أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمد الحاج ابراهيم - القضية الكردية - مداخلة على طريق الحقيقة ل محمد تومة















المزيد.....


القضية الكردية - مداخلة على طريق الحقيقة ل محمد تومة


محمد الحاج ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 1079 - 2005 / 1 / 15 - 11:10
المحور: القضية الكردية
    


القضية الكردية
مداخله على طريق الحقيقة لمحمد تومة
محمد الحاج ابراهيم
تمنياتي القلبية بالشفاء العاجل للاستاذ محمد مع طول البقاء خدمة للبشرية لما يخطه من سطور غايتها الانسان المقهور،وكان بودي أن أكتب له مباشرة لكن عذري أني لاأعرف عنوانا له.
حول موضوع طريق الحقيقة وبعد قراءة متأنية ،وكوني عايشت الكرد زمنا طويلا باحثا عن المسألة الكردية ربما من دوافع المعرفة التاريخية أو من منطلق الظلم الذي وقع عليهم حصراً في التاريخ الحديث ،ومن خلال قربي منهم استطعت أن أكوّن فكرة تعتمد التاريخ بنظرياته المتعددة حول الأصول الكردية وثقافتهم ماقبل الدخول في الإسلام وتطورها بعد هذا الدخول وحتى الآن.
بالتأكيد أختلف مع الاستاذ محمد حول عرضه لهذه المسألة ،لكنني لاأُخطِّئه بل تبقى وجهة نظر قابلة للنقاش ،لكن ما سأطرحه حولها يمثل وجهة نظر أخرى ،ربما تكون مغايرة أو من مدخل آخر وقد أبديت رأيا حول ذلك في مقالة لي بعنوان (الناصرية-خيار الديمقراطية)تم نشرها على الحوار المتمدن ،وأجد نفسي الآن مصمما على التوسع في هذا الموضوع من باب الأمانة التاريخية والوجدانية والموضوعية ،علها تفي هذه القضية حقها ما أمكن ،وطرحي هذا أزعم أنه يعتمد التحليل العلمي مبدأ.
الكــرد تحـت الضـوء :
نلحظ عند كل شعوب المعمورة التي تُقسّم إلى شعوب مستقرة ،وأخرى مضطربة ،وثالثة مسحوقة، أن الشعوب المستقرة لم تصل هذا الحد من الاستقرار إلاّبعد أن دفعت ثمنا لذلك بعد صراعات أدّت إلى حروب راح ضحيتها الملايين من البشر ،وبعد هذه الحروب شكلت هذه الشعوب دولها التي أسست للاضطراب في مجتمعات أخرى سميت بالعالم الثالث ،وإلى انسحاق مجتمعات ثالثه منها الفلسطينيين والكرد اللذين يعانيا من آلام قلّ مثيلها في التاريخ الحديث.
لاينكرأحد قِدَم وجود الكرد في المنطقه التي يُطلق عليها الآن (كردستان)،ومن يحاول نكران ذلك فلجهل أو لغاية غير نزيهة ،والنتيجة أن الكرد موجودون منذ آلاف السنين ،وهم من استقبل العرب المسلمون في تلك الديار التي أصبح العرب يسمونها(بلاد الجبال) ،وعلى ضوء جمال الرسالة المحمدية التي لاتفرق بين عربي وأعجمي إلاّ بالتقوى ،وجمال حملة هذه الرسالة من رجال تمتعوا بثقافة إنسانية مستوعبة شكلت كيانهم الإنساني ،على هذه الأسس اعتنق الكرد الإسلام وأصبحوا إحدى دعاماته الأساسية في زمن نشر الرسالة الأول وفيما بعد،وبلادنا شهدت قيادات منهم صنعت أبعادا سياسية للمنطقة يوم لم يكن هناك مستعمر تركي باسم الإسلام ولا أوروبي باسم التحرير من مجازر وظلم الأتراك،إذاً كان هناك تداخل ولم تكن هناك حدود سياسية فاصلة تحدد كل ملة بتموضعها الجغرافي ،والتاريخ يؤكد التزاوج بين العرب والكرد الذي بدأ إسلاميا واستمر إنسانيا ،وأصبح الأبناء والأحفاد من لقاح هذا التزاوج ،الذي خلق تفاعلا ألغى الحدود النفسية بين الشعبين ،وصلاح الدين الأيوبي لم يكن كرديا بقدر ماكان عربيا ،ولم يكن زعيما للعرب بقدر ماكان زعيماللكرد،هذه كلها كانت يوم لم يكن هناك مستعمر ولاحدود سياسية فاصلة للشعوب المتداخلة تاريخيا، وحتى الأتراك مهما كانت أصولهم فقد شكلوا إمبراطورية لهم باسم العثمانيين ولم يفعلوا ما فعله الغرب في هذه المنطقة من تقسيم ،وبالنتيجة أقول أن الشعوب الثلاثة العرب والكرد والأتراك هم ضحايا الدول التي دفعت ثمنا للاستقرار.
سايكس بيكو تلك الاتفاقية المشؤومة التي كانت سببا في اصطناع الكيانات السياسية المعروفة اليوم، والتي شكلت أوطانا لنا جميعا ،وصار لنا بطاقات شخصية يُسمح بالتجوال بها في رقعة جغرافية محددة، وماإن يخطر لبال أي مواطن من هذه الشعوب الثلاثة بالقيام بزيارة لأخيه الذي فصلته عنه سايكس بيكو حتى يجد نفسه محاصرا بإجراءات يمكن الاستفسار عنها من الذين عاصروا هذه الحالة عندما كان الحاجزين الفرنسي والبريطاني على الحدود العراقية السورية في الايام الأولى لتنفيذ الاتفاقية يدققان بكل شيء يتعلق بالمواطن الذي اعتاد التنقل بحرية في أرضه ،وهذه شكوى سمعتها من رجال كرد طاعنين في السن عندما جالستهم في مدينة القامشلي في أوائل السبعينيات من القرن الماضي خلال بحثي عن المعرفة بالشأن الكردي،لقد كان هؤلاء يتحدثون بمنتهى الألم وقد أدركوا أن الشعوب الثلاثة لاحول لها ولاقوّه،ويجب ألاّ ننسى أن مشروع قيام اسرائيل كان على الخارطة في بداية القرن الماضي،وكيان اسرائيل كان على حساب شعوب هذه المنطقة الفقيرة العاجزة عن الدفاع بسبب من تخلف مستعمرها التركي الذي كان جاهلا ،وبعيدا عن التطور العلمي الذي يمُكّنه من البناء الذاتي لقواته المسلحة في الساحة كلها عرب وكرد وأتراك يوم كانت تخضع هذه البلاد لتركيا.
الغربيون هم الذين قسّموا المنطقة وهم الذين صنعوا الكيانات السياسية ،ولو كان التقسيم بشكل آخر لكانت هناك دولا غير الدول القائمة اليوم ،ولكانت هناك حدودا سياسية غير القائمة اليوم، ولكانت هناك تسميات غير التسميات المسماة اليوم،والكيانات التي تشكلت على أساس اتفاقية سايكس بيكو لم يعدّل بها شعوبها أو حكوماتها شيء،ولم تزداد مساحتها أو تنقص مترا واحدا ،لأنه ليس باستطاعة أحد منها تعديل أي شيء ،إضافة إلى أن لواء اسكندرون عربي وقد أعطوه لتركيا ولم يعد لوطنه الأم ،وديار بكر عربية وهي أراض سكنتها منذ القدم قبيلة بكر المعروفة لم تعد لوطنها الأم،تلك كانت مشيئة الأقوياء في ذاك الزمان ،وتركيا التي كانت راعية المنطقة كلها بما فيها مناطق الكرد وتعتبر هذه المناطق من نفوذها فلم يعد لها علاقة بهذه البقاع على أثر انهيارها ،ولو قرر الغربيون إقامة دولة كردية لكانت اليوم واقعا على الأرض ،فما هو قائم ليس مسؤولية سكان المنطقة بل مسؤولية الإمبريالية العالمية التوريثية.
منذ فترة وجيزة تابعت لقاء الأقرباء على الحدود التركية بين الأهل والأقرباء والأخوة والأخوات، لقد بكيت من شدة الألم لما كان يقوله هؤلاء وهم يبكون ،لم أتذكر إلاّ زيارتنا للجولان عندما كان أهلنا في الأراضي المحتلة يخاطبوننا عبر المكبرات الصوتية التي تؤجج العواطف ويفصلتا عنهم شريط شائك،كان بين هؤلاء على الحدود السورية التركية العربي ،والكردي ،والتركي ،وكثيرا ماكنت تجد التزاوج بين هؤلاء على أساس القرب الروحي والنفسي والديني وغير ذلك من الدوافع،إذاً هناك تداخل كبير بين هذه الشعوب الثلاثة، المقهورة بفعل التدخل الخارجي الذي قسم المنطقة وحافظ على التخلف فيها حتى لاتقاوم مشاريعه الاستعمارية، وأضرب مثالا حاصلا اليوم وهو العلاقة بين اسرائيل وتركيا ،فلوا استفاق أي سلطان من سلاطين بني عثمان وعلم بهذه العلاقة ماذا كان سيقول؟ أنا واثق كان سيُلغي عقوبة الخازوق ويموت ،لأن الخازوق هذا كان سبب انهيار الدولة العثمانية بسبب من القمع الذي كان يُمارس ضد البشر حماة أوطانها، فألّبتهم ضدها لتنتهي الدولة العثمانية وتنتهي المنطقة إلى التقسيم.
الكرد بعد استقلال الدولة القطرية:
قضية الكرد واقعا تبدأ بهذه المرحلة التي يسميها البعض عصر الاستقلال ،وأنا أسميه عصر تجذير التمزق والقطرية لشعب واحد بكل تنويعاته ،فالاستعماران البريطاني والفرنسي رسما الخطط ونفذاها بقوة السلاح والمخافر العسكرية التي أقاموها على مفاصل طرقات التنقل بين الأقطار الناشئة ،وعززوها لتكون ثقافة مجزّأة لشعب مُجزّأ ،هذه الممارسات قام بها المستعمرون في كل البلاد التي خضعت لتركيا إضافة إلى بلدان شرق أوروبا والمغرب العربي ،من هنا تبدأ حكايتنا مع الظلم الذي صنعته لنا الامبريالية، ومن هذه المظالم القضيتين الفلسطينية والكردية مع الفارق الكبير بين القضيتين ،فهما يتفقا في الظلم لكن من حيث الخصوصية فالقضية الفلسطينية أقسى ،إذ حلّ شعب غريب محل شعب مستوطن منذ آلاف السنين في فلسطين ،بينما الكرد لم يُهجّروا من ديارهم إلا نتيجة خلافات مع الحكومة المركزية التي سأناقشها فيما بعد،شعبٌ ألغي من الوجود ليحل مكانه شعب له ثقله العالمي ومن منّالم يقرأ تاريخ اليهود، أما الكرد فقد تم توزيعهم حسب الرسم الاستعماري السياسي للمنطقة ،أي بقوا في ديارهم وخضعوا لنفس الأنظمة والقوانين التي خضعت لها الشعوب المتداخلة معهم بما صاغه المستعمرون من قانون فرنسي خضع له كل من حمل الهوية الجديدة لدولة سوريا ودولة لبنان ،وقانون بريطاني خضع له كل من حمل الهوية الجديدة لدولة العراق ودولة شرق الاردن ودولة فلسطين ،إضافة للنقد الذي صنعوه باسم هذه الدول للتداول المالي فيكونوا بذلك قد لعبوا بالاقتصاد كما في السياسة.
خضع الكرد لما خضعت له القبائل العربية الموجودة على الحدود ،فتم تمزيقها بين كل قطرين أُنشئا حديثا ،وحسبما تحدث لي أحد الطاعنين في السن من الكرد ،عن أن قرية يسكنها كرد وعرب ربطتهما أواصر القربى بفعل التزاوج الحاصل بينهما ،قال:قررنا أن نقيم عرسا لعروسين إذ أن العريس عربي من دولة سوريا خطب إبنة عمته الكردية الساكنة في دولة العراق ،كاد يُلغى العرس لكثرة العقبات التي وضعها البريطانيون في وجهنا ،فهاجمنا المخفر الذي على الحدود نحن أعمام وأخوال العروسين ،لأننا لم نكن قد تعودنا على هذا المنع المصطنع ،فتظاهرنا وأخذوا منّا بعض الشباب بقوا في السجن ثلاثة أيام حتى فكوا أسرهم ،ولم يحضروا الحفل وهم من الكرد والعرب، واليوم هناك خوف من رسم شرق أوسط جديد يمكن أن يلغي دولا وينشيء دولا جديدة، هكذا تُقرأ السياسة ،والمبالغة في ظلم شعب يبخسه حقه ،وأن يكون هذا الشعب محور العالم لأنه الوحيد الباقي في الظلم أيضا غير صحيح ،والصح برأيي أن شعوب العالم الثالث كافة يعيشوا مظالم ربما تتجاوز الخيال ،فالقوانين الدولية تطبق عقوباتها على الضعفاء ،لأن المنظمة الدولية صممها الأقوياء ،ونحن من الشعوب الضعيفة المحرومة من كل مايتعلق بحقوق الانسان ،فالأنظمة السياسية التي حكمتنا بعد الاستقلال لم تكن وطنية بل ذيلية للمستعمر ،وحتى تبقى حاكمة عززت القطرية وجعلتها ثقافة، ومنعت هذه البلاد من التنمية بكل أشكالها ،ومن التطور العلمي أيضا لنبقى تابعين لهم ،وحتى الآن لو لاحظ أي إنسان مآسي هذه الأمة وهذه المنطقة لأدرك حجم التخلف السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي نحن عليه ،وبالمناسبة أذكر خبرا سمعته قبل وقت قصير أن عام 2005 سيكون الحاسم حول وصول الانترنيت السريع إلى بقاع الولايات المتحدة الأمريكية ،ونحن شعوب هذه المنطقة لازلنا نبحث في قضايا تجاوزها الغرب منذ عقود من السنين فأغرقونا في وحولها ولازلنا.
الكرد في عهد الحكومات الوطنية المحلية:
إبان الاحتلال الفرنسي لسوريا والبريطاني للعراق ساهم الكرد مع العرب والأثنيات الأخرى بكل اتجاهاتهم السياسية والمذهبية لتحرير البلدين من المستعمر وقامت ثورات بمشاركة الجميع لهذا الهدف ،وبخروج هذه القوات استقلّ البلدين لكن قاما على أساس سايكس بيكو التي عززت الانفصال بين الأقاليم التي كانت تشكل المنطقة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا،ومن هنا بدأت مشاكل جديدة عانى منها الشعبان في القطرين المذكورين،لكن مرارتها كانت في العراق في الخمسينيات من القرن الماضي عندما طرح البرزاني الذي يقود الحزب البارتي مشروع الدولة الكردية في شمال العراق والانفصال عن الحكومة المركزية في بغداد رغم أن الثورة على البريطانيين شارك بها الجميع بغاية الاستقلال وليس تمزيق الوطن الواحد المُجزّأ أساساً لتحقيق سايكس بيكو مصغّرة،وأنا أرى أن طبيعة التعامل مع هذه المسألة من الطرفين لم تكن سليمة وبالتالي أدت إلى نزاعات أزهقت أرواحا كثيرة لمواطنين من سلالات عاشت مع بعضها على الحب والمشاركة في كل نواحي الحياة،فالطرفان قاما بتأجيج المشاعر القومية الصاعدة وتحولا من الاسلام والانسانية إلى العداء القومي المتطرف الذي كاد أن يلغي التزاوج الانساني بينهما الذي اعتادا عليه،وبقي هذا الصراع خاصّاً بالحكام الذين جنّدوا الشعبين وعززاها بالقوة والسلاح لتحصد من الطرفين خيرة الشباب،ولقد ذكرت في بداية الموضوع أن قرار الأقوياء هو التقسيم وفي أي صراع فإن الأقوى هو المنتصر دائما وصراع الكرد مع الحكومة المركزية في بغداد سيكون حتما لمصلحة القوي أي الحكومة المركزية،ولابد من التطرق لبنية القيادتين الكردية والمركزية واللتين لعبتا بمصير المواطن في كلا الموضعين.
في التشخيص العلمي غير المبني على أحكام مسبقة لبنية القيادتين الكردية والعراقية المتعاقبة على حكم العراق كون المسألة الكردية في الساحة العراقية أكثروضوحاومن خلال المعلومات التشخيصية ذات الجدوى نجد أن هناك قيادة تقليدية كردية حاولت أن تزعّمُ نفسها على الكرد فاختارت طريق الانفصال عبر طرح ثقافة جديدة ليس للكرد المواطنين العاديين الذين يشكلون الكم الساحق من الشعب الكردي أية علاقة أو مصلحة بها فافتعلت أحداثا سخنتها هي وبإيعاز من جهات آت على ذكرها وردّت الحكومة المركزية في بغداد على الخطأ بالخطأ ،هذا كان في الخمسينيات من القرن الماضي وهو ماأسس لصراع دامٍ وأجج الشعور القومي ونمّاه ليقتتل أبناء الوطن الواحد فالقيادة الكردية التقليدية لم تكن نظيفة ولاتختلف كثيرا عن الحكومة المركزية فإن كانت حكومة بغداد عميلة لم تكن تلك أقل عمالة منها وإذا كانت حكومة المركز لاوطنية فإن القيادة الكردية لاوطنية ولاكردية أيضاوالقيادتان تتحملان المسؤولية عن الضحايا من الطرفين والتخريب المنظم بدءأً بالثقافة والاقتصاد والمجتمع ولو تابعنا تحولات القضية الكردية لتأكد لنا عمالة هذه القيادة وعلاقتها بإسرائيل التي سببت بإنشائها عام 1948خراب المنطقة لأن كل التخريب الذي حدث في هذه المنطقة لم يخدم إلاّ إسرائيل ولو أراد المستعمرون إقامة دولة كردية لكان لها الآن سفارات في الدول المحيطة بها وكما قلت أنها مشيئة الأقوياء الذين لم يشاؤوا إقامة دولة كردستان بل لعبوا بها لتكون قضية يُبقي المنطقة مشتعلة حتى لاتتحضّر ولاتنموا وتبقى متخلفة هذا الوضع هو ماتم رسمه لتبقى إسرائيل الأقوى ولو استعرضنا المنطقة منذ الإعلان عن إقامة إسرائيل لوجدنا أن سوريا عاشت سلسلة انقلابات بدأت بعد الاستقلال بقليل وانتهت عام 1970 وفي العراق انتهت عام 1969كذلك مصر عام 1973 بعد الحرب مباشرة ولو تابعنا عملية البناء التي قامت بها إسرائيل في هذه الفترة لوجدنا مفاعل ديمونة النووي أحد إنجازات تلك المرحلة إضافة إلى البنية التحتية المتميزة والقدرة العسكرية مع تطوراتها من حيث التصنيع وأماكن التصنيع الحربي التي كانت في إسرائيل مضافا له الدعم الأوروبي والأمريكي فيما بعد والتنمية بكل مستوياتها حتى تحولت مشاريع العرب من تحرير فلسطين إلى إزالة آثار العدوان إلى المفاوضات غير المتكافئة إلى صناعة العنف في المنطقة بسبب المظالم الواقعة على شعوبها كلها دون أدنى استثناء.
كان على شعوب المنطقة أن تقاتل للعودة لما كانت عليه قبل اتفاقية سايكس بيكو وبدلا من ذلك راحت تبحث عن المواطنة في كل قطر صنعه الاستعمار وأصبحنا أمام استحقاقات داخلية ومشاكل ذات مستويات عِدّهْ،إنه قرار الغرب بما يتعلق بتطورنا.
مورس ظلم في معظم الأقطار التي تضم بين سكانها كرداً وبالأخص تركيا تليها العراق ثم إيران وسوريا التي كانت أقل الدول هذه من حيث التعامل بخشونة مع هذه المسألة إذ أن الكرد خاضعين لقوانين الدولة التي يخضع لها مواطنيهم من العرب سلبا أم إيجابا لكن قضية الجنسية للبعض منهم تشكل المشكلة الأساسية لهم وهذه كما علمت في طريقها إلى الحل .
لاتقل الضغوطات التي مارستها تركيا فظاعة عن تلك التي مارسها العراق ،ولن أنسى مشهداً حين كان الوقت عصرا في يوم من أوائل السبعينيات ،عندما جلسنا برفقة بعض الزملاء في العمل في منطقة كراتشوك القريبة من ديريك نراقب بعض القرى العراقية الكردية الحدودية ونحددها ،كنا نلحظ حركة أهلها بها ،وفي المساء ظهرت أنوارها القروية الهادئة حين سمعنا صوت الطيران الذي أصبحنا نراقبه فقام بدك تلك القرى البسيطة الهادئة واشتعلت النيران في بيوتها وفي الصباح تبين أنه لم يبقى هناك حراكا لبشر كانوا في الأمس مع ماشيتهم عائدون لقريتهم الوادعة باستقرار وأمان ولم نعد نشهد إلاّ سوادا يدل على الحرائق تلك صورة لم تفارقني دفعت بي إلى المعرفة حول هذه القضية،هذا الشكل من التوحش واجهه الكرد نتيجة لفكرة الانفصال أو تشكيل الدولة التي ينشد قيامها البعض منهم إذ أن البعض الآخر وتحديدا المستقر منهم ليس له مصلحة بذلك ومثال جديد جدا من شمال العراق الذي كان أكثر سخونة في الساحة الكردية والذي كان قائما على هذا المفهوم أيام صدام لكن اليوم وبعد سقوط صدام تعدل هذا الطرح باتجاه الفيدرالية ويمكن أن تتعدل نحو المواطنية وعندما تتحقق هذه على الأرض لن يكون للكرد أية مصلحة في الانفصال لأن الحدود السياسية الدولية والمياه الدولية والإقليمية محددة لكل دول العالم في أرشيف الأمم المتحدة ولو لاحظنا للعديد من الخلافات الحدودية بين الدول كيف تلجأ هذه الدول إلى محكمة العدل الدولية لحلها أما بما يتعلق بتغيير الخارطة لمنطقة من المناطق في العالم وحصرا في هذا الزمان فتلك مشيئة الأقوياء وهم الأمريكان المسيطرون على قرارات ومؤسسات الأمم المتحدة، وبتقديري أن الساحة الكردية تعاني من القواعد الأساسية للوجود الانساني الحر وهو نتاج بنية التخلف الذي يعانون منه نتيجة غياب الديمقراطية كرديا وفي الوسط الذي يعيشون فيه فغياب الديمقراطية هو الأساس الذي يصنع التمايز بين الأقليات والديمقراطية هي التي تعزز المواطنية على الأرض وليس في الكتب والنشر ولو دققنا في الصراع الكردي الكردي بين حزب جلال الطالباني ومسعود البرزاني الذي أزهق أرواحا وأسال دماء الورود للشباب الكردي لوجدنا أن هذه القيادات التقليدية همها الأساسي الزعامة ككل بلدان العالم المتخلف.
أزمة الكرد بدأت بعد استقلال الدولة القطرية الناشئة المحققة لاتفاقية سايكس بيكو وهي أزمة المواطنة وليست أزمة تشكيل الدولة إذ أن تشكيل الدولة هو مشروع لايتحقق لأن مقوماته المحلية والدولية غير متوفرة ولو كانت متوفرة لقامت هذه الدولة وباركها العالم كله وحقيقة الأزمة هو مايعانوه كباقي مواطنيهم في الأقطار الموزعين بها ،وهذه الأزمة تعالجها الدولة الحديثة إن وُجدت عندما تكون قائمة على التعددية بكل معانيها الثقافية والسياسية والاقتصادية والتي تعتمد القانون مصدرا لإدارة الدولة ليكون المواطن مواطنا وليس شبه مواطن ولايعود المواطن غريبا في بلده بل مشاركا بكل شيء يتعلق به وبمستقبل أطفاله ويحميه ويُنصفه القانون وليس المحسوبيات.



#محمد_الحاج_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإلحـــاد ـ رؤيـة أم طقـس؟
- النتائج النفسية للاحتلال ـ العراق مثالا
- الناصرية ـ خيار الديمقراطية
- ذاكرة أُمّه ـ فوضى التخلف إلى أين؟
- أسامة أنور عكاشة على ذمة ثقافة الإلغاء
- أسئلة محرجة لبوش؟!
- الأغنية الشبابية ودور الاعلام
- حقوق الإنسان في سورية
- علاوي… أبكى العراقيين على صدّام وأيامه
- !!!!ماسرُّعلاج القادة العرب في الغرب؟
- قانون الطوارئ التداولي من صدام إلى العلاوي
- الزرقاوي في الفلوجه كأسلحة الدمار الشامل في العراق
- بن لادن ـ أمريكا
- المثقف السياسي بين التكفير والتحرير
- قانون الطوارئ _ من الإستثناء إلى القاعدة
- الإستبدادُ مقدّمةٌ للإحتلال
- القاع النفسي للتشكيل السياسي
- درس في الحرية والديمقراطية


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمد الحاج ابراهيم - القضية الكردية - مداخلة على طريق الحقيقة ل محمد تومة