ ظروف الصين كانت أقلّ ملائمة بكثير للمصادرة الفورية للبرجوازية جميعها .و مثلما أشرنا إلى ذلك ، كانت الصين أقلّ تطوّرا بكثير نسبة لروسيا ، و قد دمّرها ليس بعض سنوات الحرب الأهلية فحسب بل ثلاث عقود من الحرب، زيادة على التدمير و الخنق و الركود المفروضين من قبل الإمبريالية و الإقطاعية. هذه هي الظروف الملموسة التى جعلت ماو يتبنّى هذه السياسات.

أمّا فيما يخصّ ملاحظة خوجا لكون لينين لم يعتبر السياسة الإقتصادية الجديدة " قانونا عاما للبناء الإشتراكي " ( كما لو أنّ ماو إعتبر ذلك كذلك) و إدعائه بأنّ ماو كان "يتوقّع أنّ الإبقاء على الإنتاج الرأسمالي سيدوم مدّة تقريبا لا نهاية لها" فإنّه ليس بوسعنا سوى تذكير خوجا بتعليق لينين على مجادل ذكيّ كخوجا ذاته ( أي كوتسكي) إذ قال لينين: أن تلصق بالخصم موقفا خاطئا بجلاء لأجل أن تدحضه هو طريقة أناس ليسوا أذكياء جدّا، و لنضف أنّها كذلك طريقة بعيدة عن الماركسية !

سنتحدّث بعمق اكبر فى الصفحات التالية عن نظرية ثورة الديمقراطية الجديدة فى الصين ، لكن بعدُ يمكن أن نرى أنّه حتى فى المراحل الأولى لجمهورية الصين الشعبية ، فى الفترة التى كان يجب التشديد فيها على تعزيز الإنتصار المحقّق على الإمبريالية و على الملاكين العقّاريين ،و على الرأسماليين الكبار الصينيين المرتبطين بهم، ظلّ ماو يقوم بالإجراءات الضرورية من أجل ضمان أن يكون مستقبل الصين إشتراكيّا و ليس رأسماليّا. يعنى أنّ ماو إتخذ الإجراءات الخاصّة لكيما يضمن أن يكون العامل القيادي للإقتصاد هو قطاع الملكية الإشتراكية للدولة ؛ و أهمّ حتى كان الصراع الشرس الذى خاضه ما وفى صفوف الحزب فى سبيل توضيح الطريق الضروري للثورة الصينية و إعداد الجماهير للصراع القادم.
بعدُ فى 1952، شرع ماو فى توجيه نقد شديد لنظرية " القاعدة الإقصادية الملخّصة" وهي الخطّ الذى نادى به ليوتشاوتشى و الذى وفقه يكون إقتصاد الصين مزيجا متناغما من الصناعة الإشتراكية و الصناعة الخاصّة و الإقتصاد الفلاحي. بينما كان ماو يشير بطريقة صحيحة إلى أنّ جميع العناصر الرأسمالية فى المدينة و الريف لا يمكن القضاء عليها حالا، و انّ بعضها سيدوم ردحا من الزمن ،و كان يشرح أنّ الإنتقال إلى المجتمع الإشتراكي قد إنطلق و أنّ محاولة " تعزيز نظام الديمقراطية الجديدة" يعنى وضع الصين على الطريق الرأسمالي. و على الصعيد النظري ، أفصح ماو عن ذلك فى بيانه فى جوان 1952:
" إثر الإطاحة بطبقة الملاكين العقاريين والبرجوازية البيروقراطية ، فإنّ التناقض بين الطبقة العاملة و البرجوازية الوطنية بات التناقض الرئيسي فى الصين؛ و بالتالى يجب أن نكفّ عن نعت البرجوازية الوطنية بأنّها الطبقة الوسطى"(57).

هكذا يشير ماو بوضوح إلى أنّ البرجوازية الوطنية كانت هدفا للثورة الإشتراكية . هل كان ذلك يعنى حينها أنّ كلّ الملكية البرجوازية كان يمكن مصادرتها على الفور، أم أنّ البرجوازية يمكن أن تجرّد من كلّ حقوقها السياسية حالا؟ بالطبع لا، لأنّ واقع الإقتصاد الصيني لا زال يتطلّب أن تساهم فيه بعض قطاعات البرجوازية و أن توحّد الجماهير فى المضيّ اكثر فى الثورة الإشتراكية ،و أن تشنّ حركة الفلاحين الفقراء و الفقراء-المتوسّطين بصورة خاصة لإنجاز مشركة الفلاحة ،و أن توحّد غالبية المثّقفين هم ايضا لخدمة البروليتاريا ، فهؤلاء الأخيرين فى غالبيّتهم كانوا مرتبطين بالبرجوازية الوطنية.

مرّة أخرى ، أكثر فائدة هي كلمات ماو بالنسبة للقارئ من تأويلها من قبل خوجا : " يجد البعض المرحلة الإنتقالية طويلة جدّا و يبدون فاقدي الصبر. ثمّة خطر أن يسقطوا فى خطإ " اليسراوية". و بالعكس ، يراوح آخرون مكانهم منذ إنتصار الثورة الديمقراطية ، فهم لم يفهموا أنّ طابع الثورة قد تغيّر و يواصلون ممارسة " الديمقراطية الجديدة" عوض الإعتناء بالتحويل الإشتراكي . ثمّة خطر أن يسقط هؤلاء فى الخطإ اليميني...

" تركيز نظام مجتمع الديمقراطية الجديدة بقوّة".هذه هي الصيغة الضارة.أثناء المرحلة الإنتقالية، تحدث بإستمرار تغيّرات و تظهر عوامل إشتراكية يوميّا. كيف يمكن عندئذ أن " تركّز بقوّة" نظام الديمقراطية الجديدة" هذا؟... إنّ المرحلة الإنتقالية مليئة بالتناقضات و الصراعات. و نضالنا الثوري الحالي يذهب أعمق من النضال الثوري المسلّح الماضي. إنّها ثورة ستدفن نهائيّا النظام الرأسمالي و كذلك جميع الأنظمة الإستغلالية الأخرى. فكرة " تركيز نظام مجتمع الديمقراطية الجديدة " بقوّة لا تتلاءم وواقع الصراع ، إنّها تعيق تطوّر قضية الإشتراكية. و " المرور من الديمقراطية الجديدة إلى الإشتراكية" صيغة غير واضحة. نكتفى ب" المرور إلى..."، " نمرّ" كلّ سنة، هل سيظلّ الأمر يتعلّق بعد خمسة عشر سنة ، ب" المرور...إلى" ؟ " المرور إلى ..." يعنى ببساطة عدم بلوغ الهدف. قد تبدو هذه الصيغة ، للوهلة الأولى ، مقبولة، لكن عند تحليلها عن كثب ، ندرك أنّها غير دقيقة" (58).

هذا النصّ المكتوب فى 1953 ، يبيّن مدى صحّة خطّ ماو الذى وفقه قد شرعوا بعدُ فى الثورة الإشتراكية ، ما يكذّب تماما كلام خوجا. نرى إذن أنّ إدعاء خوجا القائل بأنّ ماو ينادى بتركيز " نظام ديمقراطي –برجوازي" " بعد التحرير" مجدّدا ، يتعارض مع الواقع. و بعد تحرير الصين ، إعتبر ماو أنّ " نظام الديمقراطية الجديدة" كمرحلة إنتقالية إلى الإشتراكية متميّزة أساسا بموقع قيادي للبروليتاريا ، فى تحالف مع قوى أخرى تقدّمية ، لا سيما جماهير الفلاحين ( سنتناولها بالنقاش فيما بعد). حدث ذلك فى الصين مثلما حدث فى الإتحاد السوفياتي بشكل مختلف قليلا. و علاوة على ذلك ، كلّ من لديه أو على معرفة بالثورة الصينية يعلم أنّه بين السنوات 1952 و 1956، قاد ماو الحزب الشيوعي الصيني صراعا شديدا كانت نتيجته أن أرسى الصينيون جوهريّا القاعدة الإقتصادية الإشتراكية.

و يمثّل النضال الهام فى الريف ، نضال كانت غايته تحويل الملكية الخاصّة للإقتصاد الفلاحي ( التى كانت تميّز مجال الفلاحة) إلى نظام ملكية إشتراكية، أحد الإجازات المفاتيح لهذه الفترة.لقد قاد ماو الفلاحين فى التقدّم إلى أبعد من " فرق التعاون الأوّلية ؛ وقد ركّزت هذه الفرق أثناء الحرب الأهلية فى قواعد الإرتكاز عقب إنجاز الإصلاح الزراعي، و إنتشرت فى الصين بأكملها إثر إنتصار 1949. كان " التعاون" يشتمل عناصر من المستقبل الإشتراكي لكنّه لم يكن كافيا ليغيّر جوهريّا علاقات الإنتاج القديمة، لأنّ الملكية الخاصة ظلّت كما هي. و ناضل ماو لقيادة الفلاحين فى إرساء تعاونيات متطوّرة أكثر، لبلوغ المشركة الجهوية ثمّ للتركيز السريع للكومونات الشعبية العظيمة التى كانت تمثّل الشكل الأساسي لنظام الملكية الإشتراكية فى الريف طوال فترة مديدة نسبيّا ، إلى أن يسمح تطوّر قوى الإنتاج و تعمّق الوعي الإشتراكي للفلاحين بقفزة بفضلها يتمّ تركيز مزارع الدولة أين يصبح الفلاحون عمّالا مأجورين.

و فى سبيل المضي إلى النهاية فى هذه المعركة الكبرى ، كان على ماو أن يناضل ببأس ضد اليمينيين صلب الحزب الذين كانوا يطالبون ب " المكننة أوّلا ، التعاونيّات ثانيا" و الذين كانوا يستشهدون بنموذج الإتحاد السوفياتي ( حيث المشركة لم تتمّ إلى النهاية إلاّ فى بداية الثلاثينات) لتعزيز هذه الأطروحة. شرح ما أنّ تأخير المشركة إلى أن تتمكّن القاعدة الإقتصادية الضعيفة للصين من إنتاج جرارات ، سيمثّل كارثة بالنسبة للثورة.عقب إنجاز الإصلاح الزراعي ، بسرعة تطوّر الإستقطاب فى صفوف الفلاحين ، أي أن بعض الفلاحين صاروا يعيشون فى رفاه ، بينما ظلّ آخرون فقراء نسبيّا. أشار ماو إلى أنّه لو سمحنا بتطوّر هذا الوضع دون عوائق ، فإنّ تحالف العمّال و الفلاحين سيتحطّم؛ هذا التحالف الذى كان يمثّل ذات قاعدة الثورة الصينية خلال مرحلة الديمقراطية الجديدة و كذلك خلال المرحلة الإشتراكية (و إن كان تحالف المرحلة الإشتراكية من مستوى أرقى).
فى المدن ، المؤسسات الرأسمالية التابعة للدولة ( التى كما سبقت الإشارة إلى ذلك لم تمثّل قطّ غالبية مؤسسات جمهورية الصين الشعبية) و المؤسسات المختلطة وقع تحويلها إلى ملكيّة إشتراكية للدولة.و يجب أن نلاحظ أن فى عديد الحالات ، كان المالكون السابقون لهذه المؤسسات يتقاضون فائدة قارّة عن الملكية التى وقعت مصادرتها ، ما مثّل فعلا شكلا من إستغلال اليد العاملة. و كانت هذه السياسة قائمة على عدّة عوامل . أوّلا ، نظرا للمرحلة الديمقراطية الطويلة نسبيّا للثورة الصينية ،وجدت عديد العناصر من البرجوازية الوطنية قبلت ببعض التغييرات زو فى نفس الوقت الذى كان يتابع فيه القضاء على البرجوازية كطبقة ، إعترف ماو ببعض المميزات التكتيكية لعدم إعتبارها كعدوّ لدود للثورة كلّ شخص برجوازي.ثانيا، كانت البرجوازية تملك خبرة لا زالت ضرورية لسير بعض المصانع إلخ. و هذه السياسة لا تختلف أبدا عن سياسة لينين المعروفة جدّا عن " تشحيم الساق" للتقنيين و لمديري الطبقة الرأسمالية القديمة ، من أجل أن يساعد هؤلاء الدولة السوفياتية؛ و قد تواصلت هذه السياسة السوفياتية طوال أغلب الثلاثينات و كانت تمثّل إتفاقا ضروريّا(59).
و هم يريدون جعلنا نفهم أن التحويل الإشتراكي الحقيقي لم يحدث قطّ فى الصين ، يستعمل خوجا و آخرون تواصل دفوعات الفوائد لسنوات عديدة بعد التحويل الإشتراكي للصناعة. و هذا تشويه فظّ للواقع.

منذ إنجاز تأميم وسائل الإنتاج ، لم يعد ممكنا وصفها بالمؤسسات الرأسمالية. كانت المؤسّسات حالئذ مملوكة للشعب بأسره فى شكل ملكية الدولة. و كانت مستويات الإنتاج و التخطيط معتمدة على الحاجيات الإجتماعية المذكورة فى مجملها فى مخطّطات الدولة نو ليس على متطلّبات السوق،و لا الحاجة إلى تحقيق فوائد. لم يكن بوسع الملاكين القدماء بأيّة تعلّة لا أن يبيعوا و لا أن يتركوا لغيرهم ملكيتهم السابقة ،و كذلك الفائدة الدنيا التى كانوا يحصلون عليها من هذه الممتلكات لم يكن من الممكن إستثمارها كرأسمال. و حتى فى المؤسسات أين أبقي على الملاكين القدامى ليمارسوا وظائف معيّنة ، لم يكونوا يحدّدون ظروف العمل و لا ضوابطه إلخ. ما من شخص كان بإمكانه تملّك ثمرة اليد العاملة. إجمالا، لم توجد جوهريّا علاقات رأسمالية فى القطاع الصناعي. و من البديهي أنّ الفوائد التى يحصل عليها الرأسماليون كانت نابعة من اليد العاملة للطبقة العاملة، ما يمثّل ن بالفعل، ضربا من الإستغلال. كذلك، عندما يستورد بلد إشتراكي سلعا أساسية من البلدان الإمبريالية و يلتزم بدفع الفوائد ( مهما كان شكلها)، فإنّ هذا يمثّل أيضا شكلا من الإستغلال الإمبريالي. و مع ذلك، فإنّ الدغمائيين و الماديين الميكانيكيين هم الوحيدون الذين يدّعون (مثلما يفعل خوجا) أنّ بلدا إشتراكيّا أكان صغيرا او كبيرا ، لا يمكنه أبدا ان يسمح لنفسه بأن يحصل على قروض من البلدان الإمبريالية. فهذا يتناقض مباشرة مع سياسة لينين الذى كان يقبل بمثل هذه الإتفاقيّات عندما كانت الظروف مواتية؛ و كذلك ، معروف جدّا أن ستالين قد ورّد عديد المصانع الكاملة مصدرها مؤسسات غربية( بما فيها شركة محرّكات فورد). ( يجب بالأحرى نقد لا تقليد سياسة ستالين هذه، لكن قمّة النفاق أن يتظاهر خوجا ، هنا و فى أماكن أخرى، بأنّه يساند ستالين لأجل معارضة ماو ، بينما يغمض عينيه عن الممارسة الحقيقية لستالين كلّما رأى ذلك فى صالحه؛ و فعلا ستالين و ليس أنور خوجا هو المحقّ فيما يتعلّق بالمسألة العامة موضوع الحال ، أي هل من الصحيح أم لا الإقتراض إلخ فى ظروف معيّنة).

نلمح إلى هذا لأجل التشديد على كون حتى لمّا تكون علاقات الإنتاج الإشتراكية قد تركّزت بصلابة ، يمكن أن تظلّ موجودة بقايا علاقات هي بالفعل رأسمالية ، على غرار هذا المثال من دفع الفوائد. تمثّل هذه المسألة برمّتها من وجود عناصر رأسمالية حتى ضمن النظام الإشتراكي مشكلا سعى ماو جهده جدّيا لمعالجته كما سنلمس ذلك فيما بعد. و كذلك ،خاض ماو بهذا الصدد صراعا طبقيّا جدّ حيوي ضد المستغلِّين.

و من المعروف أيضا ( رغم أنّه يبدو أن خوجا قد نسي ذلك) أن الممارسة التى وفقها كانت الفوائد تدفع للملاكين القدامى قد ألغيت تماما أثناء الثورة الثقافية. ألا يقدح القادة الصينيون لهذا السبب فى " الأربعة"(وفى الواقع ماو) متهمينهم ب" إساءة معاملة البرجوازية الوطنية" ، و يقترحون أن يعيدوا لهذه البرجوازية الوطنية ممتلكاتها بالكامل و أن يعيدوا تركيز دفع الفوائد؟ - هذا وهم يعرّضون بسرعة الصين إلى إستغلال إمبريالي حقيقي على نطاق واسع !

بطبيعة الحال ، هذا النوع من التحويل للقاعدة الإقتصادية أثناء السنوات الأولى للجمهورية الشعبية لم يتحقّق دون صراع محتدم فى البناء الفوقي، أي مؤسسات الدولة ،و الحزب و مجالات التعليم و الثقافة، و ميدان الإيديولوجيا عامة. تنبّؤ ماو بأنّ الصراع الطبقي فى الجمهورية الفتيّة سيتركّز حول " تقييد الرأسمالية و مقاومة تقييدها" ثبتت صحّتها. ذلك أن الكثير من القوى البرجوازية التى إتفقت مع النظام الشعبي إزدادت معارضتها له مع تعمّق الثورة الإشتراكية.

وقد بلغ هذا الصراع نقطة خطيرة فى السنوات 1956-1959 ، فترة حيوية فى الصراع الطبقي فى الصين. فى تلك الفترة ، قاد ماو الصراع من أجل تركيز الكومونات الشعبية و أيضا مظاهر أخرى من القفزة الكبرى إلى الأمام، للتسريع فى سير الثورة الإشتراكية و إرساء علاقات إنتاج إشتراكية جديدة، فى نفس الوقت الذى يقع فيه التقدّم بالإقتصاد وفق المبادئ افشتراكية. و علاوة على ذلك ، فى هذه الفترة بالذات إنتصرت التحريفية السوفياتية ، إنتصار أعلن عنه بوضوح ما سمّي " الخطاب السرّي" لخروتشاف أمام المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي للإتحاد السوفياتي. و بالطبع ما كان الخطاب بتاتا" سرّيا" إلاّ أنّه مثّل بالعكس إشارة للتحريفيين داخل أحزاب العالم بأسره ( بما فى ذلك بالتأكيد فى الصين) ، إشارة لإطلاق العنان لهؤلاء التحريفيين ليصارعوا من أجل الخطّ التحريفي. و فى نفس الوقت ، برز عديد المعادين للثورة فى بلدان معيّنة من أوروبا الشرقية، لا سيما فى المجرّ و بولونيا،متسبّبين فى إضطرابات تحت يافطة معارضة الدكتاتورية و المطالبة بالديمقراطية (البرجوازية). و قد إنعكس هذا الوضع على الصين ، لا سيما ضمن المثقفين البرجوازيين.

فى هذا الإطار ، أطلق ماو حملة " المائة زهرة " التى كان شعارها " لتتفتّح مائة زهرة و لتتنافس مائة مدرسة". و رغم عدم قيامه بأي تحليل حقيقي لهذه الحركة ، يستعمل خوجا هذا الشعار ليدّعي أن ماو كان يقترح أنّه " بموازاة الإيديولوجيا البروليتارية نو المادية و الإلحاد ، يترتّب علينا أن نسمح كذلك بالإيديولوجيا البرجوازية والمثالية و الدين ،بنموّ " أعشاب سامّة" إلى جانب " الأزهر ذات الرائحة الجميلة" إلخ" (60)

لكن فى الواقع إن تفحّصنا جدّيا نصوص ماو لتلك الفترة ن نرى بغاية الوضوح أن هدف حملة " المائة زهرة" كانت بالضبط عكس ما يدّعيه خوجا.

لقد حلّل ماو أنّ فى المجتمع الصيني لا تزال توجد طبقات عدائية ( البرجوازية و البروليتاريا ) و أنّ الصراع بين هذه الطبقات لم يكن يوشك على الإضمحلال أو الإلغاء بإصدار هذا أو ذاك من القوانين وعلاوة على ذلك ، كانت هناك أيضا عدّة تناقضات فى صلب الشعب، بمن فيهم العمّال و الفلاّحين،و إذا لم تعالج بطريقة صحيحة ، كان من الممكن أن تصبح هذه التناقضات عدائية، مؤدّية هكذا إلى كارثة بالنسبة للثورة . و من هنا ، كان ماو يواجه بالملموس وضعا صعبا ناجما عن وجود نوعين مختلفين من التناقضات، التناقضات العدائية و التناقضات غير العدائية، و هذان النوعان لا ينفيان بعضهما البعض و إنّما كانا مرتبطان إرتباطا وثيقا الواحد بالآخر و يمكن أن يتحوّلا الواحد إلى نقيضه.

يتجسّد التناقض مع المثقّفين من جهة ،فى أنّ غالبيتهم كانوا يساندون النظام الشعبي بينما ، من جهة أخرى، كان عليهم أن يتابعوا إعادة تربيتهم و أن يتخلّصوا من الإيديولوجيا البرجوازية.لقد كان هذا التناقض أساسا غير عدائي و كان يجب بالتالى معالجته بواسطة النقاشات و الصراعات و ليس بالإجبار أو بنزع حقوق هؤلاء المثقفين . و فى نفس الوقت ، كان من البديهي جدّا أنّ التناقض مع المثقّفين البرجوازيين الذين لم تقع إعادة تربيتهم يخصّ التناقض العدائي مع المعادين للثورة،و أنّ عددا من المواضيع التى كان القادة اليمينيون ياكّدون عليها فى صفوف الحزب و خارجه كانت ترمى إلى تعبئة هؤلاء المثقفين الذين كانوا يشكّلون القاعدة الإجتماعية الضرورية لمهاجمة النظام الإشتراكي.

عند صياغته لتفكيره حول المسألة ، كان ماو متأثّرا أيضا بتقييمه لتجربة الإتحاد السوفياتي ، ليس فقط لتطوّر تحريفية خروتشاف ، بل أيضا أخطاء ستالين ، لا سيما فى مطلع الثلاثينات، عندما تمّ التحويل الإشتراكي الجوهري للصناعة و الفلاحة. أعلن ستالين حينها أنّه لم تعد توجد طبقات عدائية فى الإتحاد السوفياتي ، فضلا عن كونه لم يعترف بإمكانية أن تتطوّر مثل هذه الطبقات . وفيما بعد سنتطرّق للمسألة الجوهرية لصراع الطبقات فى ظلّ الإشتراكية ، لكن يجب أن نلاحظ هنا أنّه حتى فى تلك المرحلة الأولى من الثورة الصينية ، مرحلة حيث لم تكن بعد مسألة برجوازية جديدة تنشأ صلب الحزب و الدولة المسألة الرئيسية ، فإن نقد ماو لأخطاء ستالين هذه قد أثّر كبير التأثير فى تطوّر توجهه الخاص. كان ماو يعترف بأنّ غياب التمييز بين هذين النوعين من التناقضات ، و الخلط بينهما ، سيؤدّى أوّلا إلى نكران إمكانية إعادة تركيز الرأسمالية و الحاجة إلى ممارسة دكتاتورية ضيّقة و ممكنة ضد الذين يحاولون إعادة تركيز الرأسمالية هذه ، و ثانيا ، إلى نقص فى فهم أنّ التناقضات صلب الشعب يجب أن تعالج بطريقة مختلفة ، أي بالنقاش و الصراع. و عدم القيام بهذا سيسفر تحوّل التناقضات غير العدائية إلى تناقضات عدائية ،مفاقمة هكذا إمكانية أن تتحد قطاعات عريضة من الشعب مع الثورة المضادة و أن تُستنهض كقوى إجتماعية تساند إعادة تركيز الرأسمالية .هذا هو المشكل ، و ليس " الليبرالية " وهو الذى عبّر عن عمق سياسة " لتتفتّح مائة زهرة و لتتنافس مائة مدرسة " المقترحة من قبل ماو.

وقد فهم أنّ صراع الطبقات سيستمرّ فى ظلّ النظام الإشتراكي الجديد و قد أقرّ بانّ صراعا هاما فى الأفق ( بفعل إلتقاء ظروف محلّية و عالمية مذكورة أعلاه ) ، أطلق ماو نداء " لتتفتّح مائة زهرة و لتتنافس مائة مدرسة". كان يتمّ تشجيع الناس ليعبّروا بوضوح عن آرائهم حول الحزب الشيوعي و حول ما يعتقدون أنّها نواقص الحزب، و ليناقشوا شتى المسائل على جبهة الثقافة و التعليم و العلم. و فى نفس الوقت ، أشار ماو إلى أنّه ما كان ممكنا السماح للمعادين للثورة بمثل حرّية التعبير هذه ( محدّدا كمعادين للثورة خاصة العناصر المكشوفة و المعيّنة كذلك خلال الحركات الهادفة لسحق المعادين للثورة فى بداية الخمسينات): و أهمّ حتى ، طوّر ماو المقاييس لمساعدة الجماهير على التمييز بين " الأزهار ذات الرائحة الجميلة " و" الأعشاب السامة ": "حرفيّا، الشعاران " لتتفتّح مائة زهرة " و " لتتنافس مائة مدرسة " ليس لهما طابع طبقي إذ يمكن أن تستعملهما البروليتاريا و كذلك البرجوازية و آخرون. لكلّ طبقة ، كلّ شريحة و كلّ فئة إجتماعية مفهومها للأزهار ذات الرائحة الجميلة و للأعشاب السامة. بيد أنّه عندئذ ، من وجهة نظر الجماهير الشعبية العريضة ، ما هي المقاييس اليوم التى تسمح بالتمييز بين الأزهار ذات الرائحة الجميلة و الأعشاب السامة ؟ كيف يمكننا فى مجرى حياة شعبنا السياسية التمييز بين الخطأ و الصواب فى أقوالنا و أفعالنا؟ إنّنا نرى أنّه ، بالإستتناد غلى مبادئ دستور بلادنا و إرادة الأكثرية الساحقة من شعبنا و بالإستناد إلى الموقف السياسية المشتركة التى أعلنتها جميع الأحزاب و الجماعات السياسية فى بلادنا فى مناسبات مختلفة ، يمكننا أن نضع لذلك ، على وجه عام ، المقاييس الآتية :

1- أن تساعد أقوالنا و أفعالنا على توحيد الشعب من مختلف القوميات فى بلادنا ، لا أن تعمل على تفريقه.
2- أن تساعد على التحويل الإشتراكي و البناء الإشتراكي ، لا أن تضرّ بما.
3- أن تساعد على توطيد الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية، لا أن تقوضها أو تضعفها.
4- أن تساعد على توطيد المركزية الديمقراطية، لا أن تهدمها أو تضعفها.
5- أن تساعد على تعزيز قيادة الحزب الشيوعي ، لا أن تحاول التخلّص منها أو تضعفها.
6- أن تساعد على التضامن الأممي الإشتراكي، و التضامن الأممي بين جميع الشعوب المحبة للسلام فى العالم، لا أن تلحق بهما ضررا أو أذى.
و أهمّ هذه المقاييس الستّة هو مقياس الطريق الإشتراكي و مقياس قيادة الحزب."( 61)
[ص 50 من "مقتطفات من أقوال الرئيس ماو"]

لم يكن ماو ينشر أوهاما حول ما إن كان اليمينيون البرجوازيون سيتبعون هذه المقاييس أثناء الصراعات القادمة. بالعكس تماما: كان يتوقّع أن يشنّ اليمينيون هجوما خبيثا ضد قيادة الحزب، وضد الطريق الإشتراكي كأمثالهم فى المجرّ . كان يعلم أنّ اليمينيين سيكشفون أنفسهم ، سواء " سمح لهم" الحزب بذلك أم لم يسمح ، و أنهم سيحاولون تعبئة الرأي العام لصالح إعادة تركيز الرأسمالية. فى صياغته للمقاييس الستّة ( و فى تشديده على إثنين منهما ) ، يوفّر ماو أفضل أرضية ممكنة حتى تستطيع الجماهير أن ترسم خطّ تمايز ضمن سيل الآراء السياسية المتنوّعة التى كانت ستتطوّر بالتأكيد.
خلال الأسابيع الأولى من حملة " المائة زهرة " ، فى ربيع 1957، شُنّ هجوم كامل ضد الحزب من قبل الرابطة الديمقراطية ، وهي حزب برجوازي شارك فى حكومة الجمهورية الشعبية ، و من قبل جريدة وانهيو باو المرتبطة من قريب جدّا بالرابطة و معبّرة عن وجهة النظر السياسية للبرجوازية الوطنية. إضافة إلى ذلك ، حدثت ظاهرة إلتحاق أعضاء من الحزب بهذا الهجوم المسعور. لقد أطلق اليمينيون نداء لتركيز " ديمقراطية " من النمط الغربي ، مطالبين بأن ينزل الحزب الشيوعي من" الكرسي المحمول". و علّقت ملصقات تطالب بذات الأمور فى معاقل اليمينيين، لا سيما فى الجامعات و جدّت أيضا أحداث سيّئة إذ وقع تقطيع ملصقات تساند الحزب و هُوجم أشخاص إلخ.

لقد إختار ما وان لا يردّ فى الحال ، و أن ينتظر بضعة أسابيع حتى يظهر اليمينيون البرجوازيون و يكشفوا أنفسهم و حتى يُسرع أعضاء الحزب الذين لهم ذات الأفكار و البرنامج إلى الدفاع عنهم. لكن هذه السياسة كانت أبعد من ان تكون تعايشا سلميّا بين الخطّ البرجوازي و الماركسية - اللينينية. و قاد ماو الجماهير الشعبية فى شنّ هجوم مضاد قويّ ضد اليمينيين البرجوازيين ممّا إضطرهم، تحت نيران الحزب و الجماهير، إلى التراجع بسرعة كبيرة ، فتعزّزت قيادة الحزب فى صفوف الجماهير . و قد إتهمت الصحافة الغربية و إتهم اليمينيون الصينيون ماو بأسى بأنّه قد " إستغفل" اليمينيين ، سامحا لهم بكشف برنامجهم الرجعي لغاية وحيدة هي سحقه.

وقد أجاب ماو على ذلك قائلا :
" على هذا النحو ، كان على الجماهير أن تميّز من الذى كان ينقد بنيّة حسنة و من كان يعبّر عن نيّة سيّئة فى ما يسمّى نقدا ، ما خوّل لنا تركيز القوى لنمرّ إلى الهجوم المضاد فى اللحظة المناسبة. ويتحدّث البعض عن مآمرة نسجت خيوطها فى الظلّ . و نحن نقول إنّها عملية جرت فى وضح النهار. لأنّنا حذّرنا أعداءنا : لا نستطيع القضاء على الجنيّ الشرير إلاّ بعد أن ندعه يظهر أوّلا، لا يمكن إستئصال الأعشاب السامة إلاّ بعد أن تخرج من الأرض. ألا يقوم الفلاحون بعديد عمليّات العزق سنويّا؟ و إضافة إلى ذلك، فإنّ الأعشاب المقتلعة يمكن أن تسعمل كسماد. سيبحث الأعداء الطبقيون دائما عن الظهور. لا يستسلمون لخسارة السلطة و أملاكهم. رغم كلّ تحذيرات الحزب الشيوعي الذى أعلم بوضوح مبادءه الإستراتيجية الجوهرية لأعدائه، فإ،ّ هؤلاء لن يكفّوا عن هجماتهم. الصراع الطبقي أمر موضوعي مستقلّ عن إرادة الإنسان، يعنى لا مفرّ منه. و حتى لو أردنا تجنّبه فلن نفلح. مفروض علينا خوضه حسب قوانينه، بهدف إحراز الإنتصار" (62)

إحراز الإنتصار فى هذا الصراع خلال حملة " المائة زهرة " هذا بالضبط ما توصّل إليه ماو. لقد جرى إيقاظ وعي الجماهير و هذه الأخيرة بالتأكيد لم تسمح بالهجمات المسعورة ضد مكاسب الثورة و التحويلات الإشتراكية التى كانت تحصل. تراجع اليمينيّون غير أنّ ماو إقتفى أثرهم و شدّد على عدم تركهم يهربون من الموقف السيّئ الذى وجدوا فيه مقابل بعض الكلمات التقية من النقد الذاتي . و الذين شاركوا فى النشاطات المعادية للثورة ( ثمّة هجمات و حتى جرائم إقترفها اليمينيون البرجوازيون) وقع إيقافهم و ووقعت إحالتهم على العدالة. و رغم مساعى خوجا لتصوير ماو على أنّه ليبرالي كان يريد أن يحيط به معادون للثورة ، أكّد ماو بجلاء كبير فى خضمّ الهجوم المضاد ضد اليمينيين البرجوازيين :
" يجب إبعاد كلّ معاد للثورة . ولتكن الإعدامات بأقلّ عدد ممكن دون، مع ذلك ، إلغاء الإعدام و لا إعلان العفو العام... و العناصر السيئة المعروفة بسوئها لدى العموم يجب أن تعاقبها العدالة. حاليا، بعض موظّفي العدالة و الأمن العام لا يقومون بواجبهم مبقين أحرارا الذين يجب إيقافهم و إدانتهم ؛ إنهم مخطئون . لئن لم يكن من الجيّد توجيه العقاب الزائد ، ليس جيدا كذلك إصدار أحكام متسامحة أكثر من اللازم. فى الوقت الحالي ، فى يكمن الخطر فى النزعة الأخيرة " (63).
إضافة إلى ذلك ، تعرّض الذين إعتبروا يمينيين برجوازيين فى صفوف الحزب و خارجه لتقليص حقوقهم السياسية. و بالفعل ،فقط بعد وفاة ماو ، أعيدت للرجعيين حقوقهم ،من قبل هواو كوفينغ و دنك سياو بينغ إثر الإنقلاب التحريفي.
إستمرّت حملة " مائة زهرة " إلى نهاية سنة 1958. و مع ذلك ، بعد صائفة 1957 لم يعد اليمينيون فى موقع الهجوم و صارت الملصقات و التعاليق فى الجرائد بيد الجماهير العريضة ، خاصة العمّال و الفلاحون.و ظلّ هناك نقد للحزب الشيوعي ، إلآّ أنّ طابعه كان مغايرا تماما ، إذ كان قائما فعلا و قولا على المقاييس الستّة التى صاغها ماو. و إستخدم هذا النقد لتقوية الحزب الشيوعي و تعزيزه. و قد أدّى النقاش الذى حدث على نطاق واسع فى صفوف الجماهير إلى إدراك هذه الأخيرة بصفة أعمق لخطّ الحزب و طبيعة الثورة الإشتراكية ، و رفع تصميمها و قدرها على مواصلة هذه الثورة.
و مثلما أشار غلى ذلك ماو ، حملة " مائة زهرة " كانت مدرسة للحزب ذاته و للجماهير. و أبدى ماو الملاحظة التالية : " لا يجب أن يخشى الماركسيون النقد مهما كان مأتاه. بالعكس يجب أن يصلّبوا عودهم و أن يتقدّموا و يكسبوا مواقعا جديدة فى خضمّ النقد وأتون الصراع .الصراع ضد الأفكار الخاطئة نوع من التلقيح ، و بفضل عملية التلقيح ، تتعزّز مناعة الجهاز. فالنباتات المزروعة فى بيوت مكيّفة لا يمكن أن تكون قوية. سياسة " لتتفتّح مائة زهرة و لتتافس مائة مدرسة "، بعيدا عن إضعاف الموقع القيادي للماركسية فى المجال الإيديولوجي، و بالعكس عزّزه.

ما هي السياسة التى يجب أن نتوخّاها إزاء الأفكار غير الماركسية؟ عندما يتعلّق الأمر بمناهضين أكيدين للثورة و بعناصر تخرّب قضية الإشتراكية ، فالمسألة يسيرة الحلّ: نمنعهم بكلّ بساطة من حق التعبير. لكن عندما يتعلّق الأمر بأفكار خاطئة موجودة صلب الشعب فإنها مسألة أخرى. هل يمكن أن نمنع هذه الأفكار و أن لا ندع لها أية إمكانية لتعبّر عن ذاتها ؟ بالطبع لا. سيكون ليس فحب غير فعّال ، و إنّما أيضا فى منتهى الضرر أن نتبنّى الطرق البسيطة لمعالجة المسائل الإيديولوجية صلب الشعب، المسائل المتعلّقة بعقل الإنسان. يمكن أن نمنع التعبير عن الأفكار الخاطئة لكن مع ذلك ستظلّ موجودة. و الأفكار الصحيحة إذا ما نمت فى بيوت مكيّفة ، إذا لم تتعرّض إلى الريح و المطر ، إذا لم تكن لها مناعة ، لن تستطيع الإنتصار على الأفكار الخاطئة حينما تواجهها. و بالتالى ، فقط عبر طريقة النقاش و النقد و المحاججة نستطيع حقّا أن نطوّر الأفكار الصحيحة و نقضي على الأفكار الخاطئة و نعالج المشاكل" (64).

هكذا نرى أنّ مظهري حملة " مائة زهرة" التى هاجمها خوجا و الدغمائيون التحريفيون ( و التحريفيون الخروتشافيون الذين نعتوها حينها زورا ب" الليبرالية" )، أوّلا ، كانت الحملة تمثّل محاولة للإلتفاف على تيّار مضاد للثورة و التصدّى له ، تيّار يتطوّر فى الصين نظرا للتحويلات الإشتراكية و مصادرة ممتلكات البرجوازية الصينية ،و تقدّم التحريفية على النطاق العالمي ( خاصة فى الإتحاد السوفياتي ، و لكن أيضا منذ الإنتفاضة المعادية للثورة فى المجرّ). ثانيا، تمثّل حملة " المائة زهرة" نداء لنقاش إيديولوجي ضمن الجماهير على نطاق وطني ؛ و هذا النقاش لم يكن إلاّ أن يؤدّى إلى تعميق تأثير الماركسية - اللينينية فى صفوف البروليتاريا و الشعب الصيني.

يمكن أن نتساءل لماذا يهتاج الدغمائيون التحريفيون إزاء حملة " مائة زهرة". بالطبع ، من البديهي أن هذه الحملة تسمح لخوجا و جماعته بفرصة ممتازة ليستشهد بماو كما يعنّ له، بهدف قلب الحقيقة و أن يقدّمه زورا على أنّه مجرّد ليبرالي. و لكن الأهمّ هو أنّ حملة " المائة زهرة " تجعل خوجا يفقد عقله لأنّ الفهم السياسي الذى يذهب فى أساسه ضد وجهة نظره الميكانيكية و الخاطئة فيما يتصل بتطوّر الإشتراكية.وفق وجهة النظر المهيمنة الحالية ضمن الحزب الألباني ، يمكن للجماهير أن تبلغ تبنّى الماركسية و نبذ الإيديولوجيا البرجوازية ن ليس أثناء الصراع الضاري بين الخطّين و الطريقين ، ليس عبر إطلاق إعصار من النقاشات و النضالات ، لكن من خلال سيرورة منظّمة تماما و " دون إنقطاعات" حسبها ببساطة يربّى الحزب الجماهير. هذه النظرة هي التى تقود خوجا ، مثلما سنرى ذلك لاحقا ، إلى تقييمه المعادي للثورة للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى.

و بالرغم من انّ التحليل الشامل لكامل خطّ خوجا و ممارسة الحزب الألباني بصدد الصراع الطبقي فى ظلّ الإشتراكية. لنر ،مثلا، مقتطفا من الدستور الأباني الجديد، المتبنّى فى نهاية سنة 1976:
" فى الجمهورية الشعبية الإشتراكية الألبانية ، لا توجد طبقات إستغلالية ، لقد وقع إلغاء الملكية الخاصة و إستغلال الإنسان للإنسان، وهي ممنوعة ". (65)

لكن رغم فصول الدستور الألباني و رغم أنّ السيد خوجا يريد منع الطبقات المتعادية ، فإنّها مع ذلك موجودة فى ألبانيا كما وجدت و توجد بعدُ فى الصين. و يبيّن هذا الفصل بالذات الخلط بين الأشكال القانونية و الواقع الإجتماعي. وفى الفترة التاريخية الحالية، يعدّ هذا الخلط تنكّرا واعيا للماركسية.
و نظرا لأنّ خوجا لا يعترف بوجود الطبقات العدائية خلال المرحلة الإشتراكية ، إثر مصادرة املاك البرجوازية ( موضوع سنتطرّق له له فيما بعد) ، لا يمكنه إدراك كيفية معالجة التناقضات ذات الطبيعة المختلفة صلب المجتمع الإشتراكي و ينتهى حينئذ بالضرورة إلى السقوط فى كافة ألوان الإنحرافات " اليسارية " و اليمينية. و تؤدّى هذه الإنحرافات ن فى المصاف الأوّل ، إلى أن تتحوّل التناقضات عدائية، مقوّضة أساس بلوغ التحويل الإشتراكي.
و يرتبط نقد خوجا لحملة " مائة زهرة " و ما يسمّى ب " ليبرالية " ماو إزاء البرجوازية الوطنية ، عن كثب بنقده لسياسة الحزب الشيوعي الصيني الذى كان يسمح بوجود بعض الأحزاب السياسية البرجوازية ، سامحا لها حتى بصوت محدود ضمن الأجهزة القيادية للدولة. يستخرج خوجا هذا الإستشهاد من مؤلفات ماو :

" فى آخر المطاف ، هل من الأفضل أن يكون لنا حزب واحد أم عدّة أحزاب؟ من الأفضل أن تكون لنا عدّة أحزاب ، على ما يبدو لنا.كان الأمر كذلك فى الماضي و يمكن أن يكون كذلك فى المستقبل. إنّه التعايش الطويل الأمد و المراقبة المتبادلة ".(66)

و تعليق خوجا هو :
" كان ماو يعتقد أنّه من الضروري أن تساهم فى السلطة و فى إدارة البلاد ، أحزاب برجوازية لها ذات الحقوق و ذات صلوحيّات الحزب الشيوعي الصيني. و أكثر من ذلك، هذه الأحزاب البرجوازية " التاريخية" حسب قوله، لا يمكن أن تضمحلّ قبل أن يضمحلّ الحزب الشيوعي الصيني ، بصيغة أخرى ، إنهم مدعوّون للتعايش حتى الشيوعية ".(67)
و من جديد ، من المفيد أن ندع ماو يعبّر عن ذاته بذاته:

" الحزب الشيوعي و الأحزاب الديمقراطية جميعها إفراز للتاريخ. و كلّ إفراز للتاريخ يجب أن يضمحلّ فى يوم ما، مثلما ستضمحلّ الأحزاب الديمقراطية . و هل سيكون ذلك شاقا جدّا؟ لا . أعتقد أنّنا سنكون جدّ فرحين لذلك. إذا فى يوم ما لم نعد فى حاجة إلى حزب شيوعي و لا لدكتاتورية البروليتاريا ، أعتقد أنذلك سيكون حقّا أمرا جيّدا. و مهمّتنا تتمثّل تحديدا فى الإسراع بإضمحلالها.ووجهة النظر هذه قد عبّرنا عنها بعدُ فى عدّة مناسبات سابقة.

بيد أنّه فى الوقت الراهن، الحزب البروليتاريا و دكتاتورية البروليتاريا مطلقي الضرورة ، و يجب مواصلة تعزيزهما و إلاّ لن يكون من الممكن أن نقمع المعادين للثورة و أن نقاوم الإمبريالية و نبني الإشتراكية و لا أن نعزّزها عندما نكون قد بنيناها. نظرية لينين حول الحزب البروليتاري و دكتاتورية البروليتاريا لم تصبح بتاتا " غير صالحة" كما يدّعى البعض." (68)

نلمس إذن أن المعنى الحقيقي لما قاله ماو بالكاد يشبه تأويل خوجا له. حينما يقول خوجا إنّ الأحزاب الديمقراطية كانت " تاريخية " علينا أن نفترض بأنّه يحيل إلى ملاحظة ماو بأنّ الحزب الشيوعي هو و الأحزاب الديمقراطية الأخرى " جميعها إفراز للتاريخ " و هذا الأمر بديهي كما هو بديهي أنذ الحزب الشيوعي و الأحزاب الديمقراطية ستنتهى إلى الإضمحلال مستقبلا. لم يقل ماو إنّ الأحزاب الديمقراطية ستوجد طالما و طوال المدّة التى سيوجد فيها الحزب الشيوعي ، بصيغة أخرى إلى بلوغ الشيوعية.

كانت سياسة ماو بصدد " التعايش الطويل الأمد و المراقبة المتبادلة " بين الحزب الشيوعي و الأحزاب الديمقراطية، مرتبطة مباشرة بالظروف الواقعية لتطوّر الثورة الصينية. و إعتبارا لأنّ الثورة الصينية تضمّنت مرحلة ديمقراطية طويلة نوعا ما ، كان فى آن من الطبيعي و الصحيح أنّ بعض الأحزاب البرجوازية التى كانت تعارض الإمبريالية و الإقطاعية إلى درجات مختلفة ، و التى كانت على إستعداد للعمل مع الحزب الشيوعي ، أن نهض بدور معيّن فى النظام الجديد. لم تكن المسألة ببساطة مسألة بذل الجهود لبلوغ الوحدة مع القادة البرجوازيين فى المراتب العليا لهذه الأحزاب،وو إنّما بالأحرى ، التوحّد مع قطاعات شعبية كانت تأثّر فيها و تغييرها. و كانت هذه القطاعات الشعبية تمثّل قوّة إجتماعية هامّة.
وفى نفس الوقت ، أشار ماو بوضوح إلى أنّ كلّ تعاون بين قيادة الحزب الشيوعي و الأحزاب الديمقراطية يجب أن يعتمد على قيادة الحزب الشيوعي و على موافقة الأحزاب الديمقراطية على الإنتقال إلى الإشتراكية. و إدّعاء خوجا كون الحزاب الديمقراطية كانت تمتّع بذات حقوق و صلوحيات الحزب الشيوعي عبثيّة. فيما يتصل ب " حق" قيادة الحزب و " صلوحياته" ، إنّه بالطبع الحزب الشيوعي هو الذى كان يتحمّل المسؤولية ،و قيادته هي القاعدة الوحيدة التى عليها تنهض المشاركة مهما كانت طبيعة الأحزاب الديمقراطية .

لم تكن لدى ماو أوهام فيما يخصّ دور الأحزاب الديمقراطية. و قد أشار إلى أنّ هذه الأحزاب كانت تعارض الكثير من سياسات الحزب الشيوعي ،و أنّه كانت لديها مفاهيم أخرى للعالم ،وفى نفس الوقت ، أكّد: " كانوا فى المعارضة، مع أنّهم ليسوا فيها؛ يمرّون عادة إلى المعارضة إلى عدم المعارضة".(69) فقط أثناء المرور من عدم المعارضة يمكن على المدى الطويل أن يتحقّق التعاون! و كان ماو يرغب فى إنقاذ هذه الإمكانية.

بيد أنّه أقام التحضيرات لإمكانية أخرى : أن تتحوّل الأحزاب الديمقراطية إلى موقع معاداة الثورة. و قد أكّد بجلاء سنة 1957 ، فى بداية حملة " مائة زهرة " :
" التعايش الطويل الأمد للحزب الشيوعي و للأحزاب الديمقراطية، هذا ما نريده و هذه هي أيضا سياستنا. أمّا معرفة هل أنّ الأحزاب الديمقراطية يمكن أن توجد طوال فترة طويلة، هذا لا يتوقّف ببساطة على إرادة الحزب الشيوعي وحده ، و هذا أيضا مرتهن بسلوك الأحزاب الديمقراطية و إنطلاقا من الثقة التى يضعها فيها الشعب." (70).

و من ثمّة ، يحدّد ماو بأنّ " الشروط التاريخية " لتفكيك هذه الأحزاب البرجوازية و إضمحلالها ليست ذات الشروط التاريخية للحزب الشيوعي ذاته." هذا أيضا مرتهن بسلوك الأحزاب الديمقراطية " لا يمكن إلاّ أن يعني: ان يقبلوا أو لا بالتغييرات الإشتراكية ؛ " الثقة التى يضعها فيها الشعب " تترجم الموقف تجاه العمّال و الفلاحين و إن كانت بعد لهذه الأحزاب قاعدة إجتماعية يتعيّن التوحّد معها و كسبها للوحدة.

بالفعل ، كفّت غالبية الأحزاب الديمقراطية عن الوجود خلال الثورة الثقافية . كانت تشارك فى الدولة فى شكل الندوة الإستشارية السياسية التى صارت بقمّة جهاز سياسي دون سلطة لا تجتمع إلاّ نادرا. و من الواضح من وجهة نظر ماو و الذين كانوا جزء من قيادته الثورية ، أن الظروف التاريخية المتطلّبة للتعاون مع الأحزاب الديمقراطية لم تعد موجودة ( بإستثناء ربّما ، بطريقة جدّ محدودة بالنسبة لتايوان ).

و تجدر الملاحظة أنّه ، على عكس وجهة نظر خوجا التى وفقها وجود عديد الأحزاب لا يتوافق مع اللينينية ،وجد وضع مماثل فى الإتحاد السوفياتي و كذلك فى بلدان أخرى. و على سبيل المثال ، ثورة أكتوبر لم يطلقها الحزب البلشفي لوحده ( الذى كان بطبيعة الحال القوّة القيادية و المحرّكة ) لكن شارك فيها أيضا الإشتراكيون الثوريون اليساريون. و إقترح لينين أن يساهم ممثّلو هذا الحزب فى الحكومة الجديدة (مجلس مفوّض الشعب) و ناقش القاعدة التى على أساسها يمكن تحقيق هذا النوع من التعاون. و بيّن لينين أنه كان للإشتراكيين الثوريين اليساريين كبير التأثير على الفلاحين و أنّهم يمثّلون إلى درجة معيّنة الفلاحين المستعدّين للإلتحاق بالثورة؛ و عليه يجب التوحّد مع هؤلاء الإشتراكيين الثوريين اليساريين أثناء إفتكاك السلطة و بعد ذلك. وكان التعاون بين البلاشفة و الإشتراكيين الثوريين قصير العمر، ليس لأنّ لينين والحزب البلشفي تبنّيا سياسة لكسر هذا التحالف، و إنّما لأنّ الإشتراكيين الثوريين اليساريين إنتفضوا معارضين النظام الجديد و بصفة خاصة ضد سلام براست –ليتوفسك. فى هذه الظروف ، شنّ الحزب البلشفي هجوما حيويّا ضد الإشتراكيين الثوريين اليساريين الذين أصبحوا أهدافا لدكتاتورية البروليتاريا . و تعود معارضة البروليتاريا و النظام الإشتراكي التى ظهرت فى صفوف أعضاء هذا الحزب فى جزء كبير منها ، إلى كون الثورة كانت تعرّض لهجمات من قبل الإمبرياليين و الرجعيين و كانت بالتالى فى موقع دفاعي. و مع ذلك، لا يوجد أي شيئ فى كتابات لينين يجعلنا نعتقد أنّ التعاون مع الإشتراكيين الثوريين اليساريين لم تكن لتكون طويلة المدى لو كانت الظروف مختلفة.

لقد قال لينين حتى إنّ :" حرمان البرجوازية من الحقوق الإنتخابية لا يشكّل كما سبق و أن أشرت ، سمة لازمة لا غنى عنها لدكتاتورية البروليتاريا " (71). و اليوم نعلم أنّ تصريح لينين هذا خاطئ ( على الأقلّ إذا سُحب على كافة المرحلة الإشتراكية) ؛ و مع ذلك، سيقترح خطأ حتى أخطر( و حتى كذب معادي للثورة ) إذا إعتبرنا لينين ليبرالي فظّ بسبب هذا التصريح! فالأمر يتعلّق بان دعم دكتاتورية البروليتاريا و تبنّيها مبدأ بالنسبة للشيوعيين ، بينما يجب الإعتراف بأنّ فى تحقيق هذا المبدأ على الأرجح ستكون تكتيكات مغايرة ضرورية وفق الظروف المغايرة، و حتى إن أخطأنا فى إختيار و تطبيق تكتيكات خاصّ ، فهذا ليس سببا لتوجيه إتهامات هستيرية ، مثلما يفعل خوجا ( إضافة إلى كون خوجا بيّن أنّه غير قادر على إثبات أنّ ماو إقترف مثل هذه الأخطاء التكتيكية ).

زيادة على ذلك ن بما أنّنا نتحدّث عن " الدور القيادي بلا منازع للحزب الماركسي - اللينيني فى الثورة و البناء الإشتراكيين" (72) ، من المفيد أن نلاحظ أنّ التاريخ الرسمي للحزب الألباني يعترف بأنّه طوال سنوات عديدة بعد التحرير ، ظلّ الحزب " فى وضع شبه قانوني ، حتى الآن و قد بات الحزب القيادي فى السلطة...كان برنامج الحزب يغطيه برنامج الجبهة الديمقراطية... و كان أعضاء الحزب يحافظون على سرّية صفتهم كأعضاء و... توجيهات الحزب [ المسمّى حينها الحزب الشيوعي الألباني] تنشر علنيّا كقرارات للجبهة الديمقراطية...!" هذه السياسات مسجّلة فى تاريخ ... فى إطار نقد ذاتي للحزب الألباني ذاته وهي تعدّ إنحرافات فاضحة ، تقترب من خطّ " كلّ شيء عبر الجبهة المتحدة ".

هذا من جهة و من جهة أخرى ، مع السماح بوجود أحزاب ديمقراطية و تشجيع التعاون بينها ، أشار ماو إلى أنّه لو شهدت الثورة تغيّرا ،مثلا، إن شنّ الإمبرياليون هجوما على نطاق واسع ضدّها ، فإنّ الأحزاب الديمقراطية من الوارد جدّا أن تتحوّل بخبث ضد الثورة.و بسخرية يحذّر : " إنّ حصل تغيير فى العالم و إن حوّلت قنبلة ذرّية بيكين و شنغاي إلى آثار، ألن تغيّر موقفها لا نعلم أبدا ... الكثيرون منهم يفضّلون البقاء فى الخفاء"(74).
و للإنتهاء من هذه المسألة ، يجب أن نعود إلى تفحّص أعمق للمشكلة النظرية بصدد طبيعة الدولة الصينية أثناء الإنتقال من الثورة الديمقراطية إلى الثورة الإشتراكية، مسألة " الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية ". فى الفترة التى أطلق فيها ماو لأوّل مرّة هذا الشعار ، مشيرا إلى الدكتاتورية المشتركة للطبقات الأربعة المختلفة ( الطبقة العاملة و الفلاحون و البرجوازية الصغيرة المدينية و البرجوازية الوطنية) ، كانت الثورة الصينية لا تزال فى مرحلتها الأولى ، المرحلة الديمقراطية. و بطبيعة الحال ، جميع هذه الطبقات الأربعة كانت لديها بدرجات مختلفة ، مصالح موضوعية فى إنهاء هذه الثورة. و علاوة على ذلك، ميزة من ميزات الثورة الصينية هي أنّ الحرب الطويلة الأمد و وجود قواعد إرتكاز قد خلق نظامين يتواجهان. مثلا، خلال الحرب الأهلية الثورية الثالثة ( آخر حرب ضد تشان كاي تشاك) كانت قواعد الإرتكاز الشيوعية ( التى يعدّ سكّانها 100 مليون نسمة) تواجه المناطق الواقعة تحت سيطرة الكيومنتغ. و بطبيعة الحال ، كان وجود قواعد الإرتكاز يعنى أنّ الحكومة كان بوسعها قمع المعادين للثورة و الإستمرار فى الإصلاح الزراعي ، و إنتاج الغذاء و الكساء لجيش التحرير الشعبي، و تسيير الإقتصاد إلخ. كانت سياسة الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية التى نادى بها ماو قد كرّست عمليّا فى قواعد الإرتكاز أثناء هذه الحرب الأهلية، وكانت الأحزاب السياسية و الأشخاص المأثّرة و القوى الأخرى الممثّلة لكافة الطبقات الأربعة ،ممثّلة فى أجهزة السلطة. و بالنظر إلى مهام الثورة فى المرحلة المعيّنة، من البديهي أنّ هذه السياسة كانت صحيحة.

و عندما تركّزت الجمهورية الشعبية فى 1949 ، كانت بالأساس ذات القوى الطبقية ملتزمة بها ، أي القوى التى تحالفت مع الثورة ضد الإمبريالية و الإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية . وفى نفس الوقت ن كانت مهمّة هذه الحكومة الجديدة ( المقادة بوضوح من قبل الطبقة العاملة و حزبها الشيوعي و القائمة على تحالف العمّال و الفلاحين) هو الإبحار الفوري فى الإنتقال إلى الإشتراكية و هكذا منذ البداية ، كانت " الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية" تنطوي على مظهرين متناقضين: من جهة كانت تمثّل إنتصار الثورة الديمقراطية و تتضمّن بالتالى ممثلين عن البرجوازية الوطنية ؛ و من جهة أخرى ، كانت هناك حكومة يقودها ممثلون سياسيون للطبفة العاملة ، طبقة مصمّمة على قيادة الثورة نحو الإشتراكية و القضاء التام على البرجوازية. بالعودة إلى التاريخ ، من الأكيد أنّ المظهر الثاني أي كون النظام الجديد منخرط فى الطريق الإشتراكي هو المظهر الرئيسي و الذى كان يحدّد الطابع الإشتراكي للنظام. بعدُ فى 1956 ، كان ماو يصف النظام فى الصين ي" دكتاتورية البروليتاريا" و ب" الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية "، و مذّاك ، صارت الكتابات الصينية تعتبر سنة 1949سنة إنتصار الثورة الديمقراطية على النطاق الوطني ، و سنة تركيز دكتاتورية البروليتاريا.

و على هذا النحو ، نري بالعودة إلى التاريخ ، أنّ النظام المركّز فى 1949 شكل من أشكال دكتاتورية البروليتاريا نشكل يعكس طابع المجتمع الصيني و الظروف التاريخية فى التطوّر خلال النضال الديمقراطي.

لقد أبدى لينين فى روسيا ملاحظة جدّ هامة توضّح هذه المسألة . لقد أشار إلى أنّ دكتاتورية البروليتاريا كانت ، فى ظروف روسيا، شكلا خاصا من التحالف الطبقي ، أي تحالف الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء ، و فى مجمله شمل هذا الشكل غالبية الشعب. و ليس مفاجئا أن شكل تحالف الطبقات فى الصين كوسيلة تمكّن البروليتاريا من المحافظة على سلطتها ، أو بصفة أدقّ دكتاتوريتها ، مختلف عن الشكل الضروري فى الإتحاد السوفياتين نظرا للإختلاف فى الظروف المادية ، التشكيلة الطبقية ، و طريق الثورة فى البلدين. و من الواضح أيضا أنّ التحالف لم يكن جامدا و أنّه مع تحوّل الثورة إلى ثورة إشتراكية ، كان التحالف يتحوّل بدوره و من هنا تصريح ماو الراجع لسنة 1953: " لا يجب من هنا فصاعدا إعتبار البرجوازية الوطنية طبقة وسطى"

و من المهمّ أيضا أن نلاحظ أنّ زمن كتابة ماو مؤلفاته النظرية الرئيسية التى تناولت هذا الموضوع ، لم تكن للبروليتاريا و حزبها الشيوعي تجربة تاريخية فيما يخصّ مهمّة المضيّ بثورة ديمقراطية إلى الإنتصار و على هذا الأساس بناء نظام إجتماعي جديد .كانت هناك تجربة الديمقراطيات الشعبية ، المركّزة فى أوروربا الشرقية (و منها ألبانيا) على قاعدة الإنتصارات الحرزة على حساب الفاشيين ؛ فى الأدب الشيوعي لتلك الحقبة ، هناك تمييز بين دكتاتورية البروليتاريا و هذه الإنتصارات الديمقراطية ( التى ، لنقل ذلك بالمناسبة، كانت تحتاج عادة إلى مشاركة عديد الأحزاب فى الحكومة ). و مع ذلك و لعدّة أسباب لم يتمّ تقييم هذه التجربة من قبل ماو على الصعيد النظري فى تلك الحقبة ، فضلا عن كون هذا الوضع يتميّز بوضوح عن الوضع فى الصين. إجمالا ، رغم أنّ الوضع التاريخي غير مسبوق ، عالجه ماو بصورة صحيحة و قد أثرى الماركسية- اللينينية و ساهم فى الثورة الشيوعية.

مع كلّ هذا ن قمّة النفاق أن يوحي خوجا أنّ النظام فى الصين ، خاصة منذ التحويل الإشتراكي لنظام الملكية فى 1956، لم يكن يمثّل دكتاتورية البروليتاريا و كافة الأدبيات الصينية المنشوؤة أثناء الثورة الثقافية إلى إنقلاب 1976 ، تثبت بوضوح أنّه حسب ماو و الثوريين الذين كانوا يساندونه ، كانت البروليتاريا هي التى تمارس دكتاتورية شاملة على البرجوازية، دكتاتورية تشمل جميع مجالات الحياة الإجتماعية . و إلى ذلك ، كلّ تجربة الثورة الصينية تبيّن أن ماو قاد البروليتاريا و الجماهير الصينية فى سحق البرجوازية بلا رحمة، سواء المستغلّون القدامى الطامحون دائما إلى العودة إلى السلطة ، أو العناصر البرجوازية الجديدة التى تولد بالذات فى رحم المجتمع الإشتراكي. فى آخر المطاف، يجد خوجا نفسه مضطرّا لتكرار الأغنية القديمة التروتسكية القائلة إنّه لم تشكّل الدولة الصينية دكتاتورية البروليتاريا ، ذاكرا أنّه هناك نجوم على راية الجمهورية الشعبية! (75).

و قد تناولنا بالبحث هجمات خوجا ضد تطوّر الثورة الصينية إلى التركيز الجوهري للإقتصاد الإشتراكي فى 1956 و حملة " المائة زهرة " فى السنة التالية ، و قبل المرور إلى نقد الثورة الثقافية و خطّ ماو حول مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ، لنتوقّف لحظة لنثير سؤالا : لماذا يُركّز خوجا معظم نقده ضد ماو على فترة الثورة الصينية ، محاولا جعل كلّ تفكيره يدور حول ما يدعى من أنّ ماو قد كان " متسامحا " مع المستغِلّين الصينيين القدامى؟
أوّلا، يريد أنور خوجا أن يبقى على أرضية صلبة ، أو بصيغة أدقّ يعتقد أنّها صلبة . بعد كلّ شيء ، تحليل الطبقات و التناقضات الطبقية فى ظلّ الإشتراكية ليس نقطة قوّته ،و يرجو إقناع القارئ الساذج بإستنتاجاته الخاصّة الرجعية ملتجأ إلى طريقة تفكير ميكانيكية و دغمائية ،وهو يزوّر التاريخ . أهمّ حتى ، يسعى خوجا إلى الإبتعاد عن نقاش المسألة الجوهرية: كيف يمنع البرجوازية الجديدة ، الناشئة فى رحم المجتمع الإشتراكي ذاته من أن تمسك بالسلطة و أنه تعيد تركيز الرأسمالية. لأنّه بالضبط بصدد هذه المسألة قام ماو بمساهماته الأهمّ و الألمع فى الماركسية- اللينينية و فى الثورة البروليتارية ، نظريّا و عمليّا. لا يريد خوجا و ليس بوسعه أن يتحدّى مباشرة خطّ ماو. يعلم جيّدا أن بهذا المضمار ، سيكون من الأعسر عليه أن يساند أخطاء ستالين على أنّها القول الفصل فى الماركسية. و فضلا عن ذلك، فإنّه دون شكّ يخشى أن يحيّن الصيغ الإنتقائية و المتداخلة للحزب الألباني بشأن هذه المسائل. و من هنا ، يتمنّى تحويل الإنتباه عن مسألة الثورة الثقافية و الخطّ الذى نجمت عنه ، مركّزا بالأحرى على مسالة المستغِلّين القدامى. و هؤلاء الأخيرين لم يلعبوا إلاّ دورا ثانويّا فى إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين.و فى محاولة لمواصلة النقاش على هذا الأساس ، يضع خوجا نفسه فعلا فى نفس خندق التحريفيين الصينيين الذين كانوا هم مهتمين بإثبات أنّ خطر إعادة تركيز الرأسمالية يمكن أن ينشأ من أيّة جهة كانت لكن ليس من جهتهم. و فقط فى الوقت الراهن ، أتمّوا إنقلابهم و مع تخلّصهم شيئا فشيئا من قناعهم الماركسي ، سيعيد هواو ودنك الإعتبار لكافة المستغلِّين و كافة مجرمي المجتمع القديم و يهلّلون لهم.



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - فى الردّ على الهجوم الدغمائي - التحريفي على فكر ماو تسى تو ...
- القفزة الكبرى إلى الأمام و الثورة الثقافية البروليتارية الكب ...
- خيانة الخط الأممي لماو تسى تونغ / تقييم عمل ماو تسى تونغ- ال ...
- الصراع ضد التحريفية الصينية / تقييم عمل ماو تسى تونغ- الحزب ...
- التناقضات مع البرجوازية الوطنية / تقييم عمل ماو تسى تونغ- ال ...
- مسألة بلترة الحزب و دور الإيديولوجيا الماركسية - اللينينية / ...
- صراع الخطين فى صفوف الحزب / تقييم عمل ماو تسى تونغ- الحزب ال ...
- تقييم عمل ماو تسى تونغ- الحزب الشيوعي الثوري الشيلي – جويلية ...
- دحض أنور خوجا بقلم ن.ساموغاتاسان، الأمين العام للحزب الشيوعي ...
- بصدد ماو تسى تونغ - الحزب الشيوعي التركي/ الماركسي اللينيني ...
- دفاعا عن فكر ماو تسى تونغ- الحزب الشيوعي بسيلان – جويلية 197 ...
- قضية تحرير المرأة قضية البروليتاريا بإمتياز فليقم الشيوعيون ...
- أنور خوجا يقلب الحقائق التاريخية رأسا على عقب ويقود هجوما دغ ...
- لا أصولية دينية و لا شوفيتية قومية ؛ وحدها الشيوعية قادرة عل ...
- الثورة البروليتارية فى أشباه المستعمرات والمستعمرات الجديدة ...
- الديمقراطية فى المجتمع الإشتراكي : -دور الديمقراطية و موقعها ...
- المؤتمر الأوّل للحزب الشيوعي الماوي ( تركيا وشمال كردستان) – ...
- الماوية تحيى و تناضل ، تكسب و تواصل الكسب.- (الحزب الشيوعي ا ...
- لن ننسى الرفيق إبراهيم كايباكايا. ( مقتطف من - الماوية : نظر ...
- - النموذج - التركي و تناقضاته.


المزيد.....




- عين على نضالات طبقتنا
- 8 مارس: يوم احتجاج العاملات على أوضاعهن
- حركة العدل والإحسان تلتقي مع أرباب العمل ودولتهم في غاية تدج ...
- القطاع الصحي: تململ نضالي في مواجهة سياسة بورجوازية زاحفة عل ...
- استطلاع حصري يُظهر صعود الشعبويين واليمين المتطرف في الانتخا ...
- غزة : الاحتلال الصهيوني يرتكب مجزرة دامية ويعدم 50 مواطناً و ...
- -لا لإقامة المزيد من القواعد العسكرية-: نشطاء يساريون يتظاهر ...
- زعيم اليساريين في الاتحاد الأوروبي يدعو للتفاوض لإنهاء الحرب ...
- زعيم يساري أوروبي: حان وقت التفاوض لإنهاء حرب أوكرانيا
- إصلاحُ الوزير ميراوي البيداغوجيّ تعميقٌ لأزمة الجامعة المغرب ...


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - أنور خوجا و بناء الإشتراكية فى الصين . مقتطف من- فى الردّ على الهجوم الدغمائي - التحريفي على فكر ماو تسى تونغ - لج . وورنار العدد 11 من - الماوية : نظرية و ممارسة -: الماوية تدحض الخوجية ومنذ 1979.