أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - أعمدت الكهرباء تحولت إلى مشانق إعدام














المزيد.....

أعمدت الكهرباء تحولت إلى مشانق إعدام


مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 3646 - 2012 / 2 / 22 - 21:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أعمدت الكهرباء تحولت إلى مشانق إعدام
كتب مروان صباح / مازلتُ أبحث عن إعتذاراً يليق بمكان هجره أبي إلى منفاه القسري ، فإحمرار الوجه هو تعبيراً أولاً عن إعتراف بأن هجرتنا لم تأتي بإنتصار والعودة إلى المكان الأول دون إنذار مسبق دفعة واحدة يصاحبها عناق للبشر والشجر والمقدسات التى كانت هي الرواية الوحيدة المسموح بها أن تتكرر في البيت وعلى طاولة الطعام وبصوت منخفض بين الأصحاب كي لا تسمعنا الجدران وتشي بنا للحاكم ، سعادة مباغته تلاشت عندما نظرت في عيني أبتي كأن الماضي تقدم بأسئلته المسكوت عنها لسنوات باحثة عن المكان والزمان عن هجرة وعودة ناقصتين عن ماضي سرق دون أن يدون عن مرآة مازالت قابعة على جدران حائط البيت الأول تبادلنا الوجوه لكي أرى وجه طفولتي ويرى أبي فتوته عندما رحل لكنها كاذبة وخادعة لأنها دون ذاكرة ، أي حكمة تلك التى تعلمتها من مرآة صامته بأن التاريخ لا يكتب على الرمل .
ما أصعب النقصان في أماكن تذكرك برحيلك الأول لهجرة لم يحقق طارقها إلا الندم المزمن ليعود إلى منفى أعمق معبد طريقه ، أعتقد أنها خطى الحالمين ليكتشف بعد الإنتهاء من البكاء على الأطلال ورحيل المستقبلين وملهاة ذوي القربى لتحضير الطعام والفراش ، أن الحالم طريقه ملىء بالأشواك وأن ما ترك من ذكريات باقية في الذاكرة باتت غائبة عن المكان وحضورها يعادل غيابها ولأن أحل مكانها سواها وتحولت أشد نفياً وإن ما كان فردوساً لأكثر من أربعين عاما ً تحول إلى كابوس طويل ليصبح غريباً بين الذكريات فهو المجهول لدى الجدران حتى الأشجار والأزهار تباخلتا عليه بظلها ورائحتها ليُعاد ذات السؤال الذي تركه وراءه عندما رحل من أجل أن يعود منتصراً ، من يمثل التاريخ ومن هو المحتل من كان زائراً عابراً لمن هذه الرفات الممتدة على طول وعرض جغرافية وطن ، لهذا نحن بحاجة إلى ولادة جديدة كي نبدأ من أول السطر تخلصنا من أعباء الشقاء المحمل من لطمات المنافي إلى عودة محملة بأعباء الرحيل .
هي ذات الأسئلة التى دفعتني للهجرة الأولى والباقية معلقة مع تراكم الربا المضاعف لأسئلة أصبح من الضروري الإجابة عليها بأثر رجعي عن وطن تساوى مع المنفى ومواطنين تقاربوا من ضغط الإحتلال وتباعدت أرواحهم وتراجعت الفكرة التى إلتف العقل الجمعي وتعمقت الفجوة للعدالة الإجتماعية مع صعود طبقة فقدت الإحساس بمن يحيطها من مجموعات قضت عمراً في تحقيق الهدف الذي مازال يسعى وراءه الحالم فبدل أن يقلل المسافة بين الحلم والواقع جاءت عكسية تماماً لتتسع المسافة إلى حد يصبح المنام حلم بلا إنقطاع وصباح بلا جديد ، في تلك الهجرة كنت أذكر بأن الصباح بعد نوم حالم كان يأتي محمل بعشق وحنين مقدس وكنا رغم منغصات الفرد نبني نماذج للقادم مع تحمل الصعاب والصبر والكيد الظالمين وعرق المجاهدين المتسلقين الجبال كأشجار زيتون بلادنا اللامع ، كانت أشجارنا مسجلة في تاريخنا المكتوب من دماء شهدائنا لم يكن في قاموسنا من يشاركنا أسماء شوارعنا مما جعلنا أن نستلهم حكمة التاريخ في إنفتاحنا على لغات العصر محصنين بالثوابت وتعاملنا مع المتغيرات .
كثير من الشوق في داخلنا لا ينتهي إلا في حضرت الموت ، أيام كاملة نعد بشكل مفرط ونعيد العد وترتعش أصابعنا ونخطىء في العد من سواد الليل إلى وضح النهار نصحوا على تساقط الأمطار نحو زجاج نوافذ منازلنا المحرومة من أنفاسنا ونحن في المكان الآخر ينصب غضبنا على مرتكبين الجريمة الأولى والثانية والثالثة والتى مازالت مستمرة دون إنقطاع ولا إعتذار والتى يبدو أنها تحولت إلى جريمة كاملة يقتل المرء نفسه فيها قبل أن يقتله عدوه ليصبح لكل الناس لهم شهود بإستثناء نحن ، لأن جلادنا أدمن التزوير وضاعف التدليس وحول وسائل الإعلام تروي فقد حكايته وبدأ يحفر في عمق الأرض كي يجد آثر من تاريخ مشبع بصورتي لا غير ، إذا هي محاولات تغيير الأشخاص على خشبة المسرح فمن كان للتو مواطناً وصاحب أرض تمتد ملكية سلالتها إلى السيرة الأولى أصبح غريباً مطارداً محتلاً مقتلعاً ممزقاً يُحرق ويُنثر بعد تحليق مرتفعاً في البحر كي تضيع معه حكايته لكن معادلة إرتداد ماء البحر والشمس الساطعة التى تقوم بتسخين المياه وتحولها إلى بخار داخل الجو ومع صيحات المنكل بهم عبر العقود تقوم بأخذ الماء إلى أعلى وتحويلها إلى سحاب وتنمو وتسقط من الماء أمطاراً تنبت زرعاً متجذراً في الأرض .
علاقة جذرية لا يمكن محوها بهذه السهولة بين الإنسان الأول والأرض الأولى يتخاطبان مع عناق يستحيل الفراق ، إلا أن شعور ينتابني في سير الدائم والباحث عن حريتي أرى على ضفتي الطريق أعمدت الكهرباء تحولت إلى مشانق لإعدامات جماعية بحق عقولنا وآذهاننا يبدو من علقها ضائع بين إنتظار لا ينتهي على رصيف التاريخ ، مرت سبعة عشر عاماً دون التخلص من شعور المنفى الثقيل أنظر كل يوم في جميع المرآيا التى تركها أبي هنا أو هناك فلم أجد أجوبة على أسئلتي لأن ليست جميع الهجرات تأتي بإنتصارات .
والسلام
كاتب عربي



#مروان_صباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطغاة لا يتعلمون
- صراع ليس على الماضي بل على الحاضر أيضاً
- كلمات مكتوبة بحبر الألم
- منطقة غارقة في حوض من البترول
- هي الرقصة الأخيرة من فرط الألم
- نوافذ لا تقوى على صد العواصف
- شخابيط كَشَفَتْ المستور
- السينما وحجم تأثيرها على المتلقي
- تحويل الهزيمة إلى إنتصار
- إستحضار الضمير قبل الممات
- الأحياء يزاحمون الأموات
- ما بين نهر الرقيق ونهر الجوع ...
- إختلط حابل السخط بنابل الغضب
- عند الإمتحان يكرم المرء أو يهان
- بين المكتنزة والمتفجرة
- طواف الباحث عمن يشتري حريته
- الحمّلّ المؤكد
- ممر إجباري للإنتقال
- إختار القِصابَة على طبِّ العيون
- بين المباغت المجهول وطريق نتحسس خطاه


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - أعمدت الكهرباء تحولت إلى مشانق إعدام